ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بسم
الله الرحمن الرحيم تحية
رمضانية (14) مع
الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه
الله زهير
سالم أما
الشيخ عبد الله سراج الدين ابن
الشيخ نجيب سراج الدين فهو شيخ
العامة والخاصة في مدينة حلب. ما
أن يختلف حلبيان على أمر شرعي
حتى يقول أحدهما للآخر ( يدي في
يدك إلى الشيخ عبد الله سراج
الدين) فقوله دائما قول جهيزة
الذي يقطع قول كل خطيب. والشيخ
عبد الله رحمه الله تعالى هو
صاحب أو ربما مؤسس ومدير
المدرسة الشعبانية الشرعية
التي ظلت تُمد مدينة حلب
ومحافظتها بالأئمة والخطباء
الذين ينشئون على درجة وافية من
التقوى والعلم، لمدة عقود. وقد
جعل الشيخ رحمه الله هذه
المدرسة والقيام عليها، وتأمين
مناهجها ومدرسيها وطلاب العلم
فيها أكبر همه فسد بذاك ثغرة لم
يدرك العاملون للإسلام في
المحافظة أهميتها إلا بعد حين!! وكان
شعار الشيخ ودثاره على مكانته
وهيبته ( جانبْ السلطان ). كان لا
يحب الدخول على أحد من أصحاب
السلطان، كما يكره دخولهم عليه
، إن راموه ، وقد سهل الله من
المقربين والمحبين من يكفيه هذا
الهم أو هذا الغم بعبارة أدق.. كانت
دروس الشيخ في غالبها موجهة
للعامة، كان له درس بعد ظهر
الاثنين في الجامع الكبير، وآخر
بعد صلاة الفجر في جامع الحموي
كان درسا في الفقه، وكان له درس
ثالث بعد صلاة العصر يوم الجمعة
في جامع بانقوسا. وكان يحضره
الرجال والنساء. تجلس النساء
وراء ستارة في مجلس خاص بهن. وكم
كان جميلا أن تسمع العمات
والخالات يكررن أحاديث الشيخ
ومواعظه. كان
الشيخ رحمه الله تعالى رقيق
الصوت لطيفه، وكان كثيرا ما
يدرس درسه العام في مسجد ممتلئ
بلا مكبر صوت. فيعلو صوته اللطيف
فوق رؤوس الحاضرين ينادي في
أغلب الأحوال: يا إنسان. كان
هذا النداء هو النداء الأثير
المكرر عند الشيخ رحمه الله،
دائما ينادي به، ويحرص عليه،
وكأنه يرى أن إنسانية المنادَى
هي محط التكليف ومناطه. كان
الشيخ رحمه الله يؤمن بنظرية (
فساد الزمان )، ومذهب قل كلمتك
وامش. ويفرَق فرقا شديدا من أي
عمل يمكن أن يدخل على مشروعه
العام تأهيل الأئمة والخطباء
الضيم. يحب نشر العلم، ويضحي في
سبيله بكل وقته وبأريحية يشهد
لها كل من عرفه، وكل من عرفه
أحبه وأجله وأكبره. كانت
علاقته بشيخنا الشيخ عبد الفتاح
أبو غدة شديدة التميز فشكونا له
مرة صعوبة أمر الشيخ علينا. فقال
لنا الشيخ عبد الفتاح رحمه الله
خذوا من الشيخ كما يريد أن
يعطيكم. بمعنى أن على طالب العلم
أن ينزل على حكم الشيخ وليس
العكس. وكنا طلابا في الجامعة
نحاول أن نفرض على الشيخ أن
يدرسنا المباحث التي نريد. خيوط
النور التي تُظهر دقائق المعاصي
كان
هذا من أمثال الشيخ الواقعية
المحببة، عندما تغلق نوافذ
غرفتك في أيام الصيف الحار،
ولاسيما أبوابها الخشبية
السميكة، وتبقى كوة تتسلل منها
خيوط النور، ستجد في نور هذه
الخيوط عجيج ذرات الغبار
المتطاير في الهواء، كذلك إن لم
يدخل نور الإيمان والمعرفة قلبك
لن ترى ما فيه من رين وغين. لا
تكونن دواس ليل بالنور الهادي
تسير على بصيرة فتبلغ حيث تقصد.. واجعل
هذا الهدي باقيا في عقبه كان
من الدعاء المميز للشيخ رحمه
الله، وهو الصوفي المحب،
ولاسيما في تمسكه بتفسير الحروف
المقطعة في أوائل السور ( الف
لام ميم ) أنا الله الملك، أنه
كان يدعو في ختام دعاء المجلس
متوجها لله تعالى ( واجعل هذا
الهدي باقيا في عقبه) ولم
أسمع مثل هذا الدعاء في مجلس
غيره من العلماء. وهو معنى نفيس
أن يحرص العالم على توريث الإرث
النبوي لبنيه أو أحدهم من بعده.
أعلم أن الشيخ رحمه الله تعالى
ورث المكانة والعلم عن أبيه
وهذا عن أبيه أيضا حيث كان جد
الشيخ من مشايخ الدولة
العثمانية. ولكنني لا أعلم
اليوم إن كانت المدرسة
الشعبانية قد وجدت قيّمها أو
أنها أصبحت تشكو اليتم مثلها
مثل الكثير من صروح العلم
والدين في مدينة الشهباء.
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |