ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الدكتور
عثمان قدري مكانسي هل لنا
أن نطيع الكذاب والله تعالى
ينبه حبيبه وخليله محمداً صلى
الله عليه وسلم أن يقع في
حبائلهم،فقال :" فلا تطع
المكذبين" فلا خير فيهم. وهم
يُغيّرون مواقفهم في كل آن
ويلبسون لكل موقف لباسه ، ونلحظ
بوضوح نوعاً من النصح المبطن
بالتهديد في قوله تعالى "
ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن
إليهم شيئا قليلاً ، إذاً
لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات
ثم لا تجد لك علينا نصيراً" .
والمهدد بكسر الدال هو المولى
سبحانه ، والمهدَّد بفتحها هو
حبيبه صلى الله عليه وسلم . فما
الصفة الفاقعة الأولى
للمكذّبين التي ينبغي معرفتها
والبعد عنها؟ يذكر القرطبي رحمه
الله في تفسيره معاني كثيرة
للصفة الأولى للمكذبين" ودوا
لو تدهن فيدهنون ":إنها
المداهنة 1- ودوا
لو تكفر فيتمادون على كفرهم. 2- ودوا
لو ترخص لهم فيرخصون لك. 3- لو
تلين فيلينون لك . والإدهان :
التليين لمن لا ينبغي له
التليين ; قاله الفراء . 4- ودوا
لو ركنت إليهم وتركت الحق
فيمالئونك. 5- ودوا
لو تكذب فيكذبون . 6- ودوا
لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون
معك . 7- ودوا
لو تصانعهم في دينك فيصانعونك
في دينهم . 8- ودوا
لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض
أمرهم . 9- لو
تنافق وترائي فينافقون ويراءون
. 10-
ودوا لو تضعف فيضعفون ; 11-
ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون
في أديانهم ; 12-
طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة
ويعبدوا إلهه مدة. فهذه
اثنا عشرقولاً كلها إن شاء الله
تعالى صحيحة على مقتضى اللغة
والمعنى ; فإن الإدهان : اللين
والمصانعة . ومجاملة
العدو،وممايلته . والمقاربة
في الكلام والتليين في القول
والمداهنة – في أغلب ال أحيان -
نوع من النفاق وترك المناصحة .
فهي على هذا الوجه مذمومة .ويقال
أدهن في دينه وداهن في أمره ; أي
خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر .
وقيل : داهنت بمعنى واريت ,
وأدهنت بمعنى غششت . " فيدهنون
" لم تجزم لسوقها على العطف ,
ولو جاء بها جواب النهي لقال
فيدهنوا . وإنما أراد : إن تمنوا
لو فعلت فيفعلون مثل فعلك ; عطفا
لا جزاء عليه ولا مكافأة , وإنما
هو تمثيل وتنظير . وأما
الصفة الثانية للمكذّبين فكثرة
الحلف . ووصف من يتخذ الحلفان
دأبه بالمهانة " ولا تطع كل
حلاّف مهين" وصيغة المبالغة (حلاف)
تكسبه المهانة عند الله تعالى
وعدم تصديق السامعين له ، فمن
امتهن اسم الله كان عند الله
مهيناً ( مُحتقراً)ووضيعاً لانه
لم يُراعِ عظمة الله سبحانه
لضعف إيمانه وقلة يقينه وكان
الكذب متأصلاً فيه . ومن أكثر من
الحلفان كذّبه الناس ولم
يصدّقوه ، فكأنه يقول لهم – على
عكس ما يريد – لا تصدقوني أيها
الناس. وأما
الصفة الثالثة للمكذبين
فالتحريش بين الناس والمشي
بينهم بالنميمة ونقل الحديث
لفساد ذات البين وقال النبي صلى
الله عليه وسلم " لا يدخل
الجنة قتّات" وهو النمام ،
وروتْأسماء بنت يزيد بن السكن
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
" ألا أخبركم بخياركم ؟ "
قالوا بلى يا رسول الله قال "
الذين إذا رُؤُوا ذكر الله عز
وجل " ثم قال " ألا أخبركم
بشراركم المشاءون بالنميمة
المفسدون بين الأحبة والباغون
للبرآء العنت " إن النمام
والمغتاب لا ذمام له ولا خير فيه
، مذموم محتقر لإساءاته بزرع
الفتنة بين الناس . وأما
الصفة الرابعة للمكذبين
فالمناع للخير المعتدي الأثيم
يمنع الخير عن الناس ويحتكره
لنفسه ويعتدي على حرمات الله
سبحانه ويسرف في ارتكاب
الموبقات، ويتجاوز حدود الحلال
إلى الحرام غير آبهٍ به. يميل
إلى الباطل. ويحارب الحق وأهله
ويعذب المؤمنين ويصرفهم عن الحق. وأما
الصفة الخامسة للمكذّبين (
فالعُتُلّ الزنيم) أما العُتلُّ
فهو الفظ الغليظ الصحيح الجموع
المنوعُ . روى الإمام أحمد عن
حارثة بن وهب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " ألا
أنبئكم بأهل الجنة؟ كل ضعيف
متضعف لو أقسم على الله لأبره
ألا أنبئكم بأهل النار كل عتل
جواظ مستكبر " وسئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن العتل
الزنيم فقال " هو الشديد
الخلق المصحح الأكول الشروبُ
الواجد للطعام والشراب الظلومُ
للناس رحيبُ الجوف " وعن زيد
بن أسلم قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " تبكي السماء
من عبد أصح الله جسمه وأرحب جوفه
وأعطاه من الدنيا هضما فكان
للناس ظلوما قال فذلك العتل
الزنيم " وأما الزنيم في لغة
العرب فهو الدعيّ ، قال الشاعر:
زنيم ليس يُعرف من أبوه === بغيّ
الأمِّ ذو حسب لئيم وقيل: الدعي
الفاحش اللئيم الملحق النسب
الملصق بالقوم ليس منهم ، وعن
ابن عباس هو المريب الذي يعرف
بالشر. اما
الصفة السادسة فالناكر لفضل
الله المستكبر عن التزام الحق ،
إذا عُرض عليه الإيمان بالله
وحده أباه وجحده ووصفه
بالخرافات والأباطيل : " إذا
تتلى عليه ىياتنا قال : أساطير
الأولين" .ألم يقل الله تعالى
" وما يجحد بآياتنا إلا كل
ختار كفور" مختال مخادع.والمستكبر
على شرع الله المخالف لأمره
يتبع هواه فيرديه " ومن أضل
ممن اتبع هواه بغير علم؟" ومن
كان بهذه الصفات استحق اللعنة
الأبدية وكان من أهل النار
والعياذ بالله .. نسأل الله
العفو والعافية والأمن
والإيمان وحسن الختام. ======================== في
الميزان .. مهزلة الانتخابات
التشريعية في سوريا المحامي
مصطفى أوسو* لعلها
لم تكن غريبة أو مفاجئة ، دعوة
النظام السوري إجراء انتخابات
تشريعية لدورة جديدة ، في
السابع من شهر آيار 2012 في ظل
الظروف الاستثنائية جداً التي
تمر بها البلاد ، منذ اندلاع
الثورة الشعبية المطالبة
بالحرية والديمقراطية والكرامة
وإسقاط النظام الاستبدادي
الشمولي القائم بجميع أسسه
ومرتكزاته وبنيانه التنظيمي
والسياسي والفكري.. فهذا
النظام وخلال أكثر من أربعة عشر
شهراً من عمر الثورة السورية ،
أثبت للقاصي والداني ، عدم
جديته في التعاطي مع مطالب
الشعب السوري المنتفض وتلبية
أهداف الثورة واستحقاقاتها ،
وحاول بجميع الوسائل والأساليب
، الالتفاف عليها وإجهاضها ، من
خلال إدعائه بإجراء إصلاحات ،
دستورية وتشريعية وإدارية... ،
والتي لم تتجاوز سقفها المسائل
والنواحي الشكلية ، من جهة ،
واستخدامه سياسة القمع
واستعمال العنف والقوة المفرطة
وارتكاب المجازر وجرائم القتل
والتعذيب... ، بحق المواطنين
السوريين الثائرين ضده ، من جهة
أخرى ، في محاولة مستميتة
لاستمرار بقائه وديمومته... ،
مهما كانت النتائج كارثية
ودموية. وبإصراره
على إجراء هذه الانتخابات ، ضمن
الظروف والمناخات القائمة في
البلاد ، حيث دباباته ومدافعه
وآلياته العسكرية وأجهزته
الأمنية وعناصر شبيحته ... ،
تقتحم المدن والبلدات السورية
المختلفة ، الواحدة تلو الأخرى
، وتعيث فيها فساداً وقتلاً
وتعذيباً وترهيباً وتشريداً
وتدميراً... ، يبرهن النظام
مجدداً على مدى ما وصل إليه من
طريق مسدود ، ومن دموية وسادية
واستهتار ولا مبالاة لا مثيل
لها ، بمصير الشعب السوري
وبمصير الوطن السوري ككل. وكما
لم تكن دعوة النظام إجراء
الانتخابات المذكورة غريبة
ومفاجئة ، كذلك وبنفس القدر ، لم
تكن غريبة أو مفاجئة ، تسابق
المئات من المرشحين الذين فقدوا
الحس الإنساني والوطني ،
والمعروفين أصلاً بارتباطاتهم
الأمنية وارتزاقهم وتسلقهم... ،
لكسب ود النظام ورضاه ، على حساب
دماء ولحوم أخوتهم في التراب
التي غطت شوارع وأزقة وساحات
المدن والبلدات... السورية على
اختلافها ، في انتخابات هزلية
قاطعها المعارضة السورية بجميع
فصائلها وتياراتها وأطرها... ،
علهم بذلك يظفرون برضى السلطان
، ويتم إدراج أسمائهم ضمن قوائم
الظل ، المكملة لقوائم حزب
الإجرام – البعث - وشركائه ، من
أحزاب – الجبهة الوطنية
التقدمية - المعروفة الآن وبعد
إصلاحات النظام ب قوائم - الوحدة
الوطنية - والتي تعد وتجهز في
مطابخ فروع الأجهزة الأمنية
المختلفة ، ولا يظفر بها إلا
المنافقين والفاسدين ، والذين
لا يجيدون إلا لغة التصفيق ،
هؤلاء الذين جردوا من كرامتهم
ومن إنسانيتهم وآدميتهم ، لكي
يصبحوا في النهاية أعضاء في
مجلس لا يمت للشعب ومصالحه
وحقوقه... بصلة لا من قريب ولا من
بعيد ، ولا هم لهم إلا أن يقيضوا
رواتبهم في نهاية الشهر وأن
يكونوا أبواقاً للنظام ومبررين
لجرائمه ومجازره البشعة بحق
الشعب السوري. وعدم
الغرابة والمفاجئة من تصرف
هؤلاء الأشخاص ، أن هذا النظام
وخلال السنوات الطويلة من حكمه
وسيطرته المطلقة والشمولية على
مقاليد الأمور في البلاد ،
استطاع أن يؤمن عدد هائل من
الأشخاص المنتفعين منه
والمرتبط وجودهم ومصيرهم مع
وجود النظام ومصيره ، وكذلك فإن
هؤلاء الأشخاص يعرفون تماماً ،
أن النظام ورغم إدعائه وتبجحه
بالإصلاح والديمقراطية
والتعددية والتغيير... ، لم يخرج
أبداً من عباءته القديمة وتسلطه
المطلق ، ولا يزال يتصرف
ويتعامل كما كان يتصرف ويتعامل
قبل تاريخ الخامس عشر من أذار 2011
وبالتالي فأن الانتخابات التي
يجريها ، لا تخرج عن كونها
انتخابات صورية تماماً ولا
تتعدى عن كونها مجرد ديكور
وعملية شكلية لتجميل وجهه البشع. أن
الشعب السوري ، وبإعلانه لثورته
المباركة ، مصمم على المضي في
نضاله المشروع حتى تحقيق كامل
أهدافه في الحرية والكرامة...
وإسقاط النظام ، وبناء دولة
ديمقراطية تعددية برلمانية... ،
تصان فيها حقوق جميع القوميات
والأديان والطوائف المتعايشة
تاريخيا في البلاد ، وفق ما نصت
عليه المواثيق والقوانين
الدولية ومبادىء حقوق الإنسان ،
وأن جميع محاولات النظام
وأساليبه ووسائله... ، للتشبث
بالسلطة وإرجاع عقارب الساعة
للوراء ، بما في ذلك اللجوء إلى
إجراء ما يسمى ( بالانتخابات ) ،
لن تؤدي إلا إلى نتيجة واحدة ،
وهي الانهيار والسقوط المحتوم ،
وانتصار إرادة الشعب السوري
الثائر في الحرية والعدالة
والمساواة والعيش بكرامة وسلام
وآمان. *
المحامي مصطفى أوسو ، سكرتير
حزب آزادي الكردي في سوريا. ====================== الدكتور
عادل عامر يُقصد
بالدولة المدنيَّة- في صورتها
المثالية الخام- تلك الدولة
التي تحتضن كل مواطنيها دون
النظر إلى الجنس أو الدين أو
الفكر، وهي أهم الأركان التي
يجب تقوم عليها هذه الدولة،
بالإضافة إلى قيم السلام
والتسامح وقبول الآخر
والمساواة في الحقوق والواجبات.
كذلك من أهم المبادئ التي تدعو
لها الدولة المدنية مبدأ
المواطنة، والذي يعني أنَّ
الفرد لا يُعرَّف بدينه ولا
مهنته ولا مدينته ولا سلطته ولا
ماله؛ وإنما يُعرَّف على أنَّه
مواطن في الدولة، له حقوق وعليه
واجبات. وكذلك تعدّ الديمقراطية
من أهم المبادئ التي تقوم عليها
الدولة المدنية، وبالإضافة إلى
ذلك، ليظل الدين لاعبًا دوره في
المساجد والمؤسسات التعليمية
فقط، كعامل فعّال في بناء
الأخلاق وخلق الطاقة والتحفيز
على العمل والإنجاز والتقدم،
ممَّا يعني عدم تدخل رجال الدين
في السياسة؛ لأنَّ هذا يجعل من
الدين نقطة جداليَّة تُقصيه عن
قداسته، بحسب تعبيرات بعض رموز
التيار الليبرالي في عالمنا
العربي. وهو ما تتفاداه دولة
الشريعة التي يسعى إليها
المسلمون، أيًّا ما كان شكلها؛
حيث إنَّ المسلم من تمام عقيدته
أن يؤمن أنَّ الإسلام دين شامل،
ويحتوي على كل الحلول للمشكلات
الإنسانيَّة، ولا يجب تطبيقه في
جانب دون آخر في حياة المسلم،
فردًا كان أو مجتمعًا أو دولة.
إن التمدُّن الإسلامي قام مع
الشريعة ولم يقم عنها, فالدين
أساس هذا التمدن, أن الدين لم
يقم بصناعة حضارة قط, هو غلطٌ
فادحٌ نتج لصاحبه عن جهله
بالسير والحديث و التاريخ, أو من
عدم تشخصه لحقيقة ينابيع
المدنية ونصابها, فإن للمدنية
أربعة أساسات يدرك بها وجه
التمدن وأحواله في أمة من الأمم: -إما
الأبنية المشيدة والعمران
الشاهد, فهو عنوان رقي الجماعات
الذين يسكتونها. -أو
المخلفات العلمية والأدبية
والفلسفية وما جرى في هذا
المجرى, فهو مجلى حقيقة ما كانوا
عليه من المدارك, وما فتقوا من
فنون المعارف. - أو الثروة التي
كانوا يتنعمون بها فهو دليل
اقتدارهم, وتنفقهم في وجوه
الصناعة والزراعة والتجارة. - أو
الشرائع وهو أعظم حجة على ما كان
في تلك الأمم من الرقي الذهني
والنظام الاجتماعي وخلافه,
والأخلاق الراقية وعدمها, ومن
المساوات أو التفاوت في
المقامات, ومن العدل والظلم,
والآداب الحسنة أو الأخلاق
المرذولة. فإذا كانت هذه هي
أساليب التمدن التي قررها
الحكماء لنحل أمة صفة المدنية,
فإن عهد السعادة النبوي أوفر
العهود حظاً من هذا الاسم, وأحق
الإعصار بهذه الصفة, و من عرف
نهضة الإسلام وتعاليمه, وسبرها
عمقاً و غورا, وفحصها سطحاً
وقعرا, تحقق أن الديانة قوة ذات
تعميرٍ وتجديد, احتوشت أساليب
التمدن كلها منذ ظهورها, وكانت
للتمدين أصلاً وينبوعا,
وللحضارة نصاباً وعَلَماً
مرفوعا. فمن طالع بحسن الدقة,
وتمام الروية, في ما بثه النبي
عليه السلام من التعاليم,
ومحكمات الأحكام, وأنواع
الإرشاد, وما حوى القرآنُ من
آداب الاجتماع, وسَنَّ من طُرق
التعارف والتمازج بين الشعوب,
وما أودع الله غضون آياته
الباهرة من أحكام الطبيعة,
وأسرار الوجود, وفرائد الكائنات,
وعجائب المبتدعات, وما ضَبطَ من
الحقوق المدنية, وفتق من نظامات
الحياة, وما تلته به السنة
النبوية تبيانا وتفصيلا, من
تهذيب النفوس, وترسيخ الفضائل,
وتجديد الإنسانية في روح
المعاملات, وتليين الطبائع,
وفسخ الأحلاف الجاهلية, وما
أحكمته من سنن الارتقاء والإخاء
البشري, وشدها من وثاق الجامعة,
وتقوية رباط الاتحاد,و حرق
بواعث العصبية التي هي من
خصوصيات العرب في الجهالية,
وتمتيع الخلق بضروب الحرية, من
طالع ذلك علم أن المدنية
الإسلامية قامت معها لوقتها تلك
الأعمال المذكورة بسر تأثير تلك
التعاليم الجليلة في نفوس
سامعيها لذلك العهد. فهي مدنية
ودينية من أوليتها. لكن مفهوم
الدين، يقتصر فقط على العبادة و
العقيدة في المجتمعات التي ( ليس
لها دين ) دينها يقتصر على أداء
مجموعة حركات اليدين و الرأس
داخل الكنيسة ليس إلا !! وتستمر
عجلة التاريخ فى الدوران ويتولى
الفاروق عمر بن الخطاب الملهم
الذى كان ينزل القرآن لتأييده
على عهد الرسول فى أرائه فترده
امرأة وهو على المنبر فى أمر
المهور وهو أمر دنيوي وتقابله
حادثة قتل جماعي لم يجد لها حكما
تشريعيا فى القران ولا حادثة
مماثلة لها فى السنة فيلجأ إلى
على بن أبى طالب ليطلب رأيه
والحقيقة ان الدولة المدنية
كانت ممثلة بشكل مثالي فى عهد
الفاروق عمر بن الخطاب فرغم
غيرة عمر بن الخطاب الشديدة على
الدين وورعه وتقواه بل وشدته فى
بعض الأحيان مقارنة بلين أبى
بكر الصديق إلا انه اسقط حد
السرقة فى عام المجاعة واسقط
سهم المؤلفة قلوبهم لان السياسة
ووضعها ترى ان لا داعي لها بعد
استقواء دولة الإسلام ووسع
مفهوم أهل الذمة ليضم المجوس
واستعان بالفرس فى تدوين
الدواوين لسابق خبرتهم بها واخذ
بحق القبطي من الحاكم المسلم
دون النظر إلى فرق الديانة أو
إلى كون الحاكم المسلم هو عمرو
بن العاص الصحابي الجليل وتشتعل
الفتنة الكبرى بين على بن أبى
طالب ومعاوية بن أبى سفيان ورغم
ذلك لم يخرج احد من الصحابة
ليربط الموضوع السياسي
بالناحية الدينية فانقسم
الصحابة بناءا على رأيهم العقلي
واجتهادهم الشخصي إلى فريق مع
هذا وفريق مع ذاك وفريق اعتزل
الأمر برمته وتجدر
هنا الإشارة إلى ان الفرقة
الوحيدة التى كفرت من شاركوا
بالفتنة هي فرقة الخوارج والتي
يحكم عليها اغلب العلماء
بالخروج من الملة وان مذهب أهل
السنة حتى الآن هي عدم الخوض فى
الفتنة بالرأي واحترام وتبجيل
كافة الإطراف المشاركة
باعتبارهم من الصحابة العظام
دون النظر ان هذا بسبب ان
الموضوع سياسى وقبلي ومرتبط
بالصراع التاريخي بين بطون قريش
وليس موضوعا دينيا على الإطلاق وتؤسس
الإمبراطورية الإسلامية فى
عصريها الاموى والعباسي
ويتزايد تداخل أهل الديانات
الاخري بالهيكل الادارى للدولة
ويظهر منهم العلماء والوزراء فى
شكل مثالي ولا يبقى لهم سوى منصب
الخلافة الذى لا يجوز عقليا ان
يتولاه رجل غير مسلم. مع
اعترافنا ببعض التجاوزات
التاريخية والتي لا ينكرها اى
من التيارات الدينية والتي ميزت
عموما تلك العصور ولكن يبقى
الإطار العام مؤيدا لعدم وجود
فكرة الدولة الدينية فى الإسلام أما في
المجتمع الإنساني المسلم الذي
يعيش تحت عقيدة التوحيد ، فإن
الدين بالنسبة له ، حكم و تشريع
و اقتصاد و قضاء و سياسة و صناعة
و تجارة ، و علاقات إنسانية مع
الآخرين دون التركيز على جنسهم
أو عقائدهم المنحرفة عن الحق
الإلهي ، و لهذا فإن مدنية
الإسلام تعتبر من أهم متطلبات
العصر الحديث ، و قد بين القرآن
الكريم كتاب الله تعالى مفهوم
التعايش مع الآخر أياً كان ، قال
تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ
ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) صدق
الله العظيم ، و قال تعالى : (
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي
آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلاًِ ) صدق الله العظيم ==================== العدّ
العكسي للخلاص من العصابات
المتسلّطة في سورية .. خرجت
المبادرة من أيدي باقيا النظام
وأصبحت في أيدي الثوار نبيل
شبيب بدأت
المرحلة الأخيرة من انتحار
مجموعة العصابات المتسلّطة على
الوطن والشعب والدولة في سورية،
وأصبحت المواجهة الجارية عبر
الثورة منذ 14 شهرا مواجهة واضحة
للعيان أكثر من أيّ وقت مضى، بين
الإجرام والتضحيات، وبين
التخبط الجنوني والثبات، وبين
السقوط الأخلاقي والإنساني
وأسمى درجات البطولة والعطاء..
أصبحت من وراء جميع المشاهد
وتفاصيلها مواجهة بين الحق
والباطل؛ والحق منتصر لا محالة،
والباطل زاهق لا محالة. محطات
الانتحار إلى
وقت قريب، ورغم العطاء الثوري
المتواصل، بقي التساؤل يتردّد
عمّا يمكّن العصابات المتسلّطة
على الثورة من التصرّف داخليا
ودوليا، وبتعبير آخر: متى تمسك
الثورة -وحدها- بزمام المبادرة
ليتحقق التغيير؟.. وقد يغيب عن
الأذهان وراء أثقال الإحساس
بالألم إزاء مسلسل رهيب من
الضحايا، أنّ قدرة العصابات
المتسلّطة على "التصرّف"
كان -في ظلّ المعطيات العربية
والدولية المعروفة- أحد المصادر
الحاسمة لتزويد الثورة بوقود
يضاعف اشتعالها وانتشارها،
فكانت التصرّفات التي "تبادر"
إليها تلك العصابات المتسلّطة
تصرفات انتحارية بكلّ معنى
الكلمة. كانت
مجموعة المحطات الأولى في فترة
مقدمات الثورة خلال الشهرين
الأول والثاني من عام 2011م،
ومنها: اعتقالات للناشطين بعد
مظاهرات محدودة العدد، ومجزرة
في سجن صيدنايا، ورفض ما يسمّى
مجلس الشعب إلغاء حالة الطوارئ،
ورفض ما لا يزال يحمل اسم حزب
البعث التخلّي عن الموقع
الاحتكاري عبر تزييف الدستور،
وأبرزها للعيان "محطة"
الحديث الصحفي لرئيس العصابات
المتسلّطة أنّ "الإصلاح في
سورية يحتاج إلى جيل أو جيلين"..
وانتشر الاقتناع بأنّ هذه
العصابات لا تزول إذن إلا بطريق
الثورة. ثمّ
كانت مجموعة المحطات الثانية في
أذار/ مارس 2011م عندما تتابعت
الأحداث في درعا ودمشق وحلب
ودير الزور، وغالبها في شكل
مظاهرات بالمئات فقط، تطالب
بالحرية وبالإفراج عن
المعتقلين، مع التزام مطلق
بالسلمية، فكان الرد المباشر
باعتقال عدد أكبر من الناشطين
المعروفين، واقتحام عدد من
المساجد في درعا ودمشق وبانياس،
وبإطلاق النار على كبرى
المظاهرات في درعا، وارتكاب
المجزرة الأكبر في المسجد
العمري، وكان من المحطات
الانتحارية آنذاك دفع الجيش
للمشاركة في ارتكاب المذابح..
وآنذاك تحديدا بدأت ظاهرة
التحرّر من القبضة الاستبدادية
من جانب عدد من الجنود والضباط. ثم
كانت مجموعة المحطات الثالثة
عندما انتشرت المظاهرات
الاحتجاجية نصرة لدرعا، فشملت
دمشق وريفها وحمص وريفها
والقامشلي وإدلب وبانياس
واللاذقية وحلب، وكان أكبر تلك
المظاهرات في جمعتي الكرامة
والعزة، واحتاجت الثورة إلى
مزيد من الوقود فجاء المزيد عبر
ما اعتبر "الخطاب الرئاسي
الأول" أمام ما يسمى المجلس
النيابي، وقد حفل بالقهقهة
والسخرية علاوة على التضليل..
وآنذاك تحديدا ثبت يقينا أن
الثورة تجاوزت نقطة اللاعودة. وبدأ
الشهر التالي بجمعة الشهداء
وإذا بمجموعة أخرى من المحطات
الانتحارية، تثبت أن العصابات
المتسلّطة مصرّة على حفر قبرها
بنفسها، وكان منها أقصى درجات
التضليل المفضوح فيما سمّي "الخطاب
الرئاسي" الثاني عبر الجمع
بين "عبارات" عن إصلاحات
مزعومة و"عبارات" تطلق على
الشعب الثائر شتى الأوصاف "التآمرية"،
تقوّض أي احتمال بقي للتوبة
والإصلاح، علما بأن إصلاح "العصابات"
لتصبح "نظاما" مستحيل على
كل حال، كما كان في تلك الفترة
أبرز مسمار انتحاري في نعش
بقايا النظام، أظهره للعيان
مشهد جثمان الطفل الشهيد حمزة
علي الخطيب.. آنذاك تحديدا لم
يتحقّق هدف العصابات الهمجية
المتسلّطة بنشر "الترهيب
والتخويف" شعبيا، بل انكسر
حاجز الخوف نهائيا في شتّى
أنحاء سورية، وعبّرت عن ذلك
الأمّهات في داريا بريف الشام
بخروجهنّ مع أطفالهنّ في مظاهرة
نسائية في اليوم التالي. مع
أواخر أيار/ مايو 2011م أصبح
انتصار الثورة أمر زمن وثمن،
زمن النزع الأخير بعد زهاء نصف
قرن من الاستبداد الإجرامي،
والثمن الغالي الذي يسدّده شعب
سورية من دمائه لينال حريته
وكرامته ويفرض إرادته في وطنه
ودولته وصناعة مستقبله بنفسه.
ولم تنقطع المحطات الانتحارية
ولا داعي لمزيد من الأمثلة،
وأبرزها أنّ مجموعة الدول
العربية قدّمت للعصابات
المتسلّطة "قشّة النجاة"
فاغتالتها، وهاهي تقدّم مع
المجوعة الدولية مرة أخرى "قشّة
النجاة"، ويأبى من اعتاد على
الإجرام الهمجي إلا أن يغتالها
أيضا، ليعطي الثورة الشعبية
البطولية مزيدا من الوقود
راغما، وهذا ما يعنيه المزيد من
الجرائم، وومنها هذه الأيام
الجريمة التي ارتكبها عشية جمعة
"إخلاصنا خلاصنا" في جامعة
حلب الشهباء. الثورة
الشاملة لقد
تصدّرت حلب بثورتها عشية جمعة
"إخلاصنا خلاصنا" المشهد
فأسقطت آخر ما في جعبة العصابات
المسلّحة من مزاعم عن اقتصار
الثورة على "فئات دون فئات"
و"مدن دون مدن" و"قلّة
دون كثرة" من شعب سورية..
مثلما أسقطت مدينة دمشق في
الميدان وركن الدين وكفرسوسة
والمزة والقابون وجوبر وغيرها
من الأحياء، مزاعم مشابهة من
قبل، وعلى من يريد أن يرى بأمّ
عينيه ما بلغته الثورة من
الامتداد والقوة، وما يستحيل
معه أن تصمد العصابات المتسلّطة
طويلا، فلينظر إلى فعاليات
الثورة في كل مكان، ولينظر في
الوقت نفسه إلى انتماءات
الشهداء والجرحى والمختطفين
والمعتقلين، جغرافيا، ودينيا،
وقوميا، وفئويا، بدءا بالأجنّة
في بطون الحوامل من الضحايا،
مرورا بذوي الاحتياجات الخاصة
من المعاقين، انتهاء بالكرام من
الجدّات والأجداد من هذه الشعب
الكريم. ولجأت
العصابات الإجرامية المتسلّطة
في هذه الأثناء إلى "مسلسل
التفجيرات"، فاستهدفت مواقع
أجهزتها القمعية لتشير بأصابع
الاتهام إلى الثوار، وأخفقت في
إقناع أحد بذلك، فتحوّلت إلى
استهداف الأماكن المزدحمة
بالسكان كما كان في دمشق وحلب
يوم السبت 5/5/2012م، وستخفق أيضا
في إقناع أحد بأنّ "الثوار"
وهم الشعب، يمكن أن يستهدفوا
"الشعب" وهم يعملون على
مضاعفة تعبئته ليقدم المزيد من
البطولات التاريخية في صناعة
ثورته. ليس
"مسلسل التفجيرات" إلا
خطوة انتحارية أخرى، بعد
أمثالها همجية وإجراما كما كان
في مسلسل اقتحام عدد من الأحياء
والبلدات والمدن وارتكاب مزيد
من المجازر ما بين (بابا عمرو)
حتى (جامعة حلب) تحت مظلة مبادرة
دولية وعربية، بعد مبادرة
عربية، وسيزيد من لهيب ثورة
تحرق أركان العصابات المسلّحة
المتسلّطة، مع سائر ما تملكه
وتوظفه من سلاح مسروق من لقمة
الشعب، وقمع همجي لا ينتمي إلى
البشرية. رغم
كلّ ما عُرف عن شبيحة إعلام
العصابات المتسلّطة من أساليب
الكذب والإنكار والتزوير
والإسفاف، لم يعد يمكنهم ادّعاء
اقتصار الثورة على مدينة دون
مدينة ومحافظة دون محافظة، لا
سيّما وقد أصبح لغوهم المنحطّ
عن "عصابات إرهابية" شهادة
مباشرة على أنّ شعب سورية كلّه
ثائر، من إدلب إلى درعا ومن دير
الزور إلى اللاذقية ومن حماة
إلى حمص ومن حلب إلى دمشق، من
المدنيين.. ومن أحرار الجيش
ضباطا وجنودا، ومن الرجال شبابا
وشيوخا، ومن النساء الخنساوات
وأطفالهنّ الأبطال، ومن
مكوّنات شعب سورية بمختلف
المعايير، بل ومن قلب "النواة
المتصلّبة المتوحّشة" التي
قامت عليها العصابات المسلّحة،
كما تشهد أولى عمليات انفصال
عدد من الأحرار عنها، وهو ما وصل
إلى قطاعات الإعلام..
والمخابرات.. والفنون..
والرياضة، والمزيد على الطريق. وبقدر
إفلاس العصابات المسلّحة
أخلاقيا وقمعا، أفلست أيضا على
صعيد مراوغاتها السياسية
الخارجية التي كانت من اللحظة
الأولى ضعيفة متهالكة، لولا أن
وجدت عربيا وإقليميا ودوليا، ما
يمكّن من تسويقها تزويرا، ولكن
حتى هذا الدعم المباشر أو غير
المباشر بات مستحيلا، فمن
يستمرّ على ربط نفسه بالعصابات
المتسلّطة -كما تفعل روسيا
وإيران ومن لفّ لفّهما- يقوّض
بنفسه البقية الباقية من
ارتباطه ولو كلاما بالقيم
الإنسانية والاعتبارات
السياسية والقانونية الدولية،
ومن يستمرّ على مجاراة المراوغة
والقتل وهو يعلم، وعلى التهديد
والوعيد وهو لا ينفّذ، وعلى
المشاركة في رعاية "مبادرات
ملغومة" -كما يصنع جلّ الدول
العربية والإسلامية والدولية
حتى الآن- يقوّض بنفسه مصداقيته
أمام الشعوب، ويتحوّل في سجلّ
التاريخ إلى شريك للمجرم،
فالصمت مع القدرة على الكلام
جريمة، والمماطلة رغم وجوب
السرعة جريمة أكبر، والقعود مع
القدرة على التصرّف الفعال
جريمة أشدّ وأنكى. إخلاصنا
خلاصنا لهذا..
وجب التأكيد أن "إخلاصنا
خلاصنا" كما أعلنه شعار
الثوار يوم الجمعة 4/5/2012م،
ومعيار الإخلاص الواجب على كل
"معارض سوري" في أي موقع،
أن يعلم علم اليقين ويتصرّف
تبعا لذلك، أنّ هذه الثورة ثورة
شعب، وليست ثورة أي فرد بعينه أو
اتجاه أو تنظيم، وأنّها ثورة
تغيير وليست ثورة مراوغات
سياسية وحلول وسطية ومواقف
عائمة، وأنّها ثورة تحرير
الإرادة الشعبية وتحكيمها في
جميع شؤون الوطن والدولة
والمستقبل، وفي جميع شؤون الشعب
بمختلف مكوّناته دون استثناء،
وفي جميع علاقات سورية المستقبل
مع أي طرف خارجي، عربي أو إسلامي
أو دولي، وعلى صعيد أيّ قضية
وطنية أو سياسية أو إنسانية. وآن
الأوان لقوى الثورة الشعبية في
سورية، بقيادات فعالياتها في
مختلف المحافظات، وبقيادات
كتائبها الحرّة في مختلف "الأحياء
والجبال والوديان"، أن تضاعف
جهودها، للوصول بالتنسيق فيما
بينها إلى مستوى مناسب للمرحلة
الأخيرة التي بات سقوط بقايا
النظام فيها قاب قوسين أو أدنى. لقد
بدأ العدّ العكسي للتحوّل
الأكبر في تاريخ سورية الحديث،
ولم يعد القرار بتحديد سرعته من
صنع مبادرات العصابات
المتسلّطة عبر "خطواتها
الانتحارية" وهي تعطي مزيدا
من الوقود للثورة الشعبية، بل
هو الآن في أيدي الثوار أنفسهم،
فهم المسؤولون عن سرعة العدّ
العكسي حتى "ساعة الصفر"
كما بدأ كثيرون يردّدون الحديث
عنها. هذا ما
يتحقق بإذن الله عبر كل خطوة
تنسيق، وكل خطوة لتثبيت معالم
واضحة قاطعة للرؤية السياسية
للثورة، وكل خطوة عملية مباشرة
لمضاعفة الارتباط بين مكوّنات
شعب سورية وانتشار اليقين بأنّ
هذه الثورة هي ثورة كل السوريين
وأن المستقبل الذي تصنعه إرادة
الشعب المتحررة هو مستقبل كلّ
السوريين. وهذا
هو معيار الإخلاص، وهو ما يجعل
في الممارسات المرئية تعبيرا عن
هذا الإخلاص، بابا ليوم الخلاص
القريب.. وما ذلك على الله بعزيز. ========================= الأسرى
الفلسطينيون يوحدون الشعب د.
مصطفى يوسف اللداوي يأبى
الأسرى الفلسطينيون في سجونهم
ومعتقلاتهم إلا أن يحملوا على
أكتافهم مهمة توحيد الشعب،
وإعادة رسم حدود الوطن، وإعادة
البريق والألق إلى القضية
الفلسطينية، بعد أن مزق الأحرار
وحدة الشعب، ومزقوا لحمة الوطن،
وشوهوا صورة القضية، وجعلوا
منها مسخاً للثورة، وعيباً في
تاريخ الشعب، ومثاراً للسخرية
والتهكم، ومحلاً للنقد
والتجريح، وتوجيه الإهانة
والإساءة، ومنطلقاً للندم،
وعنواناً للحزن والألم، وقد كان
الشعب وقضيته مضرب المثل،
وعنوان الأمل، ورمز النضال،
ومفخرة الرجال، وقبلة الأحرار. أراد
الأسرى بإضرابهم الكبير قبل أن
يحققوا مطالبهم الخاصة، أن
يعيدوا الصورة البهية المعروفة
عن الشعب الفلسطيني، وهي الصورة
المشرقة التي يعتز بها
الفلسطينيون، ويحرص على
تأييدها العرب والمسلمون،
ويسعى لنصرتها المؤمنون
والمخلصون، وهي التي جلبت
الاحترام، وحازت على التقدير،
وأجبرت الكثيرين على القبول
والتسليم بحق هذا الشعب العظيم
في أن يستعيد أرضه، وأن يعود إلى
وطنه، وأن تكون له دولة وعلمٌ
ووطن، فكانت إرادتهم الصلبة
وحدةً للوطن، وجوعهم حياةً
للشعب، ومعاناتهم حيوية للقضية. أثبت
الأسرى والمعتقلون بإضرابهم
أنهم أبناء شعبٍ مجاهدٍ صابر،
يتحمل الابتلاء، ويصبر على
المعاناة، ويتجلد في وجه
الخطوب، وأنه أقوى من المحن،
وأشد من الصعاب، وأنه قادرٌ في
سجنه على مواجهة الجلاد، وتحدي
السجان، وكسر القضبان، وتجاوز
حدود الجدران، والبقاء عبر
الزمان، وهم يخوضون غمار الموت،
ويسبحون في بحار الفناء، وهم
يعلمون أن الإضراب عن الطعام
طريقٌ وعر، ومسلكٌ خطر، ودربٌ
من سقر، وأنه قد يودي بهم إلى
الشهادة، أو يلحق بهم أمراضاً
وإصاباتٍ خطرة. ولكنهم
مع ذلك أصروا أن يخوضوا إضرابهم
عن الطعام وهو ليس الأول، بل
سبقه كثير من الإضرابات
والمواجهات والتحديات التي سقط
فيها شهداء، لأنهم يدركون أن
العدو لا يستجيب لمطالبهم، ولا
يسمع لشكواهم، ولا يلبي حاجتهم
إلا إذا أرغم على ذلك، وهم لا
يملكون في سجنهم إلى جانب
إيمانهم وعزيمتهم ويقينهم
بعدالة قضيتهم، وبحتمية
انتصارهم، سوى أجسادٍ نحيلة،
ومعداتٍ خاوية، وأجسامٍ مريضة،
تزخر بعللٍ كثيرة وأمراضٍ
عديدة، صنعها السجان، وتسبب
فيها القيد والحرمان وسوء ظروف
المكان، وقسوة المعاملة، وطول
فترات العزل وتعدد أشكال العذاب
والعقاب، والحرمان من الأهل
والأحبة والصحبة والخلان. ليس
أعظم من الشهداء مكانةً عند
الله وعند الخلق مثل الأسرى
والمعتقلين، الذين يضحون كل
يوم، ويعانون كل ساعة، وينزفون
كل وقتٍ وحين، ويجددون الألم،
ويستعيدون المعاناة، ويسكنون
في بيوتٍ من الحزن، ويلبسون
ثياباً من الأسى، وتسكن عيونهم
العبرات، وتختزن قلوبهم الحنين
والأشواق، يسكن الوطن قلوبهم،
ويعمر الإيمان نفوسهم، جرحهم
مفتوحٌ دوماً، ودمهم ينعب
دائماً، إلا أن صوتهم عالٍ لا
يخفت، وإرادتهم صلبةٌ لا تفل،
وعريكتهم مشدودةٌ لا تعرف
اللين، وعيونهم مفتوحة لا تعرف
الانكسار، وجباههم عالية لا
تعرف الخضوع لغير الله،
وقاماتهم منتصبة لا تعرف
الانحناء لغير الله في الركوع،
فهم أعظم الرجال الأحياء، وأصدق
المقاومين الباقين، وأكثر
المضحين من الخلق، فلا جرحهم
يبرأ، ولا حزنهم ينتهي، ولا
حبيبهم يقترب، ولا بعيدهم يدنو،
ولا قيدهم ينكسر، ولا ظلمة
زنازينهم يتسرب إليها الضوء،
ويقضي على عتمتها بقية نور، ولا
سجانهم يتعب من عذابهم، ولا يمل
من إهانتهم، ولا يتوقف عن
الإساءة إليهم، ولكنهم أمام
السجان وفي موجهة كل محنة،
كالجبال الشم الرواس، وكالطود
العظيم، لا يعرفون الذل ولا
الهوان، ولا يرضون بالخنوع
والخضوع، ولا يعرفون الانكسار
والهزيمة. إنهم
يستحقون منا كل تضحية،
ويستأهلون منا كل وفاء، فهم
الذين استطاعوا بمعداتهم
الخاوية، وأجسادهم النحيلة، أن
يحركوا العالم كله تضامناً معهم
ومع قضية شعبهم، وأن يحيوا قضية
شعبهم وقد علاها غبارٌ
الانقسام، وطغت عليها نتائج
الخصومة والخلاف، وأضعف
مناصريها ومؤيديها اختلافُ
أهلها وتنازعُ شعبها، إنهم
أصحاب الفضل في إعادة البهاء
إلى القضية الفلسطينية، فما من
عاصمةٍ عربية أو دولية إلا
وشهدت فعالياتٍ من أجلهم،
وأقامت المهرجانات تضامناً
معهم، وانتفضت لنصرة قضيتهم،
وعلا الصوت فيها منادين
بحريتهم، ووجوب حسن معاملتهم،
ووقف الممارسات القاسية بحقهم،
فلا صمت أو قبول على عزلٍ
وحرمانٍ من الزيارة، أو منعٍ من
مقابلة محامي، أو اعتقالٍ إداري
أو تجديدٍ له، ولا مجال لإطلاق
يد السجان في تعامله مع الأسرى
ليهين ويسيء، ويفتش ويعري،
ويؤذي ويعاقب، ويحرم ويحاسب،
ولا حرمان من حق التعليم والحق
في مواصلة الدراسة، ولا
إجراءاتِ فصلٍ ونفيٍ وسوء
معاملة، ولا تسويف في علاج ولا
إهمال في طبابة، ولا محاولاتٍ
للسم والقتل البطيئ، ولا صمت عن
كل ما يمس كرامة الأسرى ويلحق
بهم الضرر والأسى، في الروح
والنفس الجسد. نصرة
الأسرى والمعتقلين ليست في
الوقوف معهم، ومناصرتهم في
إضرابهم، وتوصيل صوتهم إلى كل
مكان، وإبراز معاناتهم للجميع،
كما أن نصرتهم ليست في رفع
صورهم، وإظهار أسمائهم،
والاعتصام في خيمةٍ لساعاتٍ أو
أيامٍ في ظل جمهرةٍ من
الإعلاميين والسياسيين
والمناصرين والمؤيدين وذوي
الأسرى والمعتقلين، فهم أقدر
بأنفسهم على هذا كله وأكثر، إذ
أنهم يتكفلون وحدهم بما حباهم
الله من صبرٍ وقدرةٍ على
الاحتمال، على التأثير على
الرأي العام، وإجبار السجان،
وقهر الإدارة، وإلزام الساسة
وقادة العدو على القبول
بشروطهم، والاستجابة إلى
مطالبهم. ولكن
نصرة الأسرى والتضامن معهم تكمن
في الاستجابة إلى مطالبهم
بالوحدة، والإسراع في تلبية
أمنيتهم بالإتفاق، والتعجيل
بالمصالحة، لأن الإتفاق يحيي
لديهم الأمل بالحرية، ويقوي
فيهم اليقين بقرب النصر، فلتكن
مناصرتنا لهم دعوةً صريحة لوحدة
الشعب، واستعادة أواصر الوطن،
وتمكين المعتقلين في سجوننا من
الحرية، ومنحهم الحق بالعودة
إلى بيوتهم وأسرهم، وإلى
أولادهم وأحبابهم، إذ لا قيمة
للتضامن مع الأسرى في سجون
العدو وسجوننا بإخواننا عامرة،
ولا معنى للتضامن وأبناؤنا رهن
سجوننا التي انسحب منها عدونا،
وتركها لنا لنملأها بأنفسنا
وإخواننا، وليكن نجاح أسرانا في
إضرابهم، بوابةً لنا نحو الوحدة
والمصالحة والإتفاق، ولتكن
فرحتهم بحالة الوحدة والاتفاق
التي حققتها قضيتهم أكبر من
فرحتهم بتحقيق مطالبهم
والانتصار على سجانهم، فهذه
غايتهم وهي أسمى أمانيهم. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |