ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 18/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟

د. صالح محمد المبارك

الثورة السورية أثبتت أنها أعظم ثورة في تاريخ البشرية الحديث بل ربما أعظم ثورة في تاريخ البشرية قاطبة إذ أنها بدأت من كل قطاعات الشعب وليس من نخبة أو فئة ، واستمرت لمدة تقارب السنتين رغم القمع الوحشي من نظام الأسد ، واستطاعت تفادي فخ الطائفية الذي حاول النظام ايقاعها به ، كما أنها استطاعت أن تكمل المشوار متوكلة على الله أولا وعلى جهود شعبنا المصابر رغم الفارق الهائل في الموارد والمقدرات بين النظام والشعب ورغم خذلان العالم لثورتنا التي أضحى اسمها "الثورة اليتيمة" أو "الثورة الكاشفة أو الفاضحة" لأنها كشفت وعرّت الكثير من مدّعي الحرية والثورية والقومية والمقاومة والديمقراطية وحقوق الانسان.

ثورتنا بدأت سلمية وبقيت سلمية لأكثر من خمسة أشهر رغم التقتيل المستمر من النظام ثم بدأ التحول التدريجي نحو المقاومة المسلحة التي اضطرنا النظام إليها اضطرارا لحماية نسائنا وأطفالنا وأعراضنا ، وقد بقيت المقاومة السلمية مستمرة حتى اليوم تعمل جنبا إلى جنب مع المقاومة المسلحة لإنهاء هذا النظام البغيض.

خلال شهور هذه الثورة الطويلة والمعاناة الهائلة التي تحملها شعبنا من قتل واعتقال وتعذيب وانتهاك حرمات وتدمير ممنهج وحرمان من أساسيات الحياة كالخبز والماء والوقود والكهرباء ، أخذ الكثير من أبناء شعبنا على عاتقه تخفيف المعاناة سواء بعمل إنساني أو إغاثي أو مقاومة عسكرية وكثرت اللجان والمجالس والكتائب والألوية وربما هذه من سمات الثورات إذ أنها تأتي من الشعب وليس من قيادة موحدة تخطط وتنفذ ، ومن الطبيعي أن يوجد بعض ضعيفي النفوس والمنتفعين والمُدّعين ولكن الثورة ماضية بفضل الله بزخمها وقوتها لا يضرها وحشية عدوها ولا خذلان أصدقائها ، وهي الآن تسير نحو توحيد القيادتين السياسية والعسكرية حتى يتم التنسيق التام بين كل أذرعها وبين الداخل والخارج ، وحتى يتمايز الحقيقي عن الدعيّ وحتى لا يُسمح بإملاءات خارجية أو أجندات حزبية أو فئوية ولا بميليشيات غير منضبطة وحتى يتم توزيع المساعدات توزيعا عادلا على كافة المناطق السورية وبشفافية تامة ، وأهم من كل هذا أن القيادة ستسير بإذن الله بما تمليه المصلحة الوطنية العليا.

والآن قد بدت بشائر النصر وبدأت فئران النظام تهرب من سفينتهم الغارقة وبدأ شعبنا يتطلع إلى سورية الجديدة حيث الحرية والكرامة والعدالة ، علينا أن ندرك أن انهيار نظام الأسد (الوشيك بإذن الله) ليس نهاية المشوار بل بدايته. بعد نصف قرن من الطغيان وتدمير البلد والمجتمع سيكون لزاما علينا أن نعيد بناء بلدنا على أسس سليمة من التفاهم والمحبة وبذل كل ما نملكه من جهود وموارد لتعود بلدنا جميلة راقية تزهو بتنوع شعبها وعراقته وأخلاقه وأنموذجا يحتذى به. علينا أن ندرك أن يعد انتصار الثورة:

1. ستحتاج بلدنا لفترة كي تستقر الأمور و تأخذ مجراها الطبيعي. بإمكاننا أن نساعد في تخطي هذه الفترة بيسر وسرعة إذا تحلينا بالصبر والحكمة. لنتعلم من تجارب وأخطاء إخواننا في تونس ومصر وليبيا واليمن.

2. لا شك أن نظام بشار الأسد أوغل في دماء الشعب وأعراضه وأمواله ولا شك أن الجروح عميقة جدا والنفوس موتورة وثائرة ولكن علينا ألا نطلق العنان لعواطف الثأر فنتقمص دور الظالم. لا بد للسلطة أن تُعيّن محاكم تنظر في جرائم العهد السابق وتعاقب من أجرم في حق الشعب ولكن علينا أن نتذكر أن المحاكمة والقصاص هي للسلطة الشرعية وليست للأفراد أوالجماعات ، ولنتذكر قول الله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) وقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وقول سيدنا عمر بن الخطاب (لأن أخطئ بالعفو خير لي من أن أخطئ بالعقوبة). ثورتنا ضد الظلم وليست ضد طائفة أو حزب ، وعلينا ألا نتحول من مظلومين إلى ظالمين مهما كانت الظروف.

3. نتيجة لمنع الحياة السياسية في سورية لنصف قرن نتوقع أن تتأسس أحزاب كثيرة بعضها له جذور عميقة وقديمة في مجتمعنا وبعضها جديد وسيبقى الكثير منا مستقلين. بلدنا ذو تنوع واسع عرقيا ودينيا ومذهبيا وايديولوجيا ، لذلك لا يتوقع أن يحوز أي حزب على أغلبية شعبية وباعتقادي فلن يحوز أي حزب على أكثر من 20-25% من الأصوات وهذا يجعل التحالفات حتمية ولهذه التحالفات ايجابيات وسلبيات ولكني أعتقد أن الايجابيات أكبر من السلبيات فهي تعلمنا التعايش المشترك وأنه لا يمكن لأي منا أن يحصل على كل ما يريد.

4. بعد سقوط نظام الأسد لابد من إسقاط دستوره أيضا وإعادة دستور 1950 ريثما يتم الاتفاق على دستور جديد ويتم إقراره من الشعب.

5. الثورة رفعت أشخاصا وخفضت آخرين ، علينا أن نكون موضوعيين ومنصفين في تقييم الأشخاص فمن نجح في دور ثوري أو إعلامي أو إغاثي أو قانوني أو عسكري لا يعني بالضرورة أنه يصلح للقيادة والإدارة والعكس صحيح فمن فشل في أمر قد ينجح في أمر آخر يكون مختصا به أو مؤهلا له. علينا أن نقوّم المؤهلات والمواقف أكثر من تقويمنا للأشخاص ككل. كل منا يمكن أن يخدم البلد بما يملكه من مؤهلات. وعلينا أيضا أن نبتعد عن الأوصاف المتطرفة كالعمالة والخيانة كما كان النظام البائد يفعل.

6. اتفقنا على أن يكون القرار في اختيار الحكومات القادمة للشعب من خلال آلية ديمقراطية نزيهة شفافة تكون المنافسة مفتوحة للجميع ضمن القوانين المعمول بها والمتفق عليها ، لذلك فعلى جميع الأطراف قبول ما تفرزه هذه العملية الانتخابية. علينا أيضا أن ندرك أن هذا الاختيار مشروط ومؤقت: مشروط بأداء الأمانة والإيفاء بالشروط والعهود ، ومؤقت حتى الانتخابات التالية وسيحاسِب الشعبُ المسؤولين على أدائهم: إن خيرا فخير وإن شرا فشرّ. شعبنا سيكون حكمه على خطة العمل والتنفيذ وليس الشعارات.

7. يجب ألا تكون الاعتبارات الحزبية والعائلية والعشائرية والفئوية عاملا في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب بل الكفاءة للمنصب والأمانة ولننظر إلى كل منصب سواء كان بالتعيين أو الانتخاب بأنه تكليف وليس تشريفا

8. علينا أن نبني نظام مؤسسات تكون فيه المؤسسة فوق الفرد وأن نضمن سيادة القانون فوق الجميع. علينا أن نبتعد عن تقديس الفرد فنحن بشر والبشر يخطئون فالقوانين والمصلحة العامة فوق الاعتبارات الفردية ، والأفراد يأتون ويذهبون ولكن المؤسسات تبقى.

9. لمن لم يفز بالانتخابات وبقي ضمن المعارضة فعليه دور وطني لا يقل أهمية عن أهمية الحكومة وهذا الدور يتجلى في ممارسة الرقابة والنقد الإيجابي البنّاء. إن كنا وطنيين حقا فلن نمارس المعارضة فقط من أجل المعارضة بحد ذاتها أو للوصول إلى الحكم بل من أجل المصلحة الوطنية العليا لذلك فعلى المعارضة التحلي بالأمانة والشجاعة لتؤيد الحكومة في القرارات التي تراها صائبة وتصب في مصلحة البلاد وتقوّمها إن أخطأت.

10. على الحكومة القادمة أن تركز على التنمية الاقتصادية والبدء بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين ورفع مستوى المعيشة. لن يكون هناك تقدم حقيقي إلا من خلال الطبقة الوسطى – التي قضى عليها نظام الأسد - والتي يجب أن تشكل الأغلبية من الشعب وأن تكون مرتاحة معيشيا. الايديولوجيات لا تحل محل المأوى والطعام والدواء والتعليم. هناك أمثلة يمكن أن نتعلم منها كالمثال التركي (منذ 2002 تحت حكم حزب العدالة والتنمية) والماليزي والبرازيلي.

11. ثورتنا قامت من أجل الحرية والكرامة والعدالة وعلينا أن نضمن حرية الرأي للمواطن ولكن كأي دولة في العالم لا بد وأن تكون هناك حدود للحرية وللشعب أن يرسم حدود تلك الحرية من خلال الدستور الذي سيصاغ ثم يُقرّه الشعب والقوانين التي تُقرّها السلطة التشريعية. بلدنا متنوع عرقيا ودينيا لكن ثقافته العامة السائدة عربية مسلمة وهذا لا يتعارض مع حقوق المكونات الأخرى في الحفاظ على لغتهم ودينهم وتقاليدهم.

12. لنعاهد الله ونعاهد بعضا ألا نلجأ للعنف والسلاح ضد بعضنا مهما كانت الظروف فالسلاح لن يوجه إلا إلى عدو خارجي. ستكون بيننا اختلافات وخلافات وهذا لا يضير بل على العكس يمكن أن يكوّن آلية للتحسين والتطوير فعلينا أن نلجأ للحوار بالكلمات والاحتكام للقانون في كل الظروف ورفض استخدام العنف.

13. إن الثورة السورية قد قربتنا إلى بعض الدول وباعدتنا من بعض وليس من شك أن علاقاتنا المستقبلية ستتأثر بالدور التي لعبته تلك الدول تجاهنا أثناء الثورة ، لكننا سنتعامل مع كل الدول على أساس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل وأن نسعى لإزالة أو تخفيف أي توتر مع الدول الأخرى خاصة الدول الشقيقة والصديقة وأن نتفادى أي حرب أو نزاع مسلح قدر المستطاع وهذا ينطبق أيضا في حالة استعادة أرضنا المحتلة في الجولان والتي لن نتنازل عنها ولكننا سنسعى لاستعادتها بالطرق السلمية ما أمكن ذلك.

نرجو الله تعالى أن يعيننا في هذه الظروف الصعبة ، نحن نؤمن بـ (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وهذه الآية تنطبق ليس فقط في معارك القتال بل في معارك البناء التي سنحتاجها ، فلنُشَمّر عن سواعدنا ونتكل على الله ونبدأ معركة البناء فور انتهائنا من معركة التحرير.

==========================

تأثير الحراك الشبابي في الإصلاحات الداخلية في دول الربيع العربي

بيدر التل\ باحث سياسي

baider.tall@gmail.com

مما لاشك به، لعب الشباب العربي الدور الأبرز في إشعال ما اصطلح على تسميته "الربيع العربي"، الذي يعتبر الحدث الأبرز الذي ساد المنطقة العربية منذ اندلاع الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 ومازالت أثاره حتى اليوم. ولا يمكننا الحديث عن الحراك الشبابي وتأثيره دون تحديد المفاهيم المرتبطة بالحراك، وأهمها الثورة وماهية الربيع العربي.

وباختصار يمكنا تقديم تعريف موجز للربيع العربي: "بأنه سلسة من الاحتجاجات الشعبية التي انتشرت في عدد من الدول العربية وعلى رأسها تونس ومصر وأدت إلى تغيير الأنظمة السياسية القائمة". وهنا لابد من الإشارة بأن تلك الاحتجاجات انطلقت بفعل حراك الشباب ودورهم التعبوي الضاغط مستغلين وسائل الاتصالات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في الحشد لهذه الاحتجاجات. ومن هنا يمكن اعتبار الحالة التي سادت في عدد من الدول العربية بالثورة. فالثورة بالمفهوم العام تعني "تغيير الوضع القائم". وهذا ما حصل في دول الربيع العربي حيث حدث تغيير للوضع القائم سواء كان هذا التغيير كلي كالحالة التونسية بإسقاط نظام زين العابدين، أو جزئي كالحالة المغربية بإجراء تعديلات دستورية أدت إلى تطبيق الملكية الدستورية في البلاد. لذلك يمكننا القول بأن الربيع العربي اتخذ شكلين من أشكال التغيير:

• أولا- التغيير الشامل: أدى إلى إسقاط الأنظمة الحاكمة بوسائل سلمية (مصر) أو من خلال التغيير العنيف (ليبيا). ويمكن وصفه بأنه "إصلاح هيكلي عنيف ومتدرج وطويل الأمد".

• ثانيا- التغيير الجزئي: من خلال احتجاجات شعبية أدت إلى القيام بحزمة إصلاحات دستورية ، وسياسية، اقتصادية .. مع عدم تغيير النظام الحاكم كالحالة المغربية والأردنية.

ونعود إلى نواة الموضوع وهو الحراك الشبابي. لقد لعب الشباب العربي الدور المحوري في اندلاع ثورات الربيع العربي وكانوا قادرين على كسر حالة الخوف من الأنظمة القمعية القائمة، وقد استغل الشباب وسائل الاتصالات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيس بوك في الإعداد والتحضير والحشد من أجل إحداث التغيير في بلدانهم وساعدت هذه التكنولوجيا على إحداث تقارب فكري بين الشباب مهد الطريق لاندلاع ثورات الربيع العربي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على ما أنتجه النظام التونسي السابق كان الشرارة التي أدت إلى اندلاع أول ثورات الربيع العربي في تونس ،وتلتها في مصر وليبيا .. وكانت الأسباب الدافعة لهذه الثورات هو غياب الديمقراطية وتسلط الأنظمة القمعية بشكل أساسي، بالإضافة إلى ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

أما من ناحية التنظيم السياسي، يقسم الباحثين (منهم أ. عبد العزيز الدٌخيل) جمهور الثورة في بلدان الربيع العربي إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

• أولا- الجماعات ذات التنظيم السياسي والعقائدي، وهي في الغالب تتمثل بالأحزاب العقائدية المنظمة والتي لها قادتها وأجهزتها وتمويلها، وتتميز بتغلغلها في المجتمع، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين (الأحزاب الإسلامية).

• ثانيا- الأحزاب السياسية الليبرالية، وهي في الغالب ضعيفة التنظيم، وتفتقر لوجود قواعد شعبية لها وهي في الغالب مختلفة الاتجاهات.

• ثالثا- مجموعات الشباب والطبقات الوسطى، وهذه المجموعة هي التي أشعلت الثورة في بلدان الربيع العربي، لكنها تفتقر للقيادة والتنظيم والمال، وفي الغالب يتم تصنيف هذه المجموعات تحت ما يسمى بجماعات الاحتجاج الغير منظمة.

أما فيما يتعلق بدور حركات الشباب في تحقيق الإصلاحات الداخلية، فيمكن أن ننظر نظرة متشائمة في تقييمنا لهذا الدور وخاصة في بلدان الربيع التي حصل بها التغيير الشامل (إسقاط النظام القائم) فبالرغم من دور الشباب المحوري في إشعال هذه الثورات وحشدهم للشارع حتى وصلوا لمرحلة تغيير النظام إلا أنهم عجزوا عن الاستمرار واثبات وجودهم في مرحلة ما بعد الثورة، والسبب يعود إلى ضعف تلك الحراكات وعدم تنظيمها وافتقارها لبرنامج سياسي واقتصادي شامل يدفع بها إلى الاستمرار في اللعبة السياسية في مرحلة ما بعد الثورة، بالإضافة إلى ذلك ضعف التنسيق والتخطيط بين الحركات الشبابية والتي يضعف فعاليتها في مواجهة القوى والأحزاب السياسية المنظمة، ومما يثبت طرحنا هو نجاح القوى الإسلامية في الانتخابات بمختلف مستوياتها (نأخذ مصر على سبيل المثال) حيث استفادت تلك الأحزاب والجماعات من حضورها التاريخي القوي في مجتمعاتها في مرحلة ما قبل الثورة من خلال تقديم الخدمات للمواطنين في القرى النائية ،وانتشار الجمعيات الخيرية، و تقديمها المساعدات للفقراء، بالإضافة إلى النشاط الدعوي في المساجد والجامعات .. والذي أكسبهم أنصارا ومنحهم تواجد قوي في مجتمعاتهم، حيث عملت هذه الحركات الإسلامية بشكل منظم فترة طويلة من الزمن وتعرضت لتضييق وقمع واعتقال وحظر من قبل الأنظمة العربية السابقة وهذا كان دافعا لتعاطف الشارع ودعمهم لهذه الحركات في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي حصلت بعد الثورة. لذلك يمكننا القول إن دور الحراك الشبابي اقتصر على إشعال الثورة فيما انحسر هذا الدور في مرحلة ما بعد الثورة بسبب ضعف هذه الحراكات وعدم تنظيمها وافتقارها لبرنامج سياسي واقتصادي شامل. لذلك لم تساهم بشكل فاعل في رسم سياسة البلاد والتأثير في الإصلاحات الداخلية.

وفيما يتعلق بحراكات الشباب في دول الربيع التي حدث بها التغيير الجزئي، يمكننا القول أن دور الشباب مازال بارز ومستمر حتى هذه اللحظة ومؤثر في الضغط على الحكومات في إحداث الإصلاحات أو الضغط لتعجيل هذه الإصلاحات، من خلال الاستمرار في سياسة الاحتجاجات من مسيرات ومظاهرات واعتصامات سلمية، إلا أن ما يضعف هذا الدور ويحد من فعاليته هو غياب التنظيم والتخطيط وضعف التواصل والتنسيق بين مختلف الحراكات وخاصة عدم اتفاق الحراكات الشبابية على أهداف واضحة واختلافها في عدد من القضايا، وفي هذا الشأن يمكن أن نتحدث عن الحالة الأردنية، فقد اختلفت الحراكات الشبابية مؤخرا حول موضوع المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة حيث اختار بعضهم طريق المشاركة بينما فضل البعض الأخر مقاطعة الانتخابات وهذا بحد ذاته يضعف موقف الحراك على الساحة السياسية الأردنية.

 

موجز الحراك الشبابي والإصلاحات الداخلية في الأردن (دراسة حالة):

مما لا شك فيه أن الربيع العربي وصل إلى الأردن كغيره من الدول العربية، وقد انطلقت أولى الاحتجاجات في مطلع العام 2011، ويصنف الأردن من ضمن دول التغيير الجزئي حيث كان الدافع لهذه الاحتجاجات هو تحقيق إصلاحات شاملة وخاصة على المستويين السياسي والاقتصادي وجاءت بسبب الإحباط الناجم عن تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة وضعف النمو الاقتصادي. وما يميز الحراكات في الأردن:

1. طابعها السلمي وابتعادها عن وسائل وأدوات العنف في تحقيق الإصلاح والتغيير.

2. إيمانها بالنظام والتفافها حوله حيث يروا فيه المظلة الجامعة والحامية لكافة مكونات المجتمع الأردني. (حيث لم ترد مطالبات بإسقاط النظام طوال فترة الاحتجاجات)

3. تتميز الحراكات بطابعها الشبابي، حيث ظهرت قوى وحركات شبابية واجتماعية منذ أن انطلقت الاحتجاجات وتلتها مشاركة عدد من الأحزاب المنظمة وأهمها أحزاب اليسار والقوى الإسلامية (حزب جبهة العمل الإسلامي).

وبحسب مراقبين، تقدر عدد الحراكات الشبابية في الأردن بالتسعين حراك شاركت في الاحتجاجات قرابة العشرين شهر الماضية وكان لها دور في الضغط على الحكومات الأردنية بالقيام في عملية الإصلاحات، واتسمت مظاهر الربيع الأردني بالاعتصامات أمام الوزارات ومسيرات الاحتجاج في يوم الجمعة بالإضافة إلى ذلك الحراك الالكتروني من خلال البيانات الاحتجاجية في الصحف الالكترونية والمقالات التي تنتقد الحكومة والتي تطالب بالإصلاح. وكانت أبرز مرتكزات المطالب الشعبية التي نادت بها الحراكات الشبابية: مطالبات تتعلق بالقيام بإصلاحات سياسية وعلى رأسها تعديل الدستور وقانون الانتخاب والأحزاب ، محاربة الفساد ، ومطالبات تتركز بتحسين أوضاع العاملين والموظفين وزيادة رواتبهم، بالإضافة إلى ذلك مطالبات بالقيام بإصلاح اقتصادي شامل لمعالجة مشاكل الفقر والبطالة وضعف النمو الاقتصادي، وانتقاد سياسية الخصخصة وبيع ممتلكات الدولة.

وقد كان موقف النظام ايجابي من هذه الاحتجاجات واعتبرها فرصة للشروع في عملية إصلاح شاملة, ويمكن تلخيص استجابة النظام بما يلي:

1. اعتبر الملك عبد الله الثاني الربيع الأردني فرصة للمضي في إصلاحات بشتى الميادين في الأردن وكان موقفه من الحراك ايجابيا.

2. استجاب الملك عبد الله الثاني بإنشاء لجنة للحوار الوطني والتي ضمت مختلف الأطياف السياسية والتنظيمات على الساحة الأردنية لوضع اقتراح لقانوني الأحزاب والانتخاب ومناقشة القضايا الإصلاحية الداخلية.

3. قام الملك عبد الله الثاني بتشكيل لجنة ملكية لمراجعة مواد الدستور الأردني، وقد تم تعديل ما يقارب ثلث الدستور الأردني.

4. طلب من البرلمان الأردني تشريع قانون للأحزاب وتعديل قانون الانتخابات. وقد تم ذلك وسوف تجري الانتخابات البرلمانية في الأردن في شهر يناير المقبل-2013، والتي تعتبر انتخابات هامة لأنها ستكون البداية في إنشاء حكومات برلمانية في المستقبل القريب.

5. إقرار قانون إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات من أجل ضمان نزاهتها.

6. المضي في مكافحة الفساد، حيث تم تحويل عدد من الملفات التي تتضمن شبهات فساد إلى القضاء الأردني.

7. إقرار نظام هيكلة الرواتب، حيث تضمن زيادة لرواتب الموظفين والمتقاعدين.

8. الاستجابة لمطالب المعلمين بتشكيل نقابة خاصة بهم.

وبالرغم مما تحقق إلا أن الاحتجاجات مازالت مستمرة بنسب متفاوتة، والسبب هو عدم الرضا التام لعدد من حراكات الشباب عن هذه الإصلاحات والمطالبة بمزيد من الإصلاحات أو عدم الاقتناع بما تم تعديله من مواد دستورية وعدم الثقة بنزاهة الانتخابات المقبلة. بالإضافة إلى ذلك ما زال الهاجس الاقتصادي يسيطر على الشارع في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأردن. الا أن اشكالية الحراكات الشبابية في الأردن كغيرها من دول الربيع هو ضعف هذه الحراكات وغياب التنسيق فيما بينها وافتقارها للتنظيم، فكما ذكرنا يقدر المراقبين عدد الحركات الشبابية بما يزيد عن تسعين حراك بعضها مازال مستمر في الاحتجاجات وبعضها تلاشى وبعضها دخلت في خلافات فيما بينها، وفي هذا الصدد يمكن أن نقدم مثالا حول هذه الأزمة وهو موضوع المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث تطالب عدد من الحراكات بمقاطعة الانتخابات والتشكيك في نزاهتها والاستمرار في الاحتجاجات والمطالبة في الإصلاحات من خارج البرلمان، في حين ظهر تيار يدعو إلى المشاركة في الانتخابات (تصويتا وترشيحا) حيث يروا إن الإصلاح لا يكتمل إلا بولادة برلمان قوي يضم مختلف القوى السياسية حيث يروا أن التغيير الحقيقي والإصلاح يتم من خلال المؤسسة التشريعية (البرلمان). ويعتقد أن مثل هذه الخلافات وتفتت الحراكات يضعف من موقفها وفعاليتها ويؤدي الى سيطرة قوى المعارضة الحزبية التقليدية على الساحة السياسية كبديل شرعي لهذه الحراكات الشبابية.

 

تقييم أخير

في تقييمنا لدور الحراك الشبابي في الإصلاحات الداخلية في دول الربيع العربي، يمكننا القول أن دور هذه الحراكات كان محوريا في تحقيق التغيير في المنطقة حيث قاموا بدور تعبوي ضاغط أدى إلى الاطاحة بعدد من أنظمة الحكم (تونس ،مصر) أو الدفع في تحقيق إصلاحات شاملة (المغرب ، الأردن)، الا أن دورهم بدأ بالانحسار بسبب عوامل عدة أهمها ضعف التنظيم والتخطيط والتنسيق بين مختلف الحراكات الشبابية وعدم توحيد المطالب والأهداف وكيفية الوصول إليها. وبشكل دقيق، يلاحظ أنه في دول التغيير الشامل التي تحدثنا عنها مسبقا والتي أدت إلى الاطاحة بالأنظمة الحاكمة، لم يتمكن الشباب في مرحلة بعد الثورة من التحول من حالة "الفعل الثوري العفوي" إلى "الفعل السياسي المنظم" ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة أهمها عدم وجود خبرة سياسية عند غالبيتهم وعدم التنسيق وتوحيد الجهود بين مختلف الحراكات مما أدى إلى استبعادهم من اللعبة السياسية في مرحلة ما بعد الثورة التي سيطرت عليها الأحزاب الأكثر تنظيما وخبرة. أما بما يتعلق بحراكات الشباب في دول التغيير الجزئي(المغرب، الأردن) فقد حققت هذه الحراكات مكاسب ايجابية في تحقيق الإصلاحات إلى أن هذه الحراكات ستتراجع وتفقد قوتها وفعاليتها في حال استمراها بنفس السياسة المتبعة في الوقت الراهن (كما ذكرنا في الحالة الأردنية) وطالما بقيت في حالة من غياب التنسيق والتخطيط وتباين الأهداف وعدم وجود برنامج شامل يكون الدافع والمنظم لهذه الحراكات.

 

مراجع ذات صلة:

1. فيزونيك أبو غزالة ، ما بعد الربيع العربي أولوية الشباب لقمة العيش لا الديمقراطية، الحياة ، الاثنين 21-مايو- 2012.

2. عبد العزيز الدخيل ، ثورات الربيع العربي أشعلها الشباب وجيشها الفقراء واستولى عليها الشيوخ، الشرق ، 30-4-2012.

3. ندوة حوارية – الشباب والحراك السياسي ورؤيتهم المستقبلية، منتدى أبو اوصمان صبري، سوريا، 19-أب-2012.

=======================

قصص قصيرة جدا

بقلم : يوسف فضل

شرب العتمة

لم يكتبوا حبرا شريفا على الورق.

تآمروا على موت رجل بسيط أهين وأنكر في حياته .

منهم من ذكر انه احرق نفسه بولاعة فرنسية Bic.

ورجح آخر أن الولاعة بريطانية Bull Dog.

وروى ثالث بل أن الولاعة أمريكية Black Ice .

أعادوا قتل المقتول ليسترزقوا .

 

لم العجلة

أفرغ الأستاذ الجامعي حمولة سلته على طاولة متموضعه على شاطئ البحر.

هبت ريح شديدة وحملت معها أوراق الاختبارات النهائية للطلبة .

داعب نفسه : " لينجح من ينجح من الطلبة العام القادم " .

 

نمو

حين توقف نمو حسه الإنساني ، دخلت إضاءته الدرامية من بوابة الردى .

 

قبر مقام

رافق الصغار كبار السن للتبرك بالمقام الأخضر . أحنو رؤوسهم ليجتازوا السَّاكِف . بان القبر انه نما طولا بعد الموت . احرقوا خلطة البخور. عند الخروج ، خرج الصغار من الفقاعة الذهنية .

 

زبون

يداي متحررتان إلا من ثقل الهواء.

أسير واسمعه ينادي : آخر راكب دمام ، دمام.

تجاوزته،

مسك ذارعي : دمام ؟

تدري ، لست ذاهبا إلى الدمام، قلت بتذمر!

ابتسم : طيب دمام.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ