ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 03/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


رمضان 1430 - 2009

 

(11 رمضان)

من أخبار الرجال

ماذا بقي منهم؟!

زهير سالم*

حين تتحدث عن إنسان أي إنسان فإنك تتحدث عن عالم مجهول من الأفكار والأشواق والغرائز والرغبات والحاجات والطموحات والآمال والآلام. يطوي سفر الحياة أسماء الكثيرين فلا ذكر ولا أثر، وكل إنسان مهما بدا قليلا أو ضئيلا هو باعتبار الذي خلق ورزق مشروع تكليف وحساب (لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا .... وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا).

حين أسأل ماذا بقي منهم يجيبني قائم الحقيقة بلسان الشريعة بقي منهم كل شيء حتى الكلمة الفلتة، والنظرة الخائنة، وحالة من الخيلاء تتعالى في نفس صاحبها حين رأى نفسه فوق الناس، وإرادة الظلم سوغها طغيان القدرة من سلطة أو مال أو جاه، فأنفذها صاحبها لا يرقب في مظلوم إلا ولا ذمة. بقي كل شيء ليوم (لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ويبقى فيما يبقى دعوة المظلوم وآهته ودمعته ومداد دمه...

ماذا بقي من الحجاج ومن بني مروان الذين خدمهم؟! وماذا بقي للحجاج  من الكعبة ترمى بالمنجنيق، ومن شخص عبد الله بن الزبير يُصلب في البلد الحرام ومن آهات أمه أسماء، ذات النطاقين، تسأل: أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟!  ماذا بقي للحجاج من دماء القراء ( العلماء ) المسفوكة إثر ثورة ابن الأشعث، على صواب كان ابن الأشعث أو على خطأ؟! ماذا بقي للحجاج من دم سعيد بن جبير وهو الذي أصاب قاتله بالوله حتى قضى وهو ينادي ما لي ولسعيد بن جبير؟!  سعيد الذي دعا على الحجاج: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي، فلم يقتل بعده على أصح الروايات إلا رجلاً واحداً.. سعيد الذي ظل سفره بين الناس سعيدا، رغم أنف الحجاج، ومضى الحجاج وقد زعم أكثر الخلق أنه لا يُغفر له!! وهذه التي قصمت ظهره فظل يرددها على فراش موته: اللهم اغفر لي فقد زعموا أنك لا تغفر...

خدم الحجاج بني أمية ووطأ لهم المنابر والممالك وخاض في سبيلهم في دماء الأمة وانتهك واستباح وطغى وتجبر ثم ذهب بنو أمية وذهب الحجاج فأما من آمن بيوم للدينونة الكبرى، يوم يُقتص فيه للشاة الجمَّاء من الشاة القرناء فيعلم أن كل نأمة وذرة في كتاب...، وأما من (...فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى) فسيتمنى مصير القرناء والجمَّاء: (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)

الحجاج...!!

ومن زعم أن الحجاج كان سفْرا خالصا للسيئات ومن يستطيع، في هذا الزمان الرديء رجاله وإنجازه، أن ينجز بعض ما أنجز الحجاج؟!

 أوليس الحجاج هو الذي أشرف على نقط العربية والقرآن.؟!

أوليس الحجاج الذي عهد إلى ابن أخيه محمد بن القاسم الثقفي ففتح في عهده وتحت إشرافه الهند والسند ومد سلطان الإسلام حتى وطأت خيول الفاتحين أرض الصين؟!

أليس الحجاج هو الذي مد سلطان الأمن والسلامة على أهل العراق بعد أن كان العراق مرتعا للصوص والفتاك وقطاع الطريق؟!

أليس هو من حمى ظهور المسلمين من صولات الخوارج الذين استحلوا الدماء واستباحوا الأموال؟!

نسي الخلق كل هذا للحجاج، وبقي منه على ألسنة الخلق التي هي أقلام الحق شيء واحد: يُسأل أحد كبار التابعين عن رأيه في الحجاج فيجيب سائله المتشكك فيه: تراه كان ظالما؟ فيجيب ذاك على البديهة : نعم نعم.. فيقول التابعي : ألا لعنة الله على الظالمين...

الظلم الذي حرمه رب العزة على نفسه ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا...). الظلم الذي يستبيح فيه إنسان حياة إنسان، أو حريته، أو ماله أو يخرجه ظلما من أرضه، الظلم هذا ظلمات يوم القيامة تغلق على صاحبها طريق الصراط (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ)

ماذا أبقى التاريخ في ذاكرة الناس عن الحجاج غير أنه الظالم القاطع الطاغية المتجبر، قاذف الكعبة بالمنجنيق، الممثل بجسد فارس الإسلام عبد الله بن الزبير، وقاتل العلماء الأثبات و قاتل الشهيد السعيد سعيد بن جبير...

----------------

*مدير مركز الشرق العربي

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ