ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
(الحلقة
الأولى)* محمد
فاروق الإمام بعد
أيام سيطل علينا الثامن من آذار
بكل ذكرياته الأليمة السوداوية
التي لم تتوقف منذ فجر ذلك اليوم
البئيس من عام 1963، الذي أطبق فيه
حفنة من ضباط حزب البعث على مبنى
الإذاعة والتلفزيون، قادمين
على ظهر دبابة أدارت ظهرها
للعدو الصهيوني ليعلنوا
انقلابهم على الدولة المدنية
وحكومتها المنتخبة بأرقى
أساليب الديمقراطية الحديثة،
وَيُرجعوا عقارب الساعة في
سورية المدنية والحضارة إلى
عهود الظلام والديكتاتورية
والتخلف، تحت شعار (القومية
والتقدمية والحرية والاشتراكية
والوحدة)، ويدخلوا سورية في
دياجير الظلمة والفساد
والطائفية والهزائم
والانكسارات التي توالت إلى
يومنا هذا، حيث يقوم آخر هؤلاء
البغاة بقتل الشعب السوري بدم
بارد، ويذبحه من الوريد إلى
الوريد، ويرتكب من المجازر ما
لم يرتكبه غيره عبر التاريخ،
ولو قدر لفرعون والنمرود ونيرون
وهولاكو وهتلر وستالين أن
يقوموا من قبورهم ويروا ما
يفعله الباغي بشار بشعبه ووطنه
لأخذتهم الشفقة وانتابهم الألم
والحزن والخزي والعار!! بداية
نستشهد بما قاله السيد أحمد أبو
صالح أحد أهم قيادات حزب البعث
ممن تسلموا أرفع المناصب
السياسية والحزبية بعد انقلاب
الثامن من آذار 1963 (عضو القيادة
القومية وعضو القيادة القطرية
وعضو المجلس الوطني وحمل عدد من
الحقائب الوزارية ورشحه الأسد
الأب ليكون رئيساً للجمهورية). ففي آخر
حلقة من برنامج شاهد على العصر
الذي يعده ويقدمه الإعلامي
البارز أحمد منصور على شاشة
قناة الجزيرة الفضائية أجراه مع
السيد أحمد أبو صالح وبثت
الحلقة الأولى منه يوم: 20/7/2003،
وكان آخر سؤال له: أحمد
منصور: تقييمك أيه الآن في نهاية
هذه الشهادة ؟ أحمد
أبو صالح: يعني أنا في الحقيقة
أرجو أن يتاح لي من العمر ما
يكفي للتكفير عن الأخطاء التي
ارتقت لمستوى خطيئات ارتكبتها
بحياتي، لأن أثرها السلبي لم
ينعكس علي فقط وإنما انعكس على
الشعب المنكوب في سورية الذي
أنا، بكل صدق، أطلب منه العفو
والغفران على ما بدر مني. الثامن
من آذار 1963 لابد
لنا قبل الحديث عن نجاح البعث
بالاستيلاء على السلطة في سورية
أن نتعرف على الوضع العسكري
الذي يتمتع به هذا الحزب داخل
الجيش السوري. لم يكن
لحزب البعث حتى عام 1958م أي جهاز
تنظيمي حزبي داخل الجيش. صحيح أن
هناك عدد كبير من الضباط
البعثيين أو من الضباط
المتعاطفين معهم، ينتهجون نهجه
ويؤيدونه في نشاطه وتحركاته
السياسية على صعيد الحكم
والدولة. ولكنهم لا يقومون بذلك
من خلال إطار تنظيمي بالمعنى
الحقيقي، مرتبط مباشرة بقيادة
الحزب. فعلاقة الضباط البعثيين
بالحزب بقيت في الغالب علاقة
تعاطف شخصي أو عائلي أو
إيديولوجي، تتم عن طريق بعض
قياديي الحزب، وعلى وجه الخصوص
عن طريق أكرم الحوراني بالذات. (كثيرون
من البعثيين المثقفين الذين
كانوا ينظرون عموماً إلى تحركات
العسكريين وتدخلاتهم في الشؤون
السياسية بشيء من الاستياء وعدم
الارتياح)(1). وفي هذا
السياق لابد أن نذكر حقيقة، وهي
أن الضباط البعثيين وحلفاءهم
لعبوا دوراً رئيسياً من الجانب
السوري في فرض اتفاق الوحدة
السورية-المصرية عام 1958م من خلف
الدولة والحكومة الشرعية في
دمشق، في الشكل الذي تمت فيه. وبكثير
من السذاجة كان هؤلاء يعتقدون
بأنهم سيكونون شركاء لعبد
الناصر في حكم الجمهورية
الوليدة، وسيكون من حصتهم إدارة
الإقليم السوري الذي لم يتمكنوا
من حكمه من خلال صناديق
الاقتراع. ولكن هؤلاء الذين
اندفعوا بعواطفهم لم يكونوا
ليدركوا آنذاك أن لعبد الناصر
مفهومه الخاص للحكم وللدولة..
فهناك حيز كبير بين خطاباته
الملتهبة وسياسته الواقعية
الحذرة في الميادين المختلفة..
إضافة إلى عدم ثقته بأي حزب
سياسي داخل الجمهورية العربية
المتحدة، وبين صفوف الجيش على
التحديد، حتى ولو كان هذا الحزب
يعلن ولاءه وانتسابه إليه وحل
نفسه كحزب البعث السوري مثلاً. بعد
قيام الوحدة السورية-المصرية
بوقت قليل، أُبعد جميع الضباط
المتسيّسين ومن جملتهم
البعثيين، عن الجيش السوري
مجموعة بعد أخرى. يقول منيف
الرزاز في هذا الصدد: (فلئن تحمل
الحكم وجود بعض البعثيين في
الوزارات أو في أجهزة الحكم،
فهو لم يقبل منذ اليوم الأول،
وجود البعثيين في الجيش. فتسلّم
كبارهم مناصب وزارية، ونقل
بعضهم سفراء وموظفين في
الخارجية ونقل معظم الباقين إلى
مصر بدعوى التدريب والتخصص. فلم
يكد يترك أحداً منهم في منصب
قيادي مهم في سورية نفسها)(2). لقد
كانت خيبة آمال البعثيين تحمل
في طياتها مرارة عميقة،
ويتملكهم شعور بالأسى والحزن من
عبد الناصر، الذي استخف بهم بل
وخانهم (على حد قول بعضهم). فمن
القاهرة حيث منفاهم، أخذ الضباط
البعثيون يديرون بأنظارهم نحو
دمشق. وبالفعل، أنشأوا في
القاهرة عام 1959م ما سمي (باللجنة
العسكرية). وكانت في البداية
تتكون من خمسة ضباط ثلاثة منهم
نصيريون – علويون - (محمد عمران
وصلاح جديد وحافظ الأسد) واثنان
إسماعيليان (عبد الكريم الجندي
وأحمد المير)، ثم وسعت اللجنة
وصار عدد أعضائها خمسة عشر
عضواً كانوا كالتالي: (5
نصيريون و2 من الإسماعيلية و2 من
الدروز سليم حاطوم وحمد عبيد،
وستة من السنة منهم موسى
الزعبي، ومصطفى الحاج علي،
وأحمد سويداني، وأمين الحافظ،
ومحمد رباح الطويل). وأحيط هذا
التنظيم بالسرية المطلقة في
فترة زمنية طويلة، رافضين ثلاثة
أشياء رفضاً قاطعاً أساسها: لا
للناصرية كمفهوم سياسي للحكم،
لا لصيغة الوحدة السورية-المصرية
ومضمونها، وأخيراً لا لقيادة
الحزب القومية(3). توسعت
نواة اللجنة العسكرية بعد
الانفصال وثبّتت مواقعها. وبقي
التنظيم البعثي الجديد والأول
داخل الجيش مستقلاً استقلالاً
كلياً بالنسبة إلى التكتلات
البعثية المتصارعة. رافضين كل
سلطة تمارس عليهم أو أبوة تفرض.
ينتابهم شعور بالاعتزاز
بأنفسهم. يخامرهم الاعتقاد
بأنهم أصبحوا جديرين بأن يقوموا
بتحركاتهم السياسية لحسابهم
الخاص، وانحصرت نقمتهم داخل
الحزب على قادة البعث الثلاث: (ميشيل
عفلق وصلاح الدين البيطار وأكرم
الحوراني)، وألقوا مسؤولية
إخفاق الحزب طوال السنوات
السابقة عليهم. وجعلوا تنظيمهم
العسكري السري الخاص منذ
البداية، بعيداً عن التيارات
والاتجاهات البعثية من ناحيتي
القيادة والهيكلية التنظيمية. بعد
إخفاق اللجنة العسكرية البعثية
في الحركة الانقلابية التي
شاركوا فيها في آذار 1962م، أبعد
معظم الضباط البعثيين عن الجيش
أو ألقي القبض على بعضهم. وحسب
تأكيدات مصادر مختلفة: لم يبق في
الجيش منهم سوى عدد قليل جداً،
وفي مقدمتهم: (سليم حاطوم وصلاح
جديد وسليمان حداد)، مع عدد من
الضباط أقل شأناً ومن صف الضباط(4). ومن
خارج الجيش، عمل محمد عمران (محرك
اللجنة العسكرية) على إعادة
تشكيلها وتنظيمها وتوسيع
قاعدتها بين الاحتياطيين
والضباط المسرحين. وبنى علاقات
وطيدة مع التكتلات العسكرية
التي كانت تسعى لإسقاط الحكم
الانفصالي: (تكتلات المستقلين
والناصريين وحتى ضباط 28 أيلول
1961م). ويذكر
سامي الجندي في هذا الموضوع بأن
أعضاء اللجنة العسكرية قد
اتبعوا (خطة ذكية، فتسربوا إلى
كل التنظيمات العسكرية دون
استثناء). وهناك (بعض القوائم
بأسماء الضباط وتنظيماتهم..
فيها عدد من البعثيين.. قوائم
انفصالية فيها أسماء بعثية.
كانوا بهذه الطريقة مطلعين على
كل شيء يوجهون التنظيمات
لمصلحتهم بحذر ودقة)(5). بالإضافة
إلى هذا كله، فهم لم يهملوا
أبداً اتجاهات البعث المختلفة،
بغض النظر عن أي اعتبار. ومن أجل
تحقيق هذا الهدف وزعت الأدوار
على الضباط البعثيين كل حسب
علاقاته الشخصية أو السياسية. (عبد
الكريم الجندي) اتصل بحركة (الوحدويين
الاشتراكيين) عن طريق ابن عمه (سامي
الجندي)، (أحمد المير ومزهر
هنيدي) اتصلا بالقيادة القطرية (لرياض
المالكي وبالقطريين). لقد كان
غالبية أعضاء اللجنة العسكرية
على اتصال دائم بما يسمى محور
حمص، اللاذقية دير الزور.. ويعني
هذا بالكتل البعثية لأكرم
الحوراني او القطريين عن طريق (عبد
البر عيون السود ووهيب الغانم
ومصلح سالم)(6)، و(محمد عمران
وسليم حاطوم) بقادة تيار (القيادة
القومية)، و(حافظ الأسد) وكذلك (محمد
عمران) بالناصريين وبعض
المسؤولين في سفارة الجمهورية
العربية المتحدة في بيروت(7).
لم يكشف
أعضاء اللجنة العسكرية أبداً عن
(أوراقهم)، حتى إلى بعض اتجاهات
البعث المقربة إليهم، والتي
كانت تجهل تماماً، اسم ووجود
هذا التنظيم للضباط البعثيين.
لقد كانوا يتحدثون إلى
المجموعات والكتل المعادية
للحكم الانفصالي، باللغة التي
كان كل من هؤلاء يرغب بسماعها.
ولكن كل تكتل عسكري من ناحيته
كان يفكر بأنه سيستخدم التكتلات
الأخرى في الوقت المناسب. كان
الضباط البعثيون يدركون تمام
الإدراك بأنهم قليلو العدد،
فحاولوا أن يعوضوا عن هذا الضعف
بتقوية تلاحمهم التنظيمي
وبسريتهم المطلقة وبتحركهم
الواسع. وهكذا استطاعوا أن
يعطوا انطباعاً عاماً للجميع
بأنهم أكثر عدداً وقوة مما هم
عليه في الواقع. بعد
إخفاق اللجنة العسكرية البعثية
في الحركة الانقلابية التي
شاركوا فيها في آذار 1962م، أبعد
معظم الضباط البعثيين عن الجيش
أو ألقي القبض على بعضهم. وحسب
تأكيدات مصادر مختلفة: لم يبق في
الجيش منهم سوى عدد قليل جداً،
وفي مقدمتهم: (سليم حاطوم وصلاح
جديد وسليمان حداد)، مع عدد من
الضباط أقل شأناً ومن صف الضباط(8). (يتبع) ========== *
اعتمدت في كتابة هذه الحلقات
على كتابيَّ: (حزب البعث العربي
الاشتراكي – صفحات مجهولة)
وكتاب (حقيقة الصراع بين جماعة
الإخوان المسلمين والنظام في
سورية). 1-ص(327/1)دندشلي-المصدر
السابق، وص(85)وما بعدها-الجندي-البعث-المصدر
السابق. 2-ص(97)الجندي-نفس
المصدر. 3-ص(327/1)دندشلي-المصدر
السابق. 4-ص(303)وما
بعدها-مذكرات زهر الدين. 5-ص(327/1)دندشلي-المصدر
السابق، وص(85)وما بعدها-الجندي-البعث-المصدر
السابق. 6-ص(97)الجندي-نفس
المصدر. 7-ص(327/1)دندشلي-المصدر
السابق. 8-ص(303)وما
بعدها-مذكرات زهر الدين. ====== الحلقة
الثانية ياسمين
آذار المخضب بالدماء محمد
فاروق الإمام التنظيمات
العسكرية المنافسة لتنظيم حزب
البعث داخل الجيش السوري التنظيمات
العسكرية غير البعثية الضباط
الناصريون يؤلف
الناصريون على الصعيد العسكري
اتجاهاً عريضاً يضم بين جنباته
عدداً كبيراً من الضباط بالنظر
إلى التكتلات الأخرى. ولكنه مع
ذلك بقي تياراً عاماً، مجزأً،
متناقضاً، وله عدة مراكز قوى
للتقرير والتوجيه، ولم ينجح
بالتالي في تكوين تنظيم موحد
ومتماسك ومبني بناء قوياً، ولا
في إيجاد خطة عمل تحدد الخطوات
العملية وتتلاءم مع ظروف الواقع
الجديدة. وكانت التعليمات
والتوجيهات تأتيه من القاهرة أو
من سفارة الجمهورية العربية
المتحدة في بيروت. وكان يضع نصب
عينيه هدفاً وحيداً، يتلخص في
إزالة حكم الانفصال وإعادة
الوحدة الفورية مع مصر. مجموعات
الضباط المستقلين لقد
كانت مجموعات الضباط المستقلين
في الواقع، هي الأقوى من
الناحية العددية.. ولربما
الوحيدة التي يمكنها أن تقوم
بعمل فعّال وحاسم ضد نظام الحكم.
وإلى جانب الطموحين من كل نوع..
والفئات التي تسير مع التيار
العام، فهي تحوي عناصر وحدوية
وتقدمية دون أن نعطي إلى كلمة
وحدوية وتقدمية معنىً محدداً
وواضحاً. وإذا كان الضباط
المستقلون وحدويين، ومتعاطفين
مع القاهرة غير أنهم لا يفكرون
أبداً في أن يتم هذا التعاون
والتقارب بنفس طريقة الضباط
الناصريين. لذلك فقد كان
الاتجاه العام للضباط
المستقلين أكثر ميلاً وأقرب
للتعاون والتنسيق مع مجموعة
الضباط البعثيين. جماعة
المقدم زياد الحريري في
النصف الثاني من عام 1962م، تجمع
عدد من الضباط حول المقدم (زياد
الحريري) قائد الجبهة السورية-الإسرائيلية،
ثم انضم إليه اللواء (عدنان عقيل)،
رئيس شعبة المخابرات، واللواء (نامق
كمال) رئيس أركان الجيش والقوات
المسلحة. يقول
اللواء عبد الكريم زهر الدين في
مذكراته: (إن المؤامرة كانت تحاك
في وضح النهار وبالعلن، دون أن
يكون في استطاعة حكومة خالد
العظم العاجزة من أن تضع حداً
لتدهور الأوضاع التي ستؤدي
حتماً إلى زوالها وزوال عهد
الانفصال معها)(1). في مطلع
عام 1962م، اتفقت المجموعات
الثلاث داخل الجيش السوري على
تنفيذ انقلاب عسكري مشترك، يطيح
بالانفصال. ولكن رغم هذا
الاتفاق فإن الحذر وسوء النية
والشك وعدم الثقة فيما بينها
كان طابع العلاقات بين
الناصريين والبعثيين. وقعت في
أوائل عام 1963م حادثتان في غاية
الأهمية: محاولة الانقلاب
الفاشلة التي قادها (عبد الكريم
النحلاوي) في 13 كانون الثاني.
واستلام البعث السلطة في العراق
في 8 شباط، والذي كان دعماً
سياسياً ومعنوياً للضباط
البعثيين السوريين. بعد
نجاح حركة البعث العراقي، وجد
أعضاء اللجنة العسكرية أنفسهم
مرغمين على تحسين صلاتهم
بالقيادة القومية، التي من
خلالها يحكم البعث في العراق.
فقد صرح الحكام الجدد في العراق
علناً بانتمائهم إلى اتجاه
الأمين العام للحزب (ميشيل عفلق).
عند ذلك لعب الضباط البعثيون
السوريون بدهاء ورقة المقدم (زياد
الحريري) الذي تحدد له بالفعل
دور (حصان طروادة) وكان يخضع تحت
مراقبة حذرة من قبل ضابطين
بعثيين هما: (سليم حاطوم وسليمان
حداد) اللذان كانا عضوين في
قيادة الجبهة السورية-الإسرائيلية(2). الشركاء
المتربصون ببعض وفي
منتصف شهر شباط تقريباً، وضع
منظمو الحركة الانقلابية
لمساتهم الأخيرة على خطتهم
الانقلابية: وقبل (48) ساعة من بدء
عملية التنفيذ، سمّي (صلاح
الدين البيطار) رئيس حكومة (اتحاد
وطني)، بغض النظر عن التحفظات
التي كان يبديها أعضاء اللجنة
العسكرية بالنسبة لشخصه. وقد
كانت لهذه التسمية أسبابها
الجوهرية، وهي تتلخص في أن
البيطار يحوز على ثقة القيادة
القومية، ولا يثير كثيراً من
مخاوف الناصريين. وقد تحددت
ساعة الصفر في (7) آذار لانطلاق
التحرك العسكري. في هذه
الأثناء بالذات حصل تعديل في
قيادة الأركان العامة للجيش،
وعين بعض الضباط الناصريين في
مراكز مهمة، خاصة الشخصية
القيادية فيهم اللواء (راشد
القطيني) الذي سمي رئيساً لشعبة
المخابرات، وكذلك اللواء (محمد
الصوفي) العائد من الاتحاد
السوفييتي، وعين قائداً للواء
الخامس في حمص. هذا
التحول الجديد الذي لم يكن
يتوقعه الناصريون، دفع القطيني
والصوفي، في (6) آذار، إلى
تراجعهما وإقناع حلفائهما من
البعثيين بالرجوع كذلك عن
قرارهم والتخلي عن مشروعهم
الانقلابي. وفي حال إصرار
البعثيين على تنفيذ خطتهم كما
هي موضوعة، فإنهما لن يشتركا
معهم في هذا التحرك العسكري.
وكانت حجتهما أن الوضع العام في
الجيش قد تحسن وأصبح أكثر
ملاءمة من السابق للقيام بثورة (بيضاء)(3).
. لقد فرض
على منظمي الانقلاب بعد تخلي
الضباط الناصريين أن يدخلوا بعض
التغيير في خطتهم، وأن يؤخروا
تنفيذ عمليتهم مدة أخرى، فإن
ابتعاد الناصريين وموقفهم
السلبي من الحركة، أدى خدمة
كبيرة لم يكن يحلم بها أعضاء
اللجنة العسكرية، حيث أصبح
الطريق ممهداً أمام الضباط
البعثيين لكي يلعبوا دورهم
كنواة وحيدة ومنظمة تنظيماً
دقيقاً، وأن يكونوا محور الحركة
الانقلابية، وبالتالي محور
النظام الجديد. لقد كان
الضباط الناصريون - كما ذكرنا
سابقاً - يشكلون على الصعيد
العسكري، اتجاهاً عريضاً يضم
عدداً كبيراً بالنظر إلى
التكتلات الأخرى، ولكنه اتجاه
مجزأ ومفكك وضعيف وغير متجانس
ولا متلاحم، جمعتهم العاطفة
ونشوة الوحدة، كذلك كان هذا
التشكيل مخترق من قبل عناصر
مدسوسة دسّتها اللجنة العسكرية
البعثية بين أفرادها.. وفوق ذلك
لم تكن لهم قيادة موحدة أو
مرجعية يلتفون حولها. أما
الضباط المستقلون فقد تبلور
موقفهم حول المقدم زياد
الحريري، قائد الجبهة السورية
مع إسرائيل، وكان معه من الضباط
الكبار اللواء عدنان عقيل رئيس
شعبة المخابرات، واللواء نامق
كمال رئيس الأركان(4). في
منتصف شهر شباط تقريباً، وضع
رجال اللجنة العسكرية لمساتهم
الأخيرة على خطتهم الانقلابية.
وقبل 48 ساعة من بدء عملية
التنفيذ، سمي صلاح الدين
البيطار رئيس حكومة (أتحاد وطني)
وسبب اختيار اللجنة العسكرية
لصلاح الدين البيطار، أنه يحوز
على ثقة القيادة القومية، ولا
يثير مخاوف الناصريين. وتحددت
ساعة الصفر يوم 7 آذار 1963م
لانطلاق التحرك العسكري(5). أمام
تخلي الناصريين عن المشاركة في
مشروع الانقلاب، اضطر البعثيون
إلى أن يدخلوا بعض التغيير في
خطتهم، وأن يؤخروا تنفيذ
عمليتهم 24 ساعة. فأصبح التاريخ
الجديد لساعة الصفر صباح يوم
الثامن من آذار، ومن ناحية أخرى
شعر البعثيون بعد ابتعاد
الناصريين عنهم وكأنهم أزاحوا
كابوساً عن ظهورهم. وهكذا أصبحت
الطريق ممهدة للانفراد
بالانقلاب(6). ========== 1-ص(418-419)مذكرات
زهر الدين، وص(328/1)دندشلي-المصدر
السابق. 2-ص(329/1)حزب
البعث-المصدر السابق. 3-جريدة
البعث الصادرة يوم 20 أيار 1963م-أسرار
ثورة 8 آذار. 4-انظر ص(418)
وما بعدها-مذكرات زهر الدين. 5-لقد
كان أعضاء اللجنة العسكرية على
درجة عالية من المكر والتخطيط
للوصول إلى الهدف، وهو تسلم
السلطة في سورية، فقد لعب كل
منهم الدور الذي حُدد له بمهارة
عالية. 6-ص(112و117-118)الجندي-المصدر
السابق. ====== الحلقة
الثالثة ياسمين
آذار المخضب بالدم - (الحلقة
الثالثة) تنفيذ
انقلاب 8 آذار 1963م في
ساعات الفجر الأولى من يوم
الجمعة 8 آذار 1963م، طوقت
الدبابات والسيارات المدرعة
الإذاعة ومباني الحكومة،
وتركزت في الساحات العامة.
وأعلن المقدم سليم حاطوم، الذي
احتل مبنى الإذاعة البيان الأول
لقيام الانقلاب. وتم القبض عل
العديد من السياسيين ورجال
الحكومة البارزين، وتمكن رئيس
الوزراء خالد العظم من الإفلات
واللجوء إلى السفارة التركية
بدمشق. وليتسلم حزب البعث
السلطة الحقيقية في سورية. تشكلت
حكومة البيطار التي تضم كل
القوى التي عارضت حكم الانفصال،
واحتل البعثيون نصف حقائبها (منصور
الأطرش وجمال الأتاسي وعبد
الكريم زهور ووليد طالب وشبلي
العيسمي وسامي الدروبي
وإبراهيم ماخوس). كما اشترك فيها
عن القوميين العرب (هاني الهندي
وجهاد ضاحي). وأعضاء من حركة
الوحدويين الاشتراكيين (سامي
صوفان ثم سامي الجندي). ومن
الجبهة العربية (نهاد القاسم
وعبد الوهاب حومد). وتألف
المجلس الوطني لقيادة الثورة من
عسكريين ومدنيين برئاسة اللواء
لؤي الأتاسي، وضم كلاً من: (العسكريون:
لؤي الأتاسي وزياد الحريري-غير
بعثيين- فهد الشاعر وأمين
الحافظ وصلاح جديد ومحمد عمران
وأحمد أبو صالح وموسى الزعبي-بعثيون-
أما المدنيون وكلهم بعثيون: (ميشيل
عفلق وصلاح الدين البيطار وشبلي
العيسمي ومنصور الأطرش وحمودي
الشوفي). وعلى
الصعيد العسكري سمي (لؤي
الأتاسي) قائداً أعلى للجيش،
واللواء (زياد الحريري) رئيساً
للأركان العامة، واللواء (راشد
القطيني) نائباً لرئيس الأركان.
كما اشترك عسكريان في وزارة
البيطار: اللواء أمين الحافظ-بعثي-
وزيراً للداخلية، واللواء محمد
الصوفي-ناصري- وزيراً للدفاع. ويلاحظ
في هذا المجال، أن أحد مؤسسي هذه
اللجنة حافظ الأسد لم يظهر في
الواجهة ولم يحتل أي منصب
واكتفى بقيادة القوى الجوية
ليبقى متابعاً للعبة اللجنة
العسكرية من وراء الكواليس،
ساعياً لتثبيت أكبر عدد ممكن من
الضباط الموالين في صفوف الجيش
وخاصة القوى الجوية. بعد
ثلاثة أيام من نجاح البعثيين في
انقلابهم، أي بتاريخ 11 آذار
تحرك الناصريون داخل الجيش
للإطاحة بالبعثيين. ولكن لم
يُقدر لمشروعهم النجاح. وأدى
إخفاق تحركهم إلى تصفية عدد
كبير من ضباطهم، دون إثارة أية
ضجة. ولم يصدر النظام البعثي
الجديد أي بيان حول هذه الحركة. قوائم
تسريحات الضباط التي أصدرتها قيادة
حركة آذار 1963م 1-بعد
وقوع الحركة بخمسة أيام فقط، أي
بتاريخ 13 آذار 1963م صدرت نشرة
عسكرية أخرجت من الجيش مئة
وأربعة ضباط وهم من كبار ضباط
الجيش، افتتحت بالفريق عبد
الكريم زهر الدين، واختتمت
بالمقدم بسام العسلي. 2-وبتاريخ
16 آذار - أي بعد ثمانية أيام من
وقوع الحركة - صدرت نشرة أخرى،
أخرجت من الجيش 150 ضابطاً، هم
الطاقة الفعالة في الجيش (قادة
الكتائب ورؤساء عمليات الألوية
وقادة سرايا)، وكان المقدم خليل
مصطفى - مؤلف كتاب سقوط الجولان -
واحداً من الذين شملتهم النشرة. 3-ثم
تتابعت النشرات، تسرح، وتحيل
على التقاعد، وتنقل إلى الوظائف
المدنية، حتى بلغ مجموع الضباط
الذين أخرجوا من الجيش حتى أيار
1967م، لا يقل عن ألفي ضابط من
خيرة ضباط الجيش المحترفين
كفاءة وقدرة وعطاء وحيوية، مع
عدد لا يقل عن ضعفه من ضباط الصف
القدامى المحترفين للعمل
العسكري، والجنود المتطوعين
الذين يشكلون الملاك الحقيقي
الفعال لمختلف الاختصاصات في
الجيش. 4-حتى لا
يقال إن قيادة حركة آذار تسرح
ضباط الجيش، استبدلت بالذين
أخرجوا من الجيش (وخاصة الضباط)
أعداداً كبيرة جداً من ضباط
الاحتياط (الذين سبق لهم أن أدوا
خدمة العلم) وجميعهم تقريباً من
البعثيين حتى أصبح معظم ضباط
الجيش ممن لا خبرة لهم ولا معرفة
ولا لياقة بدنية. ملاحظ: (التحقت
بالجيش (خدمة إلزامية) يوم 20
تموز 1963م، وأُخضعت لدورة عسكرية
في مدارس قطنا، وهناك في هذه
المدارس لم يكن بين العشرات من
الضباط وضباط الصف ما يصل إلى
عدد أصابع اليدين من الضباط
وضباط الصف العاملين، فقد كان
معظم الضباط وضباط الصف ممن
التحقوا بخدمة الاحتياط من
الضباط وضباط الصف البعثيين،
وكانوا في معظمهم من المدرسين
سابقاً، المترهلة أجسامهم،
وكبيري السن، والذين كانوا لا
يعرفون ألف باء العسكرية، وبعد
انتهاء الدورة التي دامت لأكثر
من أحد عشر شهراً، وتخرجت (ماجور
دوره) أي الأول، ورغم ذلك أفرزت
للخدمة في الجبهة (الجولان
سابقاً) قبل أن يفرّط نظام البعث
وجيشه العقائدي به ويسلمه
للصهاينة دون دفع أو مدافعة. وفي
القطعة التي خدمت بها - في غير
اختصاصي - التقيت أحد الضباط
وكان قائداً للنقطة وقد استدعي
من وظيفته كمدير مدرسة لقرية
الشيخ علي (محافظة طرطوس)، وقد
كشف لي سراً - عن غير قصد - أنه
عند استدعاء ضباط احتياط للعمل
في الجيش، نزل من الجبل ألف
ضابط، معظمهم انخرطوا في الجيش.
في حين صرح لي أحد ضباط الصف،
والذي كان - كما قال - يعمل
صياداً للسمك في مدينة صيدا
اللبنانية، استدعي مع نحو ثلاثة
آلاف ضابط صف بعد انقلاب8 آذار
1963م ليلتحقوا بالجيش، وكلهم كما
قال لي من الجبل من محافظتي
طرطوس واللاذقية). (وفي
هذا السياق تحضرني قصة وقعت لي
مع قائد نقطتي الذي كان سابقاً
مدير مدرسة في الشيخ بدر وهي نفس
بلدته. فقد قام الطيران
الإسرائيلي يوم 3/11/1964م بضرب
الجبهة لمدة ثلث ساعة متواصلة،
وقد ألقى العشرات من قنابل
النابالم المحرمة.. وفي بداية
قدوم الطائرات الإسرائيلية
هرول هذا الضابط مسرعاً وبطريقة
ملفتة للنظر نحو (البلوكوس) –
الملجأ - فوقع منه مسدسه فلم
يلتقطه، وسارعت أنا بالتقاطه
وتقديمه له. وعند اقتراب
الطائرات الصهيونية من نقطتنا،
طلبت منه إعطائي الأمر بإطلاق
النار عليها، وكررت طلبي لمرات
عدة.. وكنت أشاهد الطيار
الصهيوني الذي كان يقترب
بطائرته حتى يكاد يلامس الأشجار
الكثيفة التي كانت تغطي نقطتنا..
وكان يؤنبني قائلاً: إياك أن
تطلق النار لأنك ستتهم بالخيانة
لأنك كشفت النقطة وستعرضنا
جميعاً للهلاك. لم أعد احتمل
مشاهدتي للطائرة وطيارها.. وبين
يدي مجموعة من ثلاثة رشاشات (م/ط
7/12)، فقمت بتوجيه هذه الرشاشات
نحو السماء ورشقت أول طائرة
اقتربت من النقطة.. وفعلت ذلك
ثلاث مرات، وكنت في كل مرة أجبر
الطيار على الإقلاع العامودي
والفرار من سماء نقطتنا.. وكنت
أسمع عويل ذلك الضابط الجبان
وصراخه وتفوهه بعبارات الكفر
والشتم والتهديد والوعيد، وقد
خارت قواه، يهددني ويتوعدني
بالويل والثبور.. بعد انتهاء
العملية الصهيونية وخروج
القائد الهمام من مخبئه، توجه
إلي بكلمات نابية قاسية.. أقلها
نعتي بالخيانة والعمالة.. في حين
انقسم أفراد النقطة بين مؤيد
ومندد بما قمت به. وقام القائد
برفع تقرير إلى قيادة الجبهة
طالباً إيقاع أقصى العقوبة بحقي..
ولكن قائد الجبهة في حينها
اللواء فهد الشاعر منحني شهادة
تقدير مع إجازة 12 يوماً.. وتبين
لي فيما بعد أنه لم تطلق على هذه
الطائرات في كل مواقع الجبهة
طلقة واحدة إلا ما كنت قد أطلقته
أنا). 1-لقد
رافق عمليات التسريح حل بعض
الوحدات المقاتلة، وتشكيل
وحدات غيرها على أسس حزبية بحتة..
وبذلك أصبح الجيش عبئاً ثقيلاً
على كاهل الشعب.. بدل أن يكون
درعاً يدفع عنه وحصناً يذود عن
حياضه.. ويحفظ أمنه وكرامته
وحرياته. 2-توجت
مرحلة تصفية الجيش بالأحكام
الجائرة التي أصدرتها محكمة أمن
الدولة التي كان يترأسها المقدم
صلاح الضلي.. حيث تم إعدام عدد
كبير من الضباط كان في مقدمتهم: (العقيد
أركان حرب كمال مقصوصة والعقيد
هشام شبيب والنقيب معروف
التغلبي والنقيب ممدوح رشيد
والملازم نصوح الجابي والمساعد
بحري كلش). 3-بالإضافة
إلى القتل والإعدام والتسريح
غصت السجون بالمئات من الضباط
والآلاف من باقي العسكريين..
وكان من أبرز هؤلاء المعتقلين: (اللواء
محمد الجراح واللواء راشد قطيني
والفريق محمد الصوفي والفريق
عبد الكريم زهر الدين واللواء
وديع مقعبري والعمداء مصطفى
الدواليبي ونزار غزال وأكرم
الخطيب وموفق عصاصة ودرويش
الزوني وممدوح الحبال والعقداء
هيثم المهايني ومحيي الدين حجار
وحيدر الكزبري). القيادة
القومية لحزب البعث تجهل تحرك
الانقلابيين حتى
ساعة قيام الانقلاب ونجاحه لم
تكن القيادة القومية ولا كل
الاتجاهات الحزبية الأخرى على
علم بتحرك 8 آذار. وهذا ما يؤكده
الدكتور منيف الرزاز الأمين
العام الثاني للحزب في كتابه (التجربة
المرة) حيث يقول: (هذه الحركة محض
عسكرية، حضّرت لها ونفذتها
مجموعات من الضباط المتحالفين،
وعند نجاحها دعي الحزب إلى تبؤ
الحكم وتشكيل حكومة برئاسته.
ولم يكن لهؤلاء الضباط برنامج
محدد المعالم. وإنما وضعوا لهم
هدفاً آنياً وحسب، وهو إسقاط
النظام الانفصالي في سورية، على
ان يبحثوا فيما بعد عن أسس
للتفاهم مع الثورتين العراقية
والمصرية. لقد
بقيت العلاقات زمناً طويلاً بين
حزب البعث والجيش غامضة
ومتناقضة إلى أبعد الحدود. يقول
الرزاز: (لم يقم حزب البعث هو
نفسه بتحقيق الثورة، ولكنه
رسمياً هو الذي يحكم سورية). (يتبع) ====== بين
العقوبات الهامشية و وهم التدخل
العسكري.. ما العمل ؟! ماجد
حمدون منذ بدء
الثورة الوطنية الديمقراطية
السورية ، بدا أن بعض المعارضين
المتواجدين خارج القطر ، لا
يعولون كثيراً على قدرة شعبنا
الثائر في تحرير نفسه ذاتياً ،
من نظام آيل للسقوط القريب ، بل
يعولون على التدخل العسكري
الخارجي ، باعتباره الحل الوحيد
لإسقاط النظام ، ومقللين من
الاعتماد على الذات والإمكانات
الوطنية الهائلة. ويتساءل
أهل سورية بعد عامين من الثورة :
هل يمكن الثقة بالقوى الخارجية
والركون إليها في إنجاز هذه
المهمة ؟ من
المعروف أن القوى الغربية لا
تحركها سوى مصالحها السياسية
والأمنية والاقتصادية وأحقادها
التاريخية ، والتي ترغب
بالتعامل مع حكم الفرد
الاستبدادي ، عوضاً عن التعامل
مع حكم الجماعة الديمقراطي ،
ويأتي أمن الكيان الصهيوني في
المرتبة الأولى من هذه المصالح
، في حين يأتي فك ارتباط النظام
السوري بالنظام الإيراني في
المرتبة الثانية ، والمحافظة
على نظام مماليك إيران في
العراق في المرتبة الثالثة . وعليه
لن تتجه هذه القوى صوب فك
ارتباطاتها المصلحية بالنظام
القائم وربطها مع أهداف وطموحات
ثورة الشعب الديمقراطية ، على
الأقل في المرحلة الحالية التي
لم تحسم فيها المعركة بشكل
نهائي ، ولكن عندما ترجح الكفة
لصالح ثوار الحرية ، والتي بدأت
إرهاصاتها واضحة جلية ، ستتدخل
القوى العظمى لقطف الثمرات التي
رواها الشعب بجهاده ودمائه ، كي
تمنع الانتصار الكامل للثورة ،
وهو ما تعمل عليه تلك القوى في
الوقت الراهن . إن جميع
ما يسمى بالعقوبات التي اتخذتها
القوى الغربية ضد النظام ، لم
تكن إلا عقوبات بطيئة ومتدرجة
وهامشية (عقوبات دلع!! ) ، وغير
متساوقة مع الحراك الثوري
الداخلي ، وإذا كانت حكومات
الدول الغربية قد قصرت في
استخدام القوة الناعمة الفعالة
ضد النظام بالشكل المطلوب ،
ممثلة بالضغط السياسي
والدبلوماسي والاقتصادي
المباشر ، فهل ستستخدم هذه
الحكومات قواتها العسكرية
المعدنية لإنجاز هذه المهمة ؟! . ومهما
ارتفع صوت بعض المعارضين في
الخارج ، أو قاموا بتوقيع
العرائض الموجهة للحكومات
الغربية ، طالبين فيها التدخل
العسكري في سورية لن يتحقق لهم
ما يريدون ، لأن هذه القوى لو
كان لها مصلحة مباشرة في إسقاط
النظام القائم لقامت بهذه
المهمة وحدها، دون مشاورة
المعارضين أو دعوتهم لها وخارج
ما يسمى بالشرعية الدولية:
العراق 2003 ، ليبيا 2011 ، مالي 2013 إن
المصيبة ليست في عمل الأشرار
فقط ، بل في صمت من يسمون
بأصدقاء الشعب السوري ، وممن
يرفعون شعارات الحرية وحقوق
الإنسان . عاشت
سورية حرة أبية .. وعاش شعبها
العظيم ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |