ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 23/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بين نجاح مهمة عنان أو فشلها

نصر حمدون

لأنه نظام مخادع , ولأنه نظام مُضلِّل , ولأنه نظام فاقدٌ للمصداقية قائم على النفاق فعلى هيئة المراقبين الدوليين أن تكون ذات حرفية عالية في عملها في التعامل مع هذا النظام الديكتاتوري المتلاعب؛وحتى نفوِّت على النظام الموسوم بالإجرام أكاذيبه , وحتى يظهر للعالم إجرامه ؛ فإن نجاح مهمة عنان أو فشلها – إن افترضنا صدق نواياها – منوطة بالأخذ بالأمور التالية حتى تحقق أهدافها التي زعمت أنها جاءت لأجلها :

أولا : على لجنة المراقبين الدوليين ألا يتواصلوا مع الجهات الرسمية وخاصة المخابراتية منها ؛ لأنها ستكون أداة تضليل وحجب للحقائق .

ثانيا : على لجنة المراقبين الدوليين أن يحددوا بأنفسهم – وليس بمعرفة أو مشورة النظام- أوقات تحركهم , وأن لا تعلم الجهات الرسمية بذلك –قدر الإمكان – حتى لايتخذ النظام المجرم احتياطاته ؛ فتتم تعمية الحقائق على الأرض .

ثالثا: على لجنة المراقبين الدوليين أن توثق الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بحق الشعب السوري باحترافية ومهارة عالية بالصوت والصورة ,والوثائق المكتوبة من المنكوبين مع المقابلات الشخصية معهم لتثبيت ذلك .

رابعا : أن يحذر المراقبون من توجيه السلطة لهم إلى مناطق وأحياء لا تحمل نفس الاسم حسب رغباتهم المُضللة ؛ لأنهم سيأخذونهم إلى مناطق وأحياء موالية للنظام ذات صبغة خاصة ؛ بتغيير أسماء الأحياء , كما فعلوا واستغفلوا من قبل لجنة المراقبين

 العرب فضلوا وأضلوا , إذ أُخذوا إلى حي النزهة الموالي في حمص على أنه حي باب السباع وهكذا.......الخ, فجاءت الصورة مشوهة للحقائق , خادمة للنظام المجرم .

خامسا : أن يكون هناك ثبات وتموضع وبقاء للمراقبين في الأماكن والبلدات الثائرة الساخنة كحمص وحماة وإدلب ودرعا وريف دمشق وحلب ودير الزور إن كانوا قد جاؤوا حقيقة لنصرة الشعب السوري ورصد الحقائق على الأرض .

سادسا : أن يكون الطيران التابع للأمم المتحدة هو الوسيلة المعتمدة الأولى للقيام بالمهام على الأرض , وإحدى الأدوات الأهم لإنجاز مهامهم ؛ لأنها تساعد على الإنجاز الأسرع وتقديم التقارير المتلاحقة للأمم المتحدة ورصد ما يجري على أرض سورية الحبيبة من إجرام على يد هذا  النظام السفاح , ولعل هذه النقطة من أهم النقاط التي ينبغي العمل عليها؛ لأن هذه النقطة تساعد على سرعة إنجاز المهمة , وخاصة أن عدد المراقبين وإن ارتقى إلى ( 300) مراقب فلن يكفي ما لم يُستعمل الطيران , علما أن عدد مَنْ أرسلوا إلى البوسنة من مراقبين دوليين - حين اقتربوا من الانتصار على الصرب- هو ( 5000) مراقب , علما أن البوسنة لا تشكل مساحة ولا سكانا أكثر من ربع مساحة سورية وعدد سكانها , معنى ذلك أن سورية تحتاج على النسبة إلى (20000) مراقب تقريبا .

سابعا : أن ينفرد المراقبون الدوليون لإنجاز مهمتهم على أكمل وجه في كل خدماتهم اللوجستية عن السلطات السورية مهما صغرت , لأنه نظام كاذب مراوغ .

ونقول أخيرا : إن لم تتحقق هذه الشروط فهذا يعني أن مهمة المراقبين ستبوء بالفشل وأن مهمتهم ما جاءت إلا من باب ذر الرماد في العيون ,وأنها مؤامرة تأتي ضمن سلسلة المهل التي دفع فيها الشعب السوري آلاف الشهداء والعذابات والآلام والتنكيل وأنها ستضاف في رصيد الشعب السوري إلى المهل الفاشلة السابقة في سبيل القضاء على هذه الثورة المباركة العظيمة , علما أننا مستيقنون بأن الغرب لديه من التكنولوجيا المتطورة ما يستطيع به أن يرصد كل شيء على الأرض من خلال الفضاء والأقمار الصناعية المتطورة,ونختم بمثلنا السوري المعروف : الحق الكذاب لورا الباب .

=======================

حمص: انتصارات بدر وهزائم أُحُد

مجاهد مأمون ديرانية

أما رأيتم إلى حمص، أرض العجائب والبطولات والمَكرُمات؟ لقد تذكرَت الأمةُ فيها مجدَها التليد واستعادت عزّها الفقيد، لقد أذهل أهلُها الأكرمون الدنيا بثباتهم في الميدان وصبرهم على العدوان، وانتصروا انتصارات ذكّرتنا بانتصار بدر في صدر الإسلام. ولكنّ الدنيا فيها ارتفاع وانحدار وفي الأيام إقبال وإدبار، وكما أن الحروب فيها ظفر وانتصار فإن الحروب فيها هزيمة وانكسار، وكما رأينا في حمص بدراً وانتصارَ بدر فقد رأينا فيها أُحُداً وهزيمةَ أحد. فهل ترون أن نَطرب للنصر ونُعرض عن الهزيمة، أم أن من واجبنا أن نبتهج بالنصر ونشكر عليه الله، وأن نتدبّر الهزيمة لنستخرج منها العبرة ونتّقي عَوْدَ الكرّة؟

لو كان الهمُّ همَّ حمص وحدها لكفى به هَمّاً، ولكنه ليس ذلك فحسب، بل هو هَمّ سوريا كلها وهَمّ الثورة؛ إنها إن تُهزَم هذه الثورة -لا قدّر الله- فلن يرتفع في سماء سوريا صوت يمجّد الله في خمسين سنة، ولسوف تغطّي سماءَ سوريا سحابةٌ قاتمة سوداء من الظلم والقهر لا ينفد منها ضوء الشمس، وسوف يُداس شعب سوريا بالنعال والبساطير، وسيتحول جيل كامل من السوريين إلى قِيان ومماليك في حظائر عصابة الأسد.

لكيلا يحدث ذلك كله لا بد أن نتّقي الهزيمة بأي سبيل، لا بد أن ندرس كبواتنا ونستخلص منها العِبَر.

* * *

في بابا عمرو ثبت المقاتلون ثباتاً عجيباً وقاوموا جحافل العدوان الهولاكية مقاومة هائلة، ولم يكن خروجهم من الحيّ هزيمة بإذن الله، فإنهم قد رتّبوا انسحابهم ترتيباً حاذقاً ونجحوا في إخلاء أكثر السكان قبل الانسحاب، فلم يبقَ إلا الذين أصرّوا على البقاء أو حال اشتداد القصف دون خروجهم. أمّا المجاهدون في حمص القديمة والخالدية والقرابيص وجورة الشياح فإنهم ما يزالون صامدين صموداً أسطورياً ولم يتزحزحوا عن مواقعهم رغم القصف الوحشي والهجوم الشرس الذي تشنه عليهم كتائب الأسد منذ أربعة أسابيع، وقد اتخذوا قرارهم: لا ننسحب ما بقيت معنا طلقة.

أمَا إن بابا عمرو والخالدية والقرابيص وجورة الشياح وحمص القديمة لتذكّرنا ببدر وأهل بدر، فإن وراء ثباتها وصبرها رجالاً وهبوا أنفسهم لله وجادوا بأرواحهم في سبيله، أسأل الله الرحمة لموتاهم والثبات لمن بقي منهم في الأحياء. لكنْ لم تكن كل معارك حمص صموداً وثباتاً وانتصارات؛ لقد رأينا فيها أيضاً سقوطاً مروّعاً لبعض الأحياء: كرم الزيتون وجب الجندلي وعشيرة والرفاعي والعدوية والمريجة، وأخيراً السقوط المحزن لحي دير بعلبة قبل عشرة أيام. ولم تسقط تلك الأحياء لأن المدافعين كانوا قِلّة ولا لأن السلاح كان معدوماً، فقد كانوا كثيرين والسلاحُ في أيديهم كثير، ولكنهم هُزِموا كما هُزم صدر الأمة في أُحُد.

بعد صمود بابا عمرو الأسطوري كان المتوقع أن تضرب تلك الأحياء رقماً قياسياً جديداً في الصمود، فهي أحياء متراصّة يحمي بعضُها ظهرَ بعض والسلاحُ فيها وفير كثير. فماذا الذي حصل؟ لماذا انهارت؟ لم ينفد السلاح من أيدي المقاتلين، ولكن الهجوم الشرس والقصف العنيف تسبب في حالة من الذعر والارتباك، فألقى عدد كبير من المقاتلين السلاحَ أو انسحبوا به “انسحاباً كَيْفياً”. في المصطلح العسكري يعني هذا الوصف أن الانسحاب كان عشوائياً وأن الجيش ترك المواقع القتالية بلا تخطيط، وهذا هو أسوأ أنواع الانسحاب وأشدّها ضرراً على الجماعة المسلحة المقاتلة وعلى الجماعة المدنية الحاضنة، وهذا ما كان. لقد أخطأ المقاتلون جملة أخطاء فانسحبوا وكشفوا ظهورهم، فدفع سكان الأحياء المنكوبة الثمن غالياً، ذبحاً واغتصاباً وجرائم يشيب من هولها الوِلدان.

في أعقاب السقوط الكارثيّ لدير بعلبة قال لي أحد الإخوة الناشطين في الميدان: لم يهزمنا جيش الأسد ولم نُهزَم من قلة عدد أو سلاح، لقد هُزمنا بأخطائنا وتفرّقنا، نحن المَلومون.

لا، لن نلومكم يا أيها الأبطال ولن نعتب عليكم، فإن العتاب واللوم لم يكونا يوماً من أخلاق النبلاء، لذلك لم يؤثَر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأحد قطّ لِمَ فعلت كذا أو لِمَ لمْ تفعل كذا (كما روى خادمه الذي لزمه سنوات طوال، أنس رضي الله عنه). أمّا النصح والرأي فإنه حق كل مسلم على كل مسلم، وهو على من علم فريضةٌ في حق من لم يعلم، وإنما أهلك الأقوامَ الأولى أنهم كانوا لا يتناصحون ولا يتآمرون بمعروف ولا يتناهَون عن منكر. لن نلومكم ولكنّا لن نترك الكارثة بلا دراسة واستخلاص للدروس والعِبَر. ليس الخطأ جريمة، ولكن رفض الاستفادة من التجربة المُرّة ورفض تعلم الصواب هو الجريمة.

* * *

عاد المسلمون من أُحُد مثقَلين بالجراح والآلام. بالتعبير الحديث نقول إنهم كانوا في حالة نفسية سيئة بسبب ما أصابهم من هزيمة وما فقدوا في المعركة من شهداء. ومتى كانت الكارثة؟ إنها لم تأتِ في عقب مئة نصر مظفّر، إنما هو النصر اليتيم في بدر بعد خمس عشرة سنة من القهر والمعاناة والضعف والانكسار، وهذا ما جعل الهزيمة أشدّ وقعاً وأعمق أثراً، ولو أنها جاءت بعد سلسلة انتصارات لهان الأمر وتضاءل المُصاب.

نعم، لقد عادوا من المعركة مكروبين مهزومين، وربما كان من المناسب أن يتلقاهم المتلقّي على أبواب المدينة بالابتسامات والتعزيات، يقول لهم: لا عليكم أيها الأصحاب، لقد بذلتم الجهد وأخطأتم الاجتهاد ففاز بعضكم بأجر الجهاد ونال آخرون شرف الاستشهاد، لا عتب عليكم ولا تثريب. لو كنت هناك لصنعت ذلك، ولكن الله العليم الحكيم أعلمُ بما يصلح لعباده الذين اصطفاهم لحمل الرسالة في تلك الأيام العصيبة، ولو أنه داوى جراحهم بالمجاملة والعزاء لتاهوا عن إدراك الخطأ الذي ارتكبوه ولذهبت تضحياتهم سُدىً ولم ينتفعوا من الدرس الأليم. فماذا صنع بهم؟

لم يجاملهم أقلّ قدر من المجاملة، لم يمسح على رؤوسهم ولا أجّلَ حسابهم حتى تبرأ جراحهم، بل ألقى على الجرح الملحَ وعجّل بالحساب، فقال لهم: لقد أخطأتم خطيئات كبيرات ودفعتم الثمن. عادوا مُثقَلين بالهزيمة فنفح في قلوبهم العزيمة ونهاهم عن العجز والهوان، قال: {ولا تَهِنوا ولا تحزنوا}. ثم بيّنَ لهم حكمة الهزيمة فقال لهم: {وما أصابكم يومَ التقى الجمعان فبإذن الله}. لماذا يا رب؟ قال: {وليعلم المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم}. وقال: {ليعلم الله الذين آمنوا ويتّخذَ منكم شهداء}، وقال: {وليمحّص الله الذين آمنوا}، وقال: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمّا يعلمِ الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين؟}.

أمّا سبب الهزيمة فهو الأهم، فإنهم يجب أن يعرفوا الخطأ الذي ارتكبوه حتى يتحامَوه من بعدُ فلا يقعوا في مثله: {أوَلمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثلَيها} يشير إلى بدر، وقد قتلوا فيها من المشركين سبعين وأسروا سبعين، {قلتم: أنّى هذا؟}. يسألون: ما سبب هزيمتنا وما سبب مصيبتا؟ فيأتيهم الجواب القاطع الحاسم: {قل هو من عند أنفسكم}.

لقد أذهلتهم الهزيمة عن أنفسهم فراح بعضهم يسأل بعضاً: من أين أصابنا هذا وقد وعدَنا الله بالنصر؟ فجاءهم الردّ من السماء: {ولقد صَدَقكم الله وعده}. كيف يا رب؟ {إذْ تَحُسّونهم بإذنه}. الحَسّ (بالفتح) هو القتل، أي تقتلونهم بإذن الله؛ ذلك أنهم كانوا قد أثخنوا في المشركين وظهروا عليهم، فقتلوا صاحبَ لوائهم ثم انتشروا وسطهم يقتلون منهم ذات اليمين وذات الشمال، وحاول خيّالةُ المشركين الهجومَ ثلاث مرات فردّهم المسلمون برشق السهام، وتعاقب على لواء المشركين سبعة والمسلمون يقتلونهم واحداً بعد واحد. فماذا حدث إذن؟ ولماذا انقلب النصر هزيمة؟ هنا جوهر المسألة وبيت القصيد؛ اسمعوا يا عباد الله:

{ولقد صَدَقكم الله وعده، إذا تَحُسّونهم بإذنه، حتى إذا فَشِلتم وتنازعتم في الأمر وعَصَيتم من بعدِ ما أراكم ما تحبّون، منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليَكم}. هذه هي أسباب الهزيمة يا أيها المؤمنون: “فشلتم”، أي جبنتم وضَعُفتم، “وتنازعتم في الأمر”، اختلفتم فيما بينكم، “وعصيتم”، أي خالفتم أمر نبيكم عليه الصلاة والسلام.

* * *

هذه هي أسباب الهزيمة فاجتنبوها يَصْدقكم وينصركم الله:

(أ) السبب الأول هو الجبن. إن الجُبن قتّال، فإياكم أن تقبلوا بينكم جباناً؛ إنه يقتل نفسه ويقتل غيره. إنّ جبنه يُخرجه من عقله فيرمي سلاحه ويترك موقعه فيكشف ظهركم ويعرّضكم إلى المَقْتلة، وكثيراً ما يُقتَل هو نفسه مُدْبراً غيرَ مقبل، أعوذ بالله من الفرار والإدبار. ولكن ألا يمكن أن يتسلل الخوف إلى قلب المجاهد إذا اشتدّ الرمي وحمي الوطيس؟ بلى، يمكن، ولكنْ لاحظوا الكلمة: “يتسلل الخوف”، ذلك أن المجاهد يتميز بالشجاعة والاتكال على الله، لذلك لا يستطيع الخوف أن يدخل إلى قلبه من الباب فيتسلل تسللاً خفياً من الشبّاك، فإذا وجد منه في قلبه شيئاً ذكر الله فسكن قلبُه وذهب خوفه: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه، فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين}.

(ب) السبب الثاني هو التنازع، وهو الخلاف وليس الاختلاف، فلا بدّ أن يختلف الناس، بل إن الاختلاف سنّة من سنن الخلق، ولعل بعض المجاهدين يرون اعتماد سياسة الهجوم ويختار آخرون الدفاع، أو يميل فريق إلى تركيز القوة في جبهة ويميل فريق آخر لنقلها إلى جبهة غيرها. كل هذا من الاختلاف المقبول، لكنه يجب أن ينتهي -بالحوار العاقل- إلى اتفاق، أما إذا انتهى إلى خلاف وتنازع وتفرّق فإنها الكارثة التي تمزّق الصف وتُذهب القوة: {ولا تَنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحكم}.

(ج) السبب الثالث هو المعصية. صحيح أن الآية أشارت إلى معصية محددة، وهي معصية الرماة الذين أُمروا بالثبات على الجبل فتركوا مواقعهم وانحدروا عنه يريدون الظفر بالغنائم، ولكن “المعصية” لفظة عامة تشمل كل معصية لله ولرسوله، فكيف ينصر الله العُصاة؟ بل إن من سوء الأدب مع الله أن يُعصى بالعين أو باليد أو بالقلب ثم ينطق اللسان بطلب النصر فيقول العاصي: اللهم انصرني يا رب. وقد ينصر الله العصاة، ولكنه يغلب أن يكون نصرَ استدراج، وليس هذا نصراً للمؤمن ولو بدا كذلك لأهل الأرض أجمعين.

وإن من أعظم أشكال ترك المعصية أن لا يقاتل المرء حميّةً ولا عصبية ولا لدنيا أو مال أو ذكر أو جاه، إنما يقاتل لله وفي سبيل الله، أليس هذا هو أمر الله؟ هل أمر الله عباده بالقتال إلا في سبيله فقال: {وقاتلوا في سبيل الله}؟ أليست مخالفة هذا الأمر معصية لله؟ فكيف ينصر الله العصاة؟

يا أيها الناس: إني أشهد شهادة أصدقكم فيها وأصدق فيها الله. لقد عشت مع حوادث حمص الأخيرة يوماً بيوم واطّلعت على كثير من تفصيلاتها الدقيقة، فعلمت أن جنود الله الذين حملوا سلاحهم صادقين مخلصين لله لم يتركوه في ساعة عُسرة، وأن الآخرين الذين حملوه حميّة و”زغرتية” فقط لم يلبثوا أن نبذوه حين اشتدّ الكرب وحمي الوطيس. فيا أيها المرابطون المجاهدون: أخلصوا النيات واصدقوا مع الله واحتسبوا رباطكم في سبيله، واسألوه الثبات عند اللقاء يُمدِدْكم بالقوة والعزيمة والنصر بإذنه تعالى.

* * *

لقد رأينا في حمص العجائب، رأينا انتصارات كانتصار بدر، ولا غرابة، فإن أهل حمص قد أخلصوا لله وتخلّقوا بأخلاق الصدر الأول من هذه الأمة فنصرهم الله بصبرهم وطاعتهم وجهادهم. ورأينا فيها هزائم كهزيمة أُحُد، والذين هُزموا في أحد لم يكونوا مشركين ولا من اليهود أو المجوس، إنما كانوا من خيرة البشر وكان معهم خير البشر، محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يمنع ذلك من أن يُخطئوا فيُهزَموا.

لقد هُزموا فعلاً، ولكن الله لم يتركهم بلا علاج، فأنزل في كتابه الكريم آيات صريحات واضحات بَيّنات تكشف لهم خطأهم وتدلهم على أسباب هزيمتهم، بل لقد بلغ من أهمية الأمر أن القرآن لم يعالج مشكلة قط ولا علّق على حادثة من الحوادث بمثل الطول الذي علّق به على هزيمة أحد، ليس لأن المسلمين فقدوا فيها سبعين شهيداً، فليس الشهداء السبعون كارثة في معركة بناء دولة الإسلام وأمة الإسلام، ولكن لأهمية الدرس وأهمية العبرة.

فاتقوا الله يا أيها المجاهدون، وادفعوا الهزيمة بالطاعة والإخلاص والثبات وتوحيد الكلمة ورصّ الصفوف. اقرؤوا الآيات البيّنات في سورة آل عمران، ثم قفوا ملياً عند آية الختام، فإنها خلاصة المسألة وإنها دواء الأدواء: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}. والله ناصركم ولو بعد حين، بإذن الله رب العالمين.

=========================

حق الأسرى ونداء الواجب

د. مصطفى يوسف اللداوي

قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية هي قضية الفلسطينيين جميعاً بلا استثناء، فجميع أبناء الشعب الفلسطيني سلطةً وحكومة وقوىً وأحزاباً ومنظماتٍ ومؤسساتٍ وجمعياتٍ وفعاليات وعامة الشعب، كلهم يتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه قضايا الأسرى والمعتقلين، وعليهم يقع عبء تحريرهم وتمكينهم من حربتهم، وإعادتهم إلى بيوتهم وأسرهم، وعليهم يقع واجب نصرتهم والتضامن معهم، والعمل معاً جنباً إلى جنب لتحسين شروط اعتقالهم، والتخفيف من معاناتهم، ورفع الظلم والحيف عنهم.

وعليهم يقع واجب الوقوف إلى جانب أسر وأطفال الأسرى والمعتقلين، يساندونهم في حياتهم، ويعوضونهم عن كل نقص تسبب فيه غيابُ والدهم أو معيلهم، فلا ينبغي أن يعاني الأسرى في سجونهم قلقاً على أسرهم، وحزناً على أطفالهم، بل يجب أن يشعروا أنهم مطمئنين من هذا الجانب، وإخوانهم من بعدهم يقومون مقامهم، فلا عوز في بيوتهم، ولا فاقة في حياتهم، ولا مشاكل وعقبات تعترض سبيل أولادهم وأهلهم.

قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب مسؤولية عربية وإسلامية ودولية، وهي مسؤولية لا تسقط بجهد الفلسطينيين، ولا يعفى منها العرب والمسلمون إذا أدى غيرهم الواجب أو جزءاً منه، فعليهم يقع واجب نصرة الفلسطينيين عموماً والانتصار لقضية الأسرى على وجه الخصوص، وهم بلا شك يملكون من الأدوات والإمكانيات والقدرات أكثر مما يملكها الفلسطينيون، ولديهم آفاق عملٍ أوسع على كل الصعد الدولية والإقليمية والمحلية، وجوانب عونهم أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تحصر.

وفي الأثناء لن تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن عمليات الاعتقال والتعذيب والقسوة والاضطهاد بحق الأسرى والمعتقلين، فلن يمتنع الإسرائيليون عن جرائمهم، ولن يتوقفوا عن اعتداءاتهم، بل سيمضون قدماً في اعتقال المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني، ولن يتوقفوا عن التعذيب والإساءة استجابةً للعهود والمواثيق الدولية، واحتراماً لحقوق الإنسان وكرامة المواطنين، فهم لا يحترمون عهداً ولا يقدرون نظاماً ولا يلتزمون باتفاقية أو شرعة دولية، وستدرك إسرائيل أنها لن تحقق أهدافها من وراء سياستها وإن تعاظمت، ولن تتمكن من جني ثمار اعتداءاتها وإن تكررت، وأن مآلها إلى خضوع، ومصيرها إلى استسلامٍ وقبول، فهذه سنن الله في خلقه، وهذه طبائع الشعوب وعادات البشر.

في الوقت نفسه لن يتوب الفلسطينيون عن المقاومة، ولن يلقوا السلاح، ولن يتخلوا عن حقوقهم، ولن يسقطوا شعاراتهم، ولن يضعفوا أمام سيل الاعتقالات وهول التعذيب والإساءات، بل سيمضون في مقاومتهم، وسيستمرون في المطالبة بحقوقهم، ولن تنجح سلطات الاحتلال في كسر إرادتهم والنيل من عزيمتهم، ودفعهم للاستسلام والخنوع والقبول بما يملونه عليهم أو بما يلقونه إليهم، فلا الشعب الفلسطيني سيخضع ويضعف، ولا الأسرى والمعتقلون في السجون والمعتقلات سينهارون ويركعون، ولن تجبرهم الممارسات الإسرائيلية على الاستجداء والتوسل، وطلب الرحمة والمغفرة، وسؤالهم الكف عن التعذيب والامتناع عن التضييق.

فقد أصبحت قضية الأسر والاعتقال مصدر اعتزاز وفخر للشباب الفلسطيني، الذي يدافع عن أرضه ومقدساته، فلم تعد السجون تخيفهم، ولا التعذيب يرعبهم، ولا مواجهة السجان تربكهم، ولا الوقوف أمام المحققين يضعفهم، فالسجن بالنسبة لكثيرٍ من الفلسطينيين أصبح مألوفاً وأمراً اعتيادياً لا يرون نقيضه وبديله طبيعياً من سلطات الاحتلال، وأصبح الأسرى يخرجون من السجون أكثر وعياً وتمسكاً بحقوقهم، وأكثر إصراراً على مواصلة المقاومة، وهم أعلم الناس بالثمن، وأدراهم بما ينتظرهم في السجون والمعتقلات وقد خبروها وعرفوا ما فيها، ومع ذلك فإنهم لا يترددون عن خوض عمار أي معركة بعد أن تشربوا معاني الوطنية والانتماء في سجون الاحتلال، ولا يجبنون عن التصدي لمخططات الاحتلال مهما علا تهديده واشتد في وعيده، ومن الأسرى المحررين من قادوا العمل الوطني لسنوات طويلة، بعد أن خرجوا من سجونهم، ما يعني أن السجن لم يرهبهم، والقيد لم يكسر معاصمهم، والتعذيب لم يقتل فيها القوة والحمية والعزيمة والمضاء، بقدر ما كانت السجون والمعتقلات قلاعاً وطنية حصينة ومدارس مقاومة فريدة، تخرج الأبطال وتقدم الرجال، الذين يفخرون بأنهم يحملون على صدورهم نياشين السجون وأوسمة الاعتقال.

الفلسطينيون جميعاً في الوطن وفي السجون والمعتقلات يدركون طبيعة الاحتلال الإسرائيلي، ويفهمون عقله وطريقة تفكيره، وهم يعلمون أن إسرائيل هي سلطة احتلال، وأنهم لا يختلفون كثيراً عمن سبقهم من قوى استعمارية، احتلت الأرض، واستبدت بسكان البلاد وقتلت مئات الآلاف منهم، ولم ترحم ضعيفاً ولا صغيراً أو مريضاً أو طفلاً أو امرأة، فهذه هي طبائع الاحتلال، وهي ميزات المستعمرين، لم يغيروا طباعهم منذ فجر التاريخ، ولن يكون الإسرائيليون بدعاً جديداً من الاحتلال والاستعمار، اللهم إلا أن يكونوا أشد وأنكى، وأخطر وأخبث، وأسوأ وأظلم، ما يعني أن الفلسطينيين لا ينتظرون من الإسرائيليين رحمة أو شفقة، ولا يتوقعون منهم انتصاراً للعدل وإحقاقاً للحق، ولن يركن الفلسطينيون إلى مشاعر الإسرائيليين وعواطفهم، ولا إلى قلوبهم وأحاسيسهم، ولا إلى نفوسهم وضمائرهم، لأن هذه المعاني عندهم كلها ميتة، وليس فيها حياة إلا بما يخدم قضاياهم ويحقق أهدافهم، فلا ينتظر الفلسطينيون منهم إحساناً ولا عطاءً، ولا يتوقعون منهم إفراجاً أو عفواً، إذ لا وسيلة لتحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم وتحرير أسراهم وفك قيود معتقليهم إلا بالقوة، فما يحققه التبادل دوماً هو الأجدى والأبقى، وهو الأعز والأقوى، وهو الأسرع والأوفر، وهو الذي يمكننا من فرض شروطنا وتحديد أولوياتنا.

الأسرى والمعتقلون في سجون الاحتلال الإسرائيلي لهم علينا جميعاً واجب النصرة وحق الدفاع عنهم والانتصار لقضيتهم، ولهم علينا حق الدعاء لهم، وتذكرهم دوماً وعدم نسيانهم، ليكونوا دوماً معنا حاضرين في كل حدثٍ ومناسبة، فلا يغيبهم فرح، ولا تطغى على سيرتهم مناسبة، ولهم علينا الحق المطلق في دعم قضيتهم في كل مكان، ورفعها في كل ميدان، لتبقى هي القضية الأكثر حضوراً، والأبرز عرضاً، لئلا ينساها أحد، ولئلا يفرط في جهده من أجلها أحد، حتى يعودوا إلينا أعزةً أحراراً أبطالاً كراماً، فهذا يومٌ مهما طال فإنه قادمٌ بإذن الله، وهو يقينٌ في قلوبنا خالد، ووعدٌ لنا من الرحمن باقٍ " إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً".

====================

فاض الكيل و بلغ السيل الزبى يا بشار

بقلم: رضا سالم الصامت*

يواجه بشار تحد كبير من أجهزته و المعارضة، و باندلاع ثورة 15 مارس 2011 يعتبر مصيرالشعب السوري متعلق بقرار تنحيه فبعد موت والده حافظ عام 2000 فقدت سوريا معظم نفوذها و بالتالي فقدت دورها كبلد عربي إسلامي فاعل بالمنطقة و جر بشار البلد إلى الهاوية و من الصعب إصلاح ما أفسده آل الأسد

المراقبين الدوليين عليهم أن يمتلكوا حرية الحركة والقدرة على التواصل مع الضحايا والمصابين ومع المتظاهرين خاصة ، حسب وجهات نظر الصادرة عن النخب السياسية و الاجتماعية و حتى الثقافية فقد عززت سوريا علاقاتها مع إيران و حزب الله اللبناني و التعاون مع موسكو حليفتها السابقة في الحرب الباردة. ومع تصلب العلاقات بين روسيا والغرب فإن هذا التوازن لمصالح سوريا الوطنية بين روسيا والغرب يمكن أن يكون له تأثير سلبي، باعتبار موقع سوريا الجغرافي الاستراتيجي في النقاش حول دروع الدفاع الصاروخية الأميركية في أوروبا والإجراءات المضادة لها

 

ردود فعل الشعب بفئاته المختلفة وضعت النظام السوري في حالة من التوتر والإرباك والضعف، مما دفع النظام إلى وضع البعض من المثقفين والناشطين العلمانيين خلف القضبان أو دفعهم للخروج من البلاد، وبذلك ليس هناك مجتمع مدني له وجهة نظر علمانية معتدلة قادر على أن يعبر عنها، كما تعكس محاولات الإصلاح نظرة جامدة لعصرنة الإدارة والاقتصاد لأنها تستند إلى هيكل سياسي جامد، فالنتيجة النهائية ستعتمد على الفكر السياسي وليس على التوصيات التكنوقراطية للحكومة

 

يقوم الحكم في سوريا على التوازن السلبي، ويواجه نظام البعث أزمة متنامية في مشروعيته ، أما الأسباب فهي بنيوية في طبيعتها وتتعلق بالاقتصاد والسياسات الداخلية التي سبقت حرب العراق بوقت طويل، ولم يكن الضغط الدولي هو أول ما أدى إلى الكشف عنها. لقد جرب بشار كل المحاولات بهدف الخروج من مأزق الإصلاح من دون أن يدمر حكمه لكنه فشل.صحيح أن المجتمع الدولي حريص كل الحرص على إنجاح مهمة عنان ، و التي تبدو أنها فاشلة منذ بدايتها و لا تكشف حقائق ما يجري على الساحة السورية فحتى المراقبين الدوليين قد يفشل هو الآخر على توفير الأمن والحماية لأبناء الشعب السوري بالرغم من التحفظات داخل المجلس الوطني السوري

بشار الأسد فشل في قيادة سوريا و عليه التنحي و الرحيل و تجنب الشعب السوري المزيد من المآسي و المآتم ، ليتركه يقرر مصيره ، فلقد فاض الكيل و بلغ السيل الزبى

* كاتب صحفي و مستشار إعلامي

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ