ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فصل المقال فيما بين
الأسد والجريمة من اتصال د. صابر جيدوري* تجدر الإشارة
بداية إلى أن الكاتب استوحى
عنوان هذا المقال من عنوان كتاب
الفيلسوف الأندلسي ابن رشد
بعنوان (فصل المقال فيما بين
الحكمة والشريعة من اتصال)، مع
ملاحظة أنه إذا كان ابن رشد قد
احتاج إلى الكثير من الأدلة
والبراهين من أجل أن يُثبت أن لا
تعارض بين الدين والفلسفة،
فإنني لا احتاج في هذا المقال
إلى أدلة كثيرة وقرائن لكي
أُثبت جدل العلاقة والتبادل بين
نظام الأسد وحرب الجرائم
الإنسانية التي تُمارس بحق
السوريين الأبرياء في أنحاء
سوريا كافة.. نعم لا احتاج مثلاً
إلى عرض ما جاء في تقرير لجنة
التحقيق الدولية المستقلة
بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان في
سوريا، والموصوفة من قبل الأمم
المتحدة بأنها جرائم ضد
الإنسانية.. كذلك لا احتاج إلى
شرح ما جاء في تقرير هيومن رايتس
ووتش حول الجرائم نفسها.. ثم
أنني لست بحاجة إلى الإجابة عن
سؤال لماذا أقرت ثم أدانت (137)
دولة تُشكل مساحتها الجغرافية
أكثر من ثلاثة أرباع مساحة
الكرة الأرضية انتهاكات حقوق
الإنسان الممنهجة في سوريا.. بل
لست بحاجة إلى ذكر نتائج
الدراسة الميدانية المرعبة
التي أجريتها عن انتهاكات
النظام السياسي السوري لحقوق
الإنسان في محافظة درعا، والتي
استطلعت من خلالها آراء عينة من
المدرسين في المرحلة الثانوية
بلغ حجمها (700) مدرس ومدرسة
يتوزعون بين المحافظة وريفها..
نعم لا احتاج إلى كل ذلك لإثبات
علاقة نظام الأسد بتلك الجرائم
التي تُرتكب في عموم الجغرافيا
السورية.. ويكفي أن أقول إن
الجرائم التي تُنتهك شاهدتها
وعايشتها معايشة واقعية.. وذلك
لأنني عشت في ربوع سهل حوران في
حالة حرب حقيقية، وفي قرية
تعرضت لإطلاق الرصاص مرات عديدة
راح ضحيتها مجموعة من الشباب
الأبرياء، ولأنني أمضيت عطلتي
الصيفية في حالة خوف ورعب مع
زوجتي وأبنائي، بينما أصوات
الرصاص المنبعث من الرشاشات
الخفيفة والثقيلة يحيط بنا من
كل جانب.. ولأنني شاهدت الصلف
والتحجر والجبروت الذي مارسه
نظام الاستبداد على أبناء حوران..
واستنشقت رائحة الموت التي فاحت
في المكان مرات عديدة.. لأنني
خبرت ذلك وأكثر منه بكثير، كنت
أتساءل بعد كل مجزرة من المجازر
التي ارتكبها نظام الاستبداد:
كيف يصل الأمر بكائنات بشرية
إلى حد ارتكاب مثل هذه
الفضاعات؟ وهل هذه الكائنات
التي ارتكبت تلك المجازر كائنات
سورية أم هي كائنات من كوكب آخر
غير الذي نعيش فيه؟ ثم إذا كانت
هذه الكائنات التي تقتل وتقطع
الأعضاء الذكرية وتسلخ جلود
المدرسين كائنات سورية، فمن
أعطاها الأوامر لعمل ذلك؟ كانت
تبدو لي الإجابة عن هذه الأسئلة
وغيرها صعبة جداً.. كنت أتحدث مع
أصدقائي عن الجنون القاتل
والجنون الدموي والجنون
المتوارث.. كنت متأكد أن هناك
جنون.. إذ عندما تتحول سلطة
عاقلة - كما كان يُروج لها - بين
ليلة وضحاها إلى سلطة قاتلة
ومجرمة.. فهناك جنون وإجرام
بالتأكيد.. كنت سابقاً لا أظن أن
حب السلطة يؤهب للقتل وسفك
الدماء بالجملة.. ولكن يكفي أن
نراجع أحداث الشهور الماضية من
عمر الثورة، لنكتشف أن مغتصبو
السلطة عندما يتعرضون للخطر
يرتكبون أسوأ الفضاعات، لأنهم
يعتقدون أن السلطة حق إلهي يجب
ألا يُنازعهم عليه أحد.. لقد
تأكد لمن يفهم ولمن لا يفهم أن
الممسكون بالسلطة في سوريا قد
تحولوا إلى مجرمين وقتلة بسرعة
البرق، كما اتضح لكل من يمتلك
ذرة عقل مساحة الكراهية التي
يختزنها حكامنا في عقولهم
وقلوبهم للشعب السوري الطيب،
الذي أعطى كل شيء لجلاديه ولم
يأخذ شيئاً.. لقد قرأنا وسمعنا
ورأينا على مختلف وسائل الإعلام
ما يرتكبه نظام الاستبداد من
جرائم يطفح بها تاريخه، وهو
يسعى لإذلال الإنسان السوري
وكسر شوكته وامتهان إنسانيته،
والقضاء على كل مصادر المقاومة
لديه، من الكلمة إلى لقمة العيش
مروراً بدواء الجريح.. من منا لم
يُشاهد دبابات حماة الديار وهي
تقصف ديار أهلنا وأحبتنا في
بابا عمرو والخالدية
والإنشاءات وبصر الحرير وطفس
والقورية وجبل الزاوية.. ومن منا
لم يُشاهد جثث الأطفال والنساء
وهي تُرفع من تحت الأنقاض.. من
فعل بأهلنا كل ذلك؟ ومن أجل
ماذا؟ لقد بات معروفاً
إن ما تُمارسه وحوش الغابة
السورية من كوارث هو أكثر بكثير
مما تُمارسه وحوش الغابة في أي
نظام استبدادي في العالم، فمنذ
الأيام الأولى للثورة ونظام
الطاغية يزداد توحشاً بهدف
القضاء على الثورة والاستمرار
في السلطة. من أجل ذلك يقوم في
هذه اللحظة واللحظات التي
سبقتها بالقتل والتدمير
ومحاولة تركيع الشعب الثائر،
مقتحماً درعا وريفها، متابعاً
هجومه على حمص وحماة وادلب
وبقية المدن المنتفضة في محاولة
للقضاء الساحق على شعب ومجتمع
ودولة، مُبرراً تلك الاعتداءات
وارتكاب جرائم الحرب بعبارته
المكرورة المكروهة: ملاحقة
العصابات المسلحة التي تقتل
المواطنين وتروع الآمنين. تلك
هي الذريعة المزيفة التي يُبرر
من خلالها نظام الاستبداد الحرب
الكاسحة على المدن السورية، وهي
حرب بكل وسائل القتال الحديثة
المروعة التي تمتلكها القوات
المسلحة، مدعومة بقطعان من
الأمن والشبيحة التي هدمت
المساكن وسفكت الدماء، واعتقلت
الشباب والأطفال والشيوخ،
وأبادت المتاجر والمخازن
الغذائية لتجويع البشر
وإذلالهم.. وما المجازر التي
ارتكبها نظام الاستبداد في
المدن السورية كافة والتي
استنكرها العالم، إلا أعمالاً
بربرية أشد هولاً ورعباً مما
ارتكبته النازية والفاشية من
فظائع وجرائم في حروبها
المختلفة، تلك الجرائم التي رأت
فيها الأمم المتحدة والمجلس
العالمي لحقوق الإنسان ملامح
واضحة لما يمكن أن يوصف بأنه
جرائم حرب ضد الإنسانية.. تلك
الجرائم المشابهة لما جرى في
صبرا وشاتيلا عام 1982؟ ولما جرى
في كوسفو وجنوب أفريقيا وفلسطين
والشيشان.. بعد كل ذالك أتساءل:
ألم يحن الوقت للمعارضة كي
تتوحد حتى يتسنى لها مواجهة هذا
الجنون القاتل الذي يُمارس على
أهلنا في سوريا.. كل سوريا؟ ألا
تكفي هذه الدماء أيها المعارضون
كي تترفعوا عن مصالحكم وتنظرون
جميعاً إلى مصلحة الوطن.. كل
الوطن؟ هل تعلموا أيها
المحترمون أن صحابة الرسول صلى
الله عليه وسلم كادوا أن يخسروا
غزوة أحد لأنهم اندفعوا باتجاه
الغنائم ونسوا هدفهم الأسمى
الذي ذهبوا للقتال من أجله؟ هل
طويت الصحف، وجفت الأقلام أيها
المعارضون، وأجهضت العزائم،
وفُقدت العزة، وهانت الكرامة
أيها المسلمون والمسيحيون..؟
ألا تعلمون أيها المثقفون
والأساتذة الجامعيون أن
التاريخ لن يرحم يوماً من يُفرط
أو يخون.. ألم تروا يا إخواننا في
المجلس الوطني وهيئة التنسيق
وغيرهما من الهيئات والحركات
والأحزاب.. ما تحمله لنا وحوش
الغابة من مصير يزداد قتاماً
واستبداداً وهيمنة يوماً بعد
يوم.. وأخيراً هل تعلموا أيها
المتخاصمون على المناصب
السورية مستقبلاً أننا لم نكن
نعرفكم لولا دماء الثوار
الطاهرة التي روت أرض الوطن من
جنوبه إلى شماله ومن غربه إلى
شرقه.. فماذا أنتم فاعلون.. ثم
ماذا أنتم فاعلون..؟ *عضو رابطة الكتاب السوريين =========================== جان كورد* الأسباب التي ساعدت الرئيس السوري الراحل
حافظ الاسد في البقاء على رأس
السلطة، رغم ارتكابه أشنع
المجازر بحق شعبه السوري في
نهاية السبعينات وأوائل
الثمانينات، لاترال باقية، رغم
تغير العصر وتبدل الظروف العامة
المحيطة بسوريا. فالمخاوف
الكبرى للأوربيين لاتزال
باقية، من أن يأتي نظام "إسلامي"
لحكم دمشق، ويفتح ابواب إثارة
المشاكل على اسرائيل عن طريق
تحريك موضوع الجولان المحتل من
قبل اسرائيل منذ 1967، غير مقبول
بأي شكلٍ من الأشكال، وليست
هناك في رأي الغربيين معارضة
سورية وطنية ديموقراطية قادرة
على طمأنة قلوبهم بأنها ستسعى
إلى السلام الكامل مع اسرائيل،
بل إن مختلف شرائح المعارضات
السورية، القديمة والحديثة
تخيف الغربيين عندما تتهم
النظام الأسدي المستفيد من
أخطائها باستمرار بتقاعسه عن
"تحرير الجولان" أو عن
موالاته لاسرائيل ومن وراءها.
ولقد لاحظنا في مؤتمرات حول
سوريا قبل سنواتٍ عديدة بأن
هناك جهات أوروبية غير مستعدة
إطلاقاً للتعاون مع السوريين
على مسار العمل لاسقاط النظام،
والسبب في ذلك هو أمن اسرائيل
وليس أي شيء آخر، بل إن سعي هذه
الأطراف من خلال الدعوة
للمؤتمرات بصدد سوريا
ومستقبلها، هو انتزاع الاعتراف
من السوريين بأن أمن اسرائيل
أهم شيء في الوجود، وليس سعادة
أو خير أو تقدم الشعب السوري، أو
تحقيق الديموقراطية وانتزاع
الحريات السياسية وصون حقوق
الإنسان. وهذه حقيقة لايجوز لنا
اللف والدوران حولها دون التطرق
إليها. لقد كاد ينتهي عام كامل
على إنطلاقة الثورة السورية،
التي ملأت الدنيا ضجيجاً
وصراخاً مؤكدة على أن الشعب
السوري يريد استرداد حريته
واقامة تظامٍ ديموقراطي، وضحى
السوريون بمختلف فئاتهم
وطوائفهم وقومياتهم في سبيل هذا
الكفاح الذي يضرب به الأمثال في
البذل والفداء والاصرار على
السير في الاتجاه الصحيح، إلا
أن المؤتمرين الغربيين ومن
يقتفي آثارهم من عرب لا يزالون
في مربعهم الأول يتساءلون عن
طبيعة المعارضة السورية،
فالشعب لايهمهم والاصرار على
الحرية لايساوي شيئاُ، والمهم
فقط هو التأكد فيما إذا كان
المعارض الفلاني أو الفلاني
مناسب لهم أم غير مناسب. على المعارضة السورية تقوية نفسها،
وتعميق صلاتها بالشارع السوري،
وترتيب بيتها الوطني وقيادة
الثورة عن كثب، وترك المؤتمرات
لمن يكثر الكلام ولاينتج من "الأصدقاء!"،
لهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم
سادة الدنيا ولايجوز في نظرهم
أن ينال شعب حريته إلا بعد
تقديمه صك الولاء والوفاء لهم،
لامتلاكهم المال والقوة...
وعندما تقوى المعارضة السورية
وتكون قادرة على فرض املاءاتها
فهؤلاءالتجار سيأتون بأنفسهم،
وبدون مؤتمرات ليعرضوا "خدماتهم"
و خبراتهم على السوريين...
فالمؤتمرات لم تأت للسوريين سوى
بالمؤامرات حتى الآن، من
اسطانبول إلى القاهرة إلى تونس...
كلها استهدفت وللأسف منح النظام
مجالاً أكبر للمناورة
ولاستمرارية ومنهجة القتل في
سوريا، وكل مشاريعها تلد ميتة،
إلا مشروع الثورة السورية الذي
هو مشروع وطني أصيل وليست له
غايات تجارية كما لدى المؤتمرين
"الأصدقاء!"، ومنهم مع
الأسف من عانوا بأنفسهم من
ارهاب أنظمتهم المخلوعة قبل أن
يصبحوا رجال دولة *كاتب سوري مقيم في ألمانيا منذ
1979 ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |