ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بسم
الله الرحمن الرحيم تحية
رمضانية (7) من
أسس صيانة السنة النبوية سبر
متن الحديث ومعناه -2- منقول
عن كتاب الشيخ عبد الفتاح أبو
غدة لمحات من تاريخ السنة وعلم
الحديث الصفحات 85 - 87 ( عُلم
مما أسلفته في الأس السابق أن
المحدثين الجهابذة قاموا
بالنقد للرواة تجريحا وتعديلا
وردا وقبولا...، ورسموا في شأن
الرواة قواعد وضوابط مدهشة،
تبارت فيها الأذهان المرهفة
الدقيقة اللامعة، والقرائح
المشرقة التقية الصالحة، فجاءت
على أحسن ما يرام، وأدق ما
ينبغي، وأوفى ما تكون. لقد
كان هذا صنيعهم نحو نقد ( السند )
أو ( الإسناد ) أو ( الراوي ). وهم
إلى جانب إقامتهم هذا الأس
الهام جدا، أقاموا أسا آخر في
كشف الحديث الصحيح من المزيف،
والقوي من المضعّف، لا يقل في
أهميته عن الأس السابق، ولا
يُستغنى عنه في بعض الأحيان، بل
قد يكون هو الفيصل في الأمر، وهو
ما يسمونه : ( نقد المتن )، الذي
اخترت أن أعبر عنه هنا بلفظ: (
سبر متن الحديث ومعناه ). وسبق
في أوائل هذه اللمحات أن ذكرت،
أن ما يُعبر عنه بنقد المتن في
اصطلاح المحدثين، كان معروفا في
عهد الصحابة الكرام رضي الله
عنهم، ونقلت هناك من ( مقدمة
صحيح مسلم ): ( ... أن ابن عباس رضي
الله عنه، دعا بقضاء علي، فجعل
يكتب منه أشياء، ويمر بالشيء
فيقول: والله ما قضى بهذا عليٌّ
إلا أن يكون قد ضل!). وذكرت أن في
هذا الخبر عرض الصحابي العالم
الحديثَ المروي له، على الحديث
المحفوظ عنده، فما وافق المحفوظ
المعروف قُبل، وما خالفه أُنكر
وتُرك. وأزيد
هنا فأقول: لقد سبق ابنَ عباس
على نقد المتن الإمامُ المحدَثُ
المُلهمُ الخليفة الراشد عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، روى مسلم
في صحيحه عن التابعي الجليل أبي
إسحق السبيعي الهمداني الكوفي
قال: كنت مع الأسود بن يزيد –
أحد التابعين الأجلة الفقهاء-
جالسا في المسجد الأعظم، ومعنا
الشعبي، فحدث الشعبي بحديث
فاطمة بنت قيس- وقد طلقها زوجها
ثلاثا - : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا
نفقة. ثم أخذ
الأسود كفا من حصى فحصبه به ( أي
حَصَبَ الأسودُ الشعبيَ الذي
كان يحدث بحديث فاطمة – الزيادة
من زهير) فقال: ويلك!! تحدث بمثل
هذا ؟ قال عمر: لا نترك كتاب ربنا
وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم،
لقول امرأة لا ندري حفظت أو
نسيت؟. لها السكنى والنفقة، قال
الله عز وجل ( لا تخرجوهن من
بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين
بفاحشة مبينة ) وسبر
المتن – كما استُفيد من هذين
الخبرين – يقوم على عرضه على
القرآن الكريم، والحديث الصحيح
المحفوظ ، فإذا خالف صريح
القرآن بحيث لا يقبل التأويل،
أو عارض صحيح السنة الثابتة،
حكموا بضعفه وتركه، أو بكذبه
وسقوطه. قال الأوزاعي: ( كنا نسمع
الحديث، فنعرضه على أصحابنا
كما يعرض الدرهم الزيف على
الصيارفة، فما عرفوا أخذنا، وما
تركوا تركنا). وهذا
المنهج النقدي ( سبر المتن )،الذي
أُسس من أول عهد الصحابة رضي
الله عنهم: قد قرره المحدثون
والتزموه – لقبول الحديث-
التزاما تاما، فاشترطوا في
تعريف ( الحديث الصحيح ) : سلامة
متنه من الشذوذ والعلة ،
واعتمدوا في رد ( الحديث الموضوع
) القرائن الدالة على وضع المتن،
ومنها: أن يكون الحديث ركيك
المعنى، أو مخالفا للقطعي من
الكتاب والسنة، أو مخالفا
للإجماع أو العقل أو الحس
والمشاهدة أو الواقع التاريخي.
وكل هذا قائم على نقد المتن
للحديث.)
انتهى
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |