ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"140
حرفا" بعبع الدكتاتورية ..! جعفر
الوردي مع
تطور الإعلام وطرقه، يطفو على
السطح الإعلام الجديد المتمثل
بمواقع التواصل الاجتماعي (فيس
بوك – تويتر)، وأقول إعلاما
جديدا؛ لأنه أصبح بمفعول يساير
القنوات الفضائية والصحف
اليومية.. المؤسسات
الإعلامية كلها تجري حسب معطيات
ومصالح أصحابها أو من يرأسها،
وإن كانت نزيهة ومهنية فهي تجري
حسب معطيات الدول ومصالحها وما
يحلو لها.. إذن ليس ثمة إعلام
نزيه ينشر الحقيقة الحقة كما
هي، إلا اللهم.. لذلك
كان للإنترنت فضاء كبيرا في
أنفس الناشطين والمثقفين وخاصة
الشباب، فلم تستقبلهم مؤسسات
إعلامية ولا صحفا يومية، فلذا
لجأوا إلى التغريد والنشر كما
يحلو لهم دون رقابة أو وزارة أو
طلبات، كما هي حالة الروتين في
جميع المؤسسات.. غاية
ما يتطلب منك الأمر أن تمتلك
جهاز كومبيوتر أو جهازا محمولا
ذكيا، وعندها أنت مالك للإعلام
والرأي ..!!! نعم ب
140 حرفا تستطيع أن تفعل ما لا
تفعله حلقات مطولة ونقاشات
ممنهجة، فهي كفيلة بأن تحرك
عرشا لطاغية أو تبدد هيبة
لفاسد، أو تفضح سرا لمنحرف.. وجهة
الشباب المثقف، وطالبي الحرية
والعدالة، وفاضي الفساد
والاستبداد لم تعد تحتاج إلى
دفع أموال وتبني مشروعات
لأهدافهم، بل أقل من ذلك بكثير
وكثير .. فعادت
عروش الطغاة مهددة بالانقراض مع
هذه ال140 حرفا، وأصبح هَمُّ
الحكومات ومباحثها أن تتابع
مواقع التواصل الاجتماعي، حيث
قرّبت هذه المواقع البعيد وسهلت
العصيب، وروّضت شراسة
الحيوانات المفترسة في
المجتمعات.. إذن
ليس الخيار خيار قناة ومنعها أو
إعلامي وكبته، بل أكبر من ذلك
وأعظم، وهذه عروش الطغاة تتهاوى
يوما بعد يوم، وما عرين البطة
عنها ببعيد، فهو يتهاوى شيئا
فشيئا أمام هذا الزخم الإعلامي
المتزايد، وكل ذلك بفضل الشباب
الناشط على المواقع جميعها، حيث
كانت صفعةً أليمة له، كان قد نجا
منها السفاح أبوه، بفضل أن لم
يكن ثَمّ إعلام ولا توثيق.. أما
الآن فما يحصل في قرية نائية من
صحراء بلد ما، تراه بعد دقائق
مصورا وموثقا وأنت في أبعد
الأماكن والبقاع.. فليس
أمامنا الآن إلا صفاء النيات ..!
أمام هذه الموجة العارمة التي
لا تبقي ولا تذر ... وهذا بلاغ
لأصدقائي الحكام، حيث في عالم
تويتر كلنا أصدقاء وليس لك من
قدسيتك إلا اسمها ووسمها ...! ========================= بقلم
: رضا سالم الصامت* حرية
الصحافة : موضوع ساخن وقد تم
طرحه سابقا و ما يزال يطرح على
بساط البحث في أي مجتمع وفي أي
عصر ، فالحرية كانت و لا تزال
هدف البشرية منذ فجر التاريخ
إلى وقتنا الحاضر، فهي التي
أنارت طريق البشرية في كفاحها
الطويل والمستمر من أجل تحقيق
المزيد من الرفاهية والتقدم ،
فلا مجال للإبداع بدون حرية
الصحافة ، ولا قيمة للتقدم بدون
تحقيق المزيد من الحرية فالصحافة
كإحدى وسائل التعبير عن الرأي
في المجتمع المعاصر و في النظام
الديمقراطي ، هي السبيل إلى
معرفة ما يدور في المجتمع،
والإحاطة به لقيم اجتماعية
سائدة لأنها تبني و لا تهدم ، و
تكشف عن النقص المتفشي بالمجتمع
، وتعمل على دفع الجهات
المسؤولة على الاصلاح و التنمية
و تجنب النقص سواء كان من
الناحية الإجتماعية أو
الإقتصادية أو الثقافية أو حتى
السياسية . فالصحافة تلعب دورا
أساسيا في تغطية الأحداث سواء
عن قرب أو عن بعد و بدون رتوش و
تقديم المعلومة الصحيحة و هو ما
يفسر سر اهتمام المواثيق
الدولية لحقوق الإنسان سواء على
النطاق الإقليمي أو الدولي و من
أجل إنجاح دور هذا الصحافي أو
ذاك فان حرية التعبير يجب أن
تكون مطلوبة و إبداء الرأي يجب
أن يكون حق مقدس لدى الإنسان مع
عدم خضوعها للرقابة.، لكن في
المقابل على الصحفي أن يكون
ملتزما بآداب و احترام المهنة و
لا يحق له ثلب الآخرين أو نشر
تقارير و مقالات مزيفة مغلوطة ،
وتمكين رؤساء تحرير الصحف من
صلاحية تقرير سياسة الصحيفة
،وكذا الحق في التحقيق والحصول
على المعلومات ، وأيضا حرية نشر
هذه المعلومات والآرء ، وذلك
حتى تتحقق الأهمية المرجوة من
الصحافة و خدمة المجتمع على وجه
أفضل . فالصحافة سلطة رابعة لن
تأتى هكذا و عليها أن تؤدي دورها
المنوط بعهدتها ، كما ينبغي و
بذلك تتحقق النتائج المرجوة
منها برغم
الأهمية التي تحتلها " حرية
الصحافة " في النظام
الديمقراطي ،و خاصة بعد ربيع
الثورات العربية فإن هذا لا
يعني أبدا أنها مطلقة ،وكونها
تعد من الحريات التي يتعدى
أثرها الفرد إلى المجتمع وإلى
السلطة ففي الأنظمة القانونية
لايمكن أن تكون هذه الحرية
مطلقة بلا قيد وإلا انقلبت إلى
فوضى خاصة بعد حدوث ثورات عربية
مثلما حصل في تونس و مصر و ليبيا
و اليمن حرية
الصحافة هي التي تتأسس أولا
وأخيرا على مبدئي المسؤولية
والإلتزام والأخلاق بمفهومه
العام والمهني، تتطلب المزاولة
الشريفة للمهنة الصحفية
والإخلاص للمصلحة العامة ، لذلك
يجب على الصحفيين أن يتجنبوا
السعي وراء منفعتهم الشخصية أو
تأييد المصالح الخاصة
المتعارضة مع المصلحة العامة
أيا كانت الأسباب والدوافع فالإفتراء
والتشهير المتعمد والتهم التي
لا تستند إلى دليل وإنتحال
أقوال الغير كل ذلك يعد أخطاء
مهنية خطيرة. أما التقارير
الإخبارية والإستطلاعات التي
تعالج الشؤون القضائية ، يجب
مراعاة قاعدة ” البراءة هي
الأصل “. وكذا يجب مراعاة مشاعر
عائلة الشخص المعني بالأمر في
حالة إدانته ، إضافة إلى وجود
حماية الضحايا وإحترام الكرامة
الإنسانية و هكذا
فان حرية الصحافة لم تتأسس بعد ؟
لذلك
على الصحفي أن يتجنب إستغلال
المعطيات والأخبار المتوفرة
لديه، بغرض الإثارة خارج السياق
، كما يجب عليه احترام أخلاق
وآداب المهنة ، وأن يعترف لها
بالسلطة المعنوية التي يجب أن
تحظى بها خاصة على المستوى
الأخلاقي ، بالتالي فكل تجاوز
لأخلاقيات المهنة يعرض لعقوبات
و خطايا إذا
كان هناك خروقات أو تجاوزات
أخلاقيات المهنة ، تغضب القارئ
والقانون على وجه التحديد فإنها
بالدرجة الأولى تمس بسمعة
الصحافيين المهنيين الممارسين،
الذين يتضررون من ممارسة
زملائهم و خاصة الدخلاء على
المهنة ، إذ غدا خاصة بعد ربيع
الثورات العربية عمل الصحفي
مهنة من لا مهنة له. *كاتب
صحفي و مستشار إعلامي متعاون ====================== سامي
الأخرس صَمد
شعبنا الفلسطيني أمام الانتقام
الصهيوني بعد عملية خطف
الصهيوني (شاليط) ولم يئن أو
يشكوا تضحياته بما إنه أدرك أن
مقابل التضحية تحرير أسراه
الأبطال، وتحقق له ما أراد وإن
لم يكن على قدر المأمول
والمتوقع، ولكن تحقق واستطاعت
المقاومة تحرير جزء من الأسرى
من باستيلات الصهيونية التي لم
تفِ بإلتزماتها وتعهداتها
بصفقة التبادل، ولم تنه العزل
الانفرادي، ولم ترفع يدها عن
المحررين واستمرت في ممارسة كل
سبل وأشكال غطرستها
وانتهاكاتها للاتفاقيات
الدولية المتعلقة بمعاملة أسرى
الحرب، وعاملت أسرانا كمعتقلين
جنائيين، وكذلك نكوصها لما
إلتزمت به في صفقة التبادل
الأخيرة وفق المعلن عنه، دون
تحرك الراعي المصري حتى راهن
اللحظة تحرك يُجبر الكيان على
تنفيذ ما جاء في الصفقة، وهو ما
دفع آلاف الأسرى للإعلان
الإضراب عن الطعام حتى إنهاء
العزل الانفرادي، وتحسين
الظروف الإعتقالية التي وفيما
يبدو تعرضت لغربلة التفافية
مزدوجة استهدفت الحركة الأسيرة
عامة، وثني الأسير الفلسطيني عن
التفكير بهمومه الوطنية
والجماعية، والبحث عن همومه
الشخصية من خلال العديد من
الإجراءات الصهيونية، والحزبية
الفلسطينية التي حولت
الأكاديميات النضالية الأسيرة
إلى منتج شخصي وهمي يغرق الأسير
في جزيئيات حياتية ثانوية على
حساب العموميات الوطنية
الأسيرة، مما دفع الكيان ومصلحة
السجون الصهيونية للاستفراد
بالأسرى بإجراءاتها
وممارساتها، وسط حالة من الصمت
واللامبالاة غير المعتادة في
داخل الحركة الأسيرة، والتي
بدأت تعيد الحياة لجسدها
المتعفن بالشخصنه، وتستعيد
توازنها المعهود وحيويتها
الوطنية من خلال الإضراب الذي
بدأه الأمين العام للجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين ( أحمد
سعدات)، ومن ثم توالت الخطوات
التي حققت انتصارات ولو إنها
جزئية وفردية ولكنها تستحق أن
تتواصل مثل حالتي ( خضر عدنان،
وهناء شلبي)، فأدركت الحركة
الأسيرة ضرورة إعادة الحياة
لذاتها للانطلاق من جديد على
قاعدة الهم العام. ومع
خوض أسرانا الأبطال لإضرابهم
الحالي لا زالت عملية التحرك
لأجلهم رسميًا وشعبيًا خجولة
وعلى حياء ولم تخرج عن طور
اعتصامات استعراضية لمحبي
الكاميرات، الذين يريدون أن
تظهر صورهم وليس صور الأسرى،
وخيمات اعتصام لا تمتلئ إلّا
بنساء وذوي الأسرى وبعض النشطاء
المعدودين، أو عندما يراد تنظيم
مؤتمر صحفي تم التحضير له
واستدعاء كاميرات الفضائيات،
مع مسيرات عنترية إعلامية لبعض
الفصائل التي تريد القفز على
صهوة الإضراب إعلاميًا فقط،
تمارس من خلالها هوايتها
المعتادة في النضال الإعلامي،
وبعض التهديدات الفراغية التي
تنطلق هنا وهناك، دون التحرك
بأي خطوات عملية وفعلية تكون
ضاغطة على الكيان وناصره للأسرى
فعليًا، وخاصة من أجنحة
المقاومة الفلسطينية التي تعيش
حالة سبات مستهجن ومستغرب أمام
اغتيال آلاف الأسرى بصورة منظمة
وممنهجة وواضحة، فهل تنتظر
مقاومتنا فتح أبواب المقابر
بشكل جماعي لكي تستفيق من
غفوتها الشعاراتية؟. إن
المطلوب اليوم لأجل الأسرى
استنهاض كل مقومات الفعل الوطني
السياسي والعسكري والشعبي
والاجتماعي ...إلخ وكل أنواع
النضال لنصرة أسرانا الأبطال،
وهذا لن يكون إلّا من خلال: 1. أن
تستنهض مقاومتنا بأذرعها
المختلفة الانعتاق من براثن
الساسة وتكرشهم، وتصوب
قاذفاتها وفوهات بنادقها صوب
العمق الصهيوني حتى يرضخ لمطالب
أسرانا. 2. أن
تتحرر من هدنه لا تجلب على شعبنا
سوى مزيدًا من الحصار والويلات
والاستفراد من قبل الكيان. 3. أن
تعلن مقاومتنا بشكل علني أن هذا
العام عام تحرير الأسرى بالفعل
المقاوم، من خلال الإعداد
والتنفيذ لخطط فاعلة لتحرير
الأسرى تبدأ من أطلاق الصواريخ،
والهجمات العسكرية
والاستشهادية، والخطف
والاغتيالات وكل أشكال
المقاومة داخليًا وخارجيًا. 4. على
قادة وكوادر الفصائل ومؤسسات
المجتمع المدني الفلسطيني
النزول للشارع الفلسطيني
وإعلان الإضراب مع الأسرى وعدم
العودة لمنازلهم ولمواقعهم
إلّا مع تحقيق مطالب الأسرى. 5. على
أعضاء المجلس الوطني والمجلس
المركزي والمجلس التشريعي
ووزراء الحكومتين، وقادة منظمة
التحرير الفلسطينية التحرك
فعليًا لأجل الأسرى. 6. على
مؤسسات النهب والسلب المدني أن
تنحي عمليات نهبها الاجتماعي
والتفرغ لقضايا الأسرى. ==================== صنع
« الشَّوكَة» الشيعيّة .. تونس
نموذجا عمار
عبيدي تطرح
العلاقة الشيعية (متمثّلة في
إيران) مع الغرب (ممثّلا في
أمريكا بالأساس) أسئلة محيّرٍة
كثيرة. ولعلّه من المستحيل
دراسة المسألة برمّتها
وبالتالي صعوبة الإجابة عن جلّ
الأسئلة التّي تطرحها هذه
العلاقة. لكن تنامي ظاهرة
الاستقطاب الشيعي في تونس
يجعلنا مجبرين على محاولة نقاش
الموضوع أو على الأقلّ تفكيك
بعض الإشكاليات ذات العلاقة
بالمشهد التونسي والتي
بالتأكيد تتماهى مع الإشكاليات
المطروحة دوليا حول علاقة الغرب
بإيران. ولعلّ
في مقدمّة الأسئلة التي تتدافع
إلى ذهن الباحث في الموضوع هو
سرّ صمت حركة النهضة عن ممارسات
أصبحت حسب متابعين للشأن
التونسي ظاهرة للجميع من طرف «
فيالق التبشير» بنظريات « آيات
الله الفارسية»؟ ونفس التساؤل
قد يحملنا إلى آخر قريب منه ألا
وهو كيف تصمت أمريكا ومن اتبع
هداها على العلاقة «الودّية»
بين حركة النهضة والنظام
الإيراني في حين تزعم أنّها
تحارب نظام سوريا لنفس السبب
وتعزل حزب الله اللبناني لذات
الدافع، والقائمة طويلة في هذا
الصدد؟ قد
يكون « للنهضة» التونسية
تفسيراتها الخاصّة للموضوع؛
لكن هل للوبيات أمريكا وفرنسا
الإعلامية في تونس تفسيراتها هي
أيضا لحملاتها التحريضية ضدّ
السلفيين – السنّة - في مقابل
صمتهم المطبق عن « السلفية
الشيعية» ؟ ولعلّ المقارنة
الأخطر التّي تتجاوز هذه التّي
سبقت هو تعاطي الغرب مع القدرات
العسكرية والعلمية لإيران في
مقابل تعاطيها مع مثّيلاتها لدى
السنّة. جرت
العادة عند طرح الموضوع الشيعي
بأن يلجأ « آيات الله »
المبشّرون بالخميني إلى نفي أيّ
نشاط لهم في تونس (أو في أي بلد)،
لكن ما حصل هذه المرّة هو أنّ
النشاط الجمعياتي الشيعي كان
ظاهرا للعيان، بل خرج المنتمون
الجدد لهذا المذهب إلى العلن في
فضاء تونسي أصبح مفتوحا على كلّ
الأفكار من داخل الإسلام ومن
خارجه وصولا حتّى إلى عبدة
الشياطين!!! لذلك فإنّه ما من شكّ
أنّ الشيعة يحاولون الاستقطاب،
قد يطول الجدل حول إمكانية
نجاحهم أم لا، لكن الأكيد، حسب
عديد الجهات، أنّهم ينشطون، وقد
حشدوا قرابة 500 شخص في مكان له
رمزياته التاريخية في تونس
كالقيروان، مهد الإسلام في
المغرب العربي، ليحتفلوا فيها
بعاشوراء!!! ولئن
نفت حركة النهضة على لسان عديد
قادتها تواجد أيّ نشاط شيعي في
تونس إلا أنّ أحداثا كثيرة
أثبتت الحراك الإيراني في تونس.
أما اكتشاف بعض الشباب لإحدى
المكتبات التّي تشرف على طبع
وتوزيع المراجع الشيعية في تونس
لهو دليل واضح على حركة خفيّة «
لآيات الله المبشّرين» لكنّها
تتوسّع. ولعلّ انتشار هذه
المراجع في المكتبات وأمام
المساجد خير برهان على ذلك،
ناهيك عن الجمعيات التّي يشرف
على نشاطها متشيّعون تونسيّون
في الجهات التّي تشهد منذ عهد
الرئيس المخلوع نشاطا لافتا
لهؤلاء. وقد ازداد بعد الثورة. سرد
الإثباتات حول هذا النشاط
الشيعي في تونس قد يطول،
فالمسألة أصبحت مسموعة ومرئية
للجميع، حتى أن أحد المحامين
أعلن عن تأسيس الرابطة التونسية
لمناهضة المد الشيعي في تونس
التي ستأخذ على عاتقها مهمة
التصدي للتشيّع على حد تعبير
مؤسسها. تعوّد
المتابعون للجماعات الإسلامية
خاصة منها المناهضة لأمريكا أو
التي تدّعي الممانعة أن تستبق
الولايات المتحدة الأحداث
بإغلاق المنافذ أمام هذه
الجماعات، على شاكلة ما فعلته
مع تنظيم «القاعدة» من خلال
تصريحات تحذيرية أو تقارير
أمنية تدفع إلى التصدي لهذه
الجماعات وهو ما يغيب في حالة
الاستقطاب الشيعي في تونس. ومن
الأكيد أنّ حكومة الترويكا في
تونس ليس لديها من الاستقلالية
ما يجعلها بمنأى عن تجنب
التوبيخ الأمريكي – إذا ما وجد-
حول ضرورة منع جماعات الاستقطاب
الشيعي من العمل في تونس علنا.
لكن الولايات المتحدّة تريد
استعمال النموذج الثوري
الإيراني في التصدّي لنموذج
أكثر ثورية وهو النموذج السلفي
السني الذّي يبدو أكثر قدرة على
الاستقطاب ، وهذا ما تثبته
الدراسات الأمريكية التّي
تشدّد على قلقها الشديد من هذا
التيّار السلفي الذّي يزداد
يوما بعد يوم وينبئ حسب ذات
المصادر بما تزعم أنه مخاطر
عديدة رغم إعلانه« سلمية الدعوة». رغم
كلّ هذا قد تعلّل الحكومة
الإسلامية صمتها تجاه التحرك
الشيعي في تونس بالمبادئ
الديمقراطية التّي تسمح بحريّة
التعبير وبالتّالي لا يمكن
التصدّي لأيّ أفكار مهما كانت،
رغم أن ذلك يعتبر متضاربا مع
دعوات الحكومة إلى إخلاء
المساجد من الأئمة السلفيين
وتركها بيد المنتمين لحركة
النهضة فقط. ولعلّ تاريخ حركة
النهضة المرتبط كثيرا
بالجمهورية الإيرانية
والمساعدات الإيرانية سبب آخر
لنلتمس عذرا لها في عدم تطرّقها
للموضوع الشيعي، وقد نذهب أبعد
من ذلك لنقول ربّما لا تزال حركة
النهضة غير قادرة على بسط هيبة
الدولة بما يكفي لإيقاف هذا
الأمر. الإعلام
والشيعة « السلفيون يبرزون
للعلن والشيعة لا يظهرون» و«
الأدّلة العلمية تثبت التواجد
السلفي ولا تثبت الاستقطاب
الشيعي». هذه هي أقوى الحجج
التّي قد يطرحها الإعلاميون
التونسيّون عند سؤالهم عن سبب
تركيزهم على المسألة السلفية
دون التطرّق إلى الشيعة في
بلدهم. لكن الأدّلة العلمية
متوفرة والحجج القويّة كذلك،
فالمركز الثقافي الإيراني –
الذراع التبشيري للشيعة- ينشط
على السّاحة التونسية كما لم
ينشط أبدا، ويكفي أن نذكر أنّ
قرابة المائة شابّ وقعت
استضافتهم فيما يعرف بمؤتمر
الصحوة الإسلامية في إيران، كما
قام المركز بتكثيف نشاطه
الثقافي والإشهاري مثل صفقة
إعلانية عقدتها السفارة
الإيرانية مع جريدة الصباح
التونسية قيمتها ثمانية ملايين
من الملّيمات لتقوم الصحيفة
بإشهار لإنجازات الجمهورية
الإسلامية ناهيك عن المهرجانات
والنشاط الجمعياتي. فقد حضر -
كما سبق وذكرنا- أكثر من خمسمائة
شخص في ولاية القيروان ذكرى
عاشوراء حسب التقاليد والعادات
الإيرانية التّي تعرف بالنياح
وجلد النفس، ممّا يفسرّ توغلّ
المدّ الشيعي لا على المستوى
الفكري فحسب وإنّما تغلغله أكثر
ليصل إلى الممارسة أيضا في تونس.
كلّ
ما سلف يثبت بأنّ ظاهرة التشيع
تطفو بوضوح على سطح الأحداث،
لكن المشكل في أنّ الإعلام
والسُّلَطْ يريدان تجاوزها
عملا بمبدأين أساسين هما نفس
المبدأين اللذّين تتعامل بهما
الولايات المتحدّة والغرب مع
الملف الإيراني في الفترة
الراهنة وهما: أوّلا:
صنع الشوكة الشيعي إيران
تصنع مروحية .. إيران تصنع طائرة
نفاثة .. إيران تطوّر صاروخ شهاب
.. إيران وصلت إلى مراحل متقدّمة
في برنامجها النووي .. كلّ هذه
السنوات التّي مرّت وجمهورية
الفرس ليست على أجندة أمريكا
القتالية؟؟ حتّى ادّعاؤها دعم
الرئيس العراقي صدّام حسين في
حرب الخليج الأولى تبيّن أنّه
زائف، وكان القصد منه صدّام
وليس إيران، فتلك الحرب سهّلت
صنع أزمة اسمها العراق في
الخليج للتدّخل على مدى سنوات
لإنهاء صدّام حسين، القوّة
السنية التّي نمت أكثر من
اللازم بالنسبة أمريكا.هو إذن
صمت متواطئ، القصد منه صنع
إيران القويّة كشوكة في خاصرة
أيّ محاولة سنيّة للوقوف من
جديد. لذلك ليس مسموحا للعراق
بالتسلّح ولا لأيّ كان من دول
أهل السنّة، لذلك أيضا تمّ وأد
التجربة النووية العراقية
وحتّى التجربة السورية رغم
نظامها العلوي، لأنّ الشعب
السوري أغلبه سنيّ وقد يثور ..
لذلك أيضا وأيضا تمّ إنهاء
المحاولة السورية بذات الطريقة
التّي أنهيت بها المحاولة
العراقية (قصف بالطيران
الإسرائيلي). ونفس الأمر ينسحب
على النموذج التونسي الذّي يتمّ
فيه صنع امتداد شيعي خاصّة في
الجنوب الذّي تشكلّت فيه منذ
مدّة نواة شيعية بدأت بعد
الثورة بالتحرّك ووضع مخطّط
ممنهج لتشييع التونسيين وسط
غطاء من الصمت السياسي
والإعلامي المشبوه. لعلّ
أبعاد صنع النموذج الشيعي كثيرة
لكن تجلّياتها تبرز أساسا في
رسمه على أساس أنّه نموذج ممانع
لهيمنة « المركز»، ليس له
ارتباط بالغرب من خلال سلسلة
التهديدات والعقوبات الجوفاء
التّي لا تقتل إيران بقدر ما
تصنع منها رمزا لبطولات تسهّل
أمامها طريق الاستقطاب في
الشعوب السنيّة.غير أنّ
المتأملّ في خفايا نموذج
الممانعة الشيعي يدرك زيف هذا
الادّعاء الذّي تدحضه سلسلة
التّآمر الإيراني مع أمريكا على
العراق وأفغانستان وغيرها
التّي خاضتها إيران مع الغرب
بهدف وأد محاولات استرداد
الهيبة السنية أمام الاحتلال
الأمريكي الذّي قدّمت له إيران
العراق على طبق من ذهب ووشّحت
الاحتلال الغربي لأفغانستان
بنياشين المباركة والحصار
للمقاتلين الأفغان. ثانيا:
هدم النموذج لأقوى قد
يبدو التساؤل عن جدوى بناء
الغرب لإيران القويّة وتجاهل
تعاظمها معقولا بل مبرّرا ولكن
ذلك في حدود معيّنة، غير أنه من
الأكيد أنّ غضّ الطرف عن تنامي
قدرات إيران العسكرية ومحاولة
نشر فكرها الشيعي مبرّر أكثر،
باعتبار أنّ القصد من ورائه ليس
خدمة إيران بل ضرب السنّة
لأنّهم الخطر الأكبر. من
الضروري أن نذّكر بأنّ « المركز»
يدرك جيّدا تفاصيل الاختلافات
المذهبية داخل الإسلام لذلك فهو
يعرف محدودية قدرة الشيعة على
الانتشار كما يدركون جيّدا
قابلية الفكرة السنيّة على
الإقناع بل وأكثر من ذلك على
توحيد الصف الإسلامي وذلك أخطر
بالنسبة ل « المركز» الذّي يبحث
عن التفتيت ونشر الأفكار
الهدّامة المجزّئة وليس
الموحدّة. زيادة على أنّ «
المركز» يدرك جيّدا أنّه صحيح
أنّ النموذج الإيراني الشيعي
ثوري لكنّه غير قابل للمقارنة
بالنموذج الثوري السني الذّي
تستعصي معه أنصاف الحلول، أيضا
النموذج الشيعي قابل للتفاوض
على التوحيد وعلى الأرض وتسهيل
احتلال العراق مثال جيّد على
ذلك، لكن في المقابل النموذج
الثوري السنّي والممتثّل أساسا
في الجماعات المقاتلة يرفض
التفاوض على الأرض وبالأساس على
التوحيد. لماذا
تونس نموذجا؟؟ قد
يكون من العجيب طرح الفكرة
الشيعية في تونس لكن من الضروري
القول إنّ إفريقية ليست بمنأى
عن عودة الشيعة. إذ شهدت تونس في
فترة تاريخية بعينها سيطرة دولة
العبيديين الذّين أخرجهم أصحاب
سٌحنون من سادة المذهب المالكي
وحاربوهم لاسترجاع بلدهم. وهذا
الأثر الشيعي لفترة العبيديين
لا يزال عالقا في بعض المناطق في
الجنوب التونسي التّي لا تزال
تختزن بعض المعتنقين لهذا
المذهب. لأجل هذا كلّه فإنّ تونس
أرض مناسبة لصنع نفوذ شيعي علّه
يعيق المدّ الثوري المتعاظم
لأهل السنّة والجماعة في هذا
البلد. ولعل ما يخيف أكثر هو
استغلال الحماس الثوري للشباب
التونسي في غير موضعه رغم أن
إمكانات تحقق ذلك ضئيلة إلا أن
النموذج الثوري الإيراني مطروح
كقوّة قد لا تستطيع المنافسة
فكريا لكنّها قد تعطّل سرعة
نهوض النموذج الأقوى على الأرض
وفي الفكر أيضا. ======================== إنتخابات
مبكرة في إسرائيل...ماذا عن
فلسطين؟ عريب
الرنتاوي دخلت
إسرائيل في "جو"
الإنتخابات المبكرة...حتى نهاية
العام، يمكننا الجزم، بأن
قرارات كبرى لن تؤخذ، على أي
صعيد من الصعد، أللهم إلا إذا
كانت بصدد شن حرب هنا أو اعتداء
هناك، لتعزيز أسهم الإئتلاف
الحزبي (الليكود تحديداً)،
وضمان فوزه "المؤزّر" على
منافسيه. أما
بخصوص "مفاوضات الرسائل" و"الاستشكاف"
واللقاءات الجانبية، فكلها
ستدور في حلقة مفرغة، لا لون لها
ولا طعم ولا رائحة...الأرجح، أن
الانتخابات ستجري في الرابع من
أيلول/سبتبمر القادم، والمؤكد
أن تشكيل حكومة جديدة، سيستغرق
بضعة أشهر، أي أن ما تبقى من
السنة الحالية (ثمانية أشهر)،
ستخضع خلاله إسرائيل لحكومات
"شلل" و"تصريف أعمال"،
لا أكثر ولا أقل...هذه هي الحقيقة. لكن
على مسار العدوان والاستيطان
والحصار، لا شيء سيتغير...الحركة
ستتواصل بذات الكفاءة
والفاعلية...بل أننا سنشهد
مزيداً من التوسع الاستيطاني
برزت نذره وإرهاصته في الهجمة
الجديدة والمستجدة على القدس
وجوارها، وتلوح إرهاصاته في
جملة القوانين المعروضة على
الكنيست بما فيها "تجنيد"
العرب، وليس مستبعداً أبداً أن
نرى تصعيداً وشيكاً على غزة،
إغتيالات وعدوانات، ولدواعٍ
إنتخابية محضة ؟!. في
الطريق إلى الإنتخابات، تبدو
الصورة واضحة تماماً: "شلل
سياسي" يؤرق خيار المفاوضات
والمفاوضين...ونشاط إستيطاني
وعدواني، يقضم المزيد من الأرض
والحقوق...لكن سؤال ما بعد
الإنتخابات، يطرح نفسه بإلحاح
كذلك، وهو سؤال ليس من الصعب
توفير الإجابة عليه من الآن...إذ
وفقاً لأفضل السيناريوهات، فإن
اليوم التالي للإنتخابات
المقبلة، لن يختلف عن اليوم
الذي سبقه...لكن "أسوأ
السيناريوهات" وأكثرها
ترجيحاً يقول، بأن اليوم الذي
سيلي الانتخابات، سيكون أسوأ من
اليوم الذي سبقه، فإسرائيل تجنح
نحو اليمين واليمين المتطرف،
دينياً (أصولياً) وعلمانياً،
والإناء الإسرائيلي لن ينضح إلا
بحكومة يمنيّة على شاكلته
وطرازه. أغلب
استطلاعات الرأي العام في
إسرائيل، ترجح حصول كتلة اليمين
بمختلف مكوناتها على ما يقرب من
67 مقعداً في الكنيست (بالحد
الأدنى)، والمقصود باليمين هنا
وفقاً للتصنيفات الإسرائيلية
الدارجة: الليكود وإسرائيل
بيتنا وشاس والمفدال وبقية
المجاميع الدينية واليمينية
الأصغر...لكن وفقاً لتصنيفاتنا،
فإن اليسار في إسرائيل، لم يعد
مندرجاً على خريطة الكنيست،
ونستكثر على حزب كاديما أن يُعد
"تيارا وسطاً"، كان
يمينياً تحت زعامة تسيبي ليفني
التي اعتزلت الكنيست بعد
خساراتها في مؤتمر كاديما
الأخير، وسيزداد يمنيّة تحت
زعامة شاؤول موفاز، الجنرال
التائه في غطرسته. إن مثل
هذه المعطيات الواضحة وضوح
الشمس في رابعة النهار، يجب أن
تقلق قيادة السلطة والمنظمة،
والمراهنين على خيار "التفاوض"
بكل أشكاله...لا حل سياسياً في
أفق القضية الفلسطينية والصراع
الفلسطيني الإسرائيلي، لا الآن
ولا في المدى المنظور...إسرائيل
ستنشغل طوال ثمانية أشهر، في
ترتيب بيتها الداخلي، فلماذا لا
ينصرف الفلسطينيون إلى ترتيب
شؤون بيتهم الداخلي خلال هذه
الفترة...لماذا لا يجعلوا منها
"فترة تأمل ومراجعة"، ل"تقييم
المسار وتقويمه"...لماذا لا
يأخذوا العبرة مما يجري في
الخندق الاخر. لكأننا
ندور في دوّامة لا مخرج منها...ربما
تحمل هذه المقالة رقم 10 من سلسلة
مقالات كتبت بمناسبة إنتخابات
مبكرة في إسرائيل، ودائما نصل
إلى ذات النتائج ونطرح ذات
التساؤلات...لكأنه كُتب علينا
البقاء جالسين على مقاعد
الانتظار، فيما إسرائيل تودع
حكومة وتستقبل أخرى، تنشئ
أحزاباً وتأكل أحزابا، يأتي "كبير
مفاوضين" ويروح "كبير
مفاوضين"...أما في الحالة
الفلسطينية فكل شيء على حاله من
الركود و"الإستنقاع" و"الدوران
في حلقة مفرغة"...ذات السياسات
والرهانات...ذات الوجوه
والأسماء...ذات الطريق والنهج،
ومع ذلك هناك دائماً من يتوقع
الوصول إلى نتائج مغايرة ؟!. هل آن
أوان كسر هذه الحلقة المفرغة...هل
دقت ساعة العمل لبناء
استراتيجية وطنية بديلة، قولاً
وفعلاً، وليس في التصريحات
والتهديدات الفارغة والجوفاء
فقط...هل ثمة من فرصة للمصالحة
التي بات الحديث عنها، أمراً
ممجوجاً بعد أن إنتهت أحدث
جولاتها إلى انشقاق كل من فتح
وحماس، بدل توحيد الحركتين معاً
؟!. إسرائيل
تتقدم ونحن نتراجع...إسرائيل
تبيعنا الوقت والوهم، ونحن
نشتريه...إسرائيل تعيد بناء
بيتها الداخلي، ونحن نعبث بغرف
نومنا وأسرّتنا...إسرائيل تنجح
في اصطياد الدب، ونحن نقتتل على
جلده....هذا هو حالنا وحال خصمنا،
بصراحة ومن دون روتوش. =========================== د.
مصطفى يوسف اللداوي يبدو
أن حكومة بنيامين نتنياهو
الإسرائيلية اليمينية
المتشددة، قد نجحت بوزير
خارجيتها المثير للجدل
أفيغودور ليبرمان في اجتياح
دولة أذربيجان، وهي الدولة
الآسيوية المجاورة لإيران،
واللصيقة بروسيا، والقريبة من
خطوط إمداد الغاز الآسيوية
الغنية، ذات الكثافة السكانية
المسلمة، إلا أن إسرائيل
استطاعت أن تتغلغل بنجاحٍ في
النسيج العام لها، ونجحت في أن
يكون لها فيها قاعدة ومنطلق
عمل، ومقر استخبارات، وموئلاً
لفرق الاغتيال والتصفية،
ومركزاً تجارياً واقتصادياً
متقدماً، ووكراً للجاسوسية
وجمع المعلومات، لتكون ذراعها
الجنوبية المتقدمة ضد إيران
والمنطقة العربية كلها. فقد
نجح وزير الخارجية الإسرائيلية
أفيغودور ليبرمان في رفع مستوى
التمثيل الدبلوماسي بين
البلدين، وضاعف عدد الزيارات
المتبادلة على كل المستويات
والتخصصات، كما ساهم الإعلام
المحلي لأذربيجان بالتعاون مع
خبراء إعلاميين ومختصين
إسرائيليين في تحسين صورة
الكيان الإسرائيلي، والتأثير
على الرأي العام الأذري،
وإبعاده عن مراكز التأثير
العربية والإسلامية التي كان
لها دورٌ كبير في السنوات
الماضية في التأثير على اتجاهات
الرأي العام الشعبي والرسمي
الأذري، وجعل من القيادة
الأذرية وشعبها نصيراً وحليفاً
لقضايا العرب والمسلمين
لسنواتٍ طويلة. كما
بلغ حجم التبادل التجاري بين
إسرائيل وأذربيجان قرابة أربعة
مليارات دولار سنوياً، شمل
مختلف القطاعات الاقتصادية،
ومنها الصناعات العسكرية
والأمنية، حيث تمد شركة
الصناعات الجوية الإسرائيلية
أذربيجان بمجموعة كبيرة من
المنتجات العسكرية، منها
طائرات بدون طيار، وطائرات
تجسس، وصواريخ مضادة للطائرات
وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ،
كما تمدها بالصناعات
الإليكترونية الدقيقة،
ومستلزمات الكمبيوترات
العملاقة، في الوقت الذي تزود
فيها أذربيجان الكيان
الإسرائيلي بقرابة 30% من حاجتها
من مصادر الطاقة المختلفة، في
الوقت الذي بدأت فيه بوادر أزمة
طاقة وغاز إسرائيلية، بعد
عمليات تدمير خطوط إمداد الغاز
المصري لإسرائيل، وبعد قرار
الشركة المصرية الناقلة للغاز
بوقف نقل الغاز المصري إلى
إسرائيل، الأمر الذي يفسر
كثيراً المحاولات الإسرائيلية
المحمومة لفتح علاقاتٍ
إستراتيجية عسكرية وأمنية
واقتصادية مع أرمينيا، وهو ما
يجعل من دولة أذربيجان الأولى
بين دول العالم في حجم تجارتها
الخارجية مع الكيان
الإسرائيلي، فضلاً عن حضورها
الأمني والعسكري. تدرك
الحكومة الإسرائيلية والخبراء
الإستراتيجيون الإسرائيليون
أهمية أذربيجان، وإستراتيجية
موقعها الجغرافي بالنسبة إلى
إيران وروسيا، وأنها تمثل
امتداداً للنفوذ والأطماع
التركية، مما يجعلها موطناً
خصباً لأعمال التجسس والمراقبة
وجمع المعلومات، حيث تنشط فيها
مجموعات المخابرات الإسرائيلية
الخارجية "الموساد"،
وتستخدم أرضها وما تقدمه لها
الاستخبارات الأذرية من
مساعدات في الانتقال إلى ساحاتٍ
أخرى، والتنسيق لجمع معلوماتٍ
هامة، ولعل الحكومة
الإسرائيلية تسعى لأن تستفيد من
أذربيجان في بناء مجموعة من
القواعد ومنصات الصواريخ
المتقدمة، التي تزيد من قوة
إسرائيل الرادعة، ويجعل من
معركتها مع الآخرين خارج
حدودها، وبعيداً عن شعبها،
خاصةً أن تقارير أمنية تشير بأن
حكومة أذربيجان وافقت على
السماح لمختلف الطائرات
العسكرية الإسرائيلية باستخدام
المطارات الأذرية، علماً أن
جزءاً من الطائرات العسكرية
الإسرائيلية هي للتجسس
والتصوير وجمع المعلومات
وتحديد الأماكن بدقة، ومنها
طائرات بدون طيار إسرائيلية
الصنع ذات تقنية عالية جداً،
ومزودة بمعداتٍ إليكترونية
لديها القدرة على النفاذ إلى
الكثير من المناطق السرية
والخفية الإيرانية والروسية. أذربيجان
لم تعد دولة مغمورة متاخمة
للإتحاد الروسي شمالاً، كما لم
تعد أحد مخلفات الإتحاد
السوفيتي البائد، فقد أصبح لها
أهمية إستراتيجية كبيرة
بالنسبة إلى إسرائيل والولايات
المتحدة الأمريكية، وذلك
لحدودها الجغرافية المشتركة مع
إيران شمالاً، ولحجم الروابط
الثقافية والديمغرافية
والدينية التي تربطها بإيران،
في الوقت الذي تخشى فيه إسرائيل
ومعها الولايات المتحدة
الأمريكية وعددٌ كبير من الدول
الأوروبية من خطورة تنامي
المشروع النووي الإيراني،
وإمكانية أن تتجاوز إيران عتبة
الدول النووية لتصبح عضواً في
نادي الدول النووية، الأمر الذي
جعل من اجتياح إسرائيل
لأذربيجان أهمية قصوى، ومصلحة
إستراتيجية كبيرة لا تدانيها أي
مصلحة أخرى، علها تساهم بصورة
فاعلة ومباشرة في إجهاض المشروع
النووي الإيراني وتدمير وحداته
الأساسية. إن ما
يجمع العرب والمسلمين مع
أذربيجان شعباً وقيادة أكبر
بكثير مما يجمعها مع الكيان
الإسرائيلي، الأمر الذي يثير
تساؤلاتٍ كثيرة حول أسباب نجاح
الدبلوماسية الإسرائيلية
وأجهزة المخابرات الإسرائيلية
في التمركز والنشاط اللافت على
الأرض الأذرية، في الوقت الذي
تراجع إن لم يكن قد تلاشى النفوذ
العربي والإسلامي فيها، حيث لم
يعد ثمة مؤثرات عربية وإسلامية
على اتجاهات الرأي العام
الأذرية، رغم أن الأذريين
يرتبطون مع العرب والمسلمين
بعلاقاتٍ دينية وتاريخية، وقد
ساهموا كثيراً في تأييد ومناصرة
الكثير من القضايا العربية
والإسلامية، وقد حظيت القضية
الفلسطينية في السياسية
الأذرية باهتمامٍ كبير، الأمر
الذي يجعلنا نتساءل من السبب في
انقلاب علاقة العرب مع
أذربيجان، ولماذا وكيف نجحت
إسرائيل في النجاح والحلول محل
العرب والمسلمين في علاقتهم
بأذربيجان، وكيف أحسنت إدارة
الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا
لخدمة مصالحها الإستراتيجية
الخاصة، وكيف أصبح لإسرائيل في
أذربيجان مركزاً للثقافة
الإسرائيلية، ودوراً للعبادة
اليهودية، ومراجع يهودية دينية
واقتصادية وسياسية وإعلامية
وأمنية وعسكرية. لن
تتوقف الأطماع الإسرائيلية عند
أذربيجان، ولن يرضي سقوطُ
أذربيجان في براثن النفوذ
الإسرائيلي النهمَ الصهيوني،
بل إن المحاولات الإسرائيلية
لاجتياح مناطق أخرى من العالم
المحيط والمؤثر في قضية الصراع
العربي الإسرائيلي ستتواصل،
وستكون القارة الأفريقية وجنوب
شرق آسيا هما المرتع الخصب
والنشط لمزيدٍ من الأطماع
الإسرائيلية، وللجديد من خطط
الاجتياح الصهيونية، بما يضر
بمصالح العرب والمسلمين، وبما
يخدم الشأن الإسرائيلي ويضمن
استمرار وجوده، وتفوق أمنه،
وامتلاكه للضربات الرادعة
المانعة والمجهضة لأي بوادرٍ
خطرة عليه ومعادية له. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |