ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 29/02/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

اليوم الذي غيّر تاريخ سوريا

مجاهد مأمون ديرانية

في مثل هذا اليوم تغير تاريخ سوريا إلى الأبد. أتذكرون؟ قد لا تذكرون، لأن الحادثة الصغيرة مَرّت بهدوء بعيداً عن الأضواء؛ لم يصوّرها أحد ولم تنشر أخبارَها الفضائيات، مع أنها كانت أهم من كل الحوادث التي تصدّرت نشرات الأخبار في ذلك اليوم، ولو أن أهل الفضائيات اطّلعوا على الغيب لحذفوا من نشراتهم كل خبر ولفرّغوها لهذا الخبر العجيب!

ماذا حدث؟ بضعة عشر صبياً في درعا خَطّوا عبارات على الجدران. وماذا في هذا؟ أليس آلاف الصبيان يَخطّون على الجدران ما يشاؤون كلّ يوم في كل مكان؟ لا أيها السادة، ذلك أمر وهذا أمر، وشتّان بين صبيان وصبيان!

لقد سقطت سوريا تحت الاحتلال منذ خمسة عقود، احتلتها عصابةٌ باغية اسمُها عصابة الأسد، فنشأ في الذل والاستعباد جيلٌ، ومضى. ووُلد للآباء أولادٌ فنَشؤوا في الذل والاستبعاد، وكادوا يمضون إلى حيث مضى الآباء. ثم وُلد للأولاد أحفاد، فتحوا أعينهم على الدنيا فوجدوا أنهم إن لم يكسروا حلقة الشرّ والعبودية أوشك أن ينطفئ في سوريا مصباحُ الحرية إلى الأبد، وأوشك أن يتحول شعب سوريا إلى سلالة من العبيد… فثَمّ قرروا أن يكسروا الحلقة، فخرجوا ذات يوم فكتبوا على الحيطان: الشعب يريد إسقاط النظام! في تلك اللحظة تغيّر التاريخ.

ليس مهماً حجم الفاعل، المهم هو حجم الفعل. لقد كانوا صبية صغاراً فعلاً، ولكنّ قلوبهم امتلأت قوّةً خَلَتْ منها قلوبُ الكبار، فصنعوا -على صِغَر أعمارهم- صنيعَ الرجال؛ لقد غيّروا تاريخ سوريا، هذا ما أقوله اليوم أنا وأمثالي من عامة الناس، أما في الغد الآتي وعندما يؤرخ لهذه الحقبة المؤرخون الكبار فسوف يكون لهم رأي آخر، سوف يقولون إن أولئك الأطفال، أطفال درعا الأبطال، قد غيروا تاريخ المنطقة كلها، لم يغيروا فقط تاريخ سوريا وبلاد الشام!

إن من أجمل وأصدق الهتافات التي يصدح بها ثوار سوريا على أرض سوريا جميعاً قولهم: “من حوران هلّت البشائر”، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد أو ينكر فضلَ درعا على الثورة، ومن فعل فأنا وكل سوري حرّ له خصيم، وأنا وكل سوري حرّ له غريم. من حوران هلّت البشائر؛ هَلّت أول مرة يومَ كتب الأطفال ما كتبوا، فلمّا ارتكب النظام حماقة عمره واعتقلهم أقسم أهاليهم -من رجال حوران- أنهم لا يعودون أو يعودَ الأطفال، وكانوا أهل بِرّ ووفاء فوفوا بالعهد ولم يعودوا إلى البيوت، بل خرجوا إلى الشوارع ثائرين، وهلّت بشائر الحرية فانتشر عبقها عرضاً وطولاً يغطي بقاع سوريا أجمعين.

أنتم أول جنود ثورة الكرامة يا أيها الرجال الصغار! لقد أوقدتم فتيل الثورة وبعثتم المارد السوري العظيم من رقاده الطويل؛ يحق لآبائكم أن يفاخروا بكم أهلَ سوريا، ويحق لأهل سوريا أن يفاخروا بكم العالَمين.

==========================

عودة إلى الأقليات .. من يطمئن من في سورية اليوم؟

د. محمد حكمت وليد

تشير تطورات القضية السورية إلى المنحنى الخطير الذي تتزلق إليه البلاد ، وأن بشار الأسد يعمل بكل صلف وغرور على جرِّ نفسه والبلد معه إلى الهاوية.

الرئيس السوري بعد زيارة نائب وزير الخارجية الصيني منذ أيام أن هناك من يستهدف تقسيم سورية ، كما يروي بعض المقربين منه قوله لمسؤول لبناني يوضح أن النظام لن يسقط حتى ولو تمَّ تقسيم سورية.

إذا أضفنا تصريحات بشار الأسد هذه إلى إصراره على الحل الأمني العسكري لعلمنا أنه ليس لديه مانع من الاستمرار في كرسي الرئاسة حتى ولو جلس فوق كومة من الخرائب والجماجم ، في بقعة قصية من بقاع سورية.

لم يفقد بشار الأسد عقله فقط وإنما فقد أخلاقه وآدميته ، وأجرى من دماء الرجال والنساء والأطفال ما جعل بينه وبين الشعب السوري حاجزاً إلى يوم الدين، ولو كان فيه بقية من عقل أو ضمير لتنحَّى وترك سورية غير مأسوف عليه.

وعليه رغم تواضع الإنجاز في مؤتمر أصدقاء سورية الأخير في تونس فإن الرسائل التي أرسلها للنظام كانت واضحة ... لا يمكن لبشار الأسد أن يستمر في حكم سورية حتى ولو وجد في الفيتو الروسي والتخاذل الغربي فسحة يستمر فيها بقاؤه إلى حين.

إن بشار الأسد زائل... وهو يسير في درب الطغاة الزائلين قبله طال المقام به أم قصر.

وإزاء هذا الواقع المر تنطلق الصيحات بين الفينة والأخرى مطالبة برسائل تطمين إلى الطوائف والأقليات بعد سقوط النظام خاصة الطائفة العلوية.

ولا يملك الإنسان إلا أن يتساءل وألسنة اللهيب وأعمدة الدخان تنطلق من مدافع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري: من يحتاج في سورية إلى التطمين اليوم؟

لا شك أن أطفال القرى العلوية بحاجة إلى تطمينات بأنَّ الذبح لن يصل إلى قراهم بعد سقوط النظام ، ولكن أطفال بابا عمرو والخالدية والبياضة وإدلب وحماه وريف دمشق بحاجة إلى من يطمئنهم بأن الذبح اليومي لهم ولآبائهم وأمهاتهم سوف يتوقف أيضاً.

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن عدد كبار الضباط العلويين في الجيش السوري الذي يبلغ ثمانمائة من أصل ألف ضابط هو نسبة غير عادلة ولا تمثِّل نسيج المجتمع السوري الحقيقي.

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن الوضع لا يمكن أن يستمر مع رئيس يملك مع أقاربه المليارات في بلد يعيش أكثرية خمسين بالمائة من أبنائه تحت خط الفقر...

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن هامش الحريَّة للمواطن السوري سوف يرتفع فوق سقف أحذية الجنود الذين كانوا يركلون وجوه المواطنين المقيَّدين بالأصفاد في البياضة .

إن الرئيس الحقيقي لا ينتصر على شعبه بالفيتو الروسي والصيني ، نصره الحقيقي يكون في صورة بلده والحفاظ على أرواح شعبه.

وإن أكبر تطمين للطائفة هو أن ينتفض عقلاؤها ومثقفوها، في وجه الديكتاتور السفَّاح الذي يجنِّدهم ويستغل فقرهم وحاجتهم لتقتيل إخوتهم في الوطن.

إنَّ سورية اليوم بحاجة إلى جماهير غفيرة أمثال وحيد حيدر ، ومنذر زاخوم ، وعارف دليلة، ومنذر ماخوس ،وحبيب عيسى ، وفدوى سليمان ...

 جماهير علوية غفيرة تقول للطاغية: ...لا .... كفاك قتلاً وتشريداً وتقتيلاً وتنكيلاً بإخوتنا في الوطن.

إن بشار الأسد زائل والطائفة باقية ، وسورية الحرية والعدل والقانون آتية فهل يطمئنا إخواتنا العلويون على وحدة سورية ، ومستقبل شبابها وأطفالها ونسائها، ومستقبل سهلها وجبلها وساحلها.

==========================

الثورة السورية وأوهام التدخل الخارجي

د. هشام رزوق

انطلقت الثورة السورية على شكل انتفاضة شعبية محدودة وبمطالب قليلة لكنها ذات دلالات عميقة، كانت تطالب بالحرية والكرامة. هذا يعني أن المواطن السوري لم يكن حرا وأن كرامته مهدورة، وأنه مكبوت حتى الانفجار .

بعد مرور أشهر عديدة ومع تزايد حملات القمع والتقتيل التي مارسها النظام بحق المتظاهرين السلميين، ارتفع سقف المطالب ليصل إلى إسقاط النظام بكل رموزه، ابتداء من رأسه المتمثل بالرئيس وحتى أصغر شبيح ممن مارس القتل والتعذيب والاعتقال والاعتداء على أعراض الناس وممتلكاتهم.

كلما ازداد قمع النظام ارتفع سقف المطالب الشعبية إلى أن وصلت الأمور إلى هذا المستوى الهمجي والوحشي من القتل الجماعي وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها وتدمير البلدات والأحياء والمساجد والمستشفيات الميدانية، في قصف بأكثر أنواع الأسلحة فتكا من دبابات وصواريخ ومدافع وطائرات.

في ظل هذه الظروف المأساوية، كثر الحديث عن التدخل الخارجي لحماية المدنيين وخلق مناطق محمية كملاذات آمنة للنازحين وللمنشقين عن الجيش النظامي، إضافة إلى خلق ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء للمنكوبين في الأحياء المحاصرة والمستهدفة بالقصف والتدمير.

ومع مرور الوقت وازدياد وتعميم التدمير الممنهج لكل المناطق التي تنطلق منها المظاهرات المطالبة بالحرية وإسقاط النظام، أصبح الحديث أكثر وضوحا عن ضرورة التدخل العسكري الخارجي لتخليص الشعب من جلاده.

عام كامل يمر ونهر الدم لم يتوقف على أرض سورية. عام كامل والشعب يعاني من كل صنوف القتل : حوالي عشرة آلاف شهيد وأكثر من ثلاثين ألف جريح وعشرات آلاف المعتقلين والمختفين والنازحين، كل ذلك والعالم يتفرج على تلك المأساة الإنسانية، لا يريد أن يمد يده لحماية وإنقاذ الشعب السوري من نظامه الديكتاتوري الهمجي القاتل. لماذا؟ ...

أعتقد أنه من الضروري فهم أن عدم الاستعداد للتدخل العسكري الخارجي لم يكن مرتبطا بالفيتو المزدوج الروسيي الصيني، بل بالأساس بعدم وجود الرغبة ولا الإرادة ولا المصلحة لدى الغرب للتدخل العسكري وحماية الشعب السوري ومن ثم إسقاط النظام. كل ذلك لكون الثورة السورية كانت وما زالت ثورة شعبية عفوية لم يخطط لها أحد من الغرب ولا من الشرق، ولا هي مرتبطة بأحد ولا بأي مؤامرة دولية كما تدعي أبواق النظام.

أصالة الثورة الشعبية وانطلاقها من الظروف الموضوعية التي يعيشها أبناء الشعب السوري بكل ما فيها من ظلم وقهر وإذلال، جعلت هذه الثورة يتيمة على الصعيدين العربي والدولي لأنها أخافت كل القوى التي تعاملت مع هذا النظام وخبرت استعداده لتقديم أية تنازلات على الصعيد الوطني والقومي وتحرير الجولان من أجل استمراره في الحكم، وعلى رأس تلك القوى إسرائيل .

لقد تعامل الغرب طويلا مع عائلة الأسد ابتداء من الأب حافظ إلى الإبن بشار، وعرفوا كل الخدمات التي قدمتها تلك العائلة للغرب وإسرائيل على وجه التحديد .

الأب متهم بتسليم الجولان لإسرائيل بدون قتال، ووقع معها اتفاقية فصل القوات منذ حرب 73 واحترم وقف إطلاق النار بشكل أدهش الإسرائيليين أنفسهم، ومنع تشكيل أي نوع من المقاومة الشعبية لتحرير الجولان، وحوّل ضباط الجيش إلى مقاولين ومنتفعين وتجار، لكن حين كانت هناك مصلحة إسرائيلية وغربية سمح للجيش السوري دخول لبنان ليتم ضرب المقاومة الفلسطينية إضافة إلى ضرب القوى اليسارية في هذا البلد الشقيق واغتيال الرموز الوطنية فيه.

حارب الأب شعبه بحجة القضاء على القوى الإسلامية التي وضع الغرب كل ثقله لمحاربتها في كل مكان من العالم العربي والإسلامي بعد أن استنفذ الغاية منها في حربه على الاتحاد السوفييتي سابقا في أفغانستان، ومجزرة حماة مازالت حية في الأذهان .

دخل الأب جوقة التحالف الغربي الثلاثيني لمحاربة الجيش العراقي وإخراجه من الكويت.

أما الإبن، ورغم وعوده الإصلاحية في بداية عهد التوريث، فإنه سار على نفس النهج الذي كان عليه الأب من قمع واستبداد وإفساد للمجتمع والجيش، ومحافظة على صمت القبور على جبهة الجولان رغم الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة واختراق طائراتها الأجواء السورية أكثر من مرة وضربها وتدميرها لمشروع المنشأة النووية في دير الزور، بينماكان يتلاعب بالوقت طوال السنوات تحت عناوين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة .

كما قدم الابن خدمات كبيرة للإدارة الأمريكية في ملاحقة ما يسمى بالإرهابيين وتسليمهم لها، إضافة لمنع المتسللين الذين كانوا يدخلون العراق لمساعدة المقاومة العراقية في مواجهتها للاحتلال الأمريكي .

كل تلك الخدمات أدت إلى أن يسكت الغرب عن اتهام النظام بمقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وإلصاق تلك التهمة، أو توجيه الأنظار مرة نحو إيران وأخرى على حزب الله حتى "ضاعت الطاسة"،( ربما تشارك لجميع في تلك العملية الكبيرة)، وتمّ تأهيل النظام من جديد بعد أن تم إجباره على مغادرة الأراضي اللبنانية بالشكل المذل الذي شاهدناه جميعا.

إن نظاما بتلك المواصفات لا يمكن للغرب أن يتخلى عنه بسهولة ولا أن يتدخل عسكريا لإسقاطه.

صحيح أن الدول تتعامل بلغة المصالح وليس بلغة العاطفة، وإذا ما تعرضت مصالحها للخطر أو حينما تنتهي صلاحية حاكم ما في خدمتها، فإنها تبحث عن بديل آخر يؤمن لها مصالحها بنفس الطريقة أو بشكل أفضل، أي أن البديل يجب أن تختاره هي من بين مجموعة من العملاء، أو المطواعين، أو الأكثر استجابة لتحقيق مصالحها واستراتيجياتها.

الدول الكبرى لا تغامر بدعم ثورة شعبية لا تعرف من يقودها ولا تعرف عن برامجها ومخططاتها شيئا، لا تعرف من هي قياداتها وكيف تفكر، وما هي مواقفها من إسرائيل ومن قضية تحرير الجولان والأرض الفلسطينية المحتلة والكثير من القضايا السياسية المتعلقة بالغرب عموما وإسرائيل على وجه الخصوص.

وبما أن الوضع الحالي كما هو عليه يشكل أفضل ما يمكن أن تحلم به إسرائيل لكونه يضعف النظام ويضعف قوى الشعب ويوصله إلى حافة الحرب الأهلية أو التقسيم، فلماذا يستعجل الغرب وإسرائيل إسقاط النظام؟ إن من مصلحتهم استمرار الوضع بل وتأزيمه أكثر لإنهاك الجميع وتدمير سورية أرضا وشعبا.

إن الحجة التي تسوقها الدول الغربية بأن المعارضة غير موحدة ليست إلا غطاء لقرار أساسي متخذ بعدم التدخل حتى إيجاد بديل أفضل لنظام بشار يرضي الغرب وإسرائيل.

وما استخدام كل من الصين وروسيا لحق النقد في مجلس الأمن ليس إلا الوجه الآخر من اللعبة السياسية الدولية في تقاسم مناطق النفوذ وإثبات الوجود وليس له أي علاقة بمصلحة الشعب السوري، وقد تكون الدول الغربية مرتاحة ضمنيا لهذا الفيتو الذي أزاح عن كاهلها شيئا من الحرج في عدم اتخاذ أي قرار لحماية المدنيين.

أما ما يكرره المسؤولون الغربيون في كل مرة يتكلمون بها عن ضرورة حماية الأقليات وتمتعها بحقوقها فهو حديث خبيث لبث التفرقة، وكأن هؤلاء المسؤولين نسوا أن سوريا محكومة بنظام لا يخفي جانبه الفئوي واعتماده على أقلية معروفة منذ أكثر من أربعة عقود .

إن مسؤولية النظام في إيصال الأمور إلى هذا الحد من الخطر هي مسؤولية كاملة سيحاسبه التاريخ عليها بدون أدنى شك.

قد يكون من الأفضل للثورة ألا يحدث أي تدخل خارجي عسكري لإسقاط النظام فهذا عنوان طهارتها وصدقها ورسوخها في أوساط الجماهير، ورغم أن ذلك يعرضها للكثير من التضحيات لكنها ومهما طال الطريق، منتصرة بإذن الله وبإرادة وتضحيات شبابها، بدون أن تكون مدينة لأحد بشيء وتبقى حرة من أية قيود خارجية.

===========================

مَنْ الأقوى على الأرض.. ومَنْ سيربح الفضاء ؟!

علي الرشيد

لم يجد بشار الأسد وهو يصوّت لصالح الدستور الذي بشرّ به طويلا ما يصرّح به لوسائل إعلامه الرسمية سوى القول : " نحن أقوى على الأرض .. ونريد أن نربح الأرض والفضاء" في إشارة إلى ما يسميه الهجمة الإعلامية على نظامه .

من الواضح من تصريحاته أن الرجل لا يستوعب ما يدور حوله أو لا يريد أو لا يراد له أن يستوعب ذلك ، وما زال كما كان القذافي من قبله يرى لآخر لحظة من حياته أنه الأقوى، بجانب قوة معارضيه الذين كان يعدّهم مجرد "جرذان" ، ويصر من خلال الجموع المزيفة التي تهتف باسمه وبحياته على إثبات شعبيته، ويريد أن ترى أوروبا وأمريكا والعالم ذلك .

والسؤال الذي يطرح نفسه : ترى أين ظهرت قوة النظام الأسدي المزعومة طيلة حكمه وحكم أبيه وفي وجه من استخدمت ؟ ، وماهي مواطن هذه القوة وما مرتكزاتها ؟ وهل هي قوة حقيقية أم مزيفة ؟!.

على المستوى البعيد كم كان الشعب يتمنى أن يرى قوة النظام فعلا لا قولا في وجه إسرائيل التي تحتل أرضا سورية عزيزة منذ قرابة 45 سنة ألا وهي هضبة الجولان ليعتزّ ويفاخر بها ، وكم كان يتمنى ان تظهر هذه القوة الكامنة وتتفجر وتترجم إلى أفعال مزلزلة عندما كان طيران إسرائيل يخترق الأجواء السورية غير مرة وبخاصة عندما كان يحلّق فوق القصر الرئاسي باللاذقية ، أو عندما نفذت تل أبيب عملية جوية برية ضد منشآت عسكرية سورية قيل أنها بدايات لتصنيع نووي.

على مستوى القريب: أين تكمن قوة نظام بشار الأسد.. هل في في شرعية حكمه وانتخابه من خلال أغلبية شعبه ، ومعروف أنه استلم الحكم عبر عملية توريث هي الأولى في العالم العربي على مستوى الأنظمة الرئاسية، وأجري من أجل سواد عيني استلامه كرسي والده الذي مات تعديل دستوري في ثلاث دقائق ، أم في الثورة الشعبية التي مضى على انطلاقتها قرابة عام وما زالت دون توقف أو خوف ، وتدفع من دم وعرق أبنائها الغالي والنفيس، لتقول لهذا الحكم العائلي الشمولي الفاسد كفى، من خلال مظاهرات حاشدة بلغت الأعداد التراكمية لمن شارك فيها الملايين في درعا وحماة وحمص وادلب ودير الزور وغيرها من المدن ، وبعد أن حطمت أصنامه، وكسرت حاجز الخوف في مواجهته، أم أن قوة هذا النظام تكمن في في مواجهة المدنيين العزل بعنف ودموية فاقت كل تصور واستخدام كل صنوف الأسلحة ضدهم. لقد تحركت دبابات الجيش السوري ومعداته الثقيلة مع الأسف لتملأ المدن والقرى السورية الثائرة على نظام الأسد وتقصفها بنيرانها وتهدم بيوت المدنيين والمساجد وخزانات المياه انتقاما من أهلها وتأديبا لهم، ولكنها لم تتحرك لتحرر هضبة الجولان أو فلسطين المحتلتين، أم هل قوة النظام في تزايد الانشقاقات عن جيشه ، ومن تشكيلهم الجيش الحرّ، وتوجيه النار لكل من يرفض من الجنود قتل المدنيين من أبناء الشعب السوري المنتفض.

لقد ظن النظام من خلال مشورة كبار جنرالاته أن بإمكان آلته العسكرية المفرطة ومجازره الوحشية القضاء على الثورة، وتحدثت أبواقه الإعلامية أن الحسم بات وشيكا، ولكن الثورة رغم قرابة عام ما تزال مستمرة دون كلل أو ملل ، وفشل هذا الخيار ، لأن إرادة الشعوب من إرادة الحق لا تقهر وإن تأخر سقوط الطغاة لبعض الوقت، ولأن الهجوم على المواطنين والقتل المستمر هما من عوامل الضعف وليس القوة.

ثم هل قوة النظام ذاتية، أم أنها وهمية خلبية تعتمد على الخارج، ونقصد هنا إيران وروسيا اللتين تدعمانه بالمال والسلاح والخبراء، وعلى المستوى الدبلوماسي والمعنوي ، ورغم كل هذا الدعم فإنه يترنح ولولاه لسقط منذ أمد طويل، ومعلوم أن هذا الدعم قديم وازداد إبان الثورة السورية، ليس لعيون النظام ولكن لأن كلا البلدين يحرص عن مصالحه في المنطقة ، والتي قد لا تستمر بدونه . سيسقط المخطط الإيراني في المنطقة والممتد من طهران وحتى بيروت حال سقط الأسد ، وستسقط آخر قواعد روسيا لو رحل الأسد ، كما سيسقط النفوذ الإقليمي لهما ، يضاف إلى ذلك رغبة إسرائيل في بقائه، لأنها تخشى من أي بديل إسلامي أو وطني، لن يلتزم بهدوء الجبهة معها، كما قام به هذا النظام في عهد الأب والابن، وقايض به.

ولعل مما يزيد انخداع النظام بقوته ( المزيفة ) فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرارات أممية وعقوبات بحقه ، بسبب الفيتو الروسي والصيني ، وعزوف العرب والمجتمع الدولي عن التدخل العسكري على الطريقة الليبية، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها ، والخشية من الحرب الإقليمية بسبب التدخلات التي تسبب بها النظام نفسه ، ولكن عليه أن يدرك أن المستقبل ليس له، وأنه قد يستطيع أن يطيل في عمره ولكنه لن يستطيع البقاء والاستمرار طويلا ، لأسباب كثيرة لعل من أهمها: سقوط هيبة النظام، بحيث ما استهان النظام بالقتل فقط؛ بل استهان بالضحايا أيضا، وهذا عامل مهم في إسقاط الخوف، وفي الاندفاع للمواجهة، ويضاف إليه إحساس المحتجين بأنّ المستقبل لهم، وعدم إدراك أهل النظام لمعادلات تغير الزمن وملابسات الربيع العربي العابر للدول ، التي ترغب باستعادة حريتها وكرامتها .

وأما قوة الفضاء التي يزعم النظام أنه قد خسرها ، فلعل السبب في ذلك استمراره في سياسة الكذب والدعاية والتعتيم وقلب الحقائق ، فيما انتصر الفضاء الخارجي فضاء الإعلام العربي الحرّ الشريف بسبب انحيازه للحق ونقل الحقيقة للناس كما هي ، والشفافية، وربما بسبب ذلك انكشف لغالبية الجمهور العربي حقيقة هذا النظام الذي كان يدعي الممانعة والمقاومة هو وكل من وقف معه، كذبا وزورا .

من المؤكد أن الشعب لا النظام هو الأبقى والأقوى على الأرض، وهو من سيكسب الفضاء لأنه صاحب الحق .. وصاحب الحق سينتصر مهما طال الزمن .

ALIRASHID3@HOTMAIL.COM

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ