ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قلب العروبة لا يَنْبُضُ إلا
بالديمقراطية ماجد حمدون إن الخطابات المستنسخة التي يلقيها رأس
السلطة الاستبدادية السورية
ذات الطابع الأيديولوجي القديم
، التي تعيد تدوير الأفكار
والعبارات نفسها ، والعائدة
لمرحلة الخمسينيات من القرن
الماضي، لا تواكب المرحلة
الملتهبة التي يعيشها وطننا ،
وذلك من خلال تأجيجه للمعارك
الأيديولوجية المؤجلة وطرحه
لموضوعات ما فوق وطنية – قومية
– للهروب إلى الأمام ، والتغطية
على الجذور الداخلية للأزمة
السورية ،والعمل على تصدير
مشكلاته للعالم الخارجي،
واتهامه بالتآمر على نظامه
السياسي المنبوذ وطنياً
وإقليمياً وعربياً ودولياً (باستثناء
الكيان الصهيوني الذي يعتبر
استمرار وبقاء النظام السوري
مصلحة عليا بامتياز ، والمتعين
من خلال تردد الغرب باتخاذ
عقوبات قاسية ضد النظام). لقد كان النظام السوري وما زال يردد مقولة
المؤامرة الخارجية التي تتعرض
لها سورية ، ومتجاهلاً حالة
الاختناق السياسي والاقتصادي
والاجتماعي والثقافي التي
يعيشها الشعب ، ومتجاهلاً
ملايين السوريين المطالبين
بإسقاط النظام الاستبدادي
بكامل أركانه ورموزه ، وبناء
نظام سياسي ديمقراطي تعددي يمهد
لبناء دولة وطنية ديمقراطية
مدنية (لا إمامية ، لا عسكرية ،
لا طبقية لا وراثية... ) إن النظام السوري الذي يعتاش على كفاح
الشعب ونضالاته المشهودة
وماضيه العروبي المجيد ، والذي
تقوم قواته العسكرية والأمنية
والمرتزقة بارتكاب أبشع
المجازر ضد المدنيين العزل ، لا
يمكنه أن يفيض على العرب
الآخرين إلا طائفية واستبداداً
وحقداً ووعيداً . إن العروبة ليست ملكاً للنظام السوري
المتشرنق عُصبوياً وطائفياً ،
وإنما هي ملكية مشتركة للعرب
أجمعين ، والتي لا يجوز
اختطافها من قبل النظام ليوزع
شهاداتها عليهم ، فالهوية
العروبية متجذرة لدى العرب منذ
آلاف السنين وذلك قبل أن يأتي
النظام الطائفي الحاكم ، ويقفز
على السلطة متوسلاً بدبابات ليل
الثامن من آذار عام 1963 . أليس من السذاجة أن يقوم كبير طغاة القرن
الحادي والعشرين ، المتربع على
قمة الهرم السلطوي في سورية ،
والذي يقتل ويعتقل ويلاحق
ويحاصر ويهين الشعب السوري
العظيم بشكل ممنهج، بإلقاء
الدروس والمحاضرات عن العرب
والعروبة ، ويجعل من نظامه
الفاشستي الممانع الأول !!!
وحامي ثغور العرب من أعدائهم : • فأية عروبة
للنظام السوري الذي عُلقت
عضويته لدى الجامعة العربية
بالأغلبية المطلقة. • أية ممانعة
للنظام السوري الذي لم يسمح
بانطلاق أية مقاومة عسكرية من
الأراضي السورية باتجاه
الجولان المحتل ، طوال الأربعين
عاماً المنصرمة . • أية ممانعة
للنظام السوري الذي غزا لبنان
ودمره ، بموافقة الكيان
الصهيوني وبعض الأنظمة العربية
والقوى الدولية المتنفذة عام 1975
لاقتسام لبنان مع الكيان
الصهيوني ، والذي قتل وقمع كافة
مكونات الشعب اللبناني ونهب
ممتلكاتهم وأقصى جميع
المقاومات الوطنية واليسارية
اللبنانية والفلسطينية غير
الطائفية ، ودعم الفصيل الطائفي
الوحيد المرتبط بإيران
باعتباره المقاوم الأوحد في
الساحة اللبنانية !!! • أية ممانعة
للنظام السوري الذي قتل من
الفلسطينيين في لبنان أكثر مما
قتل الصهاينة على امتداد الصراع
مع الكيان (في مذبحة مخيم تل
الزعتر فقط قتل النظام أكثر من
خمسة آلاف فلسطيني ... ). • أية مقاومة
للنظام السوري الذي لم يسمح
لقوات منظمة التحرير
الفلسطينية المحاصرة في بيروت
من قِبل الصهاينة ، بالانسحاب
ودخول الأراضي السورية ،
واضطرارها للمغادرة بحراً تحت
العلم الفرنسي ، وهي القوات
التي لم يسمح لها النظام
بالعودة إلى لبنان لاحقاً حيث
كان إخراجها مصلحة مشتركة لكل
من النظام السوري والكيان
الصهيوني ، والذي وضعه في موقف
حرج عقب خروجه من الجنوب
اللبناني . • أية عروبة
وجوار للنظام السوري الذي قطع
مياه نهر الفرات عن الشعب
العراقي خلال الموسم الزراعي ، (الخزن
الجائر لمياه سد الفرات) عقب حرب
تشرين التحريكية ، كعرفان
بالجميل العراقي العسكري !!! • أية عروبة
للنظام السوري الطائفي الذي دعم
الملالي في إيران وحكومتهم
الدينية (الثيوقراطية) ضد
العراق العربي ، خلال الحرب
العراقية – الإيرانية ، وهو
النظام المتدثر بالعروبة
والعلمانية والشعارات العظيمة
!! علماً أن العراق قد دفع بجُل
قواته العسكرية الميكانيكية
للدفاع عن دمشق عام 1973 ، والتي
قامت بالهجوم الفوري والمعاكس
ضد القوات الصهيونية التي هددت
بسقوط العاصمة الأموية. • أية عروبة
للنظام السوري الذي صوَّت وزير
خارجيته آنذاك(خدام) إلى جانب
تدويل الملف العراقي ، وإحالته
إلى مجلس الأمن الدولي وإخراجه
من نطاق الجامعة العربية عام 1990
، تمهيداً لإدخاله تحت • الفصل السابع
من ميثاق الأمم المتحدة ، والذي
يتحاشاه ويخافه النظام السوري
حالياً !! • أية عروبة
للنظام السوري الذي حفر الخنادق
في المنطقة الشرقية من سورية ،
منعاً لوصول المواد الغذائية
للشعب العراقي خلال الحصار
الجائر الذي فُرض عليه . • أية ممانعة
وعروبة للنظام السوري الذي أرسل
قواته العسكرية البرية للعمل
تحت إمرة القيادة العسكرية
الأمريكية ضمن قوات التحالف عام
1991 ، والتي لم يكن هدفها تحرير
الكويت بقدر ما كانت تهدف إلى
تدمير العراق الذي هو العمق
الاستراتيجي لسورية (مذكرات
جيمس بيكر). • أية عروبة
للنظام السوري الذي عمل على طمس
الهوية العروبية للعراق من خلال
دعمه وإسناده للهويات الفرعية
والضيقة ، العاملة على تفكيك
العراق وتقسيمه وفرسنته ، والذي
أقام المعسكرات في الشمال
السوري لتدريب الشعوبيين
ومطايا الأجنبي ، وأمدهم بالمال
والسلاح ووثائق السفر ، والذين
ساعدوا القوات الأمريكية في غزو
الجار العراقي العربي عام 2003 ،
وعبروا الحدود وهم مدججين
بالأسلحة السورية لدخول شمال
العراق ، وهو عين ما فعله النظام
الإيراني المستتر بالعباءة
الإسلامية ، والذي أطلق الغيلان
العجم والخونة لدخول جنوب
العراق ، بالتنسيق التام مع
القوات الأمريكية الغازية. • أية ممانعة
للنظام السوري الذي زج
بالمعتقلات كافة المتطوعين
السوريين والعرب النشامى ،
الذين اتجهوا لمقاومة القوات
الأمريكية الغازية عقب عودتهم
من العراق ، وهو المتظاهر
إعلامياً فقط برفض غزو العراق ،
وهو النظام الذي يقيم حالياً
أكثر من(600) مخفر حدودي لحماية
النظام الطائفي العميل في
العراق من هجمات المقاومين وذلك
إرضاءً للإدارة الأمريكية
والنظام الإيراني. • أية عروبة
وجوار للنظام السوري الذي قام
بتسليم القوات الأمريكية
العديد من المقاومين العراقيين
عقب لجوئهم الأراضي السورية
وتزويد الجانب الأمريكي
والإيراني والعراقي بكافة
المعلومات الاستخباراتية عن
المقاومة العراقية بشكل خاص ،
والعراقيين المقيمين في سورية
بشكل عام ، وذلك من خلال القسم
الخاص بالعراق لدى فرع فلسطين
للمخابرات السورية ، وإرسال
الإدارة الأمريكية العديد من
معتقلي (جوانتنامو) للأمن
السوري للتحقيق معهم وتعذيبهم
دفعاً لنزع اعترافاتهم ، مع
الإشارة إلى أن الإدارة
الأمريكية كانت تقوم بالإشادات
المستمرة بالسلطات السورية
لتعاونها الوثيق والمستمر معها.
• أية عروبة
ومقاومة للنظام السوري الذي كان
من أوائل الأنظمة السياسية التي
اعترفت رسمياً بالوضع
الاحتلالي الجديد في العراق ، (إضافة
لإيران) حيث كان الاعتراف
مشتركاً ومتزامناً ، وتحديداً
الاعتراف بمجلس إدارة الدولة
المؤقت الذي ترأسه الحاكم
الأمريكي الجديد (بول بريمر)،
لذا لم يكن مستغرباً أن يكون
حكام العراق العجم الطائفيين
والقادمين على ظهور الدبابات
الأمريكية من أكبر الداعمين
للنظام السوري، سياسياً
وأمنياً واقتصادياً وكتائب
ميليشيوية صدرية في الوقت
الراهن ، بالإضافة إلى نظام
ملالي طهران ، وحزب إيران في
لبنان ضد الثورة الديمقراطية
للشعب السوري. إن سورية لم تستحق لقب (قلب العروبة
النابض) الذي يفخر به السوريون ،
إلا خلال فترة الخمسينيات من
القرن الماضي ، وتحديداً للفترة
1954- 1958 ، وهي التي لم تمنح العرب
إلا وفاءً ومقاومةً ودعماً
وتطوعاً وعلماً ولجوءاً وحرية ،
والتي نبض قلبها عروبةً صافيةً،
والتي كانت ديمقراطيتها
الجامعة لكل السوريين صمام أمان
الوحدة الوطنية المبنية على
الحريات بمقوماتها التالية :
عندما كان الشعب السوري عقب
الجلاء يعيش عهداً ديمقراطياً
ذهبياً بنظام جمهوري ديمقراطي
برلماني دستوري (ليبرالي )، حيث
كانت سوريا أول بلد عربي وشرق
أوسطي يقيم النظام السياسي
الديمقراطي بخصائصه المعروفة ،
والمسند باستقلال وطني ناجز.
عندما توافقت جميع مكونات
المجتمع وقواه الوطنية على
إقرار دستور عصري (دستور 1950) ،
والذي طُرحت مسودة مشروعه من
قِبل مجلس تأسيسي منتخب شعبياً
، ومصادقاً عليه من قِبل مجلس
النواب .
عندما كان النظام السياسي
الديمقراطي السوري يحقق
إنجازاته ويصدر مراسيمه
وقراراته وفق الشرعية
الدستورية لا وفق الشرعية
الثورية.
عندما كانت الهويات
السياسية للسوريين تعلوا جميع
الهويات الدينية والعرقية
والطائفية والمذهبية ، حيث لا
تمييز بين رئيس عربي أو كردي ،
أو رئيس وزراء مسيحي أو مسلم ،
أو وزير عربي أو شركسي أو
تركماني أو آشوري ، أو سني أو
علوي أو درزي أو إسماعيلي .... حيث
كانت التحالفات السياسية
الصرفة هي السائدة في الساحة
الوطنية .
عندما كانت السياسة ملكية
مشتركة للمواطنين جميعاً دون
استثناء وتعكس آراء جميع
التيارات الفكرية والقوى
السياسية الوطنية ، التي تنعم
بالحرية السياسية وحرية الرأي
والتعبير والنشر والاعتقاد
والعبادة وخصوصيات الشعب
والحريات الشخصية.....
عندما كان تشكيل الأحزاب
يتم عن طريق إبلاغ وزارة
الداخلية (فقط) دون انتظار
موافقتها (وفقاً للدستور ) حيث
إن حزب السلطة الحالية قد تشكل
وفقاً لذلك ، ونشأ وترعرع في ظل
العهود الديمقراطية ، قبل أن
ينقلب على الأحزاب الوطنية
الأخرى ويقصيها عام 1963 ، ويدفع
ببعضها للعمل السري والعنيف
أحياناً رداً على هذا الإخصاء
السياسي .
عندما كانت لسورية
الديمقراطية المئات من مؤسسات
المجتمع المدني والأهلي ، التي
تعكس التنوع والألوان والمصالح
المجتمعية ، والتي لا تحتاج
الترخيص الحكومي، والمتمتعة
بالإدارة والتمويل الذاتيين .
عندما كانت الحالة
الديمقراطية السورية لا تفرض
حالة الطوارئ ، ولا تعرف معتقلي
الرأي (بتاتاً) .
عندما كانت الديمقراطية
السورية لا تعرف الأجهزة
الأمنية القمعية إطلاقاً ، كون
التعددية الفكرية والثقافية
والاجتماعية والسياسية كانت
مفتوحة تماماً، وحيث إن
الديمقراطية بطبيعتها تتمتع
بالمناعة الذاتية.
عندما كان الجيش السوري
جيشاً وطنياً مندمجاً دون قوات
نخبة ومؤسسة سيادية من مؤسسات
الدولة ، يحمي الديمقراطية ولا
يلغيها ويدافع عن حدود الوطن،
والذي لم يكلف بأية مهام داخلية
قمعية على الإطلاق.
عندما كانت سورية
الديمقراطية عضواً مؤسساً
للجامعة العربية وليست ذات
عضوية معلقة.
عندما كانت مظاهرة احتجاجية
مدنية واحدة في العاصمة
السورية، كافية لإسقاط أية
وزارة تنفيذية تتعارض سياساتها
ومصالحها مع المصالح الوطنية
والقومية ، ولا تهدد بسقوط
الدولة. والخلاصة : يبدو أن النظام السوري ما زال مصراً على
استغلال الهوية العروبية
الجامعة ، وتسييس انتماءاتها
الثقافية ، والتمترس وراءها ،
وتحويلها إلى أيديولوجيا
تبريرية للبقاء في السلطة . إن من يدفع بالخطاب العروبي إلى مقدمة
خطاباته السياسية ، عليه أن
يستند إلى إرادة الغالبية
العظمى من الشعب السوري ، كون
هذه الإرادة لا تتجمع وتُنتج
إلا بالأسلوب الديمقراطي
القائم على حقوق المواطنة
والحقوق المدنية للدولة
الحديثة . إن من يدعي حمل أفكار قومية كبرى ، عليه أن
يكون أولاً صاحب مشروع وطني
سياسي واقتصادي واجتماعي
وثقافي مطروحاً على الشعب كخيار
ديمقراطي ، وليس مشروعاً
سلطوياً توريثياً مفروضاً
بالقوة العسكرية والأمنية. إن عضوية العروبة لا تغني عن عضوية
المواطنة إنها العروبة الجديدة للقرن الحادي
والعشرين عاشت سورية حرة أبية .. وعاش شعبها العظيم ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |