ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إبراهيم
الزبيدي هذا
الرجل مسكون بالمشاكسة. فكلما
لاح لنا أنه أدرك الهداية ووضع
قدمه على الطريق الصحيح المؤدي
إلى التصالح مع جيران العراق،
في الخارج، ومع شركائه، في
الداخل، ومع إخوته في الائتلاف،
ومع حزبه ذاته، وحتى مع نفسه، لا
يتركنا ننعم طويلا بطعم هذا
التفاؤل، فيطلق صاروخا جديدا
يهدم بلحظة طيش عابرة كل بادرة
أمل وسلام. وليس
أدعى للاستهجان أكثر من موقفه
الثابت من مأساة الشعب السوري
الشقيق، وميله الفطري إلى ترخيص
القتل الهمجي المستمر من أكثر
من عام. فهو إضافة إلى انحيازه
العجيب لحاكم أحمق وغير شرعي
وغير طبيعي ومجرم حقيقي كبشار
الأسد، باعتراف ثلاثة أرباع
العالم، يعترض وبإصرار، على أية
نجدة محتملة من أي نوع تأتي لهذا
الشعب المظلوم من أي صاحب ضمير
وشرف، من العرب والأجانب، على
حد سواء. ليس هذا فقط، بل إنه
يروج ويتمنى استمرار القتل
والذبح والحرق والاقتحام
والاغتصاب والاعتقال والتجويع
والتهجير، ويبشر ببقاء
الديكتاتور وفناء الملايين
الثائرة من السوريين التي حزمت
أمرها على استمرار ثورتها حتىا
النصر أو الموت. قبيل
مؤتمر القمة العربية أطلق
المالكي بالونات دخانية مضللة
أوحت لبعض دول الجوار بأنه تحرر
قليلا من نذالة الموقف الإيراني
العنصري الطائفي المعادي لشعوب
المنطقة وأمنها واستقرارها،
وخاصة صفاقته المعيبة في
التهليل والتصفيق لحمامات الدم
في حمص وحماة ودرعا واللاذقية
وأدلب ودمشق وحلب ودير الزور،
وإصراره العلني على دعم النظام
القاتل، بكل ما أوتي من قوة
غاشمة، مالية وعسكرية
وجاسوسية، دون خوف ولا حياء. ولأن
“وِلد القريَّة كلمن يعرف
أخيَّه” فإن العراقيين الأدرى
بحقيقة هذا المالكي وعمق أصوله
الطائفية المقيتة حذروا قادة
الدول العربية، قبيل القمة
الفاشلة، من تقيته ونفاقه
ومراوغاته التي لا تنتهي. لو كان
المالكي مواطنا عاديا لكان من
حقه أن يتخذ الموقف الذي يرى،
ويحمل الرأي الذي يريد. ولكنه
حين يكون رئيسا لسلطة الدولة
العراقية كلها، شعبا وحكومة،
حاضرا ومستقبلا، وممثلا لإرادة
الشعب العراقي كله، بعربه وكرده
وتركمانه، بمسلميه ومسيحييه،
بشيعته وسنته، فليس من حقه أن
يحتكر وحده اتخاذ المواقف
الاستراتيجية الحيوية التي تمس
المصالح العليا لهذه الدولة،
وتحدد علاقاتها بدول وشعوب ليست
مجاورة وحسب، بل هي داخلة مع
الشعب العراقي في تلاحم وتداخل
وتفاعل من مئات السنين، وستبقى
إلى ما شاء الله من سنين. فهل إن
موقفه الغريب العجيب الذي أعلنه
مؤخرا من المذبحة السورية يمثل
موقف جميع العراقيين، أو على
الأقل رأي أكثريتهم؟ وهل استمزج
آراء كتل وأحزاب وتجمعات
ونقابات ومنظمات قبل أن يتذاكى
ويتنبأ بالمقدر والمكتوب؟ إليكم
نص الخبر التالي: “أكد
المالكي خلال مؤتمر صحافي في
بغداد اليوم رفض تسليح طرفي
الأزمة السورية، سواء المعارضة
أو النظام، لأن ذلك سيكون
بمثابة صبّ الزيت على النار.
مشدداً بالقول إن هذا النظام لن
يسقط بالقوة، وقالوا إن ذلك
سيتحقق خلال اسبوعين وقلنا إنه
لن يتم ولا بعد سنتين. واشار الى
أن موضوع سوريا كان حاضرًا بقوة
في القمة العربية، وقد اكد
العراق فيه رفضه الشديد لتسليح
طرفي الأزمة أو التدخل الخارجي
في الأزمة، “لأننا نريد تجفيف
منابع الحريق، وهو ما تتضمنه
خطة المبعوث الدولي العربي كوفي
أنان من أجل الوصول إلى حل سياسي
وسلمي بين النظام والمعارضة،
ولكننا نرفض إسقاط النظام في
سوريا بالقوة، لأن ذلك ستكون له
تداعيات خطرة على المنطقة،
لكننا ندعم مطالب الشعب السوري
في الحرية والديمقراطية
والإصلاح”. “وحول
مؤتمر اصدقاء سوريا الذي بدأ
اعماله في اسطنبول اليوم، اشار
المالكي الى أن العراق لم يكن
يرغب في المشاركة، لكن رئاسته
للقمة حتمت عليه الحضور، حيث
سيمثله وكيل وزير الخارجية الذي
سيطرح رؤية العراق هذه في ما يخص
الأزمة، والتي تسعى الى تجنيب
سوريا التمزق والتشتت”. انتهى إذن
فإن “عدالة” نوري المالكي
السورية تقوم على فكرة الحياد
بين القاتل والمقتول، والدعوة
إلى عدم تسليح الطرفين، والدعوة
إلى حوار سياسي بين النظام
والمعارضة. وهو
يعلم قبل غيره، وأكثر من سواه،
بأن النظام مسلح حتى أخمص
قدميه، بكل أنواع السلاح،
ويتلقى كل يوم وكل ساعة أطنانا
من السلاح من روسيا وإيران، عبر
العراق، وأعدادا متدفقة من
المقاتلين والخبراء والشبيحة
الإيرانيين واللبنانيين
والعراقيين. وبالتالي فدعوته
إلى عدم تسليح النظام ليست سوى
نكتة، ولكن باردة ومخجلة، مقابل
شعب أعزل لم يكن له عاصم من جنون
الأسد، لا أمس ولا اليوم مع
الأسف الشديد. إلا إذا اعتبر
المالكي بنادق المنشقين من ضباط
الجيش وجنوده سلاحا له قيمة في
معارك الدمار. وهو
ويعلم، قبل غيره، وأكثر من
سواه، أيضا، أن “تجفيف منابع
الحريق” على حد زعمه، حلم إبليس
بالجنة. فالحريق مستمر، ولن
توقفه سوى قوة قادرة تلجم روسيا
وإيران وتمنعهما من صب الزيت
على نيرانه المحرقة، وهي غير
موجودة، ولن توجد في المدى
المنظور. أما
فكرة الحوار السياسي بين النظام
والمعارضة فهي أيضا نكتة لا
تضحك غير البلهاء. فحين كانت
الثورة، في أولى ساعاتها، مجرد
كتابات طباشيرية ساذجة على
الجدران دعا فيها صبية صغار إلى
إسقاط الأسد، ربما تأثرا بما
شاهدوه على شاشات الفضائيات، لم
يجنح النظام إلى سلم ولا إلى
حوار، بل انهمر الرصاص على قلة
من متظاهرين من آباء أطفال درعا
الذين اعتقلتهم المخابرات.
وطيلة عشرة شهور من سلمية
المسيرات الشعبية التي اكتفت
بالأهازيج والدبكات الشعبية
والزغاريد كان النظام يصب
قنابله وصواريخه، وينشر شبيحته
وقناصته في كل مكان. حتى بلغت به
الهمجية أن يستأصل الحناجر
ويقتلع العيون ويذبح الأطفال
والنساء بالسكاكين. ومن عام مضى
وإلى هذه الساعة لم تتوقف ثلاثة
أرباع العالم عن المناداة
والتوسل والحث والإهابة
بالنظام، ولا يكف عن سلوكه
الهمجي لايقبل بالحوار، ولا
يجيب. سؤال
مشروع للسيد المالكي، هل سقط
النظام في العراق وجلس هو على
عرش الطاغوت بالحوار
الديمقراطي مع صدام حسين؟ وأخيرا،
لو جاءت الدعوة إلى “الحل
السياسي والسلمي” للمأزق
السوري من مانديلا، مثلا، لكانت
أخف وأقل أذية. ولكن حين تجيء من
نوري المالكي الغارق في نرجسيته
وميله الفطري إلى الديكتاتورية
والعنف والمشاكسة والعشق
الأبدي لخيمة الولي الفقيه فأمر
لا يدعو إلى الضحك فقط بل إلى
كثير من البكاء على هذا الوطن
وعلى أهله وجيرانه أجمعين. احمق
حاكم مر على العراق ======================== الرحمة
والخلود للشهيد شبلي العيسمي،
والموت للقاتل عقاب
يحيى يحلق
الأستاذ الشيخ الصديق شبلي
العيسمي إلى السماء العليا.. عله
يجد فيها عزاء عن أرض دنّسها
الاستبداد والإجرام حتى التلوث
القاتل للحياة. قتلوه الرجل
الثمانيني الذي يدق باب التسعين
بلا رحمة، معلنين هويتهم :
مجرمين من طراز فريد، يأبون إلا
أن يسجلوا أنفسهم ماركة خاصة في
صناعة الحقد، وإنتاج الموت. لا
يرعون عمراً، ولا قامة، ولا
طفلاً، ولا شعباً، ديدنهم
البقاء ولو على جماجم الشعب .. عرفته
الأستاذ شبلي عن قرب عام1989 في
جنيف أثناء المؤتمر الذي عقد
للتضامن مع الشعب الفلسطيني
واللبناني والسوري . كانت المرة
الأولى التي نحضر فيها مع (البعث
القومي) والإخوان المسلمين وجمع
كبير من معارضين يلوبون بحثاً
عن مخرج يوصلهم إلى الخلاص من
نظام الطغمة. كان أمين عام مساعد
لحزب البعث. اشتهر بالهدوء
والطيبة، والكلام القليل،
وبصوته المنخفض، وقامته
النحيلة، وقد قدّت الأعوام فيه
أخاديد الخيبات والمرار..
والعزيمة أيضاً بفعل يليق
بالتاريخ والتضحيات والأماني . كانت
المراهنات كبيرة يومها على
إمكانية الاستفادة من الوضع
اللبناني(بوجود الجنرال عون
صاحب شعارات تحرير لبنان من
الاحتلال السوري) والعراق مزهو
بانتصاره في حربه مع إيران،
وبقفزته النوعية في مجال البحث
العلمي والصناعة العسكرية..وإن
لم يظهر في واجهة الصورة. وبدوره
الأخ أبو عمار ياسر عرفات
يعتبرها الفرصة الذهبية للتحرر
من أهم المجرمين الذين وجهوا
حرابهم واغتيالاتهم للثورة
الفلسطينية، وما زالت دماء تل
الزعتر والمخيمات، وحروب
طرابلس وبعلبك، واغتيال القادة
الفلسطينيين، وعمليات الشق
والطحن والترويض تغذي جذوة
القائد الفلسطيني بإمكانية
الانتهاء من وضع نشاذ في
التاريخ السوري، وعاصمة
الأمويين : قلب العروبة النابض .. *** الأستاذ
شبلي العيسمي ابن جبل العرب
الأشم.. انتمى للبعث مبكراً،
فكان من الرعيل الأول. حضر
المؤتمر التأسيسي الأول عام 1947
واقترن اسمه، وتاريخه به،
وبالإيمان العميق بمبادئ البعث
في الوحدة والحرية والعدالة
الاجتماعية.. حتى لو عمّ ضباب
العسكر، ولو حكموا من خلف
الستار، أو بجلاء، ولو كان
البعث يعاني أزماته البنيوية
المتعددة، ونتاج ممارسات
قيادته في حله، وفي الموقف من
الانفصال، واللجوء إلى العسكر
وقبول تغطية انقلاب الثامن من
آذار ومنحه اسم البعث..
ومشروعيته، وحتى لو كان البعث
من التفكك والهزال العاجز عن
حكم بلد في قطرين، وعن
الاستئثار بسورية والتطبع
بالسائد في المنظومة
الاشتراكية عن الحزب الواحد،
القائد، وتغييب الديمقراطية،
واعتقال الرأي الآخر حتى
الاجتثاث إن اقتضى وحي المبادئ
السائدة ذلك . كان التزامه
رصيده، وصدقه ديدنه، وتواضعه
سماته، وحبه للآخرين صفاته ..
لذلك انتخب منذ البدايات عضواً
في القيادة القومية ، وأمينا
عاما مساعداً لها.. وحين احتدم
الصراع تحت يافطة : يمين ويسار،
وحسم في 23 1966شباط لصالح اليسار
فيما يشبه الانقلاب العسكري،
وقف ضده التزاما منه بالشرعية
التاريخية التي هو جزء منها،
وبعلاقته الوطيدة بالأستاذ
ميشيل عفلق وبقية القيادة التي
تعرضت للسجن عاماً ونيّف، وخرجت
منه إثر حرب حزيران .. ليخرج
معظمها إلى لبنان . وعندما
وصل (البعث القومي) بانقلاب إلى
الحكم (17 30) تموز عام 1968 ارتحلت
تلك القيادة إلى العراق وبذهنها
أن تكون قيادة فعلية للحزب، لكن
هيهات، فقيادة" قطر العراق"
واستيحاء لأحداث وأسباب
الانقلاب المضاد على وصول الحزب
للسلطة (8 شباط 13 تشرين 1963) الذي
حمّل الكثيرون من البعثيين
قيادة الحزب القومية مسؤوليته
لأنها لم تقدر على معالجة
الآزمة المتفجرة هناك، وبما حصل
في التجربة السورية..قررت تلك
القيادة أن شؤون العراق من
اختصاص قيادة قطر العراق،
وبالتالي : لا دخل للقيادة
القومية في أي أمر يخصه،
واقتصار دورها على الأقطار
الأخرى، مما كان يعني نوعاً من
الأرشفة والتهميش، والتبعية :
تبعية القومية للقطرية في بلد
يحكمه حزب موحد شكلياً، تقوده
قيادة عراقية عملياً، لذلك حاول
الأستاذ شبلي التوجه لكتابة بعض
الكتب في الأمة والقومية
والعروبة والإسلام، والوحدة
العربية، كانت تشرح وتفسر وجهات
نظر ومبادئ البعث في الأمة
والوحدة كما فهمها هو، وكما
أرسى خطوطها العريضة الأستاذ
عفلق، وقرارات المؤتمرات
الحزبية، وبقي أميناً عاماً
مساعداً، حتى العام 1991، بعد
الحرب الثلاثينية، حيث كنت في
العراق ضمن فعاليات مؤتمر القوى
الشعبية، وجاء من يخبرني أن
الأستاذ شبلي يريد محادثتي في
أمر خاص، وعندما دخلت غرفة خاصة
في فندق الرشيد كان موجوداً
بحضور عضوي القيادة القومية علي
غنام من السعودية، وقاسم سلام
من اليمن، وأبلغني فيها أنه قرر
والأخ علي غنام عدم الترشح
للقيادة القومية في المؤتمر
القومي الذي تجري أشغاله
يومذاك، فاعتبرت ذلك ثقة كبيرة
منه، وتأكيداً للعلاقة التي
توطدّت بيننا، وتناقشنا بأزمات
الحزب المتعاقبة، وأسباب عجزه
عن تحقيق الأهداف الكبرى
المرفوعة، بل وممارسته نقيضها،
خاصة في الوحدة والحرية، وكان
يعترف ولو بطريقته المهذبة . **** في
جنيف اتفقنا على تشكيل لجنة
خاصة للبحث في أسس قيام جبهة
عريضة تشمل جميع قوى المعارضة
في الداخل والخارج، ورشحني
رفاقي كي أكون مندوب تنظيمنا في
تلك الحوارات التي اقترحت أن
تكون تونس مكانها، وتحت رعاية
منظمة التحرير الفلسطينية
تجنباً للسفر إلى بغداد،
ورمزيتها بالنسبة للقاء
المعارضة واستقلاليتها،
ومضامين العمل المشترك.. وكان
الأستاذ شبلي متواجداً بفعالية
في تلك الحوارات التي امتدت
لنحو العشرين يوماً تمّ إنجاز
الأسس الرئيسة للعمل الجبهوي
المشترك، والقائم على :
الاستقلالية، والتكافؤ،
والتعددية، والديمقراطية، وإن
اختلفنا في الوسائل الموصلة
لتحقيق هدف إسقاط النظام بين
الطرق السلمية و"الكفاح
المسلح" وغيره من الوسائل، ثم
تواصلت في بغداد بعد تعذر
استمرارها في تونس بسبب احتجاج
الخارجية السورية على وجودنا،
والحرج الذي كان عليه وضع
الرئيس عرفات . كان
الأستاذ شبلي هادئاً، يتدخل
قليلاً، ويبدي إعجابه بالأفكار
الجريئة التي كنا نطرحها،
وتتناول انتقادات جوهرية لبنية
النظام العراقي، خاصة في
الأحادية، والقمع
والدكتاتورية، وفي أزمات الحزب
وعدم بذل جهود حقيقية لتجاوزها،
ولم يك يبدي اعتراضاً، عكس بعض
الموظفين المحسوبين على
النظام، الذين رفض بعضهم تكريس
مبدأ الاستقلالية كحجر رحى في
العمل المعارض، بل أعلن موافقته
على مبدأ الاستقلالية
والديمقراطية محتوى النظام
البديل.. بغض النظر عن أوجه
التناقض التي كان يحسّ بها عند
المقارنة بالتجربة العراقية
الرافضة لأية تعددية ..وعن وجوده
عضواً في أعلى قيادة، ولو بشكل
رمزي .. توطدت
العلاقات بيننا : ثقة، وحوارات
مختلفة، وكان يبدي إعجابه
الواضح بالأفكار الجديدة التي
نطرح، وحتى بالنقد، وإن ظل
فخوراً بانتمائه لمدرسة البعث
القديم، أو بعث المبادئ، وبعث
الأصالة كما يحلو للبعض أن
يسميه، فيوجه انتقادات حادة
للماركسية، ويعيد للأذهان
مقولات بعثية انتقادية لها بوقت
مبكر، ويبني على ذلك تمسكاً بما
يعتبره اكتشافات البعث المبكرة
لفجوات النظام الاشتراكي، خاصة
إبان، وبعد سقوطه . بعد
غزو العراق واحتلاله.. شارك في
ندوة على حلقات في قناة العربية
لتقويم تجربة البعث، تركزت،
بشكل متحيز على الحالة العراقية
دون السورية.. فأبدى وجهات نظر
نقدية صارمة، وحمل كلاً من حافظ
الأسد وصدام حسين مسؤولية
اختطاف البعث وحرفه عن المبادئ،
ولامه البعض على التوقيت الخاص
بنقد صدام حسين، حين كان
مطاردا، فمعتقلاً... قبل
بضع سنوات جرت اتصالات من بعض
البعثيين بهدف إعادة تجميع
البعثيين تحت عنوان " البعث
الأصيل" وكان الأستاذ شبلي
مشاركاً فيها، وجرت حوارات بينه
وبين الدكتور حبيب حداد مباشرة،
وحين اتصل بي بعض الأخوة ودعوتي
للمشاركة كتبت لهم وجهة نظر
نقدية شاملة في أساسات إخفاق
البعث، وشبه استحالة نجاح مثل
هذه الأفكار التي تقف دونها
الكثير من العقبات الحقيقية
التي تتجاوز النوايا الطيبة،
والخلفيات الصادقة. واستمر
الأمل بتجميع البعثيين بعد قيام
الثورة السورية التي كان الفقيد
من المتحمسين جداً لها ..حتى تمّ
اختطافه من لبنان بتلك الطريقة
التي لا تقوم بها سوى مافيا
مختصة بالاختطاف والقتل،
وبتواطؤ مباشر من الحكومة
اللبنانية و"فرسان" عملاء
النظام السوري فيها . تساءلت
مراراً : ماذا يريدون من اعتقال
شيخ تجاوز ال 86 سنة من العمر؟؟..
تعددت الأسئلة التي تحاول
الإجابة عن كنه ما حصل، فمن قائل
أنهم يريدون الاحتفاظ به عندهم
منعاً لأي دور يمكن أن يقوم به
في تحريك جبل العرب، إلى من
اعتبر أن السبب هو الحصول على
المعلومات الكثيرة التي يحتفظ
بها الفقيد باعتباره سجلاً
عامراً، بل تاريخاً متنقلاً
للبعث وأطواره ومراحله( ينتفي
هذا السبب باعتبار الفقيد حضر
إلى لبنان للإقامة عند ابنته
مراراً قبل اختطافه).. إلى كومة
الحقد على الرموز الوطنية
والقومية والبعثية التي ترفض
التدجين والبصم على سياسات
المجرم.. ولعل ذلك يكون أقرب
الاحتمالات، خاصة وأن مساع
كبيرة بذلها السيد وليد جنبلاط،
وطلال أرسلان، وكثير من
الشخصيات العامة والدرزية
لمعرفة مكانه، ومحاولة الإفراج
عنه، والتي لم تفلح جميعها..
ودون إعطاء أية تفسيرات عن مبرر
الاختطاف والاحتفاظ بالشيخ
المناضل الذي قيل أنه يتواجد في
أحد البيوت التابعة للأمن في
القصور القصاع، وأنه بصحة جيدة
!!!.. الأكيد
أن الشيخ المناضل تعرّض للتعذيب
.. كجزء من فيض الحقد في طغمة
الحقد والجريمة، والأكيد أن جسد
الشيخ الضعيف لم يتحمل التعذيب
والقهر والإذلال.. فاستشهد.. كما
آلاف الشهداء الذين تمّت
تصفيتهم في الأقبية، وعلى مشارح
نزع الآدمية.. النظام
القاتل.. الذي لا يراعي عمراً،
ولا مناضلاٌ بقامة الأستاذ شبلي
العيسمي، وتاريخه الناصع
المديد في البذل والتضحية..
مسؤول مسؤولية مباشرة عن عمليات
الاغتيال المبرمجة التي
استهدفت هذا الرمز الوطني
القومي الكبير، ولا بدّ من
إضافة هذا الملف لبقية ملفات
الجرائم ضد الإنسانية التي
يقترفها يوميا ً..كي يحال إلى
محاكمة كبار مجرمي الحرب . الرحمة
والخلود للمناضل الكبير
الأستاذ شبلي العيسمي .. العزاء
الكبير لأبنائه وعائلته،
ورفاقه وأصدقائه، وللشعب
السوري .. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |