ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حتى
لا نبقى "عنقا أعزل تنتصر
عليه سكاكين الجلادين" د.
سماح هدايا وحتى
لا يتحوّل مشروع حلمنا الثوري
إلى كابوس يقطع عنق الأمل فينا،
سنكون، جميعا، وطنا داخل سرب
الثورة، وسنظلّ نحمل ثورتنا في
الأكفّ والقلوب والعقول..
وعيوننا وجهتها النصر رغم مشهد
العنف واليأس والدّماء . إن
ظنّوا أنّ حلمنا سيتحوّل إلى
كابوس. هم مخطئون؛ فحين انبثقت
من رحم المعاناة إرادة الأحرار،
وأعلنت الأرض والطبيعة والشعب
والقدر ثورة في وجه القمع
والفساد والاستبداد. كان لا
قرار في العودة عن وعد الشمس.
ومن حينها، جنّ جنون الطغاة
المجرمين ..أشعلوها دمارا في كلّ
مكان، متوهّمين زورا وحقداً،
أنّهم سيقتلون الأمل، ويكسرون
الإرادة...بل ستنقلب وبالا عليهم
جريمتهم العظمى، التي يصنعون
فيها، بالقتل والتقتيل، صيغة
حياتنا ومشهد يومنا اللحظي في
موت قسري بشع. مشاهد
موت مروّعة..جثث مشوّهة، أبدان
متفسّخة في مقابر إبادة، قتلها
التعذيب ببطء ألف مرة، قبل أن
يقطع السياف أخر نفس فيها...مولودون
مقتولون، بتخطيط مقصود،
مبعثرون على مايشبه التوابيت
ازرقّت وجوههم، قد اختنقوا قبل
أن يشتمّوا هواء الحياة...نساء
وأطفال أرداهم الرمي بالرصاص،
أو الذّبح بالسّكاكين، مبعثرة
أجسادهم في الدماء، يختلط فيها
النداء بالهلع بالاحتجاج
اليائس...أمٌّ مصدومة تضيع في
دماء ابنها أو في ما تبقى من
أشلائه... طفل يبحث في تكبيرة
صبرٍ عن بقايا من بقايا أسرته
المقصوف بيتها... طفلة، تصرخ
الوجع في مِزق جلدها، تبحث
عيناها في وجه أخيها المهشم عن
بقعة ضوء، تمنحها العزم. وجدّة
مسنّة تنوح مفجوعة، تبحث في
نفايات الأجساد عن شيء تعرف فيه
رائحة عائلتها، وعندما تجد جثّة
حفيدها الرضيع، تقلّبه على
طاولة المشرحة، تبحث عن بقية
حياة أو لوح يقين بالبقاء..تشدّ
عليه بيديها: إنّه والله هو..
إنّه هو ابن ابني. صوت
الموت النافذ، بقسوة مريعة، من
القتل والتّقتيل أقوى من أن
تصمّ أذنيك عن سماعه. وصراخ
الجراح المذبوحة أشدّ من أن
تدير أذنك عن هوله، وأنين
الموجوعين العميق أقوى من أيّ
ألم ذاتي أو حزن فردي... رائحة
اللحم المحروق ..تراها في تفاصيل
كل شيء هناك في حمص وحماة وريف
دمشق وسوريا. وعويل الجميع،
يجعلهم واحدا في مأساة كبرى.
وهلع القلوب..وفزع النفوس... إنّه
القتل الوحشي الباطش. الموت
القسري بسواطير الجزّارين
والسفاحين والطغاة. وإنّ
استثغاثاتهم تجلد الفؤاد...
نداءاتهم كسكين تقطّع أوتار
أرواحنا والقلب ...لكن، كأنما
هناك... لا عينٌ تبصر، ولا أذنٌ
تسمع، ولا ضمير يتّعظ...وكأنّ
تقتيل الألاف من الأبرياء، أمر
عادي مثلما حادث سير يومي. أو
مثل وجهة نظر سياسيّة، يتمنطق
بها حاكم مجرم. الخطب
في الوطن فادح... وفي ظلّ مآسيه
الكبرى، يتضاءل الوجع الشخصي،
ينحسر وجعنا الشخصي، ويكاد
الموت العادي الذي كان يرعبنا
سابقا، يختفي أمام أوجاع الوطن
النازفة، حيث الموت القسري،
وحيث الخطب الفادح. نعم نحن
نعايش المأساة، ونسأل عن أخبار
أهلنا وأعزائنا..وربّما نودّع
عن مسافة بعيدة كانت مثقلة
باغترابنا وخوفنا أحبة لنا
وأعزة ماتوا بعيدا عن عيوننا.
ربّما ماتوا قبل أوانهم، موت
البائس الحزين، بسموم الغبار
القمعي، لكنّهم، محظوظون
لأنّهم لم يحترقوا بجحيم
الإبادة، وماتوا، بهدوء، فوق
فراشهم وتحت سقفهم الموت العادي.
كانوا محظوظين أنّ حوافر
الوحشية، لم تطرق بيتهم؛
فتهدّمه فوق رؤوسهم، أو تكشّر
عن أنيابها أمامهم همجية الجند
المأجورين، وتنهش أحبّاءهم،
وتلتهمهم كالقروش الهائجة ...
نعم يطيح وجع وطننا الكبير
بحزننا الصغير، وبألم شؤوننا
الشخصيّة، ونقف مهزوزين، أمام
موت الآخرين القسري. أمام
المشهد الإجرامي البشع المرسوم
بتلك الأشلاء المقطّعة
والمرتعشة.. وقد زادها فظاعة،
حمرة الدماء اللزجة، تلطّخ ما
بقي من آثار دمار.. يا
ألف آه على الضحايا..يا وجع
العين والقلب والضمير في مرأى
الجثث المسحوقة والمهروسة تحت
الأنقاض. كيف، يا شعب ستقاوم
الحزن الطاغي هنا؟، إن ذلك
الفدح لعظيم، لكنّه، يا شعب
الرفض والصمود، أمر عظيم وفرض
كوني، يوحّد القلوب كلّها؛
فتتضافر الإرادات للمقاومة،
تشحذ همّة إقدامها وعزيمتها قوة
الحرية وغريزة الحقد الوطنيّة
وطاقة الثأر، وتقوى على الهزيمة
جاذبية الانتقام الحق العادل... إنّا
لن نسكت عن موتهم القسري وعلى
قتلهم..وإنّا، في زمن الثورة،
تكلّفنا الأيام فوق طباع
المألوف، تجعلنا جذوة وسط ماء
لتشعلها. وتحركنا بجنون على
حافة الانفلات الوحشي، لكي
ينطلق، منّا، كالبرق فرس الثورة
الجموح؛ فكأنّه الطوفان القادم
عليهم، على هؤلاء الطغاة، نحو
الثأر الأكبر. نحو الانتقام.
انتقام الحق. انتقام المظلوم من
الظالم، ليس رذيلة. هو الحق
بعينه . نعم
الخطب في الوطن فادح. فأيّتها
الثورة التي شبّت في كل يابس
وقبيح ومشوّه..تقدّمي تقدّمي...لك
دم الشعب الذي عزم أن يمضي قدما .
لك موت الأحرار استشهادا ، لك
موت الأبطال استبسالا. لك قلوب
الرجاء والدعاء تتفجر أملا . أيّتها
الثورة كوني الجبّارة واسحقي
بقوتنا الغاضبة كل الطغاة،
الذين جعلوا مصائر الناس كمصائر
حشرات حقيرة يسحقونها وينتشون
بانتصار أحذيتهم على قشورها. أيتها
الثّورة...امنحينا مزيدا من
الأماني فإنّا بالأماني أحياء،
وبها نغزو جيش المآسي. فلنكن طيّ
اشتعالك، لا في طيّات الموت
الوحشي والبائس نتكسّر. إن كانت
أبدان الشعب أكلتها نيران
الوحشية؛ فإن خيارنا في الحياة
الحرة يقوى على موتنا القسري،
وعلى قتلنا اليومي، لأنّا نؤمن
بالحياة ونثق بفعل الحياة فينا أيّتها
الثّورة الفحينا بشمسك، أكثر
وأكثر، حتى تتصلّب جلودنا، وحتى
يهزم صبرُنا كلّ صدى لخوفنا
ورعبنا، وحتى يهزم فرحنا اليقين
كلَّ يأسنا ودمعنا وقهرنا...فالقادم
لوطننا يستحقّ منا التضحية
والصبر والفرح والإيمان..ويستحقّ
حلمنا بالحرية أن يحيا. ونستحقّ
أن نودّع موتانا والشهداء لنحيا. ======================== "أصدقاء
سوريا" والطريق إلى تونس عريب
الرنتاوي يلتئم
في تونس يوم غدٍ الجمعة، شمل "أصدقاء
سوريا"، وهم كثر، ممثلون عن
أزيد من ثمانين دولة، وعلى
مستويات مختلفة من التمثيل في
طريقهم نحو شق "طريق التفافي"
حول مجلس الأمن، بعد أن سُدّت
الطرق إليه ب"الفيتو المزدوج"
الروسي الصيني. قبل
الوصول إلى تونس، تبدو صورة
المواقف الدولية شديدة التداخل
والتعقيد، ولا أدري أية حصيلة
سيخرج بها المجتمعون في رحاب
"أول ثورات الربيع العربي"...وإليكم
بعض مما نقصده ونشير إليه: أولاً:
استبقت الولايات المتحدة مؤتمر
أصدقاء سوريا، بضخ عشرات
التصريحات التي تذهب في اتجاه
واحدة: عن أي معارضة تتحدثون،
القاعدة تخترق المعارضة،
السلفيون يوسعون قاعدة نفوذهم
ويصبغون المعارضة السورية
بطابعهم المتشدد الخاص، من
المبكر الحديث عن "تسليح
المعارضة" فنحن لا نعرف عن أي
معارضة نتحدث وتتحدثون، التدخل
العسكري ليس مدرجاً على جدول
أعمال إدارة تخوض حملة انتخابات
حاسمة، شعارها الرئيس سحب
الجيوش الأمريكية من العراق
وأفغانستان، لا نشرها في سوريا...لم
يبق مسؤول أمني أو عسكري، رفيع
أو ثخين، إلا وأدلى بمواقف
مشابهة...لتكتمل دائرة الموقف
الأمريكي الأمني والعسكري،
بالإعلان المتكرر عن أن فرص "الحل
السياسي" في سوريا لم تُستنفذ
بعد، وإن كانت في تراجع يوماً
بعد آخر، ما يُبقي الباب
مفتوحاً للديبلوماسية المسلحة
بالعقوبات لا السلاح المُتدثر
بالدبلوماسية. ثانياً:
الدولتان اللتان قادتا الحرب
على ليبيا، تحت مظلة الأطلسي
وراياته، وهما فرنسا
وبريطانيا، تضعان جانباً خيار
التدخل العسكري، ومشكلات
البلدين الاقتصادية و"الانتخابية"
لا تقل تأزماً عن مشكلات واشنطن
وإدارتها الديمقراطية...أما
تقييمها للمعارضة السورية
فحدّث ولا حرج، فلا يكاد يمضي
يومٌ واحدٌ من دون أن توجيه
انتقاد، على الإليزيه و10 داوننغ
سترتيب للمعارضة التائهة
والمشتتة والمنقسمة على نفسها،
والتي عجزت حتى الآن، عن تقديم
بديل مقنع، يمكن المجتمع الدولي
من نصرتها على النحو الأمثل،
صحيح أن فرنسا تبدو أكثر حماسة
للتدخل في الأزمة السورية من
بريطانيا، لكنها لن تذهب لكل
الأسباب المشار إليها بعيداً
على هذا الطريق. ثالثاً:
أنديرس فوغ راسموسن، الأمين
العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"
الذي قادت قواته حرب تذليل
العقدة وإسقاط العقيد، إنبرى ك"جهيزة
ليقطع قول كل خطيب"، حين قال
أن الحلف ليس بوارد التدخل
العسكري في سوريا، لا بتفويض من
"أصدقائها" الذين سيتلئمون
في تونس، ولا حتى بتفويض من
الأمم المتحدة ومجلس الأمن. رابعاً:
تركيا، التي عوّل عليها كثيرون
لأن تكون رأس حربة التدخل
العسكري وجسره البري والجوي
والبحري، ترفض للممرات
الإنسانية التي جرى حولها حديث
فرنسي وعربي متكرر، أن تمر من
أجوائها أو أراضيها أو حتى
مياهها الإقليمية...أمس قالت أن
لهذه الممرات طرق أخرى قد تمر
بقبرص أو عبر أي ميناء آخر،
المهم أن تبقى تركيا بمنأى عن كل
هذا وذاك، ولا أحد يأخذ تصريحات
أوغلو المستعجلة للتدخل
الإنساني في سوريا، على أنها
بداية تدخل عسكري من أي نوع،
فتركيا تعرف أنها إن دخلت الحرب
في سوريا، فلن تخرج منها موحدة،
لا هي ولا سوريا، وستهدم في
أيام، ما كانت بنته في سنوات
وعقود، من علاقات ثقة وتعاون مع
العالم العربي، وستكون قد
انقلبت على سياسة "القوة
الناعمة" و"قوة النموذج"
الذي اشتهرت بهما، لتُحِلَّ
محلهما القبضة الحديدة والتدخل
السافر والقوة الخشنة، وهذا لا
يعمل لصالح الأتراك في المقام
الأول والأخير. خامساً:
الغائبون عن مؤتمر "أصدقاء
سوريا"، أو الذين لم يحتسبوا
من أصدقائها، لأنهم أصدقاء
للنظام وبعض المعارضة، لم يلقوا
سلاح الدعم للنظام بعد، ولم
يفقدوا أوراق القوة التي لعبوا
بها طوال عام كامل من الأزمة
السورية، روسيا والصين لن تحضرا
المؤتمر، وإيران لم تُدعَ
للمشاركة فيه، ومن المتوقع أن
تواصل هذه الأطراف، ومن موقع
رفض التهميش على أقل تقدير،
التفافها حول النظام السوري. في ضوء
هذا الإيجاز غير الشامل بالطبع،
لخريطة المواقف الدولية
والإقليمية من الأزمة السورية،
فليس من المتوقع أن ينتهي
المؤتمر إلى نتائج ملموسة، تحدث
فرقاً جوهرياً على أرض الأزمة...الحديث
عن المساعدات الإنسانية وضرورة
إيصالها، يستلزم التنسيق مع
النظام وحلفائه، في ظل غياب
قرار التدخل العسكري الدولي
لفتح الممرات وإجبار النظام على
الرضوخ لمقتضياتها، وتدعيم
المعارضة السورية سوف يصب في
صالح المجلس الوطني السوري،
الذي أخفق حتى الآن في توفير
مظلة للجميع، وأحسب أن وحدة
المعارضة بعد "تونس" ستكون
أصعب مما كانت عليه قبلها،
وسيعاد إنتاج المبادرة العربية
بخطوطها العريضة والدقيقة،
وسيصار إلى تشكيل إئتلاف دولي
للعودة بالملف السوري إلى مجلس
الأمن من جديد، ليواجه مرة
أخرى، فصلاً من المساومات
والمفاوضات الدبلوماسية الشاقة
والعسيرة. النظام
وحلفائه يدركون هذه المعطيات،
لذا نراهم في سباق مع الزمن...فتح
معركة حمص وأدلب على نطاق واسع،
ل"سحب الذرائع" أمام فرضية
التدخل الإنساني والممرات،
إحكام القبضة على دمشق وريفها
وشبكة الطرق الدولية...تسريع بعض
الخطوات السياسية، بما في ذلك
تشكيل حكومة جديدة برموز ووجوه
جديدة، مقررات مؤتمر الحزب
البعث والانتخابات القادمة. بعيداً
عن هذه التفاصيل، التي لا تسمن
ولا تغني من جوع، فإن خريطة
المواقف الدولية والإقليمية،
وإصرار واشنطن على أن الحل
السياسي لم يسقط على بوابة "بابا
عمرو"، يدفعان على الاعتقاد،
بأن البحث الجدي عن مخرج – وليس
حل – للأزمة السورية، سيدور، أو
ربما يكون دائراً الآن في أماكن
أخرى، وعبر قنوات وأشخاص آخرين،
غير الذين تقاطروا إلى تونس،
هذا الحل بالأسد أو من دونه،
يمكن أن يستلهم فكرة بقاء
النظام "معدلاً" على
الطريقة اليمنية، وإلى حد ما
الطريقة المصرية، على أن تضغط
في سبيل تسريع استيلاد هذا الحل
وتوفير شبكة الأمان المطلوبة
له، قوى أساسية من "اصدقاء
سوريا" و"غير أصدقائها". ============================= الأنظمة
الديكتاتورية وحقوق الإنسان د.
ضرغام الدباغ قبل
أكثر من خمسة سنوات، كنت أتحدث
في ندوة تلفازية عن الوضع في
سوريا، وكانت تدور عن
الانتخابات النيابية يومذاك،
وكنا ومدير الندوة متفقان
تقريباً على أن سورية على موعد
مع ثورة شعبية عارمة، ولكن لا
أحد يقدر متى وكيف ستنفجر.
فالاحتمالات التي طرحتها كانت
تدور أساساً حول احتمالين: الأول
حينما يبلغ عمود التراكم حداً
لا يحتمل لنظام علاقات، فتنفجر
ثورة لتعيد تصحيح المسار
التاريخي. الثاني:
وهو احتمال(كنت قد ضمنته في
كتابي، قضايا الأمن القومي
والقرار السياسي / بغداد 1984)
وقوع حدث بسيط، تبخس السلطات
القمعية قدره والتعامل معه بسبب
الإفراط بالثقة بنفسها،
فيتصاعد لهيب الحدث ليفجر
التناقضات الكامنة التي تعتمل
في داخل المجتمع، وفي مقدمتها
الاقتصادية والسياسية. النظام
يحيل ببساطة غير علمية كل ما
يحدث إلى مؤامرة أجنبية، فأي
جهة خارجية كانت أو حتى داخلية
لا تستطيع أن تدفع شعباً مسيساً
مثقفاً كالشعب السوري إلى
الشوارع لمدة تقارب العام
الكامل ليواجه يومياً الموت
والقمع الدموي المفرط في قسوته
بدفع أموال أو تحريض أو ما شابه،
ولكن النظام يريد أن ينفي عن
نفسه مسألة أنه قد أصبح خارج
التاريخ ولا داعي لوجوده، وهو
يقاوم هذه الحتمية التاريخية
بالدبابات، فيضيف لمآثره
القديمة دماء وضحايا جدد. في
سوريا شعب يتطلع للحرية، ونظام
يريد مواصلة الطغيان دون هدف
سوى مواصلة الطغيان .... هو تناقض
جوهري بلغ أقصاه في التراكم لا
يحتمل نظاماً للعلاقات ... ولابد
من إحداث تعديل جوهري. ولكن
النظام المدجج بالسلاح،
وبنصائح من خبراء مخابرات وأمن
وقمع، قد أعد نفسه أيما إعداد
لساعة المواجهة هذه، فأعد قوات
ذات ولاء موجهة، ثم أعد تشكيلة
من مؤسسات أمن واستخبارات بالغ
في تزويقها وزخرفتها، وفوق كل
ذلك أضاف ضرب من مرتزقة طائفية
أطلق عليهم أسماً هوليودياً
فأسماهم الأشباح أو الشبيحة
لإيقاع الرعب في النفوس.
والنظام تخصص عبر عقود حكمه
الطويلة على كافة فنون القتل:
القليل منها إعدام رسمي،
والأكثر اغتيالات تتم في جنح
الظلام، وموت على آلة التعذيب،
أو اختطافاً وتعني غيبة أبدية.
وقوانين طوارئ ودستور يشرع
الظلم والسلب في وضح النهار،
ويجعله حلالاً زلالاً، ورعية
ينبغي فوق كل ذلك أن تسجد للقائد. " من
قتل نفسا بِغير نفس أَو فساد في
الأَرض فكأنما قتل الناس جميعا
ومن أَحياها فكأنما أَحيا الناس
جميعا " (المائدة 32) والمعنى
الجوهري لهذه الآية تعني أن
الإنسان هو غاية الشرائع
السماوية، وغاية القوانين
الوضعية. والفلسفة أكدت ذات
الغاية أيضاً إذ أعتبر فلاسفة
اليونان أن حقوق الإنسان هي من
جملة الحقوق الطبيعية، وأن
الإنسان يولد حراً، وينبغي أن
يبقى حراً. الخليفة
الراشدي الثالث عمر بن الخطاب
في الدولة الإسلامية الأولى قال:
كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم
أمهاتهم أحراراً. وفي عصور
هيمنة القوى الرجعية قال جان
جاك روسو كلماته التي كانت
الشرارة التي أحرقت الطغيان،
بقوله: الجماهير حين تثور تفضل
الحرية مع الخطر على السلم مع
العبودية. هذه الأفكار حملت
رياح الثورة، عندما صرخ روبسبير
تلميذ روسو بوجه حاجب الملك
قائلاً: " أذهب وقل لسيدك إننا
هنا مجتمعون هنا بإرادة الأمة،
ولن نتفرق إلا على أسنة الرماح
". الإنسان
أثمن رأسمال، هي مقولة للفيلسوف
الألماني كارل ماركس التي طالما
تصدرت شعارات الثورات. وثوري
آخر قال: " أن الشعب الذي لا
ينهض ليحطم أغلاله يستحق أن
يعامل كالعبيد ". الشرائع
السماوية والأفكار الثورية
والقوانين الوضعية كلها تقف مع
الإنسان ضد الظلم بأنواعه
والطغيان. الإنسان غاية التنمية
وهدفها، وهي في مقدمة مناهج
علوم اقتصاد التنمية، على
اختلاف الأيديولوجيات السياسية
والاقتصادية. الإنسان
موضع تمجيد الرسالات السماوية
والأفكار المتنورة، وحيث انتهت
أنظمة وتلاشت معها عبادة
الشخصية، يسحق اليوم الشعب
السوري ويصادر حلمه وتدمر
إرادته وتمتهن كرامته، وتحتقر
رغباته وحقوقه في ظل أنظمة لا
تريد أن تصدق أن عهود السحق قد
مضت بلا رجعة، وولى الظلم
والظلام. يقتل الآلاف من الرجال
والنساء والأطفال لأنهم أرقام
فائضة عن الحاجة، ولأن السيد
الرئيس يريد أن يلهو بالحديد،
وتعكير مزاجه في ساعة اللهو
جريمة لا تغتفر، فكيف يطالبون
بإنهاء حكمه وهو الذي يحلم
بتوريثها لأبنه ؟ أليس من حقه أن
يغضب ... ؟ هي
ثلاثية متلازمة: الفقر والقمع
والثورة، وهي قاعدة التاريخ
المادي لشعوب العالم، وهي
مجتمعة اليوم في سورية الثورة،
الفقر: لأن خيرات البلاد تسيل
إلى حسابات أفراد من النخبة،
القمع: لأن الناس تريد أن تعيش
العصر، تريد ان تشاهد القتلة
واللصوص الحقيقيين في قفص
الاتهام الثورة هي حق طبيعي،
الثورة نهاية لتراكم بلغ ذروته،
هذا الإصرار على الموت سببه
الوحيد هو أن الملايين ضاقت
ذرعاً، وهي تستسهل الموت على
الظلم والطغيان، وليست مؤامرة،
ففي ذلك تبسيط ساذج لمسيرة
التاريخ. من
يملك حق قتل الناس بالآلاف، لكي
يطول حكم ديكتاتور عاماً آخر،
من يملك حق إرسال الدروع
والأسلحة الثقيلة التي دفع
الشعب ثمنها من عرقه ودمه،
لتحرث الأرض والبشر، لماذا يموت
الناس وتدمر ممتلكاتهم، من أجل
حاكم يمكن أن يزول في دول كبرى
أو صغرى بتحريك الناس لأصابعهم
لا أرواحهم ...! وإذا كانوا
ينكرون اليوم إعطاء الأوامر
بالقتل، فماذا هم فاعلون عندما
يصبحون غداً في قفص الاتهام ..؟ زعماء
عباقرة، قادة حرروا بلادهم
كديغول، أو خاضوا الحروب
المظفرة كتشرشل، وآخرين من
زعماء الدول الاشتراكية ولكل
منهم تاريخ نضالي مجيد، تنازلوا
عن الحكم لما أدركوا أنها إرادة
الشعب، لكنهم ظلوا محترمين في
أنظار شعوبهم. وأدركوا أن لا
فائدة من التحول من قائد كبير
إلى مجرم عريق، ففضلوا التنازل،
بل وبعضهم قبل بإرادته لحساب
الشعب، ووقفوا أمام شعوبهم
بتواضع. عندما أدركوا أنهم
خسروا تأييد الشعب، ليس عيباً
قبول حكم الشعب، بل هي مأثرة
تسجل للقائد الشجاع القادر على
اتخاذ القرار، وليس الخاضع
لإرادات عديدة بعضها غير وطنية. قيل
لأنديرا غاندي أن تبعد السيخ من
بين حراسها، فقالت إن فعلت،
فسوف أعمل على تقسيم الهند،
وقتلت أنديرا غاندي، فخسرت
روحها ولكنها كسبت الهند.
القادة الكبار يكونون كبار فقط
بإرادتهم الوطنية الصرفة،
عندما لا يعلو على صوت الوطن
صوت، وصوت الشعب حليف قريب ولا
بعيد. مالعمل
ومسيرة القتل تمضي بلا توقف ....؟ تتراكم
أسباب التغير كمتوالية عددية،
ولكن نابليون بونابارت لا يريد
أن يقدم إلا القليل من الفتات
وعليكم أن تصدقوا أنها وجبة
دسمة، أحتال عليكم نيف وأربعون
عاماً كثعلب، وقتل كذئب ضار،
وعليكم أن تثقوا أنه تحول إلى
صنف من طيور الحب، وأن خطته ليست
فخاً، فهو يقدم بيد كتاباً لا
نعرف ما به، وما هي خفاياه
وخباياه، وما يخبئ لنا بونابارت
من تفاصيل قاتلة في قائمته، ليس
فيها نقطة واحدة غير مريبة،
بينما يحمل بيده الأخرى سكين
واضحة، يهدد بها، لا بل هي تقطر
دماء حمراء طازجة ساخنة، فأي من
اليدين نصدق. الملف
السوري يتنقل من طاولة لطاولة،
النظام لا يريد أن يصدق أن هناك
من يعد الضحايا التي تسقط كل يوم
بالعشرات، الجماهير كانت تطالب
بشيئ بسيط، إلغاء قوانين تصلح
كنظام داخلي لمجزرة متخلفة، كف
يد الجلادين والمفسدين،
والتعامل باحترام مع الشعب،
ولكن الذين قدموا هذه المطالب
قتلوا وتلك هي قبورهم، بينما
يسرح القتلة موجودون بثيابهم
ووجوههم المرقطة وسلاحهم، وها
هم يعدون ويبشرون بالحرية ..؟
فمن نصدق ..؟ كان
هناك بين الثوار من يقبل بحلول
وسط، ولكنهم ضربوا على أفواههم
وأيديهم التي مدوها، لذلك فهناك
رحيل يومي من المصلحين
المعتدلين صوب معسكر الثوار
الباحثين عن حلول حقيقية،
الجامعة العربية والأمم
المتحدة لم تنصت لهم، بل وقفت
لجانب النظام، شهور عديدة لعل
النظام يتمكن من حل المشكلة
بالطريقة الشامية المعروفة "
دبرها بمعرفتك " ولكن ليس لدى
النظام ما يتدبر به شؤونه غير
فنون القمع فأنتج أدوات لا يمكن
أن توصف بالاحترام. بصبر
وطول بال مدهش، قدمت الجامعة
العربية المبادرات تلو
المبادرات، فيما يتصاعد لهيب
البيت المحترق عالياً، النظام
بدهاء الإقطاعي وخبثه، كان قد
عقد صفقات سرية بعضها واضح
للعيان، والآخر وراء الكواليس
يدركها العقلاء ومن يقرؤون
الخطاب من سطوره الأولى. بل وحتى
المبادرة التي قدمت لمجلس الأمن
كانت البراءة تطل من حروفه،
ولكن النظام المدجج بالحماية
الدولية وشبكة المصالح
المعقدة، وجهات داعمة ومساندة،
وأخرى صامتة (ومن الصمت ما قتل)،
ليواصل النظام قيادة أوركسترا
القتل لتمضي مسيرة الموت، بل
لتتصاعد نوعاً وكماً، والثوار
الذين أصبحوا على قاب قوسين أو
أدنى من الحرية لن يتخلون عن
أملهم، فالموت اختياراً أفضل من
الموت إعداماً أو اغتيالاً أو
تحت التعذيب، وقد أضحى حدثاً
يومياً يستهينون به. النظام
يريد من الشعب أن يقبل بما يعطى
له، فأحد أبواقهم يصرخ: أي حرية
تريدون؟ وبرأيه الحرية مايوه
بالكاد يغطي العورة، ليته
يسمعني أقول: نريد ما للأجانب من
حرية في البلاد المحترمة.
النظام مصاب بالدهشة، فلسان
حاله يقول، حكمناكم حوالي نصف
قرن، فماذا دهاكم اليوم ؟
فالنظام يعتقد انه يدير مدرسة
ابتدائية، أو صف لمحو الأمية،
يردد التلاميذ الأطفال ما يقوله
المعلم، وعندما يحتج العالم على
مشاهد القتل اليومي ينزعج
النظام ويعتبره تدخلاً في
الشؤون الداخلية، بمنطق: شعبنا
ونحن أحرار فيه نقتله كما نشاء
وما دخلكم ؟ المشكلة
الأساسية للنظام أنه لا يريد أن
يصدق أن العالم قد تغير، وأن
هناك أنظمة توتالية محكمة أكثير
بكثير من نظامه المهترئ، المثير
للاشمئزاز قبل السخرية، انتهت
رغم أن لها خط اجتماعي وفلسفي
جذاب ومهم، النظام في دمشق لا
يريد أن يعرف تأثير الثورة
التكنولوجية العالمية تسهل
للملايين الاتصال فيما بينهم
وتوزيع البيانات والنشرات
بلمسة أصبع، النظام لا يريد أن
يصدق أن الأثير مليئ
بالفضائيات، العربية منها
تتجاوز الثلاثمائة محطة،
والكثير منها بعيد عن القبضة
الحديدية، وأما الإذاعات فقد
أصبحت لعبة صبيان. المجتمع
الدولي وببرغماتية شديدة، ما
زال يفتح طاقة أو نوافذ صغيرة
توفيراً للدماء، ولدى الجهات
الدولية ملفات موثقة ومؤكدة
يمكن أن تضع القتلة في قفص
الاتهام ولا مهرب منه، ورغم
ذلك، فما زال هناك مخرج ربما غير
كريم، ولكنه مخرج يجنبه نهاية
مأساوية في شوارع دمشق، لنقل
بعبارة أخرى انسحاب منظم. ولكن
ماذا بعد الجمعية العامة ...؟ ماذا
بعد أن صوت العالم بنسبة أكثر من
90% على إدانة النظام. إنها ليست
مؤامرة، ليست تدخلاً خارجياً،
كل من يقف في معسكر الشعب
السوري، داخلياً الشعب بأسره
عدا محترفي القتل والقمع، الدول
العربية بأسرها، العالم بأسره
عدا 12 دولة فقط. ألاف القتلي
وأضعافهم من الجرحى وعشرات
الآلاف في السجون لا يعرف
مصيرهم، الأزمة ليست ورائكم
أيها السادة، بل هي أمامكم
بحاجة للعقل بعد أن استنفاذ
القوة الغاشمة. هل
هناك فرصة للتفكير والخروج
بحلول مرضية ...؟ علم
السياسة لا يعجز عن إيجاد حلول
لكل مشكلة مهما بلغت درجة
تعقيدها. ولكن لابد بادئ ذي بدء
أن يعترف من لا يشاء الاعتراف
بالشعب كقوة عليا، وهو من يقرر
مسار الأمور، وقبل الشروع بوضع
خارطة طريق للخروج من الأزمة
مكتفين بهذا القدر من المأساة،
فهل هناك من يسمع ؟ حسناً:
الاعتراف بأن مطالب الثوار
عادلة جيد، والأحسن الاعتراف
بارتكاب أخطاء جسيمة تواصل
لعقود طويلة، قدم فيها الشعب
ضحايا لا يقدر أعدادها بسهولة
من أجل الوصول لهذه القناعات
الجوهرية. ترى ألا يكفي هذا
القدر من التراكم المادي لرحيل
أي مسؤول أو نظام...! ففي الدول
المحترمة يطيح أقل من ذلك بكثير
بأي مسؤول مهما علت مرتبته،
واليوم فقط، (17/ فبراير)استقال
رئيس جمهورية ألمانيا لأسباب
تعد تافهة بالمقاييس السورية،
وهنا السر في التأييد العالمي
الجارف للقرار العربي في الأمم
المتحدة. لا
يمكن مطالبة العالم بعدم
التدخل، فالعالم اليوم وفق
معطيات اقتصادية وثقافية
وأخلاقية قد أصبح قرية صغيرة،
بل صغيرة جداً، هل من معطيات
السيادة " دعوني أؤدب شعبي
كما أشاء لأنهم يريدون تغير
الرئيس وطاقمه ؟" هل يمكن
للدول العربية أن تشاهد وتسمع
ما يجري في سورية ولا يكون لهم
رد فعل ؟ اليوم
بتقديري لا يزال هناك مخرج يوقف
الأضرار الحالية، ويحول دون
كوارث أكبر، وهو تهدئة الموقف
برعاية عربية بالدرجة الأولى،
وانسحاب الطاقم القيادي،
والتسليم بضرورة التغيير، وهذا
هو السبيل الوحيد لحفظ سوريا
ككيان سياسي، ودولة، ومكتسبات
عقود كثيرة، أما القول أنا باق
ولينسحب الشعب، فهذا خيال ما
بعده خيال، أي قراءة علمية
للموقف اليوم تشير أن معسكر
النظام يتراجع ويخسر مواقع في
الداخل السوري والمحيط العربي
والإقليمي، والدولي، وأن قوى
التغير تحرز مكتسبات ومواقع
وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها
اليوم لم تعد هناك أسماء مهمة،
ولا ضمانات، هناك شيئ واحد
ينبغي أن يكون في ذهن الجميع،
سورية الوطن، سورية الدولة،
سورية الشعب، سوريا المنجزات
والمكتسبات التي حققها الشعب
بمسيرة معقدة وصعبة للغاية، وهي
الشيئ الوحيد الذي يستحق الحفاظ
عليه، وأن يكون في المقام الأول
في كل برنامج. النظام
يبشر الشعب بأنه تاب كما يتوب
الثعلب عن أكل الدجاج، ويتحول
إلى نباتي، ويقدم دستوراً لا
يستحق إلا جعله مادة لفلم
كارتون هزلي، دستور لا يغير من
الأمر إلا بمقدار ما لا يبعدهم
عن مواصلة الدكتاتورية والفساد
ولكن هذه المرة بقوة القانون،
وهذا فن يدخلك في عالم الحيل
السحرية التي تعتمد على خفة
اليد، لنعرف أن هناك من يجيد
الضرب على القانون كما يصنع
الموزائيك، ويقدم لك شيئ أشبه
بالدستور ولكنه ليس بدستور،
وحرية بحيث لك بدرجة أن لا تفعل
شيئ على الاطلاق، وحرية صحافة
على أن لا تكتب لا على الورق ولا
على الجدران، فتمتعوا
بديمقراطية لم تكن. ولكن:
لا الماء يروب ولا الواوي يتوب،
هذا مثل عراقي شهير الماء لن
يروب ويصبح لبناً كما الثعلب لن
يتوب. والثعلب يظن أنه بدهائه
يفعل الأعاجيب كالساحر، وقد
فاته أن الأسواق مليئة بفراء
الثعالب. ======================== يا
ألله.. ما لنا غيرك يا ألله .. ما
بين حمص وأخواتها في سورية
وبين مؤتمر الأصدقاء في تونس!.. نبيل
شبيب في حمص
التقتيل متواصل.. كما في كافة
محافظات سورية وفي
تونس ينعقد مؤتمر يجمع "أصدقاء"
سورية في
سورية يطلب الضحايا النصرة على
شكل "السماح بمعالجة الجرحى"
وعلى شكل "أكفان للشهداء".. وفي
تونس يدور الحديث حول إصدار
بيان وفق الاقتراح البريطاني أو
الاقتراح القطري.. في
سورية تعلن حناجر من لا يزال من
الثوار على قيد الحياة: لا سلمية
بعد اليوم.. وفي
تونس ينتظر ما يسمى المجتمع
الدولي إلى أن يسيطر "سلام
القبور" في سورية.. في
سورية يطالب الثوار بدعم
الأحرار من الضباط والجنود
الذين انحازوا لحماية الشعب من
المجرمين.. وفي
تونس ما زال القوم في حاجة إلى
مزيد من الجدال: من هم أولئك
الثوار ومن هم أولئك العسكريون.. في
سورية يزداد اليقين بما أثبته
زهاء عام كامل على الثورة: يا
ألله.. مالنا غيرك يا ألله.. وفي
تونس يقدّم "أصدقاء سورية"
الدليل على حقيقة ما يعلمه
الثوار: يا ألله.. مالنا غيرك يا
ألله.. . . . يا شعب
سورية الثائر كن على يقين كما
أنت: هذه الثورة الشعبية
البطولية التاريخية التي
صنعتها، لن تكتمل إلا على يديك
وبدماء ضحاياك وبطولات أطفالك
ونسائك ورجالك، وبنصرة الله جل
وعلا لك.. يا شعب
سورية الثائر كن على يقين كما
أنت: سينصرك الله جلّ وعلا، وما
النصر إلا من عند الله القوي
العزيز.. لا
تنتظر من تونس النصرة، فلا تزال
القوى الدولية تنتظر أن تقتلع
أنت بأجساد شهدائك مخالب
المجرمين، حتى إذا أضحوا قاب
قوسين أو أدنى من السقوط.. ربما
تأتيك النصرة الملغومة بألف هدف
وهدف.. إلا أن تكون نصرة خالصة
لتتحرر إرادتك ويتحرر وطنك!.. لا
تنتظر من تونس النصرة، فلا تزال
القوى الدولية تنتظر أن ينهك
المجرمون قواك، وتتوقع أن تطلب
النصرة آنذاك دون شروط من
جانبك، ولكن بشروط من يقدم
النصرة، ليسيطر على وطنك وعلى
إرادتك، ولا تعلم تلك القوى
الدولية.. أن ثورتك -المنتصرة
بعون الله- لا يمكن أن تتخلّى عن
أهدافها العزيزة الجليلة، التي
بذل الشهداء من أجل تحقيقها
أرواحهم.. وما يزالون. مؤتمر
تونس أيها الشعب الثائر البطولي
يتحرّك وفق رؤى من اجتمعوا فيه،
وقد يكون فيهم بعض "المخلصين"
لك ولثورتك البطولية، ولكن يعلم
الله أنهم قد لا يبلغ عددهم عدد
أصابع يد شهيد واحد من شهدائك..
ولكن يوجد بين من اجتمع في تونس
من يريد أن يستلم "السيادة"
على وطنك ودولتك تحت عنوان آخر..
وأن يستبدل مخالب بمخالب
واستعبادا باستعباد.. ولن يكون
لهم ذلك ما دمت موقنا بما تعلنه
حناجر ثوارك: يا ألله مالنا غيرك
يا ألله.. . . . مخطط
"التدخل" في سورية -يا شعب
سورية الثائر- جاهز.. سبق وضعه
انعقاد مؤتمر تونس بأسابيع أو
أشهر، ولكن من وضعوه وينتظرون
اللحظة المناسبة لتنفيذه، لا
يعون أنك أنت الواعي -رغم آلامك-
بما يصنعون: - ما
الذي يجعل المسؤولين
العسكريين، الأمريكيين
والأطلسيين، يعلنون مرة بعد
مرة، أثناء قصف الأحياء السكنية:
لن نتدخل عسكريا، هل يريدون
إلاّ طمأنة المجرمين ليستمروا
في القصف حتى ينهك الطرفان،
المجرم والضحية؟.. - أو
ليس الحدّ الأدنى -لو صدقت
النوايا- أن يدعوا المجرمين
يخشون ولو بعض الخشية من تدخل
عسكري؟.. ألا يستطيعون كما صنعوا
مرارا وتكرارا في حالات أخرى،
أن يتركوا "عدوّهم" جاهلا
بحقيقة نواياهم، ليحسب حسابهم،
ويتردّد عمّا يصنع.. أم أنهم
يتعمّدون أن يستمرّ فيما يصنع؟.. - ما
الذي يجعل المسؤولين
السياسيين، من مختلف الدول التي
يجمعها عنوان "أصدقاء"
سورية، لا يأبهون باستعراض
سكوتهم المخزي عن وصول العتاد
بلا حساب لدعم المجرمين، ثم
يزعمون أنّهم يحترمون القوانين
الدولية، فلا يمكن أن يقدموا
"السلاح" والدعم العسكري
للثائرين على المجرمين؟.. - ما
الذي يجعل "أصدقاء" سورية،
يتمهلون في خطواتهم "الصديقة"،
بيانا بعد بيان، وتقريرا حول
الواقع الإنساني بعد تقرير،
وجدالا في مجلس الأمن الدولي
بعد جدال، ومؤتمرا ينعقد على
"فترة" من الزمن بعد مؤتمر،
وإنذارا يواري ما لديهم من
أظافر وأنياب بعد إنذار.. وهم
يعدّون الشهداء فوجا بعد فوج،
ولا يغفلون عن القول مع كل رقم
جديد: لا ندري ما هي الحقيقة،
ولكن هكذا يقول الناشطون؟!... . . . يا شعب
سورية الثائر الأبي، لن تجد حمص
من ينصرها إلا في حلب، ولا حلب
إلا في درعا، ولا درعا إلا في
دوما، ولا دوما إلا في دير
الزور، ولا دير الزور إلا في
حماة، ولا حماة إلا في دمشق، ولا
دمشق إلا في حمص.. فقد صنعت
الثورة شعبا واحدا ثائرا أبيا
متماسكا، وهذا ما سيسجله
التاريخ: ثار الشعب ثورة لم يسبق
لها مثيل في العالم، على طاغوت
همجي لا ينتسب إلى البشر،
وانتصر الشعب على الطاغوت
انتصارا تاريخيا، يغيّر خارطة
المنطقة وخارطة العلاقات
البشرية لزمن طويل..إنه النصر
الذي تعبّر عنه حناجر الثوار: يا
ألله ما لنا غيرك يا ألله. لن تجد
يا شعب سورية الثائر من ينصرك
إلا الله، ولقد كان من نتائج
نصرة الله تعالى لأهل بدر ما
حرّك عجلة التاريخ قرونا عديدة
وهو يسجّل ما صنعه ذلك النصر
الأول، ولسوف تتحقق نصرة الله
تعالى لأهل الشام وقد انفرد بهم
الميدان في مواجهة طاغوت من جنس
إبليس ورهطه، ولسوف تتحرّك عجلة
التاريخ من جديد قرونا عديدة من
بعد.. يا
ألله ما لنا غيرك يا ألله.. وإنها
لثورة تصنعها يد الله عز وجل،
يجتبي من الشهداء من يجتبي إلى
جنات الخلد، ويمحّص ما خالط هذا
الشعب الأبي من أوزار العقود
الماضية، فيميز الخبيث من
الطيب، حتى إذا جاء قدر الله
بالنصر العزيز، أتاهم الله من
حيث لم يحتسبوا، ووجدوا أنفسهم
يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي
المؤمنين، ويدكّون حصونهم على
رؤوسهم بأنفسهم، بعد أن ظنّوا
أنّ حصونهم مانعتهم من الله..
والله بكل شيء محيط. يا
ألله ما لنا غيرك يا ألله.. يا
ألله.. هؤلاء عبادك، مسّتهم
البأساء والضراء وزلزلوا.. ولا
يتوجهون إلا إليك.. يا ألله يا
ألله.. قد بلغت القلوب الحناجر
وما تزال الحناجر تناديك
وتستجير بك وحدك.. يا ألله يا
ألله.. الشهداء والجرحى
والمعتقلون والمعذبون من أهل
الشام يسألون موقنين بك مصدّقين
بكلماتك: متى نصر الله؟.. يا
ألله.. يا ربّ العزة.. يا رب
السموات والأرض.. لا نقسم إلا
باسمك العزيز أننا على يقين: إن
نصر الله قريب. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |