ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ولينصرن
الله من ينصره الشيخ
د. منير الغضبان كثيرا
ما يقف الدعاة والمجاهدون وهم
في منتصف الطريق ، يتسائلون عن
نصر الله عز وجل ، وهم قد يخوضون
المعارك ، ويقدمون التضحيات ،
ويبذلون الدماء والأرواح
والمهج ، فيستبطئون النصر ،
ويقفون أمام الله قول الله عز
وجل : ( إن الله يدافع عن الذين
آمنوا ) وقوله تعالى (ولينصرن
الله من ينصره ) ويجيبنا
سيد رحمه الله على هذه
التساؤلات بقوله : (والنصر قد
يبطيء على الذين ظلموا ،
وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا
أن يقولوا ربنا الله ، فيكون هذا
الإبطاء لحكمة يريدها الله
تعالى.. قد
يبطئ النصر لأن بنية الأمة
المسلمة لم تنضج بعد ، ولم يتم
بعد تمامها ، ولم تحشد بعد
طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية ،
وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها
من قوى واستعدادات ، فلو نالت
النصر حينئد لفقدته وشيكا لعدم
قدرتها على حمايته طويلا . وقد
يبطئ النصر ، حتى تبذل الأمة
المؤمنة آخر مافي طوقها من قوة ،
وآخر ما تملكه من رصيد ، فلا
تستبقي عزيزا ولا غاليا لا
تبذله هينا رخيصا في سبيل الله . وقد
يبطئ النصر حتى تجرب الأمة
المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن
هذه القوى وحدها بدون سند من
الله لا تكفل النصر ، إنما يتنزل
النصر من عند الله عندما تبذل
آخر مافي طوقها ، ثم تكل الأمر
بعدها على الله . وقد
يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة
صلتها بالله ، وهي تعاني وتتألم
وتبذل ، ولا تجد لها سندا إلا
الله ، ولا متوجها إلا إليه وحده
في الضراء ، وهذه الصلة هي
الضمانة الأولى لاستقامتها على
المنهج بعد النصر عندما يتأذن
الله به ، فلا تطغى ولا تنحرف عن
الحق والعدل والخير الذي نصرها
به الله . وقد
يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة
لم تتجرد بعد في كفاحها
وتضحياتها لله ولدعوته ، فهي
نقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل
حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة
أمام أعدائها ، والله يريد أن
يكون الجهاد له وحده وفي سبيله ،
بريئا من المشاعر الأخرى التي
تلابسه ، وقد سئل رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، عن الرجل يقاتل
حمية ، والرجل يقاتل شجاعة ،
والرجل يقاتل ليرى ، فأيها في
سبيل الله ؟ فقال : (من قاتل
لتكون كلمة الله هي العليا فهو
في سبيل الله ) كما قد
يبطئ النصر لأن الشر الذي
تكافحه الأمة المؤمنة بقية من
خير ، يريد الله أن يجرد الشر
منها ليتمحض خالصا ، ويذهب وحده
هالكا ، لا تتلبس به ذرة خير
تذهب في الغمار . وقد
يبطئ النصر لأن الباطل الذي
تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف
زيفه للناس تماما ، فلو غلبه
المؤمنون حينئذ ، فقد يجد له
أنصارا من المخدوعين فيه ، لم
يقتنعوا بفساده ، وضرورة زواله
، فتظل له جذور في نفوس الأبرياء
الذين لم تنكشف لهم الحقيقة
فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى
يتكشف عاريا للناس ، ويذهب غير
مأسوف عليه . وقد
يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح
بعد لاستقبال الحق والخير
والعدل الذي تمثله الأمة
المؤمنة ، فلو انتصرت حينئذ
للقيت معارضة من البيئة ن لا
يستقر لها معها قرار ، فيظل
الصراع قائمنا حتى تتهيأ النفوس
من حوله لاستقبال الحق الظافر
ولاستبقائه . من أجل
هذا كله ، ومن أجل غيره مما
يعلمه الله ، قد يبطئ النصر ،
فتتضاعف التضحيات ، وتتضاعف
الآلام ، مع دفاع الله عن الذين
آمنوا وتحقيق النصر لهم في
النهاية . وللنصر
تكاليفه وأعباؤه حين يتأذن الله
به بعد استيفاء أسبابه وأداء
ثمنه ، وتهيؤ الجو حوله
لاستقباله واستبقائه : (ولينصرن
الله من ينصره إن الله لقوي عزيز
. الذين إن مكناهم في الأرض
أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة
وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر
ولله عاقبة الأمور ) فوعد الله
المؤكد الوثيق المتحقق الذي لا
يخلف : هو أن ينصر الله من ينصره
، فمن هؤلاء الذين ينصرون الله ؟
فيستحقون نصر الله القوي العزيز
الذي لا يهزم من تولاه ) ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |