ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 15/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

كيف تخدم المؤسسات الإسلامية الثورة السورية .. الفجوة المطلوب ردمها بين العلماء والعامة

نبيل شبيب

هذا نص كلمة تمّ إعدادها لأحد المؤتمرات ولم يتم إلقاؤها لأسباب لا علاقة لها بالمؤتمر ونتائجه الطيبة، أنشرها في مداد القلم سائلا الله أن يكتب فيها النفع المرجو.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبعد،

فليس سهلا على مثلي الحديث في مؤتمر يضمّ ثلّة من كبار علمائنا الأجلاء، ولئن تجرّأت في هذه الكلمة على نقل بعض ما يتردّد على ألسنة الثوار في سورية ولا سيما الشبيبة، فلا أغفل قبل ذلك عن تأكيد ما لا يحتاج في الأصل إلى تأكيد من حيث فضل العلماء ومكانتهم والرسالة التي حملوها وكان لها بعد إرادة الله عز وجل دور لا يخفى على أحد في الحفاظ على إسلامنا في سورية وعلى تجديد الصحوة فيها، وفي سواها، وعلى تعزيز التشبث بالقيم الإنسانية الثابتة إسلاميا، وفي مقدمتها الكرامة والحرية التي كانت من وراء اندلاع هذه الثورة الشعبية البطولية.

في الدعوة إلى هذا المؤتمر أعطيت إحدى ورشات العمل فيه عنوان: كيف تخدم المؤسسات الإسلامية الثورة السورية، على أن يتم الحديث تحت أربعة عناوين فرعية: الواقع - الفجوة - مقترحات - مشروعات

ولا أدري ما هو القصد تماما من كلمة فجوة التي وردت وبعدها بين قوسين (فرص التطوير) ولم يُتح الوقت مجالا للمراجعة، فأتحدث إليكم وفق ما فهمت عن الفجوة بين المؤسسات الإسلامية بوضعها الحالي، وفرص تطويرها كما تطرحه الثورة التي صنعها جيل الثورة المعاصر، أو صنعها في الدرجة الأولى جيل الشبيبة، كما هو الحال مع الثورات الأخرى فيما بات يحمل عنوان الربيع العربي.

ولهذا العنوان مغزاه، إذ يطرح نفسه تاريخيا كبداية ربيع حقبة جديدة.. وليس كحصيلة حقبة سابقة، أو يطرح نفسه كحدث تغيير تاريخي وليس كحدثٍ وقع بناء على مقدمات سابقة، بينما يشير وصفه بالعربي إلى البعد الجغرافي وليس إلى البعد الذي نرجو أن يسجّله المؤرخون مستقبلا، وكأنّي به سيحمل عنوان الربيع الإسلامي الإنساني في المنطقة العربية.. وآنذاك لن يعرف حدودا جغرافية ولن يكون دون نتائج أبعد مدى على مستوى الأسرة البشرية.

. . .

والسؤال: هل تستطيع المؤسسات الإسلامية القائمة حاليا، وجلّها ممّا قام في الحقبة الماضية، أن تحقق هذا الهدف بالذات؟..

هل يمكن أن تصبح الثورات الحالية ولا سيما في سورية، ثورة بداية إشراقة ربيع شامل، من ميادينه العقيدة والقيم والأخلاق، والحضارة والثقافة والمعرفة، والفكر والأدب والفنون، والسياسة والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، ناهيك عن الأثر المرجو في العلاقات الإنسانية على مستوى الأسرة البشرية؟..

أليست المؤسسات الإسلامية الحالية نفسها في حاجة إلى ثورة ذاتية لتحقق هذا الهدف؟.. أو بتعبير آخر: ألا توجد فجوة بين واقع المؤسسات ومسار الثورة -وهنا أقف عند حدود الثورة الشعبية في سورية- وهي الفجوة التي لا بدّ من ردمها لتتمكن المؤسسات الإسلامية من القيام بدور ريادي تغييري وفق القاعدة المعروفة التي شاع فهمها من الآية الكريمة: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم)

. . .

الأدلة على وجود فجوة من حيث الأساس عديدة، منها ما هو ثابت معروف، فكما يقال: العبرة في النتائج، ومنها أنّ هذه الثورة صنعها الشعب في سورية بصورة مباشرة، ولم تكن من صنع المؤسسات الإسلامية أو سواها من المؤسسات ولا التنظيمات الإسلامية المتعددة.

ومنها أدلّة ممّا يمكن استقراؤه، فنحن نطرح ما نطرح عن دور المؤسسات الإسلامية وتفعيله بعد مضيّ زهاء ثلاثة عشر شهرا على انطلاقة الثورة الشعبية في سورية.

أنطلق إذن دون مزيد من التفصيل من وجود هذه الفجوة، من الإحساس بوجودها، والاقتناع بوجوب ردمها، وضرورة سلوك السبل الكفيلة بتحقيق ذلك، فأيّ اقتراح أو مشروع يصدر عن المؤسسات الإسلامية لا يصل إلى المستهدفين به، دون أن تكون العلاقة بينها وبينهم علاقة وثيقة، لا تقوم على الثقة بسموّ العقيدة والأخلاق والعلم والفقه فحسب، بل تقوم أيضا على الاقتناع بالقدرة على أداء دور بالغ الأهمية، بالغ الخطورة، وبالغ التأثير إذا تم أداؤه على الوجه الأمثل، وهو ما يقرّره هذا المؤتمر لنفسه كهدف سادس من بين أهدافه: إبراز الدور القيادي للعلماء والدعاة والمتخصصين في نصرة الشعب السوري.

. . .

ردم الفجوة يتطلّب استيعاب معالمها ومحاورها.. ولا يمكن التفصيل في ذلك أيضا، فأكتفي بمثال يحضرني من خلال حديث بلغني قبل أيام، عن لقاء جمع عددا من العلماء والشباب السوريين، وكان لا بدّ أن يدور حول ما وصلت الثورة إليه، وكان من كلام أحد العلماء الكبار في اللقاء، ما تناوله بإسهاب ملحوظ عن واجب النصح للحكام وكيف ينبغي أن يكون، وما هي شروطه، فكان كأنّه يتحدّث عن حاكم آخر من سجلّ التاريخ ولا يتحدث عن هذا الذي يعتبره الشباب الثوار الحاضرون بين يديه، المستمعون إليه، قاتل الأطفال والشيوخ، ومنتهك الحرمات والأعراض، ومدمّر الثروات والطاقات، ومجرما ارتكب ويرتكب أبشع أنواع الجرائم ضدّ الإنسان.. جنس الإنسان، وبحق الوطن.. كلّ الوطن، ويقولون فيما يقولون، إنه بالدليل القاطع غير قابل للإصلاح، ولا مجال بعد كلّ ما ارتكب ويرتكب، للحوار معه، ناهيك عن نصحه بالسبل التقليدية، أو مع الملأ الذين جعلوا من أنفسهم أدوات تنفيذية همجية لاستبداده وفساده وفجوره.

إنّ المؤسسات التي نتحدّث عن دور قيادي مرجوّ لها هي بمن تقوم عليه من علماء ودعاة ومتخصصين، يقودون في دور العلم والعبادة، ويقودون في ميادين الجهاد والشهادة، يقودون بالقدوة في كلّ ما يقتضيه العلم من عمل، ويقودون بالقدوة في كلّ ما تقتضيه الثورة من عزيمة وإقدام ومواقف قوية، صائبة وحاسمة.

. . .

لهذا وجب علينا في هذا المؤتمر السؤال:

ما هي فرص تطوير هذه المؤسسات الإسلامية لنفسها لتطوّر تبعا لذلك دورها في ريادة الثورة الشعبية في سورية؟..

وأكتفي بهذا الصدد ببعض العناوين، راجيا أن يأذن لي العلماء الأجلاّء بذلك، ففيها ما يعبّر عمّا أسمع يوميا من الشباب ومن الثوار:

أولا: فقه حيّ متجدّد معاصر يتعامل مع موروث الاجتهادات الفقهية والفكرية والحركية وكذلك على المفاهيم الاجتهادية الذاتية، على قاعدة: كلّ يؤخذ منه ويترك إلاّ صاحب هذا القبر.. صلوات الله وسلامه عليه.

ثانيا: القيادة القائمة على المشاركة.. وليس على التوجيه فقط، والاندماج .. وليس على التلقين وحده، وقيادة الصفوف في الميدان.. وليس عبر الأوراق والمؤتمرات فحسب.

ثالثا: استيعاب الثورة الجارية على أنّها ثورة على الاستبداد بكل جذوره وفروعه.. وكذلك على اساليب التعامل التي سادت خلال العقود الماضية ولم توصل إلى إسقاط الاستبداد.

رابعا: استيعاب الثورة على أنّها ثورة جيل جديد أوجد معايير جديدة يجب التعامل معها ليمكن الوصول إلى الجيل الجديد بغض النظر عن وقوع أخطاء.. فكل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوّابون.

خامسا: مشاركة جيل الشبيبة في القيادة وصناعة القرار.. الآن.. ليمكن للجيل الأكبر سنّا والأوسع علما والأقدر على القيادة في الأصل، من أن يرعاه على عينه، أثناء حياته، أثناء التجربة العملية، وكلّ عالم جليل وقائد كبير قادرٌ على العطاء على هذا الصعيد وإن لم يكن في منصب قيادي مباشر.

سادسا وأخيرا: تطوير الوسائل والأساليب على كل صعيد، فمن ميزات عالمنا وعصرنا أنّ تحقيق الأهداف، سائر الأهداف، مرتبط بنوعية الوسائل والأساليب الحديثة، التي يتقن الشبيبة استخدامها، ارتباطا أوثق وأكبر تأثيرا مما كان في عصور ماضية.

. . .

في اعتقادي أنّ الفجوة الفاصلة بين المؤسسات الإسلامية وجيل الثورة بدأت تتقلّص، ولكن ببطء لا يوازي سرعة مسار الثورة، وأعتقد أيضا أنّ التلاقي على طريق يخدم الثورة كما يقول هذا المؤتمر، ويساهم في تحقيق أهدافها، ليست طريقا مسدودة.. ولكن تنتظر المضيّ عليها دون تردّد، ومع مراعاة عنصر الزمن، ليمكن بعد الخطوة الأولى طرحُ السبل الكفيلة بتطوير مسار الثورة في اتجاه النصر الموعود، فهذا من أسباب النصر، التي أُمرنا أن نأخذ بها، لنشهد قريبا بإذن الله مقتضى قوله عز وجل: ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ