ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تفجيرات دمشق وحرب الاتهامات
المتبادلة عريب الرنتاوي عشرات القتلى (27) والجرحى (97)، هم حصيلة
الهجومين التفجيريين في قلب
دمشق أمس...هما ليسا أول
الهجمات، والأرجح أنهما لن
يكونا آخرها...فدمشق شهدت في
السادس من كانون الثاني/يناير
اأدى الى سقوط 62 قتيلاً على
الأقل و64 جريحا معظمهم من
المدنيين...وفي كانون أول/ديسمبر
الفائت، إستهدف هجومان
بسيارتين مفخختين مقرين أمنيين
في دمشق أزهقا أرواح ما يقرب من
الثلاثين مواطناً، وأضعاف هذا
الرقم من الجرحى...وكالعادة في
مثل هذه المناسبات، خرجت
المعارضة للتهم النظام بضرب
مقراته الأمنية لإخفاء جثث
معارضين يحتجزهم، أو لإرسال
رسالة للغرب، بأن القاعدة باتت
لاعباً رئيساً في الأزمة
السورية، فيما ركّز إعلام
النظام ودعايته، على العصابات
والإرهابيين و"مجلس اسطنبول"
و"الإخوان المسلمين" في
محاولة لـ"شيطنة"
المعارضة، وانسجاماً مع مقاربة
تستهدف اختزالها بالإرهاب
والعصابات والمجرمين. والحقيقة أننا لا نجد في أي من القراءتين،
الرسمية والمعارضة، ما يروي
ظمأنا لمعرفة حقيقة ما يجري على
الأرض السورية...فلا الرواية
التي تزعم بأن النظام يضرب نفسه
بقسوة، ويمس مقراته الأمنية
الأساسية (رمز هيبته واقتداره)
لإخفاء جثث معارضين قضوا في
التحقيق، ولا الرواية التي تسعى
في إضفاء لبوس القاعدة على كل
المعارضة السورية، تجعلنا من
"مشتري هذه البضاعة الردئية". لعمليات القاعدة، ومن هم على طرازها من
فصائل ومجموعات، "بصمة خاصة"،
تعرفها من "الأنماط"
المستخدمة في مثل هذه العمليات...لكن
ذلك لا يجعل القاعدة، متهماً
وحيداً في عمليات دمشق الأخيرة...ذلك
أن تطورات الأزمة السورية،
أنتجت العشرات من المنظمات
والمجموعات العسكرية المقاتلة،
تقدرها تقارير استخبارية بأكثر
من ثلاثين مجموعة، بعضها ينتمي
لمدرسة القاعدة والسلفية
الجهادية، وبعضها الآخر ينتمي
لجماعة الإخوان المسلمين،
وكثير غيرها، لم تتضح بعد،
هويته الإيديولوجية والسياسية
بعد. كلما طال أمد المواجهات الدامية في
سوريا، كلما طرأ تبديل وتغيير
في لون وهوية وطبيعة المعارضات
السورية للنظام...وكلما طرأ
تبدّل في أوزان وموازين القوى
بين مكوناتها المختلفة...وكلما
اشتد عنف النظام ضد معارضيه،
كلما مال هؤلاء لتبني مواقف
عنفيه، والالتحاق بأكثر القوى
تطرفاً، والوقوع في براثن
إيديولوجيات أصولية متشددة...ولقد
رصدت العديد من التقارير
والدراسات، الغربية بخاصة،
الكثير من مظاهر "التطرف" و"التطيّف"
و"التمذهب" التي تنتشر في
أوساط المعارضة السورية. لم تبدأ الثورة السورية، كحركة إخوانية
أو سلفية، ولم يكن للقاعدة شرف
إطلاق "تظاهرتها" الأولى...لقد
انطلقت كحركة شعبية سلمية
ديمقراطية، قابلها النظام
بالاستخدام المفرط للقوة، فكان
ما كان من تحوّلات وتبدلات في
مواقعها ومواقفها...وها نحن
اليوم ننتهي إلى "كتائب" و"فصائل"
تحمل أسماء سلفية مُعتادٌ
تداولها في ساحات "الجهاد
والإستشهاد"...ها نحن اليوم
أمام مسميات وأسماء، تستحضر
الفتنة الكبرى، بأسماء قادتها
وخلفائها ومواقعها ورجالاتها...ها
نحن اليوم أمام انزياح متدرج،
ولكن مستمر ومتواصل، صوب مصائر
"ليبية" للمعارضة السورية،
وهي مفارقة تستدعي الاستحضار
والتذكير، فالذين ذكروا النظام
السوري بمصير مماثل لمصير
النظام الليبي، سبقوه إلى مصير
يكاد يكون مشابهاً لمصائر
المعارضات الليبية، التي ترواح
بين العشائرية والجهوية و"الجهادية"
إلى غير ما هناك من الشواهد
الباعثة للقلق على مستقبل ليبيا. وزاد الطين بلّة، أن داعمي المعارضة
السورية بالمال والسلاح من
العرب، هم الذين يروجون "للبديل
الإسلامي، الإخواني والسلفي"
في أوساطها، يدعمهم في ذلك
إعلام قادر ومقتدر، خبير في "خلق
القيادات وتركيبها وإسقاطها"،
ويكاد يحصر ضيوفه ومحاوريه من
بين رموز هذا التيار حصراً...حتى
أن إنشقاق هيثم المالح وصحبه عن
المجلس الوطني السوري مؤخراً،
قيل في تبريره أنه احتجاج على
الدور المتزايد لهذه الأطراف،
ورفضاً لاحتكار المال والسلاح
في أيدي الإخوان والسلفيين،
وتعبيراً الخشية من مغبة تحوّل
هذه الأطراف المسلحة، إلى
ميليشيات مرحلة ما بعد الأسد. المعارضة تتساءل عن دلالات التوقيت في
تنفيذ هذه الإعتداءات، إرهابية
الشكل والمضمون، في محاولة منها
للقول أن النظام يقدم على تنفيذ
هذه الأفعال الشنعاء في كل مرة
يقترب من استقبال وفد أممي أو
عربي بمهمة رقابة أو لعرض
مبادرة...النظام سبق وأن تساءل:
ولماذا في كل مرة يجتمع فيها
مجلس الأمن الدولي، تقترف فيها
المجازر وتنسب للنظام وشبيحته؟
وبهدف تأليب المجتمع الدولي
عليه، وتسهيل استصدار قرارات
دولية تستعجل التسليح والتدخل
العسكري...لا نهاية لحرب
الإتهامات المتبادلة هذه...والأرجح
أننا سنشاهد المزيد منها في
قادمات الأيام. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |