ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مجموعة الاتصال والمهلة الجديدة!!

احمد النعيمي

Ahmeeed_asd@hotmail.com

جرت مجزرة مزرعة "القبير" مساء يوم الأربعاء السادس من حزيران، وذهب ضحيتها كل أفراد المزرعة المائة، ما خلا أربعة منهم، وقام المجرم الأسد بمنع فريق المراقبين الدوليين من الوصول إلى المزرعة المنكوبة، ومتابعة ما حدث فيها وتوثيقه، وذلك كما صرح به رئيس بعثة المراقبين الجنرال "روبرت مود" يوم الخميس السابع من حزيران، من أن: "سلطات البلاد منعتهم من الوصول إلى البلدة، وأنه تم إيقاف سيارات البعثة في بعض نقاط التفتيش التابعة للجيش السوري على طريق مؤدية إليها، مما اضطر أفراد البعثة للتراجع"، مضيفاً: "لم يقتصر الأمر على نقاط التفتيش التابعة للجيش السوري، وإنما كان هناك بعض المدنيين يعملون على التصدي لدوريات بعثة المراقبة في منطقة تقع قرب مدينة حماة من ناحية الغرب"، ثم تمكنت البعثة من الدخول إلى المزرعة المنكوبة يوم الجمعة الثامن من حزيران، بعد يوم واحد من تصريح مود واجتماع الهيئة العامة ومجلس الأمن لمناقشة الوضع بعد مجزرة "القبير"، كما ذكر مراسل "بي بي سي" الذي تمكن من دخول البلدة برفقة المراقبين الدوليين، واصفاً الوضع فيها بأنه مزري للغاية، ويبعث على الخوف.

وما آثار الحفيظة أن المنظومة الدولية سمحت لسفير الأسد "بشار الجعفري" بأن يتبجح بكل وقاحة أمام الهيئة العامة، وقوات الأسد حاولت جهدها أن تمنع مراقبي المنظومة من الوصول إلى المزرعة، لكي لا تنكشف حقيقة الوضع، بينما كان المفروض فيها، أن تعمل على طرد الجعفري من مقر الجمعية العامة، وكان يكفيها أن تستدل من منع الأسد للمراقبين الدوليين، بأنه هو الفاعل والمرتكب لهذه الجريمة النكراء، وان تسقط شرعية هذا النظام المجرم من فورها.

ولكن المنظومة الدولية واصلت تشويه الحقائق، والتستر على الجرائم المرتكبة، وعملت على إعطاء مهلة جديدة للمجرم بشار، من خلال الإعلان عن مجموعة اتصال، ستضم دول الجوار لسوريا، والتي من شانها أن تضغط على الأسد لكي تذهب الأمور إلى عملية سياسية تفضي إلى تسليم الأسد للسلطة، وسط ضغط روسيا والصين إلى إشراك إيران في مهلة القتل الدموية الجديدة، وبكل وضوح.

ورغم مزاعم الجانب الأمريكي واعتراضه، وصراخه، إلا أن إيران ستكون طرفاً أساسياً في مجموعة الاتصال، وستعطى فرصة علنية لتظهر متحدية للعالم بكل استخفاف، ويديها ملطخة بالدماء التي أراقتها بالاشتراك مع الأمريكان، في كل مكان، وستكون لاعباً مهماً في مهل القتل الدموية، وكلمات اللواء "إسماعيل قائاني" القائد العام لفيلق القدس يوم الثامن والعشرين من أيار الماضي، بأنه: "لولا وجود الجمهورية الإيرانية في سوريا لأصبحت دائرة المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري أوسع" تلطخ العالم كله بالدماء.

====================

الشعب السوري في ظل الحماية الدولية بموجب القرارين الأممين 2042 و 2043

د. قصي غريب

أكدت ديباجة ميثاق الأمم المتحدة على الإيمان بالحقوق الإنسانية، وبكرامة الفرد وقدره، وبينت الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة، واحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، والدفع بالرقي الاجتماعي قدماً لرفع مستوى الحياة في جو رحب من الحرية، والعزم على العيش معاً من خلال ضم قوى الجماعة الدولية من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وكفالة القبول بمبادئ معينة من أجل هذه المصلحة المشتركة. وبما أن الجماعة الدولية لم تعد تستطيع في أن تسكت وتتغاضى عن الإنتهاكات المفرطة والمستمرة لحقوق الإنسان التي وصلت الى حد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل النظم الإستبدادية في العالم، ولا سيما بعد أن أصبحت قضية حقوق الإنسان بنهاية الحرب الباردة، وانهيار النظم الإشتراكية في أوربة الشرقية، وتفكك الإتحاد السوفيتي في غاية الأهمية وتستدعي الربط بين احترامها وبين السلم والأمن الدوليين، فميثاق الأمم المتحدة قد أقر لمجلس الأمن عبر بعض مواد فصوله على مبدأ التدخل لحفظ السلم والأمن الدوليين بتضافر أعضاء الأمم المتحدة لتنفيذ التدابير التي قررها، مما فرض مبدأ التدخل ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الانسانية، وقد حصلت بالفعل بعض التدخلات في السنوات الأخيرة باسم الحماية الدولية الانسانية، وكان أخرها التدخل في ليبيا لكفالة حماية المدنيين.

وانطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة فان حفظ السلم والأمن الدوليين كان من أولى مقاصدها ومبادئها، إذ أكدت الفقرة 1 من المادة 1 على أن مقاصد الأمم المتحدة هي : حفظ السلم والأمن الدوليين، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد ذلك لإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بها، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي التي قد تؤدي الى الإخلال بالسلم أو لتسويتها. وقد ذهب البعض على أن هدف الأمم المتحدة من الفقرة الأولى من المادة الأولى من الميثاق تشير بوضوح إلى ثلاثة أنواع من التدابير التي يتعين على الأمم المتحدة اتخاذها لحفظ السلم والأمن الدوليين وهي :

1 - تدابير وقائية لإزالة أسباب التوتر، والحيلولة دون اندلاع المنازعات أصلاً.

2 - تدابير لمساعدة أطراف النزاع على التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع وفقا لمبادئ العدل والقانون .

3 - تدابير قمعية لمواجهة حالات العدوان، أو تهديد السلم والإخلال به.

وبهذا لكي تحقق الأمم المتحدة هدفها في حفظ السلم والأمن الدوليين طبقاً لنص الفقرة 1 من المادة 1 من الميثاق، فلا يجب اللجوء فوراً إلى اتخاذ تدابير قمعية عندما تلوح بوادر أزمة ما، بل على مجلس الأمن بداية أن يتخذ التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وهذا يعني أن الأسس التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين لا تقتصر فقط على تطبيق الفصل السابع والمادة 42 منه التي تؤكد على استخدام القوات المسلحة الأممية إلا إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها بالميثاق لا تفي بالغرض أو ثبت انها لم تف به، جاز له استخدام القوات المسلحة .

إلا أنه منذ أن اندلعت الثورة السورية العظيمة في 15 – 18 آذار 2011، وعلى الرغم من استخدام النظام الطائفي القوة المفرطة ضد الثائرين الذين يطالبون بإسقاطه، وإقامة دولة القانون والمواطنة لكل السوريين، وتحوله إلى عصابات مجرمة تمتهن التعذيب الممنهج، والقتل المنظم باعتراف مؤسسات الأمم المتحدة، وهذا من وجوه الإخلال بالسلم، ولكن شعوب الامم المتحدة لم تضم قواها كي تحتفظ بالسلم والأمن الدوليين بناء على ميثاق الأمم المتحدة، ولم تتخذ التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها. وبقيت على الحياد تراقب ما يحصل في سورية من دون أن تكترث وتتخذ الإجراءات الضرورية لحماية شعب دولة عضو في الأمم المتحدة، إلا أن ارتفاع عدد الضحايا قد أجبرها على إدخال الملف السوري إلى أروقة الأمم المتحدة، وكانت البداية دخوله إلى مجلس حقوق الانسان فصدر عنه أربعة قرارت : الأول في 29 نيسان 2011، والثاني في 22 آب 2011، والثالث في 2 كانون الأول 2011، والرابع في 23 آذار 2012، وإلى مجلس الأمن فصدر عنه : ثلاث بيانات رئاسية الأول في 3 آب 2011، والثاني في 21 آذار 2011، والثالث في 5 نيسان 2012، كما صدر قراران عن الجمعية العامة : الأول في 19 كانون الاول 2011، والثاني في 16 شباط 2012، فضلاً عن ذلك تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بشأن سورية في 23 تشرين الثاني 2011 وصدور تقرير عنها يدين النظام في سورية، ولكن على الرغم من إدانة مواصلة الانتهاكات الواسعة الإنتشار لحقوق الانسان على نحو خطير ومنهجي من قبيل الإعدام التعسفي، والإستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، واضطهادهم وقتلهم، والإحتجاز التعسفي، والإختفاء القسري، والتعذيب وسوء معاملة المحتجزين بمن فيهم الأطفال من جانب السلطات في سورية، ووجوب محاسبة المسؤولين عن ذلك، والإعراب عن الأسف البالغ لموت الاف عديدة من الأشخاص، والإقرار بأن ما جرى ويجري في سورية هي إرتكاب جرائم ضد الإنسانية بإعتراف مجلس حقوق الإنسان، إلا أن الأمم المتحدة عجزت عن إتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف نزيف الدم المستمر والمجازر، وحماية المدنيين السوريين من نظام عصابات امتهن القتل المنظم، ولم توص بإحالة ملف الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة التي تهدد وتخل بالسلم إلى محكمة الجنايات الدولية، والذي تنص عليه الفقرة 1 من المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على أن مقاصد الأمم المتحدة هي حفظ السلم والأمن الدوليين، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد ذلك لإزالتها.

إلا أنه حصلت نقلة نوعية بموقف الأمم المتحدة من الثورة السورية بصدور القرارين 2042 و 2043 عن مجلس الأمن والذي يجب إتخاذ تدابير لتنفيذهما، ففي جلسته المعقودة في 14 نيسان 2012 اتخذ مجلس الامن القرار 2042 وأشار الى بياناته الرئاسية وإلى جميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة، وأعاد تأكيد دعمه للمبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان، وللعمل الذي يقوم به وفقاً لقرار الجمعية العامة المؤرخ في 16 شباط 2012 والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجامعة العربية، وأدان الإنتهاكات الواسعة الإنتشار لحقوق الإنسان من جانب السلطات في سورية، ووجوب محاسبة المسؤولين عن ذلك، وأعرب عن أسفه البالغ لموت الاف عديدة من الأشخاص في سورية، وأحاط علماً بالتزام الحكومة في سورية في 25 آذار 2012 بتنقيذ اقتراح النقاط الست للمبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية التي تقوم على الإلتزام بالعمل مع المبعوث في عملية سياسية شاملة، ووقف القتال وتحقيق وقف عاجل وفعال لأعمال العنف المسلح بجميع أشكاله تحت إشراف الأمم المتحدة حماية للمدنيين، وكفالة تقديم المساعدات الإنسانية لجميع المناطق المتضررة من القتال، وتكثيف سرعة ونطاق الإفراج عن المحتجزين احتجازاً تعسفياً، وكفالة حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد للصحفيين، واحترام حرية إنشاء الجمعيات والحق في التظاهر بشكل سلمي، وبالتنفيذ العاجل والواضح للإلتزامات التي وافقت على الوفاء بها الحكومة في سورية في رسالتها إلى المبعوث المؤرخة في1 نيسان 2012 وهي :

 أ - وقف تحركات القوات نحو المراكز السكانية.

ب - ووقف كل إستخدام للأسلحة الثقيلة في تلك المراكز.

ج - وبدء سحب الحشود العسكرية في المراكز السكانية وحولها.

وأعرب عن اعتزامه رهناً بالتوصل الى وقف مستمر لأعمال العنف المسلح بجميع أشكاله أن ينشئ فوراً بعد التشاور بين الأمين العام والحكومة في سورية بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة في سورية لرصد وقف أعمال العنف المسلح بجميع أشكاله، وأهاب بها كفالة عمل البعثة بفعالية بما في ذلك فريقها المتقدم وذلك بتيسير النشر السريع لأفرادها، وكفالة تمكينها من التحرك والوصول بشكل كامل وفوري ودون عراقيل وعدم إعاقة اتصالاتها، وتمكينها من الإتصال بحرية بالأفراد في جميع أرجاء سورية دون الإنتقام من أي شخص بسبب تواصله مع البعثة، وقرر الاذن بإيفاد فريق متقدم مؤلف من 30 مراقباً عسكرياً غير مسلح للتواصل مع الأطراف، والبدء في الإبلاغ عن تنفيذ وقف كامل للعنف المسلح بجميع أشكاله، وأهاب بالحكومة في سورية وكافة الأطراف أن تضمن تمكين الفريق المتقدم من تنفيذ مهامه، وضمان سلامته دون المساس بحريته في التنقل والوصول، مع التأكيد على أن المسؤولية الرئيسة تقع على عاتق السلطات في سورية، وطلب من الأمين العام أن يبلغ مجلس الأمن فوراً عن أي عراقيل توضع في طريق أداء الفريق عمله بصورة فعالة، وأن يقدم إلى مجلس الأمن تقريراً عن تنفيذ هذا القرار، وأعرب عن اعتزامه تقييم تنفيذ هذا القرار، والنظر في إتخاذ خطوات إضافية حسب الإقتضاء، ويقرر إبقاء المسألة قيد نظره.

وكذلك اتخذ مجلس الأمن في جلسته المعقودة في 21 نيسان 2012 القرار 2043، وأشار إلى قراره 2042، وإلى بياناته الرئاسية، وإلى جميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة، وأعاد تأكيد دعمه للمبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان، وللعمل الذي يقوم به وفقاً لقرار الجمعية العامة المؤرخ في 16 شباط 2012، وللقرارات ذات الصلة الصادرة عن جامعة الدول العربية، وأعرب عن القلق إزاء استمرار العنف، وقرر أن ينشئ لفترة أولية مدتها 90 يوماً بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سورية بقيادة رئيس للمراقبين العسكريين، على أن تشمل نشراً اولياً يصل إلى 300 من المراقبين العسكريين غير المسلحين، فضلاً عن عنصر مدني ملائم حسب ما تحتاج إليه البعثة لتنفيذ ولايتها. وأن تكلف البعثة برصد وقف أعمال العنف المسلح بجميع أشكاله من جانب كل الأطراف، ورصد ودعم التنفيذ الكامل لإقتراح النقاط الست، وأعرب عن إعتزامه تقييم تنفيذ هذا القرار، والنظر في إتخاذ خطوات أخرى حسب الإقتضاء، وإبقاء المسألة قيد النظر.

وعليه فإن عدم تنفيذ القرارين من قبل الحكومة في سورية يقابله في ميثاق الأمم المتحدة إتخاذ تدابير سلمية لا تتطلب إستخدام القوات المسلحة لتنفيذهما، وله أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تطبيق التدابير، وإذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها بالميثاق لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له استخدام القوات المسلحة.

وفيما يأتي التدابير السلمية والعسكرية التي يجب أن يتخذها مجلس الأمن والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة :

ورد في الفصل الأول في مقاصد الهيئة ومبادئها : المادة 2 الفقرة 5 : يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع.

وورد بالفصل الثاني في العضوية : المادة 5 : يجوز للجمعية العامة أن توقف أي عضو اتخذ مجلس الأمن قبله عملاً من أعمال المنع أو القمع، عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها، ويكون ذلك بناءً على توصية مجلس الأمن، ولمجلس الأمن أن يرد لهذا العضو مباشرة تلك الحقوق والمزايا.

المادة 6 : إذا أمعن عضو من أعضاء الامم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءً على توصية مجلس الأمن.

وورد بالفصل السادس في حل المنازعات حلاً سلمياً : المادة 34 : لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعاً لكي يقرر إذا ما كان هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين.

وورد بالفصل السابع فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به : المادة 39 : يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لاحكام المادتين 41 و 42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.

المادة 41 : لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير. ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً، وقطع العلاقات الدبلوماسية.

المادة 42 : إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولين أو لإعادته الى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الاخرى بطريق القوات الجوية او البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة.

====================

 

كلنا بابا عمرو والأب باولو

بدرالدين حسن قربي

كلنا بابا عمرو، كانت نداء الأب باولو دالوليو في اللحظة التي اقترب منه الطبيب محمد المحمد، يقدم إليه أغلى ماعنده، منظاراً لفحص الأذن وسماعة طبية من بقية متبقية، كان قد أخذها معه إلى بلدة القصير بعد تدمير عيادته ومشفاه الميداني مع مادُمّر من حي بابا عمر، وهو يخاطبه: لن أجد خيراً منك لمثل هذه الهدية، ولعلّ الله يعوضّني عنهما الشهادة أو النصر. يتقبل الأب باولو الهدية قائلاً: أنت بطل هذا الحي. ولكن الطبيب لم يفوّتها له منوّهاً أن أبطاله هم أطفاله، وأنه ليس إلا خادماً لبابا عمرو، وجندياً من جنود ثورة الحرية والكرامة، مبيناً أن زيارته له ولمن معه من العاملين من المسعفين والممرضين، رسالةٌ سلمية إنسانية لكلّ الصامتين من كل الأقليات، يقابلها بأنه ليس بيننا من يعاديكم لأننا أخوة الوطن.

إن في زيارة الشاب الإيطالي المولد، والسوري الهوى والعشق، الأب باولو المهاجر من ثمانينات القرن الماضي، والذي أقام في دير مار موسى الحبشي راهباً في أحد جبال القلمون قرب مدينة النبك الذي رممه بمعاونة مَنْ حولَه من ناسٍ أحبّهم وأحبّوه، لبلدة القصير/حمص في الرابع من الشهر الجاري بعد كل القصف والتدمير والمجازر التي كانت فيها، ولقائه طبيبها والعاملين معه في الإسعاف والمعالجة، وتبّرعه بدمه وهو صائم لأرواح الشهداء وتضامناً مع المعتقلين، وجلوسه معهم على مائدة طعامهم، وبكائه الأطفالَ والشهداء وكأنه أب حقيقي لكل شهيد، أبكى ببكائه الجميع. إن في كل ماكان في الزيارة من الفعل الإنساني البحت، وردة فعل النظام عليها بالطلب إليه مغادرة سوريا، يؤكد حقيقة هذا النظام المحتضِر مهما قيل عنها مذهباً وطائفة وإعلاماً، بإنها لاتخرج عن الطبيعة المافياوية التي لاتمتلك ممنوعات ولا مقدّسات، ولاقيماً ولا محرمات، بل هي علاقة الآلهة التي تفرض طاعتها على عبيدها وشبيحتها دون تردد، وترفض تقبل أي عمل إغاثي إنساني أو أي شكل من أشكال التعاطف أيّاً كان مع ضحايا جرائمه ومجازره.

وللانصاف أيضاً، نذكّر بأن هذه ليست المرة الأولى من الفعل الإنساني للأب باولو بشأن الثورة السورية، بل أظهر موقفاً ناضجاً ومتفهماً لها، عندما لفت عناية من يهمه الأمر في نداء الميلاد الذي نشره في كانون الأول/ ديسمبر الماضي مقترحاً على النظام صورة خروج له من أزمته مع شعبه، تتبدّى اعترافاً بالتعددية وإقراراً للحريات، ومحافظةً على سلامة كلّ المواطنين وكرامتهم، ومحذراً في الوقت نفسه بأنه مالم يحصل السورييون على ديمقراطية تعددية مدنية وتوافقية تحترم الجميع على تباين صفاتهم وهوّيّاتهم، فإن سوريا مأخوذة إلى أيام أليمة للجميع وقد تتهدد وحدتها. وإنما كان الرد في حينها على هذه المقترحات الإنقاذية بالطلب إليه مغادرةَ سوريا بحجة خروجه عن نطاق مهمته الكنسية والرعوية، وهو أمر عُولج في وقته على مايبدو بخيار الصمت.

النظام السوري لايريد صنفاً من أمثال الراهب باولو، بل يريد أصنافاً تقف في صفه ضد شعبٍ خلقه ربي حراً، يريد مقاومته خالية من الذل والعبودية، ويريد ممانعته خلواً من النهب واللصوصية. ويأبى النظام إلا أن يسقينا إياها مغموسة بكل أصناف القمع والاستبداد والفساد، وبكل معاني التوحش ترويعاً وتعذيباً وقتلاً وتنكيلاً، ومعه كل كهنة الاستبداد والقمع، من إعلاميين وسياسيين وإعلاميين ورجال دين ومحازيب، يبرّرون ويرقّعون ويخوّفون ويشطّفون، ويشعلون المباخر تغطيةً على روائح فسادٍ، ونتنِ استبدادٍ وعفونات نظام، استوجب الدفن والرحيل منذ أمد بعيد.

الأب باولو..!! أنت في بلدك سوريا وبين أهلك ورعيتك، وأنت في قلوب جميع السوريين الأحرار، لأنك الإنسان الذي رفض بما أنعم الله عليه من نعمة العقل والفكر وروح الحوار والتفاهم أن يكون ظهيراً للمجرمين.

http://www.youtube.com/watch?feature=

player_embedded&v=d3_W33xcur8

http://www.youtube.com/watch?feature=

player_detailpage&v=mbwDARff8Ok

http://www.youtube.com/watch?feature=

player_detailpage&v=UIVOWJrZ5fw

http://www.youtube.com/watch?feature=

player_detailpage&v=v1MsZvLC844

=========================

مصير الاحتلال والاستعمار الاستيطاني إلى زوال

د. غازي حسين

تتعرض مدينة القدس المحتلة إلى هجمة استيطانية تستهدف محو طابعها الحضاري العربي الإسلامي والمسيحي، وتهويدها بالكامل وعزلها عن الضفة الغربية، وعن محيطها العربي الفلسطيني، جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً، ومصادرة الأراضي والعقارات العربية، وهدم المنازل، وإقامة الأحياء والمستعمرات اليهودية على أنقاضها، وفرض /17/ نوعاً من الضرائب تثقل كاهل المقدسيين، مما أدى إلى شلل جميع المرافق التعليمية والصحية والصناعية في المدينة العربية المحتلة.

ويأتي استهداف المناهج الدراسية في إطار التهويد الشامل الذي تتعرض له المدينة المحتلة، وتكشف الإجراءات والممارسات والسياسات عن أطماع إسرائيل، وعن فاشيتها وعنصريتها، وخطورة الاستعمار الاستيطاني اليهودي على مدينة الإسراء والمعراج، وعلى عروبة فلسطين ووجهها الحضاري العربي الإسلامي.

وتعمل سلطات الاحتلال على تفريغ المدينة من الفلسطينيين، وزرعها بالمستعمرين اليهود والمتعصبين عن طريق مصادرة الأراضي الفلسطينية، وهدم المنازل والاستيطان والتهويد، وذلك لتحويل أصحابها العرب إلى أقلية لا تتجاوز 12٪ من مجموع سكان المدينة، بينما كان سكانها قبل عدوان الخامس من حزيران 1967: 100٪ من الفلسطينيين.

ويجري تهويد المدينة من خلال: أولاً، بناء كتل الأحياء والمستعمرات اليهودية، وثانياً، السيطرة على الأحياء العربية داخل المدينة القديمة، وبناء بؤر استيطانية، وثالثاً، عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني ببناء جدار الفصل العنصري حولها باسم «غلاف القدس».

وقد أقرت حكومة نتنياهو سلسلة من الإجراءات لتعزيز الاستعمار الاستيطاني فيها بمناسبة الذكرى السنوية ال45 لاحتلالها، وما يسمى «يوم القدس» لإقامة أحياء استيطانية جديدة، وقامت سلطات الاحتلال مؤخراً بزرع آلاف القبور اليهودية الفارغة والوهمية حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة على مساحة /300/ دونم لتزييف الجغرافيا والتاريخ والآثار العربية الإسلامية، واختلاق منطقة يهودية تراثية مقدسة، وتهويد كامل محيط المسجد الأقصى والقدس القديمة، والسيطرة الكاملة على أراضي الوقف الإسلامي.

وفي الوقت نفسه قامت بتدمير مقبرة «مأمن اللّه» التاريخية التي تضم رفات رجال الصحابة الذين حرروا القدس من الغزاة الرومان، كما يقوم الاحتلال حالياً بتنفيذ مخطط لإقامة 14 وحدة استيطانية في قلب حي الشيخ جراح في داخل البلدة القديمة، وأجبرت بلدية القدس المحتلة المواطن المقدسي عزام عفيفي على هدم منزله بيده في البلدة القديمة بذريعة بنائه دون ترخيص.

وسار المستوطنون اليهود في شوارع القدس العتيقة وأزقتها بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال وضم المدينة العربية وفق التقويم العبري، وقاموا بتخريب وتدمير ممتلكات الفلسطينيين، ومحلاتهم وسياراتهم، واستفزوا المصلين داخل المسجد الأقصى وباحاته.

وتغرق المدينة المحتلة بمخططات المصادرة والاستيطان والتهويد والهدم والتهجير، الهادفة لتدمير ما تبقى من تراث المدينة بما فيها المسجد الأقصى المبارك، دون أن نرى أو نسمع ردود فعل قوية من جامعة الدول العربية، ومحور من أسمتهم رايس بالمعتدلين العرب، وعلى رأسهم السعودية، مما يزيد من توالي موجات الاستيطان وتهجير المقدسيين وتضييق الخناق عليهم، ومن غطرسة نتنياهو والحاخامات، وبقية دهاقنة الاستعمار الاستيطاني العنصري داخل الكيان الصهيوني، والإدارات الأمريكية المنحازة انحيازاً أعمى ل«إسرائيل».

فبمناسبة مرور الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لاحتلال القدس الشرقية أعلن نتنياهو الذي يطلق عليه يهود أمريكا لقب «ملك إسرائيل» أن القدس لن تقسّم، وأن إسرائيل دون القدس هي كالجسد دون قلب، ولن يقسم قلب إسرائيل من جديد، وأكد أنه لن يتخلى عن القدس الموحدة ولا عن محيط الحرم القدسي، وابتسم نتنياهو عندما أعلن رئيس الكنيست ديفلين: «إن الإسرائيليين المستعدين للتنازل عن القدس لا تربطهم بالمدينة روابط روحية، وإذا وافق الإسرائيليون على السلام بلا القدس معنى ذلك أن الصهيونية قد انهارت، لأن الأمة التي تتنازل عن رموزها الدينية هي أمة فقدت مقومات وجودها»، وقال نتنياهو بعد سماعه أقوال ديفلين: «إن من يُخْرِج من يد إسرائيل الحرم القدسي كي يحقق السلام أخطأ خطأً مصيرياً، لأن التخلي عن الحرم القدسي سيؤدي إلى تدهور الأوضاع ونشوب حرب دينية، إن وحدة القدس تحت سيادة إسرائيل هي التي تمنع حرباً دينية».

إن مواقف نتنياهو وتصريحاته وممارساته تجاه القدس المحتلة هي استمرار للموقف الصهيوني الذي رسخه تيودور هرتسل والصهاينة الأوائل الذين زعموا أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، لاقتلاع شعبها العربي وزرع قطعان المستعمرين اليهود فيها الذين جلبوهم من وراء البحار بمساعدة بريطانيا والولايات المتحدة وحتى ألمانيا النازية.

كتب هرتسل في مذكراته حول القدس قائلاً: «إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون». وورد في دائرة المعارف اليهودية تحت كلمة الصهيونية «إن اليهود ينبغي أن يجمعوا أمرهم، وأن يذهبوا إلى القدس ويتغلبوا على قوة الأعداء وأن يعيدوا العبادة إلى الهيكل ويقيموا مملكتهم هناك»، ويزعم قادة الحركة الصهيونية والحاخامات وقادة الحركات الاستيطانية: «أن المسجد الأقصى القائم على قدس الأقداس في الهيكل إنما هو لليهود»، لذلك ينادون علناً بتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. وتسخّر الصهيونية العالمية «الحركة الماسونية»، وشهود يهوه، والمسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد والكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة وبعض الرؤساء الأمريكيين لتحقيق هذا الهدف الشيطاني الذي يهدد السلام العالمي بأفدح الأضرار، وينذر بوقوع حرب دينية لا تبقي ولا تذر.

وتعمل الماسونية على بناء الهيكل المزعوم الذي تعتبره الرمز لعزة إسرائيل، وتؤمن الماسونية الأوروبية أن روحها هي روح اليهودية في معتقداتها الأساسية.

وتتضمن دائرة المعارف الماسونية أنه: «يجب أن يكون كل محفل ماسوني رمزاً لهيكل اليهود»، ويقرأ جميع الحاضرين من الدرجة «33» في المحافل الماسونية: «سنعود إلى عهد سليمان بن داوود ونبني الهيكل الأقدس، ونقرأ فيه التلمود، وننفّذ كل ما جاء في الوصايا والعهود، وفي سبيل مجد إسرائيل نبذل كل مجهود»... وتدعم الكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة الأكاذيب والأطماع والخرافات اليهودية في القدس والمسجد الأقصى، ويتفقون مع اليهود على وجوب تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وتعمل مؤسسة هيكل القدس البروتستانتية ومقرها مدينة دينفر الأمريكية من أجل هدم المسجد الأقصى وسيطرة اليهود عليه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. ووصلت أطماع بن غوريون مؤسس كيان الاستعمار الاستيطاني العنصري حداً قال فيه بعد الإعلان عن تأسيس إسرائيل: «لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل».

وطالب بن غوريون بعد احتلال القدس الشرقية في كلمة ألقاها في معهد رافي بتل أبيب بتاريخ 20/6/1967 بهدم سور القدس التاريخي للأسباب التالية:

أولاً: لأننا نريد قدساً واحدة لا اثنتين يهودية وعربية.

ثانياً: يجب هدم السور لأنه غير يهودي، إذ بناه سلطان تركي.

ثالثاً: ستكون لهدم السور قيمة سياسية عالمية، إذ عندها سيعرف العالم أن هناك قدساً واحدة يمكن أن تعيش فيها أقلية عربية.

إن استغلال الصهيونية والكيان الصهيوني للأطماع والأكاذيب والخرافات التي رسخها كتبة التوراة والتلمود لتبرير الاستيلاء على فلسطين العربية بما فيها القدس ليس إلا استعماراً استيطانياً مغلفاً بقناع ديني يستغل المزاعم الدينية لتحقيق أبشع وأخطر أنواع الاستعمار الاستيطاني العنصري في التاريخ الإنساني.

لقد حوّل القادة الصهاينة والحاخامات والنخب السياسية اليهودية والاستعمارية «الدين اليهودي» إلى سلاح فتاك لسلب الفلسطينيين سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين حقوقهم الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف في وطنهم فلسطين، وسخّروا الدين اليهودي والآيديولوجية الصهيونية والدول الاستعمارية، واستغلال معزوفتي اللاسامية والهولوكوست في خدمة الأطماع الاستعمارية السياسية والاقتصادية للكيان الصهيوني لفرض هيمنة اليهودية العالمية على منطقة الشرق الأوسط وعلى العالم.

لقد ثبت بجلاء أن مصير الآيديولوجيات العنصرية كالنازية والفاشية والأبارتايد وأنظمة الاستعمار الاستيطاني إلى زوال، وسيكون مصير ومستقبل الاحتلال وكيان الاستعمار الاستيطاني وآخر نظام عنصري في العالم في فلسطين العربية إلى زوال عاجلاً أو آجلاً.

د. غازي حسين

مصير الاحتلال والاستعمار الاستيطاني إلى زوال

تتعرض مدينة القدس المحتلة إلى هجمة استيطانية تستهدف محو طابعها الحضاري العربي الإسلامي والمسيحي، وتهويدها بالكامل وعزلها عن الضفة الغربية، وعن محيطها العربي الفلسطيني، جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً، ومصادرة الأراضي والعقارات العربية، وهدم المنازل، وإقامة الأحياء والمستعمرات اليهودية على أنقاضها، وفرض /17/ نوعاً من الضرائب تثقل كاهل المقدسيين، مما أدى إلى شلل جميع المرافق التعليمية والصحية والصناعية في المدينة العربية المحتلة.

ويأتي استهداف المناهج الدراسية في إطار التهويد الشامل الذي تتعرض له المدينة المحتلة، وتكشف الإجراءات والممارسات والسياسات عن أطماع إسرائيل، وعن فاشيتها وعنصريتها، وخطورة الاستعمار الاستيطاني اليهودي على مدينة الإسراء والمعراج، وعلى عروبة فلسطين ووجهها الحضاري العربي الإسلامي.

وتعمل سلطات الاحتلال على تفريغ المدينة من الفلسطينيين، وزرعها بالمستعمرين اليهود والمتعصبين عن طريق مصادرة الأراضي الفلسطينية، وهدم المنازل والاستيطان والتهويد، وذلك لتحويل أصحابها العرب إلى أقلية لا تتجاوز 12٪ من مجموع سكان المدينة، بينما كان سكانها قبل عدوان الخامس من حزيران 1967: 100٪ من الفلسطينيين.

ويجري تهويد المدينة من خلال: أولاً، بناء كتل الأحياء والمستعمرات اليهودية، وثانياً، السيطرة على الأحياء العربية داخل المدينة القديمة، وبناء بؤر استيطانية، وثالثاً، عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني ببناء جدار الفصل العنصري حولها باسم «غلاف القدس».

وقد أقرت حكومة نتنياهو سلسلة من الإجراءات لتعزيز الاستعمار الاستيطاني فيها بمناسبة الذكرى السنوية ال45 لاحتلالها، وما يسمى «يوم القدس» لإقامة أحياء استيطانية جديدة، وقامت سلطات الاحتلال مؤخراً بزرع آلاف القبور اليهودية الفارغة والوهمية حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة على مساحة /300/ دونم لتزييف الجغرافيا والتاريخ والآثار العربية الإسلامية، واختلاق منطقة يهودية تراثية مقدسة، وتهويد كامل محيط المسجد الأقصى والقدس القديمة، والسيطرة الكاملة على أراضي الوقف الإسلامي.

وفي الوقت نفسه قامت بتدمير مقبرة «مأمن اللّه» التاريخية التي تضم رفات رجال الصحابة الذين حرروا القدس من الغزاة الرومان، كما يقوم الاحتلال حالياً بتنفيذ مخطط لإقامة 14 وحدة استيطانية في قلب حي الشيخ جراح في داخل البلدة القديمة، وأجبرت بلدية القدس المحتلة المواطن المقدسي عزام عفيفي على هدم منزله بيده في البلدة القديمة بذريعة بنائه دون ترخيص.

وسار المستوطنون اليهود في شوارع القدس العتيقة وأزقتها بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال وضم المدينة العربية وفق التقويم العبري، وقاموا بتخريب وتدمير ممتلكات الفلسطينيين، ومحلاتهم وسياراتهم، واستفزوا المصلين داخل المسجد الأقصى وباحاته.

وتغرق المدينة المحتلة بمخططات المصادرة والاستيطان والتهويد والهدم والتهجير، الهادفة لتدمير ما تبقى من تراث المدينة بما فيها المسجد الأقصى المبارك، دون أن نرى أو نسمع ردود فعل قوية من جامعة الدول العربية، ومحور من أسمتهم رايس بالمعتدلين العرب، وعلى رأسهم السعودية، مما يزيد من توالي موجات الاستيطان وتهجير المقدسيين وتضييق الخناق عليهم، ومن غطرسة نتنياهو والحاخامات، وبقية دهاقنة الاستعمار الاستيطاني العنصري داخل الكيان الصهيوني، والإدارات الأمريكية المنحازة انحيازاً أعمى ل«إسرائيل».

فبمناسبة مرور الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لاحتلال القدس الشرقية أعلن نتنياهو الذي يطلق عليه يهود أمريكا لقب «ملك إسرائيل» أن القدس لن تقسّم، وأن إسرائيل دون القدس هي كالجسد دون قلب، ولن يقسم قلب إسرائيل من جديد، وأكد أنه لن يتخلى عن القدس الموحدة ولا عن محيط الحرم القدسي، وابتسم نتنياهو عندما أعلن رئيس الكنيست ديفلين: «إن الإسرائيليين المستعدين للتنازل عن القدس لا تربطهم بالمدينة روابط روحية، وإذا وافق الإسرائيليون على السلام بلا القدس معنى ذلك أن الصهيونية قد انهارت، لأن الأمة التي تتنازل عن رموزها الدينية هي أمة فقدت مقومات وجودها»، وقال نتنياهو بعد سماعه أقوال ديفلين: «إن من يُخْرِج من يد إسرائيل الحرم القدسي كي يحقق السلام أخطأ خطأً مصيرياً، لأن التخلي عن الحرم القدسي سيؤدي إلى تدهور الأوضاع ونشوب حرب دينية، إن وحدة القدس تحت سيادة إسرائيل هي التي تمنع حرباً دينية».

إن مواقف نتنياهو وتصريحاته وممارساته تجاه القدس المحتلة هي استمرار للموقف الصهيوني الذي رسخه تيودور هرتسل والصهاينة الأوائل الذين زعموا أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، لاقتلاع شعبها العربي وزرع قطعان المستعمرين اليهود فيها الذين جلبوهم من وراء البحار بمساعدة بريطانيا والولايات المتحدة وحتى ألمانيا النازية.

كتب هرتسل في مذكراته حول القدس قائلاً: «إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون». وورد في دائرة المعارف اليهودية تحت كلمة الصهيونية «إن اليهود ينبغي أن يجمعوا أمرهم، وأن يذهبوا إلى القدس ويتغلبوا على قوة الأعداء وأن يعيدوا العبادة إلى الهيكل ويقيموا مملكتهم هناك»، ويزعم قادة الحركة الصهيونية والحاخامات وقادة الحركات الاستيطانية: «أن المسجد الأقصى القائم على قدس الأقداس في الهيكل إنما هو لليهود»، لذلك ينادون علناً بتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. وتسخّر الصهيونية العالمية «الحركة الماسونية»، وشهود يهوه، والمسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد والكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة وبعض الرؤساء الأمريكيين لتحقيق هذا الهدف الشيطاني الذي يهدد السلام العالمي بأفدح الأضرار، وينذر بوقوع حرب دينية لا تبقي ولا تذر.

وتعمل الماسونية على بناء الهيكل المزعوم الذي تعتبره الرمز لعزة إسرائيل، وتؤمن الماسونية الأوروبية أن روحها هي روح اليهودية في معتقداتها الأساسية.

وتتضمن دائرة المعارف الماسونية أنه: «يجب أن يكون كل محفل ماسوني رمزاً لهيكل اليهود»، ويقرأ جميع الحاضرين من الدرجة «33» في المحافل الماسونية: «سنعود إلى عهد سليمان بن داوود ونبني الهيكل الأقدس، ونقرأ فيه التلمود، وننفّذ كل ما جاء في الوصايا والعهود، وفي سبيل مجد إسرائيل نبذل كل مجهود»... وتدعم الكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة الأكاذيب والأطماع والخرافات اليهودية في القدس والمسجد الأقصى، ويتفقون مع اليهود على وجوب تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وتعمل مؤسسة هيكل القدس البروتستانتية ومقرها مدينة دينفر الأمريكية من أجل هدم المسجد الأقصى وسيطرة اليهود عليه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. ووصلت أطماع بن غوريون مؤسس كيان الاستعمار الاستيطاني العنصري حداً قال فيه بعد الإعلان عن تأسيس إسرائيل: «لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل».

وطالب بن غوريون بعد احتلال القدس الشرقية في كلمة ألقاها في معهد رافي بتل أبيب بتاريخ 20/6/1967 بهدم سور القدس التاريخي للأسباب التالية:

أولاً: لأننا نريد قدساً واحدة لا اثنتين يهودية وعربية.

ثانياً: يجب هدم السور لأنه غير يهودي، إذ بناه سلطان تركي.

ثالثاً: ستكون لهدم السور قيمة سياسية عالمية، إذ عندها سيعرف العالم أن هناك قدساً واحدة يمكن أن تعيش فيها أقلية عربية.

إن استغلال الصهيونية والكيان الصهيوني للأطماع والأكاذيب والخرافات التي رسخها كتبة التوراة والتلمود لتبرير الاستيلاء على فلسطين العربية بما فيها القدس ليس إلا استعماراً استيطانياً مغلفاً بقناع ديني يستغل المزاعم الدينية لتحقيق أبشع وأخطر أنواع الاستعمار الاستيطاني العنصري في التاريخ الإنساني.

لقد حوّل القادة الصهاينة والحاخامات والنخب السياسية اليهودية والاستعمارية «الدين اليهودي» إلى سلاح فتاك لسلب الفلسطينيين سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين حقوقهم الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف في وطنهم فلسطين، وسخّروا الدين اليهودي والآيديولوجية الصهيونية والدول الاستعمارية، واستغلال معزوفتي اللاسامية والهولوكوست في خدمة الأطماع الاستعمارية السياسية والاقتصادية للكيان الصهيوني لفرض هيمنة اليهودية العالمية على منطقة الشرق الأوسط وعلى العالم.

لقد ثبت بجلاء أن مصير الآيديولوجيات العنصرية كالنازية والفاشية والأبارتايد وأنظمة الاستعمار الاستيطاني إلى زوال، وسيكون مصير ومستقبل الاحتلال وكيان الاستعمار الاستيطاني وآخر نظام عنصري في العالم في فلسطين العربية إلى زوال عاجلاً أو آجلاً.

=======================

سورية: كُرةُ لَهَبٍ تتقاذفُها الأيدي

محمد عبد الرازق

 أصبحتْ القضيةُ السورية تكبرُ، و تتدحرجُ ككرة الثلج، و الكل يريد أن يكون له نصيبٌ منها في قابل الأيام، فلقد تسارعت وتيرة المؤتمرات حولها، ففي موسكو عقد لقاء الجمعة الفائتة لبلورة صيغة، و أهداف مؤتمر ينوي الروس و الأمريكان عقده للبحث في حلٍّ لها، و قد حضره عن الروس كلٌّ من: ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط، وغيناديغاتيلوف نائب وزير الخارجية، وعن الأمريكان: فريديريك هوف المنسق الأميركي الخاص للشؤون الإقليمية، و خصوصًا الملف السوري. و قد دارت المباحثات حسب كلام الروس حول: التبادل المعمق لطرق مساندة التسوية السلمية في سورية.

و في الأسبوع الماضي أيضًا عقد المنتدى الاقتصادي العالمي في إسطنبول، و كانت المسألة السورية في صلب مناقشاته.

 و في يوم الجمعة الماضي أيضًا عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة ناقشت الوضع السوري، أعقبها جلسة مغلقة لمجلس الأمن، هذا فضلاً على المؤتمر الدولي الذي دعت إليه روسيا بمشاركة إيران، بموازاة دعوة كوفي عنان لإنشاء لجنة اتصال حول سورية، و عقدِ مؤتمر أصدقاء سورية في باريس في السادس من شهر تموز القادم.

 الواضح من هذا الحراك كلِّه أن هذه الدول تتقاذف كرة اللهب السورية خشية أن تحترق أصابعها بها، فهم يرغبون في لعق الشهد بعيدًا عن إبر النحل؛ فأمريكا مشغولة بإعادة أوباما إلى البيت الأبيض لفترة ثانية؛ لذلك نراها تتعاطى مع الشأن السوري من باب نافلة القول، و هيتتمترس خلف مبادرة عنان الواهية، قاصدة من ذلك إدارة الأزمة، و ليس إنهاءها، و ضمن هذا نراها قد عهدت بالملف لبوتين ليجرب حظه فيه فإن تحقق لها ما تريد من تسوية على الطريقة اليمنية ( المُعدَّلة )؛ تكون قد تساوقت مع استطلاعات الرأي التي تقول بأن(70 بالمائة من الأمريكيين لا يرغبون في الحل العسكري في الملف السوري)، و بذلك يكون أوباما قد ظهر كرجل سلام بحسب دعايته الإنتخابية. و إذا فشل هذا المسعى بجدار التعنت من النظام و حلفائه؛ فإن الأمر سيؤجل إلى ما بعد شهر شباط من العام القادم ليكون في جدول أعمال الرئيس القادم ليفتتح به عهده الميمون ( جمهوريًا، أو ديمقراطيًا)، فإن كان جمهوريًا يكون قد باشر بما ساقه في حملته بعسكرة الأزمة السورية، و إن كان أوباما يكون قد أعذر أمام ناخبيه بأنه قد ألجئ إلى مالا يرغب فيها.

 أمَّا تركيا فهي بدورها تحاول إبعاد هذه الكرة عن حجرها خشية أن تتورط في نزاع لا ترغب فيه، و تدفعها إليه المعارضة الداخلية التي تريد الصعود على أنقاض الانهيار الاقتصادي الذي ستتسبب به هذه الورطة لحكومة أردوغان، إلى جانب خوف حكومة أردوغان نفسها من أن هناك من الأطراف الخارجية من يسعى ليجعل من تدخُّل تركيا في الأزمة السورية حربة بلا رأس، ناهيك عن عدم تأمين غطاء لتحركها من أي نوع كان، إلى جانب عدم الاتفاق على من سيدفع فاتورة هذا التدخل.

 و إذا ما نظرنا إلى الواقع العربي الرسمي فسنراه منحازًا إلى الخيار الأمريكي بشكل واضح، فدعوات التسليح ما تزال أفكارًا ممتازة، و حتى مشاريع الدعم المادي لم يصل منها إلاَّ النزر اليسير( وصلت خمسة ملايين من أصل ثلاثين تبرعت بها قطر، و المائة مليون الليبية ما تزال في الحساب )؛ و مع ذلك فهناك من الدول العربية من بدأت تتخلى عن دعمها مطالب الشعب السوري رضًا بالأمر الواقع، و خوفًا من أن يصل إليها أثر هذا الربيع( موريتانيا، و الجزائر، السودان)، و هناك منها ( عُمان ) من أخذ يلوم الدول ذات المواقف المعلنة في مساندتها الشعب السوري ( قطر، و السعودية، و الكويت )، و هي في ذلك تمرِّر رسائل طمأنة من تحت الطاولة إلى الجارة ( إيران ) لتوصلها بدورها إلى ( النظام السوري ).

 و هنا يلاحظ أمر مستغرب في قضية المساعدات التي تجود بها الشعوب الخليجية؛ أنها أخذت تخضع للمراقبة بشكل يعيد إلى الأذهان قضية تجفيف الينابيع؛ و حتى إن ما يصل منها تريد بعض الدول المضيفة أن يكون لها نصيب منه بدعوى أنها متضررة من النازحيين السوريين. و حسنًا فعل مؤتمر إسطنبول الأخير الذي أوصى بمساعدة هذه الدول عسى أن تكفّ يدها عن تلك المساعدات التي أشبه ما تكون بالمال الوَقْف الذي لا يجوز أن يُصرف في غير ما أوصى به المتبرعون.

 و في ظل ذلك تبرز الجهات المستفيدة من هذا الواقع، و هي:

روسيا التي تريد اِستعادة مكانتها الميدانية في منطقة الشرق الأوسط، ومكانتها السياسية ونفوذها في مجلس الأمن، و تريد أن تعزز علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة مستعينة بالباندة الصينية في ذلك. علمًا أن بوتين و هو يقدم إلى أوباما خشبة الخلاص في سورية يدرك أنه لن يتمكن من التورط عسكريًّا حاليًّا في سورية، لكنه أيضًا لن يتمكن من تجاهل المجازر، و لاسيَّما في المرحلة الإنتخابية ( يريد أوباما من الروس مساعدته في البقاء في البيت الأبيض بحسب الدردشة التي كانت بينه و بين مديديف في مؤتمر سول الأخير).

إيران التي تريد أن تقايض في موضوع نسب التخصيب حضورًا سياسيًّا في محيطها الإقليمي، و قد جاء ذلك واضحًا في دعوة محمد سعيد جليلي الأمريكان في جلسة التفاوض في بغداد؛ لبحث أمور غير الملف النووي، وكان يشير إلى الأزمة السورية.

3النظام الذي يُعطى مهلة أخرى قد تصل إلى ( مائة يوم ) سيعاني الشعب خلالها من تصعيد نوعي وحاد في العنف المسلح؛ إذْ سيسعى النظام فيها لإخضاع المناطق التي خرجت عن سيطرته، مستعينًا بأدوات، و وسائل أشد فتكًا و إيلامًا ( الطيران الحربي، المجازر الجماعية، و حرق المحاصيل، و ربما في فترة لاحقة: السلاح البيولوجي) فإن تحقق له ما يريد، و إلاَّ فإنه يعزز من مكانته التفاوضية عندما يجبر على ذلك.

4و أخيرًا إسرائيل التي تفضل أن يبقى النظام جارًا لها؛ لأن أمنها من خلال بقائه كما صرح رجل مال العائلة ( رامي مخلوف)، و في حال خرجت الأمور عن سيطرة النظام فلا أقلَّ من تدمير سورية ( شعبًا، و جيشًا، و مقدرات)، و عندها تنشغل سورية بترميم ما دمر عشر سنوات على أقل تقدير، و هي مدة تكفي لإسرائيل حتى تحقق تفوقًا نوعيًّا إضافيًا على دول الطوق.

 و السؤال الذي يبدر إلى الذهن في ختام ما سبق: و أين دور الشعب السوري من كرة الثلج التي أخذت تكبر، و تتدحرج، أو من تقاذف كرة اللهب بين هذه الأيدي؟

نقول هناك جملة من الأمور التي تحققت على يد هذا الشعب الثائر، و هي من جملة المبشرات في هذه الثورة، منها:

 تمدد المعارضة حتى و صلت إلى دمشق و حلب اللتين كانتا رهانه الأخير؛ فنقاط التظاهر فيهما قد فاقت التوقعات في جمعة ( الثوار، و التجار يدًا بيد حتى الانتصار).

دخول البعد الإقتصادي من خلال إضراب تجار دمشق و حلب على خط الاحتجاجات الشعبية.

باتت كتائب الجيش الحر على تخوم قصر الروضة في المهاجرين، و العمليات النوعية له أصبحت حديث وسائل الإعلام، و مواقع الإنترنت زاخرة بصورها، فضلاً على مفاجآت تحملها الأيام القادمة يعدها أبطاله.

ازدياد الإنشقاق عن جيش النظام: نوعًا، و رُتبًا، و عددًا، و سلاحًا( هناك مدرعات منشقة، و مضادات طائرات، و صواريخ )، وكان آخرها إنشقاق الكتيبة (743 ) التابعة للواء ( 72) للدفاع الجوي في الغنطو بحمص بكامل عتادها و رجالها( 10 ضباط، 15 صف ضابط، عشرات الجنود)، بقيادة عقيد من الطائفة العلوية، و قد سبقه إنشقاقآخر، يقرب من ( 203) عسكريًّا في حماة قبل أسابيع قليلة.

تناقص أعداد الشبيحة من غير الموالين للنظام، و هو أمر ينذر بخطر لم يكن يتوقعه النظام؛ لأن الضحاياستكون في قابل الأيام من خُلص أنصاره، و هو أمر كان يسعى لتجنبه.

المأزق الذي وقع فيه (حزب الله ) بعد أزمة الرهائن، منهم خمسة من كبار ضباطه الأمنيين، و كذا مقتدى الصدر الذي وصلت إليه نعوش مقاتليه، و اعترافات أسراه الذين زجَّ بهم لمؤازرة النظام، و قد كانت زمر الحرس الثوري قد تلقت شيئًا من ذلك من قبل ( لا ننسى كلمة مندوب إسرائيل في الجمعية العامة: إن الشعب السوري يتلقى القتل على يد ثلاثي الشر: بشار، و حزب الله، و أحمدي نجاد).

حصولجملة من التطورات السياسية، منها:

تشكيل لجنة لتنسيق الحراك الثوري على مستوى التنسيقيات تتألف من ( 28مدنيًّا، و 28 عسكريًّا).

تشكيل مجلس لتنسيق الحراك بين قوميات أبناء الحسكة.

 انتخاب الدكتور عبد الباسط سيدا ( المعارض الكردي) رئيسًا للمجلس الوطني، و هو أمر سيعزز من تلاحم أبناء شعبنا الكردي مع إخوانهم في الحراك الثوري من العرب، و نظن أن بشار ليس سعيدًا بهذا التوافق على شخص الدكتور عبد الباسط.

هذا، و إن المبشرات فيها أكثر من أن تُعدَّ، و تحصى، و يكفينا منها أن رعاية الله قد تكفلت بها منذ أن بدأت على يد أطفال درعا، و ما تزال تحفُّها في كل يوم و حين؛ و من كان الله معه فلن يُقهر، و يُهزَم.

========================

إبراهيم قاشوش

الشاعرة بنت العاصي

حاديَ الفجرِ أَطرِبْنا

البلبلُ لا ينسِلُ في قفصٍ

يتغنىَّ

لكَ أيكٌ عزَّ تَقَحُّمُهُ

بجوانحِنا

من يحجبُ شدوكَ

إنْ يسطعْ ؟!!

من يقمعُ نايَكَ يا قصبُ

إنْ تَتَوجَّعْ ؟!!

يُحكى أنَّ حنجرةً

قد قُدَّتْ من طائِرْ

فتنامَتْ في الأرضِ بيادِرْ

تسعى، تمحو ليلَها قِطَعَاً قِطَعَا

تنعيهِ في كلِّ حَنْجَرَةٍ سَبْعا

 

***

 

يُحكى أنَّ عصفوراً

قد أودى بصائِدِهِ

وكناراً قد أعيا سَبُعَا

يأتيهِ في عقرِ عرينِهْ

ينقرُ في سخطٍ عفرتَهُ

يصفرُ ليلا في أذنيهِ

ينزعُ عنه من لُبدتِهِ

يا أجبنَ من قلبِ نعامةْ

أشبعتنا قهراً فإلاما ؟!!

قنصوا أشبالَكَ لم تزأرْ

سلبوكَ عرينَكَ لم تغضبْ

ملعونٌ روحُكَ ملعونٌ

يا سطوةَ وهمٍ كذابةْ

فلترحلْ عن هذي الغابةْ

إرحلْ عنَّا إرحلْ إرحلْ

يا كذبَكَ فعلاً وخطابا

 

***

 

أسمعتَ أنينَ الناعورةِ

إذ تنعيهِ ؟!!

تذكرُهُ صغيراً إذ يلهو

ويعبُّ الماءَ بكفَّيهِ

تصغي لهديرٍ يتنامى

يتناسلُ في رحمِ الأرضِ

تبكيهِ ذبيحاً فدَّاها

تعجبُ من موتٍ يُحييهِ

تحضنُهُ أمواهُ العاصي

في بردٍ من حرِّ جراحِهْ

يحملُهُ الموجُ إلى أمِّهِ

كيلا تحزنْ

وتقرَّ برؤياهُ العينُ

 

***

 

في شدوِكَ رجعٌ لأنينٍ

حمويِّ اللوعةِ لا يهجعْ

لنياطِ قلوبٍ تتقطَّعْ

في عتمةِ ليلٍ تسكنُهُ

أرواحٌ هائمةٌ تأبى

لرفاتٍ أن تحفرَ قبرا

أو تنكأُ جرحاً لم يبرأْ ؟!!

 

***

 

خففْ وطئاً لا تمشِ

رويداً بفضاءٍ

شاتيلا في كلِّ ترابٍ

وبكلِّ هواءٍ لنا صبرا

واليومَ رصاصُكَ لا يَفري

وحصونُ زحوفِكَ من ورقٍ

وكتائبُ خوفِكَ لم تذبحْ

إلا رعباً أدمنَّاهُ

أنستنا حمصُ ملامحَهُ

أوَ حقاً كنَّا نخشاهُ ؟!!

ندفنُهُ في كلِّ نفيرٍ

وبكلِّ هتافٍ ننعاهُ

نشتمُهُ وجهاً في وجهٍ

نلعنُهُ أمَّاً وأباهُ

 

***

 

ما كانَ ابراهيمُ نزارا

ما كانَ ينمِّقُ أشعارَه

لم يتعمقْ في فلسفةٍ يوماً

لم يحلمْ يوماً برئاسَةْ

لم يتقنْ ألاعيبَ الساسَةْ

روحُهُ تستنفرُ في راحِهْ

بهتافٍ من عذبِ صداحِهْ

في درعٍ عارٍ من صدرِهْ

وقميصِ ضمادٍ لجراحِهْ

يهواها يعشقُها أملاً

يتحرَّقُ شوقاً لصباحِهْ

هيمانُ بساحٍ ينطُرُها

لو تتجلى من شرفتِها

لو يلمحُ طيفاً يهواهُ

من وهمٍ خلفَ ستائرِها

يهديها من نزفِ جراحِهْ

ويقولُ: الجمعةُ موعدُنا

فتقولُ: الجنةُ موعدُنا

فيجنُّ رقيبٌ وعواذلْ

ويقعقعُ وغدٌ بسلاحِهْ

 

***

 

كانَ ابراهيمُ إذا غنَّى

يترنَّحُ في الساحةِ صنمٌ

يتفحَّمُ وجهُ الأيقونةْ

يهوي زمنٌ

تتراجعُ قطعانُ الليلِ

تصحو أمَّةْ

يتشفَّى في الصدرِ غليلٌ

تدنو نجمةْ

 

***

 

كانَ ابراهيمُ إذا غنَّى

تتمرَّدُ روحُ الأقنانِ

بزريبةِ مزرعةِ الوطنِ

يتحسَّسُ آغاها عنقَهْ

تهوي أبواقٌ وطبولٌ

ويحيطُ المالُ بمنْ سرقَهْ

 

***

 

كانَ ابراهيمُ إذا غنَّى

تتخلَّقُ بلدانٌ تعمُرْ

تزهو جناتٌ وارفةٌ

ملءَ الأفقِ

ترفعُ أجسادٌ هامَتَها

وتحدِّقُ في عينِ الشمسِ

تتبدَّدُ سحْبُ كآبِتها

تبني تبني

تنطحُ في الغيمِ عمائرُها

تزرعُ تزرعْ

لا يشحذُ قوتاً زارعُها

ليقيلَ بفيءٍ سارقُها

تهدرُ في الغيبِ مصانعُها

تغلو تغلو

وتتيهُ بفيضِ مواهبِها

وتؤوبُ الطيرُ زرافاتٍ

للغوطةِ تنعي غربتَها

تعدو تعدو

من قلبِ رمادِ حرائِقِها

كي تدركَ مركبةَ العصرِ

كي يُبعثَ من عدمٍ غدُها

 

***

 

كانَ ابراهيمُ إذا غنَّى

تستظهرُ دوما لوعَتَهُ

ويرجِّعُ حورانٌ ألَمَهْ

يتسعَّرُ موجٌ بفراتٍ

ويفجِّرُ عاصيها حمَمَهْ

ويجنُّ بحمصَ الثوارُ

ويرتِّلُ ساروتٌ نغَمَهْ

 

***

 

نبضٌ من قلبٍ يُنشدهُ

يطويهِ القهرُ وينشرُهُ

ما غادرَ يوماً حارتَهُ

وتراهُ في كلِّ نفيرٍ

وبساحِ الأرضِ منابرُهُ

كانَ ابراهيمُ لنا منَّا

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ