ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 27/05/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الورقة الأخيرة لدى الطائفة الاستبدادية الأسدية .. بين مذبحة الحولة وأخواتها.. ودير ياسين وأخواتها

نبيل شبيب

لم يعرف شعب سورية في تاريخه عبر أكثر من ثمانية آلاف عام مثل ما شهده ويشهده في فترة الأسد الصغير وأبيه عبر 42 سنة إجرامية، من صنوف الحرب الاستبدادية لتمزيق الشعب الواحد، والسيطرة بقوة السلاح الفتاك على الوطن وثرواته، ليصلوا بذلك إلى قتل الأطفال والنساء والرجال قصفا وذبحا في بلدة الحولة.. ولكن عرف ويعرف تاريخ المنطقة الحديث صورة مخزية مشابهة، كان عنوانها الأوّل مذبحة قتل الأطفال والنساء والرجال قصفا وذبحا في بلدة دير ياسين قبيل النكبة الأولى بفلسطين.

. . .

كما ارتكب غزاة فلسطين المذابح الجماعية لتهجير شعبها المقاوم، ارتكبت وترتكب العائلة الأسدية المذابح الجماعية مقترنة بالتهجير وممارسات الأرض المحروقة للقضاء على "حق العودة" ولتغيير معالم الخارطة السكانية في سورية.

وكما عمل غزاة فلسطين على تمزيق شعب فلسطين الواحد، إلى مسلمين ومسيحيين ودروز، وإلى مشرّدين ونازحين ومستعمَرين، وإلى فئات من المنتفعين والمطّبعين ليكونوا أداة لترسيخ الاغتصاب والاحتلال والاستغلال على حساب الأكثرية الكاثرة من الأحرار المقاومين، كذلك عملت طائفة الأسد الاستبدادية -وليس للاستبداد دين ولا ملّة ولا مبدأ ولا انتماء آخر سوى الاستبداد- على تمزيق شعب سورية الواحد، إلى عرب وأكراد وقوميات أخرى، وسنة وعلويين ودروز وملل أخرى، وإلى فئات من المنتفعين والشبيحة المجرمين، ليكونوا أداة لترسيخ الاستبداد والإجرام والاستغلال، على حساب الأكثرية الكاثرة من الأحرار المقاومين.

من قبل مذابح حلب وجسر الشغور وحماة وتدمر في عهد الأسد الأول إلى مذبحة الحولة بعد مذابح درعا وجسر الشغور وبابا عمرو ودوما والحولة وغيرها في عهد الأسد الصغير، كان ولا يزال جوهر الجريمة هو الاستبداد والاستعباد، وكان ولا يزال هدف الجريمة هو السيطرة والاستغلال والانتقام.

ولا غرابة أبدا أن تتلاقى على امتداد العقود الماضية الأيدي الآثمة الأسدية والصهيونية على ارتكاب مذابح يكمل بعضها بعضا، كما كان في تل الزعتر الأسدية وصبرا وشاتيلا الصهيونية، وفي اجتياح بيروت الصهيوني وحرب الخيام الأسدية.. وخلال ذلك كلّه يزوّر الصهاينة التاريخ والعقائد، للحديث عن أرض بلا شعب يحقّ لشعب الله المختار أن يغتصبها، مثلما يزوّر الأسديون التاريخ والعقائد، فيستغلّون ما كانت تعنيه موجة القومية العربية في فترة من الزمن، ليحوّلوا حزبا من الأحزاب إلى "حزب أسياد" على الشعب والوطن، ويحوّلوا أتباعهم فيه إلى شبّيحة همجيين بملابس رسمية ومدنية، وبألوان من الألقاب يطلقونها على مناصب سياسية وعسكرية وإعلامية.

وكما استغلّ ويستغلّ الصهاينة -وهم حركة قومية عنصرية- الديانة اليهودية لتجييش فريق من أتباعها وتجنيدهم فيما يرتكبون من آثام بفلسطين والمنطقة، كذلك استغلّ ويستغلّ الأسديون -وهم عصابات استبدادية إجرامية محضة- قضية فلسطين المصيرية للحديث عن مقاومة وممانعة ليصلوا بأفاعيلهم الإجرامية إلى ارتكاب ما ارتكبوه ويرتكبونه من آثام كما كان ليلة السادس والعشرين من أيار/ مايو في بلدة الحولة.

. . .

لقد انتهت حقبة العصابات الأسدية الإرهابية وأدرك رؤوسها من الأموات قبل قضاء نحبهم ومن الأحياء الذين ينتظرون مصيرا مشابها، أنها انتهت، وليست مذبحة الحولة إلا مؤشرا آخر ممّا اجتمع خلال الفترة الماضية من مؤشرات على أنّهم يحاولون اللعب بآخر ورقة انتقامية بين أيديهم.

أصبحت السيطرة على سورية مستحيلة بفضل ثورة شعبها البطولية، فبدأ العمل على انتزاع أكبر قطعة يمكن انتزاعها من أرض سورية والعمل على تطهيرها عرقيا إلا من العصابات الإرهابية المسلّحة لتتحوّل إلى "ثكنة" يتحصّنون وراء "الجدر" من دبابات ومصفحات وطائرات روسية ومدفعية وصواريخ وقذائف إيرانية، ولتتحوّل -كأرض فلسطين المغتصبة- إلى ركيزة من ركائز تجزئة المنطقة والسيطرة عليها من جانب القوى الدولية بالتعاون مع الثكنة الصهيونية.

. . .

ليست هذه المرة الأولى التي تعمل العصابات الأسدية فيها على العبث الإجرامي الدموي بالورقة الطائفية، وورقة التجزئة، ولكنها قطعت في مذبحة الحولة شوطا استعراضيا وانتقاميا استفزازيا أبعد من سواه. وكما أخفقت الغزوة الصهيونية في التمويه على وجه صراع الاغتصاب والاستعمار، ستخفق العصابات الأسدية في التمويه على وجه صراع الاستبداد والاستغلال.

الثورة التاريخية البطولية وحّدت شعب سورية.. رغم المذابح.

إنّ أبطال هذه الثورة التاريخية من الأطفال والنساء والشيوخ.. والشباب الذين بلغوا من الوعي ما لم يصل إلى مثله سياسيون محترفون ونخب "فكرية وثقافية وسياسية" معاصرة يعيش كثير من أفرادها في "أبراجهم العاجية" على هامش التاريخ والحاضر والمستقبل.. أبطال هذه الثورة لن يتحوّلوا إلى مجرمين ينتقمون من المذابح بمذابح مماثلة، وهو أوّل أهداف العصابات المدجّجة بالسلاح وبعبقرية الإجرام، منذ اللحظة الأولى لتسلّطها على الوطن وشعبه، وهو أيضا آخر ورقة بين أيديها، بعد أن وصلت القوى الشعبية الثائرة إلى ما لم تصل إليه ثورة شعبية أخرى على امتداد التاريخ، من إنجازات أشبه بالمعجزات، فأسقطت مقولات كانت تتردّد -على سبيل التخويف والإرهاب- وكأنها بدهيات لا جدال حولها، كمقولة: العين لا تقاوم المخرز!.

بلى.. الشعب الأعزل أقوى بإرادته وتصميمه وتضحياته وثورته وضرباته الموجعة من مخرز العصابات الآثمة..

بلى.. كتائب الجيش الحر أقوى بتحررها من نير السيطرة الاستبدادية من "الشبيحة الرسمية" للعصابات الآثمة..

بلى.. الثورة الشعبية التي لا مثيل لها في التاريخ أقوى وأقدر على البقاء والاستمرار من مذابح عصابات دموية همجية آثمة..

لقد وصلت هذه العصابات إلى إجرام غير مسبوق، ووصلت مناورات القوى الإقليمية والدولية إلى درجة غير مسبوقة كيلا تبلغ الثورة غايتها من جهة، وكي تتحوّل بقايا العصابات الآثمة في صيغة "دويلة" مصطنعة من جهة أخرى إلى أداة للتجزئة والسيطرة -كالثكنة الصهيونية في المنطقة- ولكن.. وصلت الثورة الشعبية البطولية أيضا إلى صورة غير مسبوقة تاريخيا من القدرة على الاستمرار والاقتراب يوما بعد يوم من تحقيق النصر الحاسم.. دون دعم حقيقي خارجي، لا يمكن أن يكون إلا مشروطا، ولا تدخل عسكري موهوم، لا يمكن أن يقع إلا وفق حسابات دقيقة لا تعبأ بغير حسابات ذاتية للربح والخسارة.

. . .

ليس هذا جديدا.. ولكن وصل مسار الثورة -أيها الثوار- إلى مرحلة مفصلية في مسار ما يصنعه شعب سورية، ولهذا يبقى ما ينادي به الثوار الأحرار من اللحظة الأولى وينادون به حتى ساعة النصر الحاسم: شعب سورية شعب واحد، وثورة شعب سورية ثورة شعبية جذرية شاملة..

إن بقي في شعب سورية متردّدون.. فيا أيها المتردّدون أنتم السلعة التي تعبث بها العصابات الإجرامية لارتكاب جرائمها ولن تكونوا من الناجين من جرائمها..

إن كان في شعب سورية "طوائف" فلتعلم كل طائفة وفي مقدمتها طائفة العلويين أنّ الجريمة لا تتمثل في تعدّد طائفي وإنّما في توظيفه لارتكاب الجريمة، فلا تكونوا أداة لعصابات أسدية آثمة لا تلتزم بدين ولا انتماء ولا خلق ولا مبدأ..

إن كان في شعب سورية "فريق" من عسكريين.. وعناصر أمن.. وموظفين.. لا يزال يخشى على نفسه وأهله من بطش الإجرام الأسدي، فليعلم أنّ هذا البطش رزح فوق رؤوسهم وأرهبهم عشرات السنين، وسيرزح فوق رؤوسهم ويرهبهم لمزيد من السنين، إن لم يكونوا هم مع شعبهم في إسقاطه والقضاء عليه قضاء مبرما..

ولهذا أيضا يبقى الواجب المقدّم اليوم على كل واجب آخر:

يا أيها الثوار اتحدوا.. ففي وحدتكم قلبا وقالبا خطوة حاسمة نحو النصر المرجو..

ويا أيها السياسيون المخضرمون والمحدثون اتحدوا.. ففي وحدتكم ما ينجيكم أنتم من المشاركة في المسؤولية عن تأخير النصر المرجو..

ويا أيها المنكوبون بعوائلكم وممتلكاتكم ومساكنكم وأعراضكم.. إنّ كل لسان يناديكم عن بعد وكل قلم يتوجه إليكم عن بعد.. لا يملك مع الدموع الدامية والقلوب المرتجفة ألما وأسى إلا أن يقول: إنكم تصنعون بمعاناتكم القصوى النصر لشعبكم ووطنكم من حولكم، والأمن لأولادكم وأحفادكم من بعدكم، شهداؤكم في جنة الخلد بإذن الله.. وأنتم مقبلون على النصر رغم الإجرام الهمجي، وعلى الأمن رغم الإرهاب الأسدي، وعلى فجر الحرية والكرامة والوحدة والعزة رغم التواطؤ الدولي والإقليمي..

والله أكبر من فرعون وهامان وجنودهما..

والله أكبر من نيرو والنمرود والصغار من أحفادهما..

والله أكبر من مرتكبي المذابحي وصانعي مبادرات الترخيص بارتكابها والتمويه على دماء ضحاياها..

الله أكبر.. والنصر لكم يا أهل سورية الثائرين، بقوّة الله العزيز الجبار..

والفجر قادم بالنصر يا أهل سورية الثائرين مهما طال الليل الآسن بالظلم والإجرام..

ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.

=======================

مجزرة الأطفال في الحولة ألا توقظ الضمير الإنساني؟؟

د.جهاد عبد العليم الفرا

في يوم الذكرى الأولى لاستشهاد الطفل البرئ حمزة الخطيب ذي الثلاثة عشر ربيعا مع رفاقه من ابناء درعا الإباء والشموخ والذي شاهد العالم عبر الفضائيات جسده الغض الطري ممزق الأوصال مشوه الأعضاء وقد اخترقه رصاص الإجرام والسادية بعد أن عذب عذابا شديدا ونكل به تنكيلا قاسيا .. في مثل هذا اليوم الأليم على سوريا وأهلها يستعرض نظام القتل والقمع " بطولاته " الوحشية، ويعيد إلى الأذهان ممارساته الهمجية، ويواصل أعماله البهيمية ضد أبناء شعبنا الحر البطل الصابر المصابر ويقتل أطفاله ونساءه وشيوخه في بلدة الحولة في محافظة حمص التي غدت أطلالا ودمارا وخرابا تحت مسمع ومرأى المراقبين الدوليين .. يلقي عليهم الحمم الصاروخية ، والقنابل الحارقة ، والقذائف المدفعية . يهدم بيوتهم، ويحرق منازلهم ومزارعهم ويمزق أوصالهم بطلقاته النارية الحارقة، وحراب بنادقه الخارقة، لتوقع أكثر من 88 شهيدا معظمهم من الاطفال والنساء وأكثر من 300 جريح في حصيلة لم تنته بعد لمجزرة الحولة التي ذبحت فيها عائلات بأكملها وليشرد من بقي من أهلهم ويهجر من نجا من ذويهم لايلوون على شيْ. الجرحى في الطرقات وفي المنازل التي هدمت فوق رؤوس أصحابها، ولايستطيع المسعفون بإمكاناتهم المتواضعة أن يصلوا إليهم وإن وصلوا إليهم لايملكون تقديم الإسعاف الأولي لهم ناهيك عن علاجهم .

مجازر تتلوها مجازر، ومواكب للشهداء تتلوها مواكب، وأطفال في عمر الورود يقضون وتعرج أرواحهم البريئة الطاهرة إلى خالقها تترى تشتكي ظلم الظلمة وقهر الطغاة وإجرام المجرمين والمجرمون ينالون من المجتمع الدولي المهلة تلو المهلة ، وتأتيهم وفود المراقبين العرب ويغادرون ليأتي بدلهم المراقبون الدوليون، ولم يستطع اي منهم إلى الآن أن يوقف عمليات القتل اليومية أو أن يحد من المجازر ووحشيتها ..

ألم يدرك المجتمع العربي والإقليمي والدولي بعد أن نظام القتل والإجرام في دمشق لاتردعه الإدانات ولاالبيانات ولا العقوبات تلو العقوبات ولم يتخذ من كل المهل التي أعطيت له من المجتمع العربي والإقليمي والدولي إلا فرصا لمزيد من سفك الدماء وهتك الأعراض وانتهاك الحرمات ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والاعراف الدولية .. لقد آن الاوان لأن يقف المجتمع العربي والإقليمي والدولي أمام واجباته الإنسانية في حماية الشعب السوري من قاتليه وجلاديه واتخاذ كل ما من شأنه أن يردعه ويوقفه عند حده .. إنها مجزرة أطفال عزل برءاء يجب أن توقظ الضمير الإنساني ليقوم بواجبه أمام الإنسانية المعذبة في سوريا الجريحة.

=======================

الأزمة السورية ........ وفرص الحل السلمي ؟

المحامي محمد خليل *

لقد أوصل نظام الحكم في سوريا البلاد إلى حافة الهاوية بسبب تمسكه بالحل الأمني دون التفكير بأية حلول أخرى سبيلاً لحل الأزمة السورية ، أن تعنت النظام وتمسكه بالحل الأمني سبيلاً وحيداً للرد على المطالب الشعبية في الحرية والكرامة والمساواة ومشاركة القرار والسلطة واستخدام النظام للعنف المفرط في رده على تلك المطالب في خطوة لردعهم وتخويف بقية الشعب لثنيهم على المشاركة في تلك المطالب لم يزد الشعب السوري إلا بسالة في تصعيد احتجاجاته السلمية في مواجهة ذلك العنف الغير مبرر وقتل الشعب ، إن هذه البسالة الشجاعة من الشعب السوري وضع النظام أمام مفترق طرق أما أن يرضخ لمطالب الشعب والذي أرتفع سقفها بعد الرد العنيف على مطالبها الأولية من قبل السلطة ليطال قمة هرم السلطة وتبدأ في إصلاحات سياسية حقيقية تطال كافة مفاصل السلطة ، وأما أن تستمر في خيارها الأول وهو مواجهة تلك المطالب بالعنف والقتل عسى أنها تنجح في مسعاها وتثني الشعب عن مطالبه ، وأمام ذلك نجد أن النظام استبعد الخيار الأنسب والأصلح والأقل كلفة وتوجه إلى الخيار الثاني في التعامل مع الأزمة وأستبدل الأسلحة الخفيفة التي استخدمها في بداية الأزمة ضد المحتجين بالأسلحة الثقيلة والفتاكة مرتكبا أبشع الجرائم بحق الشعب السوري ، وكلما زاد النظام من بطشه أزداد الشعب إصراراً وتمسكاً بمطالبه المشروعة وأمام هذه المعادلة وقف النظام الدولي ومؤسساته التي يفترض بها ان تكون صمام الأمان للشعوب من جور الأنظمة الموقف المتفرج بل السلبي في حماية الشعب السوري الأعزل على مدار أشهر طويلة وثقيلة على الشعب السوري مما دفع بها إلى خيار حماية نفسها بنفسها خيار التسليح خيار الثورة المسلحة منذرة لدخول البلاد في منعطف خطر ونفق مظلم وفوضى شعبية تطول أمدها .

 إلا أن النظام وحده من يتحمل نتائج تلك الخيارات وما تؤل أليه الأوضاع في سوريا فالنظام هو من استهلك الفرصة تلو الأخرى والحل المناسب تلو الآخر بدءً من مبادرات الشعب السوري لحل الأزمة رافضاً أي حل سوى التي يضعها هو منهجاً للعمل فلا حوار إلا مع نفسه ولا صوت يعلو فوق صوت دباباته ومجنزرا ته ولا رأي بعد أراء قياداتها الأمنية ، مستنفذاً كل طرق حل الأزمة السورية بيد السوريين أنفسهم لينتقل الملف السوري إلى يد العرب الذين أدلو بدلوهم لحل الأزمة السورية سلميا وبعد طول صبر ونزيف دم لا يتوقف توصل القادة العرب والنظام إلى حل للأزمة السورية أسموها المبادرة العربية نسبة لهم والتي اقتنعت بها النظام حلا لتطويل أمد أللا حل عسى أن تستطيع لفائح ولهيب مدفعيتها أن تحرق ما تبقى من إرادة السوريين وليبدأ من جديد لعبة المراوغة واصطياد مبررات الهروب والتنصل من الالتزامات ، إلى أن توصل أبناء جلدته أن لا حل سلمي مع هذا النظام ، لينتقل الملف السوري إلى اليد الطولى .... مجلس الأمن الدولي ، وها هو الأخير أيضاً يستنفذ الورقة الأخيرة لحل الأزمة السورية سلمياً ........خطة كوفي أنان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية على سواء والتي أبصرت النور بعد موافقة النظام على بنودها الستة بتاريخ 27 / 3 / 2012 ملتزمة على نفسها ان توقف جميع العمليات العسكرية بغية الوصول إلى وقف جميع أعمال العنف من جانبها بتاريخ لا يتجاوز الثاني عشر من شهر نيسان من هذا العام والتي صعدت فيها النظام من عملياتها العسكرية بشكل جنوني في الفترة الواقعة بين تاريخ توقيع الاتفاقية ووقف العمليات العسكرية وكأنها أرادت أن تقصم ظهر المعارضة خلال تلك المقترة مستفيدة من المواقف الدولية والإقليمية التي تآزرها وما كان من السوريين إلا أن يقولوا بفاجعتهم لعل بعد الضيق الفرج ، وبعدها حان ساعة الالتزام ... البنود الستة التي تضمنتها خطة كوفي أنان في ثناياها ، الالتزام بوقف إطلاق النار للوصول إلى وقف فعال للعنف ولتحقيق هذه الغاية على الحكومة السورية وقف تحرك القوات العسكرية باتجاه التجمعات السكنية وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة وسحب المظاهر العسكرية من داخل وحول التجمعات السكنية . وكذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين ولكل المناطق المتضررة والإفراج عن المعتقلين وخاصة المشاركين في أنشطة سلمية وتقديم قائمة بكل المناطق التي تتواجد فيها المحتجزين ، إضافة إلى ضمان حركة الصحفيين في أنحاء البلاد دون شروط وأخيراً احترام حرية التجمع وحق التظاهر . ودون أن تتعرض الخطة إلى تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة وفق مطالب جامعة الدول العربية ومطالب السوريين الذين استمروا بالمطالبة على مدار أكثر من سنة بضرورة تنحيه عن السلطة لفقدانه شرعية الاستمرار في الحكم ، إلا إن طبيعة النظام لا تسمح له الالتزام بخطة كوفي أنان التي تعني فيما تعنيه أن يوقف العنف ويتم سحب الآليات من المدن والمناطق السكنية ويسمح بالتظاهر والاحتجاجات السلمية الأمر الذي يعني نهاية النظام بيد السوريين أنفسهم إضافة إلى أن طبيعة النظام في سوريا وطريقة تشكيله لا تسمح له القيام بأية إصلاحات حقيقية لأن أي أصلاح حقيقي سوف يطول النظام نفسه بكل أركانه ومرتكزاته لكل ذلك نجد أن تعاطي النظام مع خطة كوفي عنان لا تختلف عن تعاطيه مع المبادرة العربية التي سبقته وأن كان واضحاً تماماً مقاصد النظام من قراراته تلك أنما هي لكسب عامل الوقت فبعد موافقته على الخطة ويظهر للعالم بأنه حسن النية وانه لا يمانع من حل هذه الأزمة بالطرق والوسائل السلمية وبعد موافقته على خطة العمل يبدأ بالمراوغة ووضع العقبات أمام تطبيق الخطة مثلما حدثت تماماً مع مبادرة الجامعة العربية وبالنتيجة لا حلول لا تقدم لا إصلاح ، من الواضح تماماً عدم التزام النظام السوري بأي بند من بنود خطة كوفي أنان فلا أطلاق لسراح المعتقلين ولا تسهيل لدخول المساعدات للمحتاجين لها ولا موافقة لدخول الصحافيين ولا سحب للآليات من التجمعات السكنية وما حولها ولا وقف لأعمال العسكرية وبحسب رئيس لجنة المراقبين الدوليين فأن وقف إطلاق النار هش وغير مستقر وبحسب نائب الأمين العام للأمم المتحدة فأن النظام السوري لم يسحب آلياته الثقيلة من المناطق السكنية ورفضت لطائرات تحمل علم الأمم المتحدة من التحليق وأن وجود الآليات الثقيلة في المناطق السكنية دليل على عدم التزام النظام السوري بالخطة سيما وجود مدفعية الميدان لأنها ليست ضمن الاتفاقية التي تنص على وجود أسلحة خفيفة للشرطة وقوات حفظ النظام وأن مدفعية الميدان ليست ضمن هذه الأسلحة ولا أحد يمكن أن يقبل بوجود مدفعية الميدان داخل المناطق السكنية ، وكأن خطة كوفي أنان أختزل في دخول المراقبين وتنقلهم في سوريا وحتى هذه وبحسب المراقبين فأن زيارة هؤلاء المراقبين عادة لا تستغرق سوى دقائق وفي أغلب الأحيان فأن المراقبين لا ينزلون من آلياتهم وما أن يغادرون المكان حتى تبدأ القصف والعنف في المكان وأن النظام يبدأ بقصف المناطق التي يزورها المراقبين فور مغادرتهم لتلك المناطق وكذلك فأن النظام لم يعطي تأشيرات دخول لمراقبين ينتمون لدول أصدقاء سوريا ولم تسمح لهم بدخول الأراضي السورية ، وأن كان لوجود المراقبين في بعض المناطق بعض التأثير في تقليص معدل العنف مع بدأ سريان تطبيق الخطة وأن كان المراقبين قلقون من انتهاك المعارضة وعدم التزامها بالخطة بشكل دقيق إلا أن الانتهاك الأكبر وخرق الهدنة أنما تأتي من الحكومة السورية بحسب المراقبين .

 وبالتالي لا نلاحظ وجود أية مؤشرات على أن هناك نهاية في الأفق وذلك يظهر من سلوك النظام وطريقة تعاطيه مع الأزمة وطرق حلها ومن الطريق المسدود لحل الأزمة في الأمم المتحدة واستخدام الفيتو والتلويح به من قبل روسيا والصين وتصريح روسيا المتكرر بأنها ترفض أي قرار ضد سوريا حتى قبل الإطلاع عليه الأمر الذي يغلق الباب على أي سبيل لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية فالنظام لن يلتزم بخطة كوفي أنا أو بأية خطة أخرى مثلما لم يلتزم بالمبادرة العربية وهذا أمر واضح لأي مراقب للوضع في سوريا وأن النظام لن يغير شيئاً من سياسته فمن شب على شيء شاب عليه لا يمكن لنظام يستخدم العنف في أعمال سيادته على الشعب أن يتوافق مع عصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان و أن يقتنع بان السلطة هي للشعب التي هي مصدر كل سلطة وأن يرضخ لقرار الشعب في ممارسة السلطة ويحفظ البلاد من الفوضى ويحقن دماء السوريين .

* المحامي محمد خليل : رئيس مجلس أمناء المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )

======================

بَوحُ فَراشَة !

شعر/ صقر أبوعيدة

مَاذا تَقُولُ فَرَاشَةٌ إِنْ لَمْ تَجِدْ دِفْئاً يُهَدِّئُ رَوعَها

وَتَرَى غُصُونَ الشَّمْسِ يَقْضِمُها الْمَساءْ

مَاذا تَقُولُ وَشِعْرُنا يَحْكِي تَضارِيسَ الْكَوَاعِبِ والنّهُودْ

في ثَوْبِها رُقَعُ التّخَبُّطِ وَالشّرُودْ

وَتَقَاسَمَ الْوَجَعَ الْمُخَلّلَ في الدُّجَى شُبّانُها

وَيَهِيمُ فَوقَ مَعابِدِ الْبَلَدِ الْهَباءْ

حَتَّى إِذا لاذَتْ إلى حِضْنِ التَّمَنّعِ والصّدُودْ

هَبَّتْ بِها أَخَواتُها وَاسْتَمْرَأَتْ غَبَشَ الْوُعُودْ

وَإِذا الْبِلادُ تَهَلَّلَتْ تَصْبُو إلى أُفُقٍ يَعودْ

رَفَضَتْ شِفاهُ حِرَابِهِمْ بَرْقَ السَّماءْ

وَالطَّيرُ يَخْفِي وَجْدَهُ

بَينَ الْبَنادِقِ عِنْدَما تُشْرَى الدّمَاءْ

وَالْعَينُ سُجِّرَ دَمْعُها

تَرْنُو إلى طَيرِ النَّوَارِسِ تَحْتَفِي بَينَ الْغَمامْ

وَلِتَرْسُمَ النَّهْرَ الّذِي في خَاطِرِي

مِنْ نَبْعِهِ لَبَنٌ تَحَلَّى بِالْوِئَامْ

مِنْهُ الصّبايا تَغْرِفُ الأَمَلَ الْمُكَلَّلَ بِالنَّشِيدْ

وَالْمَوجُ يَغْسِلُ شَطْأَهُ هَمْساً وَتَرْتِيلاً يُقامْ

عَينِي عَلى عَينٍ تَمَرَّدَ رِمْشُها

وَالْجَفْنُ يُغْرِيهِ الْمَنامْ

تَحْتَ السّكِينةِ في ثِيابٍ حَاكَها غَسَقُ الْخِصامْ

يَاقَومِ مَنْ يَهْدِي الْفَراشَةَ شَدْوَ مَنْ يَرْجُو الْوِصالْ

أَحَبَبْتُها قَبلَ انْبِجاسِ الْفَجْرِ مِنْ رَحِمِ اللَّيالْ

كَحَّلْتُها حَتَّى الْتَقَينا عِنْدِ أَحْلامِ الْجُدُودْ

يَاقَومِ مَنْ صَنَعَ الْكَآبَةَ وَالْجُنُودْ ؟

وَالْحُبُّ يَنْشَفُ رِيقُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَلْقَى الْغَمامْ

طَالَ اللُّهاثُ عَلى تَقَاسيمِ الْوُرُودْ

وَتَمَيَّعَتْ في بُرْجِها لُغَةُ السَّلامْ

يا مَعْشَرَ الإنْسِ اشْتَكَى مِنْ غيِّكُمْ نَوْحُ الْحَمَامْ

وَفَرَاشَةُ الْكَرْمِ الْحَصِيدْ..

تَسَاءَلَتْ:

مَنْ أَطْفَأَ الطُّرُقَ الّتي رُصِفَتْ مِنَ الْعَظْمِ الْوَليِدْ؟

أَوَتَشْرَبُونَ مِنَ الْجَماجِمِ حُلْمَ طِفْلٍ مِنْ جَدِيدْ؟

أَسْكَنْتُمُوهُ خِصَامَكَمْ فَتَوَجَّعَتْ فِيهِ الْخِيَامْ

وَتَسَاءَلَتْ: لِمَ هَذِهِ الأَشْعارُ تَهْرُبُ كَالطَّرِيدْ ؟

وَتَحَمْلِقُ الأَنْغَامُ في صُوَرِ الْقَصِيدِ ؟

لَمَّا رَأَتْ دَمْعَ الْحُقُولِ عَلى الرَّحَى

وَتَبَدَّلَتْ لُغُةُ الطَّحِينْ

وَالْقَمْحُ يَمْلأُ حَبَّهُ غَضَباً عَلى صَدَأ الْمَناجِلِ في الْقُرَى

يَتْلُو مَوَاوِيلَ التَّرَقُّبِ وَالصُّمُودْ

وَتَسَاءَلَتْ:

كَيفَ الأُخُوَّةُ لا تَرَى سُفُنَ الدّمُوعْ

تَجْرِي بِأَشْرِعَةِ النَّوَى فَوقَ الْخُدودْ ؟

============================

الاعتقالات جزء من محاولات القتل المتعمّد

عقاب يحيى

الاعتقال بعض إنتاج الطاغية ونظامه القاتل.. بعض تنفيس الحقد، وتعابير النرجس المريض بخضاب الدماء وإهانة الآخر..بعض سياسة الإخضاع بالقوة والترهيب.. وبعض فرض الديمومة ..

 يوماً كان الطاغية يتحدث عن الفقراء والشعب، وغبار الجوع يلفح التكتيك، وشعارات الأمة تأكل ما في الجوف من حقد عميم..وادعى كثيراً حب الشعب، والانتماء إليه.. وإذ بالشعب عنده زمر العبيد والمطواعين والمبوقين، الموظفين النهابين المنافقين، والطائفيين . لا يهمه من يكونون وماذا يفعلون، فالمهم أن يتقنوا الصمت، والتمجيد باسمه، وأن يرفعوا صوره وخطاباته قائد القواد الذي لم يمتلك موهبة سوى إدمان الدجل، وباطنية التغليف، وشراسة الحقد الغاطس في كهوف التخلف حين يبعث ركائز مجد، وديمومة، وحين يصبح طريق الوصول إلى" جورة الحرامية" وهي تكشف بعض أسرارها، وهي تخيط الوطن بمسلة التفرقة، وعربدة القوة والتسلط والتحكم بكرامة ومشاعر ولقمة عيش الناس، وحين تدوس النعال المبادئ، والوطن، والقيم، والأخلاق، وحقوق البشر الطبيعية .. .

 اسرق . انهب. خن . مارس كل الموبقات التي يشجعك عليها الطاغية، ويفتح لك كل الأبواب لتلجها..ثم يضع لك ملفات مشينة تجعلك تحت بسطاره المتخلف، كلباً ذليلاً تابعاً تلهث لخدمته، مثلما تلهث في النهش والعضّ ومصّ الدماء. المهم أن تتقن التصفيق والدجل، وأن تبوّق ما شاءت وسائل التصنيع من " إبداعاتها" عن الخارق، الذي لم يكن يوماً خارقاً سوى بالجبن والمقايضة على القضايا الوطنية والقومية، وإذلال الشعب، وتمريغه بالخوف، والنفاق، وغسيل الأدمغة.. كي يبقى الطاغية مصاصاً للدماء، نهاباً للمبادئ، خائنا لها بتلاوين الغش والتزوير، والأهم الأهم أن تفعل كل شيء عدا التفكير بالوطن وما يصير به على يد نظام الطاغية، وألا تقرّب السياسة منك أبداً، وأن تلغي كلمة لا، وحرية، وحقوق من قامموس استعمالك نهائياً، وأن تعلم أولادك قواعد الحكمة التي تقول " امشي جنب الحائط وقل يا ستار استر"، أو اليد التي لا تقدر عليها بوسها أو ادعي عليها بالكسر في سرك"، و"العين لا تقابل المخرز"، و"حادت عن ظهري بسيطة" والكثير من تراث عصور الاستبداد الذي انتشر هشيماً في ذهن السوريين فهمّشهم، وأبعدهم طويلاً عن الاقتراب من الشأن العام، والسياسة، ناهيك عن فعل المعارضة المحرّم والمجرّم . ..

 الاعتقال ركيزة من ركائز المستبد الطاغية، وطالما أن البعض يرفض الترويض والتمرّغ في حلبة الطاغية.. فالسجن هو المأوى، والسجن تطويع، والسجن تخويف ومحاولات تيئيس..والسجن تغييب، وترحيل، ويمكن أن يكون نهاية.

وحين قام بانقلابه الأسود، وباع التشدق بالمبادئ والأهداف، وساوم، واشترى وقايض.. رمى برفاق الأمس ربع قرن في المعتقلات دون تهمة أو محاكمة .. وكان حقده فيضاً معلناً على المبدئيين فيهم الذين أبوا التحول إلى بيادق في زمره النهبية.. فخصهم، وعائلاتهم، وأقربائهم بالكثير من فيض غله الذي لا ينتهي .

 ومثلما كانت الأجهزة الأمنية أول الركائز التي بنى عليها مملكة الرعب، وديمومة البقاء، وسياسة التخويف المعمم، المنهج .. كان الاعتقال تفريخها. والاعتقال مرحلة متأخرة لعلميات التخويف والإخضاع ورهاب البشر من الأطفال والنساء وصولاً للمجتمع، والقوى السياسية . التخويف صناعة متقنة، أداتها لبط الكرامة، وإهانة البشر، وإرعابها، وسداها الزجّ بالناس في السجون لأتفه الأسباب ورميهم هناك حتى يشاء المستبد، الطاغية الإفراج عنهم في (لحظة صفاء)، أو بعد دفع " ديّات" كبيرة لزمر المسؤولين الأمنيين( وقد صار الاعتقال ميدان تجارة وثروات كثير الضباط) .. والاعتقال طريقة للتخلص من السياسين والمعارضين الخطيرين.. والتخلص منهم دون أن يدري أحد مصيرهم.. وقد عرفت السجون اختفاء عشرات الآلاف.. وما زال عدد المفقودين يقارب العشرين ألفاً.. بينما مفقودي الثورة السورية يتجاوز هذا العدد، وربما بكثير ..

 رئيس العته الذي ورث تلك الأجهزة الأمنية المكلوبة، التي تمرّست على الفتك بالآدمية، والتبجح بإهانة الكرامة والمشاعر، والتحرش، والاغتصاب،( والاغتصاب صنوف وأنواع)، والتي استفشرت طولاً وعرضاً حتى صار مجرد ذكر مخبر فيها(من جيوش كثيرة خرّبت ضمائرها) يثير الخوف في النفوس.. نامت على وقع سياطها، متصورة أن الشعب السوري الذي أمعنت فيه قتلاً، واعتقالاً، وانتهاكات وفظائع لن تقوم له قائمة أبداً، ولن يتجرّأ أحد على قول لا ، أو رفع رأسه ( أو أن يقبّ برأسه كما يرددون).. فقد كانوا متأكيدن أنهم طحنوا الكرامة، والإباء، والعزة في السوري، وأنهم أرضعوه بالقوة والسائد حليب الذل، والصمت والتمجيد الببغائي للقائد الديمومة، والقائد فريد عصره، والقائد المحبوب من كل الشعب..فهاجوا وماجوا، صالوا وجالوا في طول البلاد وعرضها يستعرضون غضنفراتهم، وتشبيحهم، وزهوهم، ويستبيحون كلا شيء، ويفعلون ما يطيب لهم في كل المجالات ..

 وحين فاجأهم أطفال درعا جنّ حنون النرجس والحقد..والشعب بنظر الطاغية وزمره ارقام لا تساوي البعوض..فكان القتل، وكان الاعتقال نتاجهم .

 الاعتقال الواسع منذ الأيام الأولى للثورة لم يكن عفوياً، ومجرد تعبير عن حقد الغل وحسب، وإنما جزء من خطة مرسومة وضعها قادة الأجهزة الأمنية ، ويقال بما يشبه التأكيد، أن الحليف الإيراني الضليع في الاعتقال وتصفية الخصوم.. قدّم نصيحة لا تقدر بثمن للطاغية الوريث تقضي بالابتعاد(ما أمكن) عن أسلوب القتل، لأن من يقتل قد يتجمهر عشرة، ويزيد معه في جنازته، واعتماد الاعتقال، لأن المعتقل يخيف باعتقاله عشرة من معارفه وأهله ووسطه ... ولأن المجرم أبو الأمجاد، سليل الطاغية المؤسس، الذي يريد أن يترك بصماته الخاصة، راح يعمل على الجمع بين الخاصتين : القتل والاعتقال.. وقد تفنن فيهما بكل الطرق، وأبدع حتى المجازر الجماعية، واعتقالات مئات آلاف الناشطين والأحرار .

 الاعتقال بهدف الشل، والاعتقال بهدف تصفية الناشطين، والاعتقال بهدف الإخضاع والإذلال، والاعتقال بهدف التخويف والتيئيس، والاعتقال بهدف كسر ظهر الانتفاضة وإحداث الفراغ فيها، والاعتقال بهدف البلبلة والاختراق.. جميعها أهداف متشابكة لحملات الاعتقال التي لم تتوقف منذ الشهر الأول للثورة وحتى الآن –

 لقد صفيّ آلاف النشطاء تحت التعذيب، كثيرهم لم يعرف مصيرهم الواضح حتى الآن، والذين ما زالوا في عداد المفقودين، وتعرض مئات الآلاف لألوان فظيعة من التعذيب المميت والإهانات التي تحاول اشتلاع الآدمية، وتخضيب الكرامة بالإذلال، فكان اغتصاب الرجال القسري وسيلة رهيبة لإحداث شروخ، وعقد في نفسية المعتقل، وكان التعذيب، خاصة في المخابرات الجوية، صنفاً من التشويه والبتر والتمثيل والتقطيع، وترك آثار وندوب تبقى طويلة في الجسد والروح، وكانت محاولات ترويج الخوف، وإعادة الحياة له بعد أن دمره الثوار بثورتهم، وتهديمهم لأركانه.. هدفاً من الأهداف الكبرى، بينما الرهان على تفريغ الثورة من أطرها الفاعلة، ونشطائها المؤثرين، واحداً من الأهداف الكبيرة أيضاً..لذلك تتواصل حملات الاعتقال، ولذلك ما أن تخرج (وجبة) حتى تتبعها أخرى أكبر وأشمل، وفيها عدد كبير من (وجبات) سابقة ..وما زال حبل الاعتقال على جرار الطاغية مستمراً ..

 الأرقام المعلنة تتحدث اليوم عن عشرات آلاف المعتقلين الموزعين في سراديب الموت والتعذيب، والفروع المعروفة والسرية. وفي المدارس التي تحولت إلى سجون، وعديد الأماكن المجهولة..وهناك أعداد اعتقلت منذ الأشهر الأولى للثورة ولم يفرج عنها، بل لا يعرف مصيرها .

 لكن، وكما فاجأ أطفال درعا جلاوزة الطاغية، وحساباته، وكما كانت ديمومة الثورة السورية وتصاعدها إعجازاً يضعها اليوم أم الثورات العربية، وواحدة من أهم ثورات العصور، انتزعت رايات الثورة من المعتقلين صناعة الطاغية ومراميه بثبات وصمود الأغلبية الساحقة من المعتقلين، وهم يعودون أكثر تصميماً وشجاعة على النزول للميادين لحظات بعد الإفراج عنهم، وعلى مقاومة الموت بزرع بذور الحياة، ورفع رايات المجد عالية في سماء سورية منارات تستقطب الشباب، فيتدافعون زحاماً للتضحية والمشاركة.

 نعم، وبكل موضوعية، وبعيداً عن التمجيد العاطفي سجّل الشباب السوري المعتقل آيات كباراً من الفداء والشجاعة والإصرار، وهاهم كثيرهم أبطال السوح يقودون ويسهمون في كفاح شعبنا لأجل النصر..بينما يزداد صمود الآلاف في التعذيب.. وتعلو أصواتهم صراخاً للحرية، وموتاً للطاغية ..رغم أفانين التعذيب التي يتعرضون لها، ورغم الويلات التي تنزلها بهم الوحوش الضارية في المعتقلات..

 المجد لهم رايات الحرية ..

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ