ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الانتخابات الرئاسية
الروسية : عودة الرئيس بوتين
الى الكرملين، والملف السوري
..!!! د.خالد ممدوح ألعزي* انتهت اللجنة المركزية للانتخابات في
روسيا الاتحادية، من التحضيرات
النهائية لإجراء انتخابات
الرئاسة، المحدد إجرائها 4 مارس"
آذار"من العام الحالي،وتم
إيقاف الحملة الدعائية
للمرشحين التي استمرت أكثر من
شهرين واستخدمت فيها كل الوسائل
الإعلامية التي ينص عليه قانون
الانتخاب ،والتي حددت كلفت
الدعاية للمرشح بان لا تتزوج
أكثر من 12الف يورو، حملة شرسة
وقوية بين المرشحين كانت كالحرب
الصاعقة على الرئيس الرئيس
بوتين التي وضعته في موقع اضعف
من الفترات السابقة . يتم الانتخاب
مباشرة من قبل المقترعين الروس
في الداخل والخارج ،حيث يدلي
الناخب بصوته للمرشح مباشرة من
خلال التعرف على برنامجه
الانتخابي، ويشارك في هذه
الانتخابات 5 مرشحين يمثلون
الأطياف السياسية من أقصى
اليسار إلى أقصى اليمين، وهم
:"الرئيس فلاديمير بوتين عن
حزب روسيا الموحدة، غينادي
زوغانوف مرشح الحزب الشيوعي
الدائم ،فلاديمير جرنوفسكي
الحزب الليبرالي الديمقراطي
الروسي ،سرغي ميرونوف عن روسيا
العادلة ،ميخائيل برخروف عن
القوى الليبرالية الروسية "
وحسب القانون الانتخابي الروسي
يتطلب من كل مرشح ان يجمع 2 مليون
توقيع لقطع الطريق على المرشحين
المأجورين،أما مرشحين عن الكتل
الحزبية البرلمانية لا يتوجب
عليهم جمع هذه التوقيع لان
كتلهم البرلمانية التي فازوا من
خلالها تسمح لهم بالترشح عنها .
في ظل هذا القانون لم يتمكن من
المرشحون الآخرين من اجتياز هذه
العقبة سوى المرشح المستقل "ميخائيل
برخروف" الذي تم تسجله لخوض
الانتخابات بعد ا رفض مرشحون
آخرون لم تتكون فيهم الصفات
المناسب ،عندما تقدم في 18 كانون
الثاني ديسمبر الى اللجنة
المركزية للانتخابات والتي تم
اقفل باب الترشح في 28 كانون
الثاني بعد معاينة كل المتقدمين
بطالبات الترشيح لتفتح الباب
أمامهم من اجل يتم التصويت في
كافة المدن والنواحي الروسية
دون استثناء ، وتلافيا للتزوير
والإشاعة أمرت اللجنة المركزية
للانتخابات ،و بقرار من رئيس
الوزراء الحالي بوتين بوضع 300
ألف كاميرا للمراقبة من خلال
ربطها المباشر بالانترنت لكي
يتمكن كل المشاهدين والمراقبين
من مراقبة سير الانتخابات
والتأكد من شفافيتها ، وتبلغ
كلفة الكاميرات، 3مليون يورو.
تعتبر البرامج الانتخابية
المقدمة من قبل المرشحين تتوافق
جميعها على إعادة إحياء دور
روسيا في السياسة الخارجية و
عدم التهادن على مصالحها
الاقتصادية والأمنية،
والسياسية والتجارية
والثقافية، والتي لا تختلف
البرامج الانتخابية، بعضها عن
بعض وكأنها نسخت عن بعضها ، ولكن
في التعاطي مع المسائل الداخلية
تجمع جميع برامج المعارضة على
تحميل حزب السلطة المسؤولية
الكاملة عن الفترة السابقة وعدم
تنفيذ الوعود التي تم قطعها
أمام الناخب الروسي ،واليت أدت
إلى تدني مستوى الحياة
الاجتماعية والاقتصادية
والثقافية للإنسان الروسي ،
وتتركز على ثلاثة مطالب أولوية:-
تعزيز دور روسيا في العالم، -
بناء الدولة الروسية الحديثة، -
محاربة الفساد والرشوة ،
والبيروقراطية التي انتشرت في
أطياف المجتمع الروسي الذي يكاد
أن ينخر جسم الدولة،والأبرز في
طرح المعارضة الانتخابي شعار ،"
روسيا دون بوتين". ولكن
البرامج تجتمع كلها بميزة تعزيز
دور الدولة وحياة المواطنين،
ويلاحظ تحرك نشط من قبل الحزب
الحاكم "روسيا الموحدة" في
التحضير للانتخابات ،والترويج
لبرنامج المرشح الأقوى بوجهة
نظرهم، من خلال طرح برنامجه
قومي يدغدغ شعور المواطن الروسي
الحالم بالعودة إلى ماضي
الإمبراطورية الروسية
القديمة،إفاضة إلى ممارسة
التشدد بالمواقف الخارجية التي
أضحت مزاد انتخابي بين المرشحين
وخاصة الملف السوري،إضافة إلى
إعادة فكرة التسلح من خلال دعم
المصانع الحربية الروسية
وتكليفها بإعادة تجديد صناعتها
العسكرية الجديدة وتحديث
القديم بظل النزاع السائد بين
روسيا والولايات المتحدة حول
نشر الدرع الصاروخية في أوروبا
الشرقية ومعارضة موسكو لهذا
الطرح ، ،حزب روسيا الموحدة سوف
يخوض الانتخابات في ظل مرشحهم
للرئاسة فلاديمير بوتين، ويتم
التركز من قبلهم على المناطق
الداخلية للعمق الروسي حيت
تنتشر القوى العاملة والطبقات
الفقيرة التي لا تزال تؤمن
بعودة الرئيس بوتين كمرشح قوي
ذات جماهير ،وتبتعد عن العاصمة
والمدن الكبرى حيث تنتشر
المعارضة المشكلة من طبقات
المثقفين ورأسمال المال الذي
أضحى يشكل لبوتين خطرا حقيقيا
،من خلال تنمي المعارضة الروسية
الحقيقية وخاصة بعد الانتخابات
البرلمانية الذي شابها التزوير
والخروق ،من قبل حزب السلطة
التي ساعدت هذه الخروق لخروج
المعارضة للشوارع الروسية . فان هذا النشاط المميز ل"روسيا الوحدة"،
يقوم على إحساس الحزب بالاستياء
الجماهيري من الحياة السياسية
الداخلية ،والغضب العام بسبب
تأثير الأزمة الاقتصادية
والاجتماعية على نفوس
المواطنين الروس، الذين وقعوا
تحت أعبائها القاسية ، فالشعب
الروسي يعرف جيدا تأثير الأزمة
الاقتصادية عليه ،فهو الذي عانى
من تدهور الأوضاع المعيشية
والاقتصادية في فترة انهيار
الاتحاد السوفيتي السابق ، وفي
ظل حقبة الرئيس الراحل "
بوريس يلتسن"، الى بروز زوبعة
الأزمة الاقتصادية العالمية في
العام 2008، والتي مازالت أثارها
تسيطر على مفاصل الحياة الروسية.
مما يساعد مرشح هذا الحزب
بالتوجه إلى الناخبين الروس
الذي يخيرهم بالعودة إلى نظام
الحزب الشمولي أو الليبرالي
الغربي الذين عانت منهم روسيا
الأمر فلذلك عليهم الوقوف إلى
جانب الرئيس بوتين رجل روسيا
القوي وقيصرها الأحمر.فهذه
الورقة التي يحملها الرئيس
بوتين إضافة إلى دغدغة المشاعر
القومية الروسية لكون بوتين من
رجال روسيا القومين المؤمنين
بإعادة روسيا إلى الساحة
الإقليمية ولعب دورا في مجتمع
متعدد الأقطاب ،فالريس بوتين لم
يعد يقوم هذا الشعور من خلال
الدعوة الدائمة بتشكيل قوة سوف
تعرف بالاوراسيا المناطق
الأوروبية والأسيوية التي تشكل
لروسيا منطقة نفوذ جيو-سياسي
ولعب إقليمي رفض بوتين الدعاية
والمناظرة التلفزيونية مع
المرشحين معتبرا أن وظيفته لا
تسمح له باستغلالها، لكن كل
الوسائل والإمكانيات هي في خدمة
مرشح حزب السلطة الذي يسيطر على
كل البلد ، حتى استخدمه في
الحملة البروباغندا القذرة
القريبة من الدعاية العربية
،ففي ليل 25 -26 شباط فبراير بث
التلفزيون الروسي في قناته
الأول خبر تم إحباط محاولة
لاغتيال بوتين بعد فوزه
بالانتخابات الرئاسية من قبل
أشخاص أوكران بالاتفاق مع
الزعيم الإسلامي دوكو عمراروف
"الشيشاني "الذي لم يطرح
اسمه سابقا زعيما بل متمردا
شيشاني منذ 12 عام وهو في حالة كر
وفر مع الجيش الفدرالي ،لكن
الخبر كان يهدف الى رفع رصيد
بوتين الشعبي فالدعاية
الانتخابية الذي يمارسها حزب
السلطة الحاكمة في روسيا "روسيا
الموحدة" تقوم على الانجازات
التي تم تحقيقها في الفترة
السابقة وخاصة بظل وصل فلاديمير
بوتين إلى منصب الرئاسة في
العام 1999، وخاصة في مجال بناء
الحياة الاقتصادية المتدهورة
ورفع الأجور، وتامين السكن وصرف
الرواتب ورعاية الطفولة
والأمومة والاهتمام بالشؤون
الاجتماعية والصحية وغيرها مما
افتقدها المواطن الروسي بظل
حركة التغير والاتجاه نحو السوق
الحر. لكن المشكلة الكبرى التي وضعت نفسها إمام
حزب السلطة والتي تعتبر من
المشاكل المستعصية ولم يكن
بمقدوره تجاوزها، هي مشكلة
الفساد الإداري، والرشوة بين
الموظفين والبيروقراطية،إلى
نمو معارضة جديدة بوجه الرئيس
بوتين وحزب السلطة ، ما يجعل
الاقتصاد الروسي مهدداً
بتقلبات سوق الأزمة العالمية
والتأثر بمستقبل الأزمات
الخارجية وفتح ملفات دولية لا
تزال عالقة كنشر الدرع الصاروخي
في أوروبا،ومشكلة أفغانستان
والانسحاب الأمريكي منها في
العام 2014 وتصاعد قوة طالبان
التي تعتبرها روسيا عدوتها
الأولى وخاصة بعد مواقف روسيا
التصادمية مع حركات الربيع
العربي التي برز دور الإسلام
السياسي ،وكذلك تشددها في الملف
السوري وحمايتها لأنظمة فاشلة
،إضافة إلى أم المشاكل التي
تنتظر روسيا في الجمهوريات
الإسلامية و دول الاتحاد
السوفيتي السابق من خلال
الاحتفاظ وإبقاء حكام
دكتاتورين على سد ة الرئاسة
طوال مراحل الاستقلال، رغم
الاستياء الشعبي . يتكون الحزب الحاكم في روسيا من مجموعات
مختلفة التكوين الاجتماعي
والسياسي والفكري ،لكون الحزب
يعتمد على القيادات الإدارية في
جهاز الدولة والجيش وقوى الأمن
وكبار الموظفين في المقاطعات
والأقاليم الروسية المرتبطة
مصالحهم مع العامل الإداري
للدولة، والذين يكونوّن "البرجوازية
البيروقراطية" في جهاز الحكم. بالرغم من كون الإعلام والخبراء الروس
والمحللون و مراكز استطلاعات
الرأي الشعبي في روسيا، تقول
بان نسبة الإقبال على الانتخاب
القادم سوف تتراوح من 52 إلى 55
بالمائة من الذين يحق لهم
الانتخاب، و فان مرشح حزب "روسيا
الموحدة" الرئيس بوتين سيحصل
على ما نسبته من 52 إلى 57 بالمائة
الناخبين الذين سيدلون
بأصواتهم التي لا تتجاوز نسبة
35-45 من مجمل عدد سكان روسيا
والذي يحق لهم الانتخاب والذي
يفوق عددهم أكثر من 100مليون شخص
لهم الحق بالاقتراع ،بالطبع هذا
العدد ركيك للرئيس القادم ،و
الذي كان يحصل سابقا على نسبة 70
من أغلبية الشعب الروسي. "الحزب الشيوعي الروسي" المعارض
لحزب روسيا الموحدة على نسبة
تتراوح ما بين 16 و20 بالمائة من
المقاعد البرلمانية، ويحتل
المرتبة الثانية لعدد النواب
كما هو اليوم فالمرشح زوغانوف
الذي ينتقد بوتين والتوريث في
روسيا لا يزال يتربع على عرش
الحزب منذ العام 1990، وهو المرشح
الدائم للحزب،،والأمين العام
الأمين له دون منافس، ويدخل الشيوعيون الانتخابات الرئاسية ،
وفقا لبرنامج سياسي واقتصادي
اجتماعي دائم ،يهدف إلى تحسين
حياة المواطن الروسي بظل سيطرت
الشجع المالي من قبل الروس
الجدد الذين يسيطرون على حياة
روسيا الحالية وبتواطؤ من
النظام الروسي . قدم الشيوعيون برنامجهم الانتخابي في
مؤتمرهم العام في 24 أب أغسطس 2011
وعليه خاضوا الانتخابات
النيابية واليوم يخوضون
الانتخابات الرئاسية، من خلال
التركيز على 5 نقاط أساسية تواجه
روسيا، وهي: "الفقر الكبير
الذي يسيطر على معظم الشعب
الروسي 95% من الفوارق الطبقية"،
و"التغيرات الديموغرافية
التي تفرض نفسها على روسيا "،
و"انهيار الاقتصاد المبرمج
من قبل رجال المال الروس
للسيطرة على مواد الخام
الطبيعية"، و"فقدان
القدرات الدفاعية وخسارة
الحلفاء"، و"الانهيارات
الأخلاقية والروحية للقيم
الروسية ". يعتبر الشيوعيون بان روسيا حلقة ضعيفة في
السياسة الخارجية وضرورة توسيع
حلقة حلفائها في العالم ،
وتعزيز دور منظمة الأمم
المتحدة، والحد من تأثير حلف
شمال الأطلسي "الناتو" في
مناطق نفوذها. ويرى الشيوعيون
الذين لا يختلفون عن طموح
الرئيس بوتين اتحاد للشعوب
المتاخمة لروسيا ،وتطوير الجيش
الروسي والصناعات الروسية
العسكرية والكبيرة، والشيوعيون
من خلال فكرتهم الاقتصادية
الثابتة يروى بضرورة تأميم
الشركات والمرافق الحيوية
الروسية الرسمية إضافة إلى قطاع
الخدمات العامة والصناعات
الكبيرة والحربية . ويتطلع الحزب الشيوعي الروسي إلى إطلاق
عملية التصنيع المتجدد لروسيا
الاتحادية، وإحياء الريف
وتحديد الأسعار، وتخليص
المواطنين الروس من معدلات
الفائدة المرتفعة على القروض
السكنية، وإعفاء المواطنين
الفقراء من الضرائب، وتأمين
التفاعل بين العلوم والإنتاج،
وكذلك العودة إلى التجربة
السوفيتية في تطوير مختلف أصناف
المواصلات. الحزب الشيوعي لا يزال يرتكز على قاعدة
انتخابية تشمل بقايا أعضاء
الحزب الشيوعي السوفيتي، الذين
يصل تعدادهم إلى 2 مليون شخص،
وعلى فئات امن المجتمع الروسي
تعيش تحت خط الفقر تحلم بالعودة
إلى الماضي في المدن الروسية
البعيدة والريف الروسي،
المتضررة من اقتصاد السوق
وهيمنة الرأسمال الطفيلي. إما حزب "روسيا العادلة" ، الذي يحتل
المركز الثالت في البرلمان ،لكن
مهمة حزب "روسيا العادلة"
تكمن في جذب الأصوات الروسية
اليسارية، والاشتراكية
والقومية وكان الفضل في تأسيس
هذا الحزب للرئيس فلاديمير
بوتين من خلال مساعدة ابن
مدينته بلعب هذا المنصب ،لقي
يحاول في أنتاج قوى حزبية يمنية
ويسارية تمارس اللاعبة
الانتخابية وكي لا تذهب هذه
الأصوات بعيدا عن أصوات
الكرملين . وبرنامج "روسيا
العادلة"للرئاسة هو برامج
إصلاحي يصب في مصلحة الفقراء
والمتقاعدين، وإلى بناء "الاشتراكية
دون الستالينية". وبالرغم من
حزب السلطة الروسية بات أمام
مواجه فعلية من خلال خروج
معارضة جدية في الشارع الروسي
تهدد ه،وتعيق حركته السياسية
والاجتماعية والمالية . إضافة إلى الحزب الديمقراطي الليبرالي
المركز الرابع في الانتخابات
النيابية، كونه يميل في دعاياته
السياسية إلى أخذ دور المدافع
عن القومية الروسية وعن مقومات
الثقافة الروسية، مبدياً
تطرفاً قومياً خفيفاً ضمن
مناوراته السياسية، كونه يفتقد
إلى قاعدة إيديولوجية معينة،
وبالتالي حزب " فلاديمير
جيرينوفسكي "كما بات يعرف في
روسيا والعالم ، لا يختلف كثيرا
في طرحه العام لحزب السلطة
والذي يشكل إحدى دعائم الكرملين
في تنفيذ سياسته . تتكون القاعدة الشعبية لهذا الحزب من
ممثلي المال السياسي، ورجال
الأعمال المتوسطين والكبار،
ومن عناصر البروليتاريا الرثة
والعناصر القومية والفوضوية في
الأقاليم والريف الروسي. لكن هذه المعارضات التي تقدم نفسها لا
تزال تتعايش مع حزب السلطة ولا
تشكل عليه خطر كما هي المعارضات
العربية ،وبالتالي شعار إسقاط
النظام تدخل هذه المعارضات في
ضمنه. فكل الدلائل والإشارات تشير إلى فوز
الرئيس بوتين ،مرشح حزب السلطة
حزب روسيا الموحدة ،والانتصار
على كافة المرشحين فاذ كان
الفوز من الجولة الأولى سوف
تكون نسبة الأصوات منخفضة ،أما
في الجولة الثانية ستكون
الأصوات أعلى لصالح بوتين،لان
الشعب بالرغم من اعتراضه على
حزب روسيا الموحدة لكنه لا يريد
تكرار تجربة يلتسين المرة ، ولا
تجربة الشيوعيين ،لذلك يبقى
البابا مفتوحا أمام عودة بوتين
المريحة للسلطة طالما لا تزال
المعارضة الروسية غائبة عن
المسرح السياسي. لكن على ما يبدو بان الشتاء القارص في
روسيا سوف يؤسس لربيعا صاخبا
بعد آذار الحالي،وفورا انتهاء
الانتخابات الرئيسية ،وفوز
الرئيس بوتين ،خاصة بان المعركة
كانت محتدمة بين قوى وضعت نفسها
في المعارضة و تعتبر نفسها
مؤيدة لمعارضة الشارع ،فهذه
الحالة الاعتراضية السياسية
الجديدة في المشهد الروسي من
خلال الاحتجاجات والاعتراض
والتي سوف تستمر وتزداد بظل
عودة بوتين إلى الكرملين ،و ضد
حزب السلطة المتهم بتزوير إرادة
الشعب في الانتخابات
البرلمانية في تشرين الثاني
الماضي .فالحالة الروسية ليست
زوبعة في فنجان وإنما حالة
متنامية تدرجيا ،والتي انتقلت
هذه فيها من الشبكات ألعنكبوتيه
والمنابر والجرائد إلى الساحات
والميادين ،فالملف السوري،
والتعامل معه من قبل إدارة
بوتين، سوف يكون ملفا ساخنا،
وخلافا داخليا مهددا بحالة
خلافية قادمة، إذا لم تتدارك
روسيا موقفها وتلين خطواتها مع
المجتمع الدولي ، بعد الانتهاء
من هذا الملف المستخدم في
الحملة الانتخابية،فالإدارة
الروسية الجديدة معنية بمراجعة
كل مواقفها السابقة في التعاطي
مع العالم العربي وثورات الربيع
العربي بطريقة جديدة ومختلفة،
إذا كانت موسكو ورجال الكرملين
يحاولون الحفاظ على مصالح روسيا
الحيوية في الشرق الأوسط وعدم
تسليمها طوعيا للغرب. . . طبعا سوف نرى صناديق الاقتراع في 4 آذار
"مارس " والتي ستكون الفيصل
في النتائج، ومزاج الناخب
الروسي هو الأساس ،في معرفة لمن
سيعطي صوته ،ولمن يفوض في إدارة
بلاده لمدة 5 سنوات قادمة. *كاتب إعلامي،مختص بالشؤون
الروسية ودول الكومنولث . ======================== شعب سوريا الأبي لم يعد
بإمكانه التراجع إلى الوراء بقلم رضا سالم الصامت* انه الإرهاب الذي يسلكه نظام بشار و
أتباعه و ارعاب السوريين الذين
تعرضوا إلى البطش و التعذيب و
التنكيل و التقتيل لا يزيد شعب
سوريا الثائر إلا إصرارا .
فالشعب السوري يدفع منذ أشهر،
فاتورة باهظة الثمن رغم تدخل
المجتمع الدولي ، الذي لم يستطع
لحد الآن فعل أي شيء لإنقاذ ما
يمكن إنقاذه . الشعب السوري مل و
نفذ صبره من حاكم ظالم ، متشبث
بكرسييه غير عابئ لما يحدث في
أبناء و بنات سوريا . ثورة سوريا
ثورة منذ بدايتها انطلقت من
درعا سلمية و هي وليدة ثورات
الربيع العربي و هي ليست اقل من
الشعوب التي حققت النصر و
الديمقراطية . فالثورات العربية مثل ثورة تونس و مصر و
ليبيا و اليمن ، غيرت أنظمتها
الاستبدادية و القمعية و انتهجت
طريق الحرية و الديمقراطية وما
لا يعرفه الأسد و شبيحته و نظامه
القمعي أن شعب سوريا لم يعد
بإمكانه التراجع إلى الوراء ، و
انه مصمم قبل أي وقت مضى على
إسقاط هذا النظام المتعجرف . إن الإعلام لن
يتغافل عن توثيق جرائم النظام
الحاكم في سوريا في حق أبناء و
أطفال و شباب الشعب السوري و لن
يستطيع أي كان غض النظر عن مدى
بشاعة هذه الجرائم . و ليعلم بشار
الذي شارك في عملية التصويت و هو
يبتسم من خلال استفتاء وصف من
طرف المراقبين الدوليين
بالمهزلة ، كان يوجه رسالة تعني
انه بخير و واقف على رجليه و
واثق من نفسه بإخماد الثورة ، و
كله ثقة في النفس بان يسيطر على
الوضع نهائيا و يكسب المعركة إن
جاز التعبير . لكن يعتقد
العديد من هؤلاء المراقبين أن
هذا الطاغية واهم تماما . و حتى
المعارضة السورية عاقدة العزم
على مواصلة المشوار حتى النصر ،
و هي تكتسب المزيد من الأنصار،
بفضل إصرارها على المواصلة و
إرادتها القوية في مواجهة
العنجهية والصلف الذي ينتهجه
النظام و أتباعه ، و تمسكها بعدم
تقديم أي تنازل تحت الضغط، رغم
الفيتو الروسي الصيني المزدوج
الذي أحبط قرار في مجلس الأمن
حول سوريا.... بطبيعة الحال
فإن هذا الطاغية يحاول و أتباعه
رفع درجة القمع إلى أن لا يكون
باستطاعة المناهضين للنظام
تحملها ، فاضطر إلى هجوم مسلح من
البر و الجو في شكل مأساوي و
إبادة جماعية تكاد تكون ، بل هي
إبادة جماعية بما تحمله الكلمة
من معنى ، في بعض المناطق و
للأسف في ظل صمت دولي رهيب
وتنديد وشجب يترافق مع بعض
العقوبات التي لا يأبه لها
النظام ، و هو ما يفسر أن ضوء
أخضر لفعل ما يريد في الداخل
السوري دون أية عواقب أو تبعات ,
وهذا ما يحصل على مدى أشهر في
حمص وبعض مدن ريف دمشق و إدلب و
غيرها من الأماكن و المناطق في
سوريا . و لكن رغم كل هذه الضحايا
من شهداء و جرحى و مفقودين و
معتقلين فان شعب سوريا الأبي ،
لم يعد بإمكانه التراجع إلى
الوراء. * مستشار إخباري وكاتب صحفي ========================= المؤامرة الكونية
والانفجار السوري العظيم بدرالدين حسن قربي إذا عرفنا أن أكبر فراعنة التاريخ مع كل
حساباته واحتياطاته وفتكه
وقتله، كانت نهايتُه على يد طفل
ألقته أمه في اليمّ أملاً أن
تُكتب له الحياة، فالتقطه آل
فرعون من حيث لم يحتسبوا ليكون
لهم عدواً وحَزَناً، فإن أكبر
الأنظمة الفاشية في العصر
الحديث كتبت نهايته على يد باقة
من ورود أطفال درعا عندما قام
ضابط أمن اسمه عاطف نجيب، كل
إمكاناته أنه عُتلّ شاذ،ّ ومريض
زنيم، ولص مجرم، بإشعال قشة في
أكوامٍ يابسة من قمع السوريين
وقهرهم وإذلالهم لعشرات
السنين، فجرت ثورة في سوريا
كلها، يوم لم يثنه عن التوحش في
تعذيب الأطفال قطرةٌ من رحمة أو
لَحْسة من إنسانية، فصب عليهم
سوط عذابٍ، أوقعه في شر أعماله
من حيث لم يحتسب، وكان قدراً
مقدوراً، أن لكل ظالم يوم، ولكل
طاغية نهاية. ولئن أخْرَج فرعونَ من التاريخ طفلٌ اسمه
موسى، فإن فراعين النظام السوري
كانوا محتاجين تسعة عشر طفلاً
تتراوح أعمارهم بين العاشرة
والثانية عشر من مدرسة الأربعين
الابتدائية في درعا، ليخرجوهم
من التاريخ والجغرافيا،
اعتقلتهم أجهزة الأمن قبل عام
في 27 شباط/فبراير 2011، كانوا قد
كتبوا على جدران مدرستهم وداخل
فصولهم شعاراً ملأ أسماع الناس
وأخذ بعقولهم، ويرونه على شاشات
الفضائيات يُرَدّد في ثورات
تونس ومصر وليبيا واليمن، الشعب
يريد النظام. اعتقال هؤلاء الأطفال ونقلهم إلى دمشق،
دفع بأولياء أمور الأطفال إلى
مقابلة رئيس قسم الأمن السياسي
في محافظة درعا ابن خالة بشار
الأسد لحل مشكلةٍ موضوعُها
أطفال ليس أكثر من ذلك. ولكن
إصراره على عدم الحل بل غطرسته
وبذاءته وقباحته وتألهه في
معاملتهم، وطلبه نسيان أولادهم
وإنجاب غيرهم، ولئن كانوا
عاجزين عن ذلك فهو وجماعته
جاهزون نيابة عنهم. وهو جواب وضع
الأهل في طريق مسدودة، وجدوا
المخرج منه في تظاهرتهم الأولى
يوم 15 آذار/مارس والتي وافقت
دعوات للتظاهر في نفس اليوم في
أماكن أخرى خصوصاً دمشق. ثم كانت
مظاهرتهم التالية في 18 آذار/
جمعة الكرامة، والتي واجهت
قمعاً دامياً من قبل قوات الأمن
والحرس الجمهوري الذين تم نقلهم
بطائرات الهليوكبتر من دمشق،
وأوقعت عدداً من القتلى في
المتظاهرين، مما أجّج لهيب
الاحتجاجات والتظاهرات، وجعل
منها مركز الزلال أو الانفجار
السوري العظيم الذي امتد ليشمل
عدداً من المدن والبلدات، والتي
كانت بدأت تظاهراتها للتو فكان
تسونامي مظاهرات غير متوقّع عمّ
أنحاء سوريا. مواجهة السلطة القمعية لمظاهرات درعا
السلمية في جمعة الكرامة
ومابعدها بالقتل وسفك الدماء
بات وقود الانتفاضة السورية
اليومي، ففي كل يوم ضحايا
وشهداء، وفي اليوم التالي تشييع
الجثامين ثم القتل من جديد مع
إصرار النظام على القمع وسفك
الدم البريء، ومع تطور القتل
والتظاهرات في درعا تحديداً ومن
مسجدها العمري الكبير مركز
الثورة غدت محط أنظار الأخبار
العالمية عن الثورة السورية
وإشعال التظاهرات في عموم سوريا
تأييداً وتضامناً معها. وإنما في كل ماحصل كان الضخ الإعلامي
السوري أنها مؤامرة خارجية كبرى
على النظام، ومن ثم اعتمد ذلك
مبرراً للتوحش في القمع والقتل
والاعتقال والتعذيب والتشريد
حفاظاً على مقاومته وممانعته.
ولكن لئن كنا نعتقد يقيناً أن
المؤامرات على بلادنا لم ولن
تتوقف، وهي ليست جديدة بل ممتدة
في الزمان والمكان من قبل ومن
بعد، فإنه من العسير أن نوافقه
دجله وإفكه لنتصور أن أصحاب
المؤامرة والمتآمرين هم من أقنع
ابن خالة بشار بفعل مافعل من
فواحش التعذيب وقلع أظافر
الأطفال واعتقالهم الذي كان كان
يمكن أن يطول، لولا الثورة
العارمة التي أدت لإطلاق سراحهم
على دفعات إلا واحداً مازال
متعتقلاً، وإنما بعد فوات
الأوان وانفجار البركان. إن نظاماً قامعاً متوحشاً يرتكب أفظع
الجرائم بمواطنه المقهور،
وعامله البئيس، وموظفه التعيس،
ومثقفه المضطهد وشعبه الجائع
والممتهن، ثم يثور بركان
جماهيره على السادة والكبراء
بعد طول صبرٍ ومعاناة لعشرات
السنين، لسنا بحاجة لنجوب شرق
الأرض وغربها لاستدعاء مؤامرة
لتفسير هذا الكم من الغضب
الساطع لشعب مسحوق يدعو ربه أن
ينام ثم يستيقظ فلا يرى من نظامه
فرداً، ويتمنى لهم صاعقة تأخذهم
أخذة واحدةً ولا تبقي منهم
أحداً. لاشك أن اعتقال أطفال وتعذيبهم سيبقى
فاصلةً تاريخية مهمة في معركة
السوريين من أجل حريتهم
وكرامتهم، أبطالها ورود درعا
ورياحينها في مواجهة أعتى أنظمة
القمع في العالم، وستمضي عشرات
السنين يتحدث عنها السورييون
قبل أن تستريح في كتب التاريخ. http://www.youtube.com/watch?v=AI1y9HkWGEk&feature=related http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=TPZZ29aDt4Y http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=saYVJ46ZnMo http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=NuCvBe6zoY0 http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=8DctdcOfCOs http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=gudqUvE-Tzo http://www.youtube.com/watch?v=QLdC3sMs3hY&feature=player_detailpage http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=BJUbzKOjbNo http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=PfDt6Ls1MS4 http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=BwNBHpiqTr0 http://www.youtube.com/watch?v=dZbOr1dKvxI&feature=player_detailpage ======================= مجاهد مأمون ديرانية إن كنتَ أرقتَ ليلةَ بدأ النظام المجرم
بقصف بابا عمرو حتى طلع ضوء
الصباح ولا يجد النومُ إلى
عينيك سبيلاً، ثم قمتَ بعد نوم
قلق وفتحت جهازك متلهفاً لسماع
ما يُطَمئن من أخبار، وكذلك مضت
الأيام والليالي التالية، ستة
وعشرون يوماً وستّ وعشرون ليلة
حافلة بالقلق والأرق وبالترقّب
والدعاء… إذا كان هذا شأنك فأنت
الساعةَ محزونٌ مكروب، ولعلك
تقرأ أخبار انسحاب أبطال الجيش
الحر من بابا عمرو بقلب منقبض
وعينين زائغتين بلّلهما الدمع،
ولعل هاتفاً من هواتف اليأس
يهتف في قلبك يقول: لا أمل، لقد
هُزمنا! إن كنتَ تؤمن بالله وبوعد الله فاقرأ هذه
المقالة، واقرأها إن كنت تثق
بحركة التاريخ وبسنّة الله في
التاريخ، واقرأها إن كنت تثق
بقوة الإنسان وعزيمة الإنسان. يا أيها المحزون المكروب: ثق بالقوة التي
منحها الله للإنسان يوم خلق
الله الإنسان، ولولاها لما بقي
إنسان إلا وحَطَمته الهمومُ
والأحزان. إنك الساعةَ في غم
وهَمّ عظيمين، ولكن الأيام
تتقلّب وتدور، وإنك لتتذكر الآن
-لو شئت- يوماً أمضيتَه في مرض
شديد حتى ظننت أنك لا تبرأ،
فتضحك في سرّك من نفسك وأنت
تتذكر مبلغ ألمك وتشاؤمك في ذلك
اليوم، أما الألم نفسه فلا تكاد
تتخيله بعدما ضاع في ثنايا
الزمان. وإنك لتتذكر الآن -لو
شئت- ضائقة وقعتَ بها حتى ظننت
أنها لا مخرج منها ولا فرج،
فتضحك من نفسك وأنت تتذكر مبلغ
ضيقك ويأسك في تلك الحالة، ولا
تكاد تتخيل الضيق نفسه بعدما
محت أثرَه الأيام. ولسوف تتذكر
هذا اليومَ -بعد أجل- وتنظر
حواليك فتقول: أين ما أصابني من
هم وغم؟ وأين نمرود سوريا الذي
طغى وبغى وأظهر في الأرض
الفساد؟ لقد ظن أنه يبقى أبدَ
الدهر وكذلك ظن عبيده، فزال
النمرود وزال العبيد. يا أيها المحزون المكروب: اقرأ التاريخ
وخذ منه العبر. أما إنه ما كان
ظفَر إلا من بعد هزيمة ولا كان
انتصار بلا آلام، وكم من جيش
أثخنته الجِراح وتخطى الهزائم
وصولاً إلى النصر الكبير! النبي
صلى الله عليه وسلم ومَن معه مِن
المسلمين أصابهم في أُحُد ما
أصابهم، فما لبثوا غيرَ قليل
حتى انقلبت هزيمتهم نصراً يوم
الأحزاب، ثم تكلل جهادهم بالفتح
الأكبر ودخلوا مكة ظاهرين. وحين
توجه المسلمون تلقاء فارس بعد
ذلك هُزموا في “الجسر” هزيمة
موجعة ثم انتصروا في القادسية
نصراً باهراً، ولو أردت أن
أستقصي كل هزيمة أعقبها نصرٌ
لاحتجت إلى مجلدات، فخذوا
العبرة ودعوا التفاصيل: ما
أكثرَ ما وُلد النصر من رحم
الهزيمة، وما أكثرَ ما خسر
المتحاربون معارك ثم ربحوا
الحروب. يا أيها المحزون المكروب: ألست تؤمن بالله
وبوعد بالله؟ لقد وعد الله
عباده المؤمنين بالنصر ولكنه لم
يعدهم بالعافية من البلاء، لا
بل أنذرهم به وهيّأهم لتحمله،
فقال وهو أصدق القائلين: {أم
حسبتم أن تدخلوا الجنةَ ولمّا
يأتِكم مَثَلُ الذين خَلَوا من
قبلكم، مَسّتْهُم البأساء
والضرّاء وزُلزلوا، حتى يقول
الرسول والذين آمنوا معه: متى
نصر الله؟}. لقد بلغ من شدة
البأساء والضرّاء أن الله -تبارك
وتعالى- يشبّهها بالزلزال، وبلغ
من شدة البأساء والضرّاء أن
المؤمنين اقتربوا من اليأس!
المؤمنون فقط؟ لا، بل والرسول
أيضاً، فتخيلوا كم يبلغ إيمان
الرسول، وتخيلوا حجم البلاء
الذي يمكن أن يوصل الرسول إلى
اليأس أو قريباً من اليأس! ولكن ماذا بعد ذلك؟ الرسول والمؤمنون
يسألون يائسين أو شبه يائسين:
متى نصر الله؟ ما الجواب؟
اسمعوا الجواب يا أيها
المحزونون: {ألا إنّ نصر الله
قريب}. قريب، ورب العزة والجلال
إنه قريب. اللهمّ إن الناس يكادون يسقطون في هاوية
اليأس، فارفعهم اللهم برافعة
الإيمان والأمل. اللهم اقذف في
قلوبهم الطمأنينة وبرّد قلوبهم
باليقين. اللهم إنك وصفت محنة
أنبيائك فقلت عنهم: {حتى إذا
استيأس الرّسلُ وظنّوا أنهم قد
كُذِبوا جاءهم نصرنا}؛ وهؤلاء
عبادك في أرض الشام قد استيأسوا
إلا من رحمتك، وإنهم علموا أنهم
كُذبوا، كَذَبهم العالَم من
حولهم، وكَذَب ظنُّهم في الخلق
أجمعين، ولم يبقَ لهم ظن وأمل
إلا بك يا أيها الرحمن الرحيم،
ففرّج اللهم كربَهم، واكشف
اللهم همّهم، وأنزل عليهم النصر
القريب، اللهم أنزل عليهم نصرك
القريب، اللهمّ أنزل عليهم نصرك
القريب يا سميع الدعاء. ========================= درة عمر وسيف الحجاج
وهيبة الدولة أ.د/عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين والدعوة
بالمنصورة وعضو مكتب الإرشاد
بجماعة الإخوان المسلمين وعضو
الإتحاد العالمي لعلماء
المسلمين من الأمور التي اشتهر بها الفاروق عمر بن
الخطاب رضي الله عنه أنه أول من
حمل الدِّرَّة -بِكَسْرِ
الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ- وهي
عبارة عن سوط صغير، كان
يستخدمها في تأديب المخطئين
والمنحرفين من رعيته، ومن
الطرائف التي ذكرها العلامة
الدَّمِيرِيِّ عن بعض شيوخه:
أَنَّ تلك الدِّرَّة كَانَتْ
مِنْ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ مَا
ضُرِبَ بِهَا أَحَدٌ عَلَى
ذَنْبٍ وَعَادَ إلَيْهِ! وكأنما
أراد أولئك الشيوخ أن يقولوا: إن
ما كانت تلك الدِّرَّة تحدثه من
آثار عملية إيجابية في ردع
المخطئين وتقويم المعوجين كان
بسبب البركة النبوية، ومع
التقدير لمثل هذا فإنني أرى أن
البركة لم تكن لهذا السبب إن صح
–ولا أراه يصح- وإنما كانت
البركة فعلا فيما استمسك به عمر
رضي الله عنه من إقامة الحق وبسط
العدل ومنع الجور والميل، ومن
الحرص على الاستهداء بتعاليم
القرآن العظيم ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
كُونُوا قَوَّامِينَ
بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ
وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ
أَوِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ
غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا
فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا
فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى
أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ
تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾
والتطبيق العملي لهذه العدالة
دون أدنى تأثر بالمشاعر الشخصية
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ
لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا
تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ﴾، يعني: إذا
قمتم بالشهادة لإنسان أو عليه،
فقولوا فيها بالعدل، ولو كانت
شهادتكم على أنفسكم وآبائكم
وأمهاتكم وأقربائكم، ولا
يحملنكم غِنَى من شهدتم له أو
فقره أو قرابته ورَحِمُه منكم
أو بغض من تشهدون له أو عليه؛
على الشهادة له أو عليه بالزور،
ولا على ترك الشهادة له أو عليه
بالحق، وعلى هذا استقامت سيرة
عمر الذي فاق الناس بإقامة
العدل والصرامة في أمر الله من
غير أن يخاف في الله لومة لائم،
واستحق لقب الفاروق الذي فرق
الله به بين الحق والباطل، وجعل
الله الحق على لسانه وقلبه،
وقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم كما في صحيح
البخاري: «وَالَّذِى نَفْسِى
بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ
الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا
فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا
غَيْرَ فَجِّكَ»، ولهذا لم يكن
يصيب بدِرَّتِه مظلوما، فحققت
على صغرها وضعفها من الأمن
والهيبة ما لم تصنعه السيوف
القاطعة ولا الأسواط اللاهبة،
فكان لها عند الجناة والمخطئين
من الهيبة ما لا فوقه، حتى قال
إمام التابعين
عامرالشَّعْبِيُّ: «كَانَتْ
دِرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ
سَيْفِ الْحَجَّاجِ»، ذلك أن
عمرلم تغيره الولاية والرئاسة،
ولم تُبْطِرْه النعمةُ، ولا
استطال على الشعب بلسانه، ولا
قصر في التلطف بالأرامل
والمساكين، وإعانة الفقراء
والمحتاجين، ولا حابي أحداً في
الحق لمنزلته، فلم يطمع الشريف
في حَيْفِه، ولم ييأس الضعيف من
عدله، وسوَّى نفسه وآل بيته
ببقية المسلمين، وكان رضي الله
عنه للأمة بمنزلة الوالد
المعلم، يعطف ويشفق، ويؤدِّب
ويشدِّد، وقد عرفوا له ذلك،
فكانت هيبتُهم لدِرَّتِه فرعاً
عن هيبتهم له وتقديرهم لعدله،
حتى إن ابن عباس يقول عنه: «إنه
كان مهيباً، فهِبْتُه». وحين رأى انحرافا في الفهم لدى البعض كانت
دِرَّتُه حاضرة للتقويم
والتصحيح، فقد رأى قوما قابعين
في ركن المسجد بعد صلاة الجمعة،
فسألهم: من أنتم؟ قالوا: نحن
المتوكلون على الله، فعلاهم
بِدِرَّتِهِ ونهرهم وقال: «لا
يَقْعُدْ أحدُكمِ عن طَلب
الرِّزق ويقول: اللهم ارزُقْني،
وقد عَلِم أن السَّماءَ لا
تُمْطِرُ ذَهَباً ولا فِضة؛
وإنّ الله تعالى إنما يَرْزق
الناسَ بعضهم من بعض، وتلا قولَ
الله جلّ وعلا: ﴿فإذا قُضيت
الصَلاةُ فانتشروا في الأرْض
وابْتَغُوا مِنْ فَضْل الله
واذْكُرُوا الله كثيراً
لَعَلَّكُم تُفلحُون﴾. وحين رأى رجلاً متماوتاً في إظهار النسك
والتخشع الزائف علاه
بالدِّرَّة وقال: «لا تُمِتْ
علينا ديننا!»، فليس في الإسلام
تماوت ولا ضعف، بل قوة وعزة،
وليس فيه طأطأة ولا مسكنة، بل
فيه إخبات وتواضع مع قوة إيمان
وعزة. وَحين رأى نائحة تمتهن النياحة بالأجرة
أرسل درته تأديبا ووعظا، فقد
حَكَى الْأَوْزَاعِيُّ: أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعَ
صَوْتَ بُكَاءٍ، فَدَخَلَ
وَمَعَهُ غَيْرُهُ، فَمَالَ
عَلَيْهِمْ ضَرْبًا حَتَّى
بَلَغَ النَّائِحَةَ،
فَضَرَبَهَا حَتَّى سَقَطَ
خِمَارُهَا، فَقَالَ: اضْرِبْ
فَإِنَّهَا نَائِحَةٌ وَلَا
حُرْمَةَ لَهَا، إنَّهَا لَا
تَبْكِي لِشَجْوِكُمْ، إنَّهَا
تُهْرِيقُ دُمُوعَهَا عَلَى
أَخْذِ دَرَاهِمِكُمْ،
وَإِنَّهَا تُؤْذِي
مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ
وَأَحْيَاءَكُمْ فِي
دُورِهِمْ، إنَّهَا تَنْهَى
عَنْ الصَّبْرِ وَقَدْ أَمَرَ
اللَّهُ بِهِ، وَتَأْمُرُ
بِالْجَزَعِ وَقَدْ نَهَى
اللَّهُ عَنْهُ. ولما جيء بالهُرْمُزان، ملك خوزستان إلى
عمر رضي الله عنه، وافق ذلك
غيبتَه من منزله؛ فما زال
الهُرْمُزان يقتفي أثر عمر رضي
الله عنه حتى عثر عليه في بعض
المساجد نائماً، متوسداً
دِرَّتَه. فلما رآه الهرمزان
قال: هذا والله المُلْك
الهَنِيء؛ عدلتَ فأمنتَ
فنِمْتَ!، والله إني خدمت
أربعةً من ملوكنا الأكاسرة
أصحاب التيجان. فما هِبْتُ
أحداً منهم هَيْبَتي لصاحب هذه
الدِّرَّة. يُغْضِي حياءً ويُغْضَى من مهابَتِه= فلا
يكلَّمُ إلا حين يبتسم! ولا تقل عن شهرة دِرَّة عمر التي حققت
العدل شهرةُ سيف الحجاج بن يوسف
الذي وضع السيف في موضع السوط،
وسجل هذه القسوة في خطابه الأول
لأهل العراق حين قال لهم: لقد
سقط مني البارحة سوطي الذي
أؤدبكم بِهِ، فَاتَّخَذْتُ
هَذَا مَكَانَهُ -وَأَشَارَ
إِلَى سَيْفِهِ-، ثم قال: والله
لآخذن صغيركم بكبيركم، وحركم
بعبدكم، ثم لأرصعنكم رصع الحداد
الحديدة، والخباز العجينة. فملأ السجون بعشرات الألوف وسفك دماء
الآلاف من الفقهاء والعلماء
والأشراف والعامة، واعتبر ذلك
هو وسيلة تثبيت هيبة الدولة
وعلامة قوتها. والحقيقة أنه كما كان عمر بعدله
ودِرَّتِه سببا في رفعة الأمة
واتساع فتوحاتها واستقرار
أحوالها وضمان أمنها وإفشاء
السلم الاجتماعي في أرجائها
وتداعي الممالك الأخرى أمام
هيبتها؛ فإن الحجاج بسيفه
وجبروته وقسوته أوغر صدور
الناس، وشجعهم على التمرد، ومهد
لسقوط الدولة وانتقاص البركة،
فقد تولى العراق وخراجها مائة
مليون درهم، فلم يزل بعَنَتِه
وسوء سياسته حتى صار خراجها
خمسة وعشرين مليون درهم، وكان
موته قرة عين أبناء الأمة،
ونظرت امرأته التي طلقها إلى
جسده وهو مسجى فقالت: ألا يا أيها الجسدُ المسجَّى=لقد قرَّت
بمصرعك العيونُ وكنت قرينَ شيطان رجيم=فلما مُتَّ سلمك
القرينُ إن حاجتنا إلى عدل عمر وحزمه وصرامته في
الحق لا تقل عن حاجتنا إلى بِرِّ
عمر ولطفه واحترامه لكرامة
الإنسان وصيانته للحقوق، تكون
شرطته من نفس نوعيته التي تحترم
الحقوق والحريات وتعد نفسها
خادمة للشعب، لا من نوعية
الحجاج التي ترى وجوب إخضاع
الناس بالقهر والبطش واستحلال
الظلم والطغيان. فهل تلتفت وزارة الداخلية المصرية
واللجنة التي تعيد هيكلتها إلى
هذا الفرز الأخلاقي، وتصحح
العقيدة الشرطية لرجال الأمن؛
ليدركوا أن الشرطة في خدمة
الشعب لا في خدمة النظام ولا في
قهر الشعب! وأن هيبة رجل الشرطة
تتحقق بأداء رسالته بأمانة
ومسئولية وإنصاف؛ لا بإعطائه
تمييزا وسلطانا عبر فرض الطوارئ
أو تجاوز القانون العام! ذلك ما
يبغيه كل حريص على هذا الوطن
العزيز. تسمو العيونُ إلى إمامٍ عادل= معطَى
المهابةِ نافعٍ ضرَّار وترى عليه إذا العيونُ رمَقْنَه=سِيما
التُّقَى ومهابةَ الجبَّار ========================= الدكتور عثمان قدري مكانسي قرأ الجمهور " اهدنا الصراط المستقيم"
بالصاد وقرئ السراطَ وقرئ
بالزاي قال الفراءُ وهي لغة بني
عذرة وبني كلب . وكان الثناءُ
على المسئول تبارك وتعالى تقدّم
في سورة الفاتحة ،وهذا الثناء
المتقدم يسبق السؤالَ ، فقد ذكر
المولى تعالى" فنصفها لي
ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل "
. ومِن أكمَلِ أحوال السائل أن يمدح
مسئولَه ثم يسألَ حاجته وحاجة
إخوانه المؤمنين بقوله : "
اهدنا الصراط المستقيم " لأنه
أنجح للحاجة وأنجع للإجابة وقد
أرشد الله إليه لأنه الأكمل . 1- وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل
واحتياجه كما قال موسى عليه
السلام " رب إني لما أنزلت إلي
من خير فقير " 2- وقد يتقدمه مع ذلك وصف المسئول كقول ذي
النون " لا إله إلا أنت سبحانك
إني كنت من الظالمين " 3- وقد يكون بمجرد الثناء على المسئول كقول
الشاعر : أأذكر حاجتي أم قد كفاني=حياؤك إن شيمتك
الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما=كفاه من تعرضه
الثناء والهداية ههنا الإرشاد والتوفيق وقد
تُعدى الهداية بنفسها كما هنا"
اهدنا الصراط المستقيم "
فأخذت مفعولاً به مباشراً،
فتضمن معنى ألهمنا أو وفقنا أو
ارزقنا أو اعطنا " وهديناه
النجدين" أي بينا له الخير
والشر أ- وقد تُعدى بإلى إضافة إلى المفعول
الأول كقوله تعالى : " اجتباه
وهداه إلى صراط مستقيم " "
فاهدوهم إلى صراط الجحيم "
وذلك بمعنى الإرشاد والدلالة
وكذلك قوله : " وإنك لتهدي إلى
صراط مستقيم " وفي هذه الآية
حذف المفعول الأول للعلم به. ب- وقد تُعدى باللام كقول أهل الجنة "
الحمد لله الذي هدانا لهذا "
أي وفقنا لهذا وجعلنا له أهلا . قال الإمام أبو
جعفر بن جرير: أجمعت الأمة من
أهل التأويل جميعا على أن
الصراط المستقيم هو الطريق
الواضح الذي لا اعوجاج فيه وذلك
في لغة جميع العرب فمن ذلك قول
جرير بن عطية الخطفي : أمير المؤمنين على صراط=إذا اعوج الموارد
مستقيم والشواهد على
ذلك أكثر من أن تحصر. قال الإمام
بن جرير: ثم تستعير العرب الصراط
فتستعمله في كل قول وعمل ووصف
باستقامة أو اعوجاج فتصف
المستقيم باستقامته والمعوج
باعوجاجه . أمالصراط فقد اختلفت عبارات المفسرين من
السلف والخلف في تفسيره وإن كان
يرجع معناها إلى شيء واحد وهو
المتابعة لله وللرسول فروي : 1- أنه كتاب الله . فقد روي عن علي بن أبي
طالب رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم "
الصراط المستقيم كتاب الله "
وقد تقدم في فضائل القرآن
موقوفا على عليٍّ رضي الله عنه . 2- وقيل هو الإسلام . قال ابن عباس : قال
جبريل لمحمد عليهما السلام "
قل يا محمد اهدنا الصراط
المستقيم " يقول ألهمنا
الطريق الهادي وهو دين الله
الذي لا اعوجاج فيه وقال ميمون
بن مهران عن ابن عباس في قوله
تعالى : " اهدنا الصراط
المستقيم " قال ذاك الإسلام
وقال إسماعيل بن عبد الرحمن
السدي الكبير عن أبي مالك وعن
أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة
الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس
من أصحاب النبي " اهدنا
الصراط المستقيم" قالوا هو
الإسلام وقال عبد الله بن محمد
بن عقيل عن جابر اهدنا الصراط
المستقيم قال هو الإسلام أوسع
مما بين السماء والأرض . وقال
ابن الحنفية في قوله تعالى : "
اهدنا الصراط المستقيم " قال
هو دين الله الذي لا يقبل من
العباد غيره وقال عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم اهدنا الصراط
المستقيم قال هو الإسلام. وعن
النواس بن سمعان عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " ضرب
الله مثلا صراطا مستقيما وعلى
جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب
مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة
وعلى باب الصراط داع يقول يا
أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا
ولا تعوجوا وداع يدعو من فوق
الصراط فإذا أراد الإنسان أن
يفتح شيئا من تلك الأبواب قال
ويحك لا تفتحه - فإنك إن تفتحه
تلجه - فالصراط الإسلام
والسوران حدود الله والأبواب
المفتحة محارم الله وذلك الداعي
على رأس الصراط كتاب الله
والداعي من فوق الصراط واعظ
الله في قلب كل مسلم " . وهكذا
رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من
حديث الليث بن سعد به. ورواه
الترمذي والنسائي جميعا عن علي
بن حجر عن بقية عن بجير بن سعد عن
خالد بن معدان عن جبير بن نفير
عن النواس بن سمعان به . وهو
إسناد حسن صحيح والله أعلم . 3- وقال مجاهد " اهدنا الصراط المستقيم
" قال الحق وهذا أشمل ولا
منافاة بينه وبين ما تقدم . 4- وعن أبي العالية " اهدنا الصراط
المستقيم " قال هو النبي صلى
الله عليه وسلم وصاحباه من بعده
قال عاصم فذكرنا ذلك للحسن فقال
صدق أبو العالية ونصح . وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فإن من
اتبع النبي صلى الله عليه وسلم
واقتدى باللذين من بعده أبي بكر
وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع
الحق فقد اتبع الإسلام ومن اتبع
الإسلام فقد اتبع القرآن وهو
كتاب الله وحبله المتين وصراطه
المستقيم فكلها صحيحة يصدق
بعضها بعضا ولله الحمد . ويقول الإمام الطبري رحمه الله:" اهدنا
الصراط المستقيم" – معناه:
وفقنا للثبات على ما ارتضيته
ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك
من قول وعمل وذلك هو الصراط
المستقيم لأن من وفق لما وفق له
مَن أنعم اللهُ عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين فقد وفق للإسلام
وتصديق الرسل والتمسك بالكتاب
والعمل بما أمره الله به
والانزجار عما زجره عنه واتباع
منهاج النبي صلى الله عليه وسلم
ومنهاج الخلفاء الأربعة وكل عبد
صالح وكل ذلك من الصراط
المستقيم. " فإن قيل " فكيف يسأل المؤمن الهداية في
كل وقت من صلاة وغيرها وهو متصف
بذلك ؟ فهل هذا من باب تحصيل
الحاصل أم لا ؟ فالجواب أنّ
العبد مفتقر في كل ساعة وحالة
إلى الله تعالى في تثبيته على
الهداية ورسوخه فيها وتبصره
وازدياده منها واستمراره عليها
فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا
ولا ضرا إلا ما شاء الله فأرشده
تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن
يمده بالمعونة والثبات
والتوفيق فالسعيد من وفقه الله
تعالى لسؤاله فإنه تعالى قد
تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه
ولا سيما المضطر المحتاج
المفتقر إليه آناء الليل وأطراف
النهار وقد قال تعالى : " يا
أيها آمَنوا آمِنوا بالله
ورسوله والكتاب الذي نزل على
رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل
" الآية فقد أمر الذين آمنوا
بالإيمان وليس ذلك من باب تحصيل
الحاصل لأن المرادَ الثباتُ
والاستمرار والمداومة على
الأعمال المعينة على ذلك . وقال تعالى آمرا عبادَه المؤمنين أن
يقولوا " ربنا لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك
رحمة إنك أنت الوهاب " وقد كان
الصديق رضي الله عنه يقرأ بهذه
الآية في الركعة الثالثة من
صلاة المغرب بعد الفاتحة سرا
فمعنى قوله تعالى : " اهدنا
الصراط المستقيم " استمرَّ
بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره
، والله أعلم . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |