ـ

ـ

ـ

الاثنين 24/08/2009

رمضان 1430 - 2009

(3 رمضان)

في لقب الرئيس الأعلى المتولي لشئون الأمة - 2

زهير سالم*

سبقت الرواية عن أبي الحسن الماوردي عن جمهور الفقهاء أنه يُرمى بالفجور من يقول عن رأس الأمة أو الدولة خليفة الله. وجاء الاعتراض من حيث أن الخليفة يكون لمن يغيب أو يموت وأن الله حي قيوم لا يغيب ولا يموت.

بالعودة إلى القرآن الكريم سنجد قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة.

ولنتعود سماع الآراء وقبول الاختلاف في الاجتهادات سنقف في هذه التحية عند صورة من صور هذا الاختلاف. الفقيه ينسب الذي يستعمل مسمى (خليفة الله) إلى الفجور، ولكن المفسر له رأي آخر

الأكثر اختصارا في التعبير عبد الرحمن بن الجوزي يقول في زاد المسير:

والخليفة هو القائم مقام غيره، يقال هذا خلف فلان وخليفته. قال ابن الأنباري: والأصل في الخليفة خليف، بغير هاء فدخلت الهاء للمبالغة في مدحه بهذا الوصف، كما قالوا علاّمة ونسابة.

وفي معنى خلافة آدم قولان:

أحدهما: أنه خليفة عن الله تعالى في إقامة شرعه، ودلائل توحيده، والحكم في خلقه، وهذا قول ابن مسعود ومجاهد.

والثاني: أنه خلف من سلف في الأرض قبله، وهذا قول ابن عباس والحسن.

وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير الموسوم بمفاتح الغيب:

الخليفة: من يخلف غيره ويقوم مقامه.. وأما المراد بالخليفة ففيه قولان أحدهما أنه آدم عليه السلام،... والثاني أنه ولد آدم. وأما الذين قالوا المراد آدم عليه السلام فقد اختلفوا في أنه تعالى لم سماه خليفة، وذكروا وجهين الأول بأنه تعالى لما نفى الجن عن الأرض وأسكن آدم الأرض كان آدم عليه السلام خليفة لأولئك الجن.. والثاني إنما سماه خليفة لأنه يخلف الله في الحكم بين المكلفين من خلقه وهو المروي عن ابن مسعود وابن عباس والسدي. وهذا الرأي متأكد بقوله:(إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.)...

وذكر القرطبي في أحكام القرآن: والمعنيّ بالخليفة هنا- في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل- آدم عليه السلام، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره...

ويوغل الألوسي في روح المعاني أكثر فيقول: ومعنى قوله خليفة أي خليفة الله في أرضه وكذا كل نبي استخلفهم في عمارة الأرض وسياسة الناس وتكميل نفوسهم وتنفيذ أمره فيهم لا لحاجة به تعالى، ولكن لقصور المستخلف عليه لما أنه في غاية الكدورة والظلمة الجسمانية، وذاته تعالى في غاية التقديس، والمناسبة شرط لقبول الفيض- تأمل هذه فهي نفيسة-على ما جرت به العادة الإلهية فلا بد من متوسط ذي جهتي تجرد وتعلق ليستفيض من جهة ويفيض بأخرى- وتأمل هذه ففيها نظر إذ بإمكان كل إنسان إذا استعد لكل مقام بما يليق به أن يطرق باب القريب بلا واسطة-

- وأطلت النقل في المكان لبيان أنه لا ينبغي لطالب العلم إذا قرأ رأيا في كتاب أن يجعله نهاية التحقيق وغاية المطلب ..

- فالاطلاع على اختلاف العلماء وأقوالهم وتحقيقاتهم أصل في رحلة الطلب وكل ميسر لما خلق له وكل يتلقى من الحقائق والفيوضات الربانية بقدره قال: ففاضت أودية بقدرها فاعرفه.

----------------

*مدير مركز الشرق العربي

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ