ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بسم
الله الرحمن الرحيم تحية
رمضانية (26) وشيخنا
وأستاذنا الشيخ عبد الله ناصح
علوان زهير
سالم أبو
سعد صوت الحق الهادر، والفارس
الملازم لساحته لا يريم ، فرساه
للحلم وأخيه ملجمان.. ومن
مسجد إلى مسجد ومن قرية إلى قرية
كان أبو سعد رحمه الله فارس نزال.
وحين اضطر الكثيرون للمغادرة
بعد انقلاب البعث بسبب شهرتهم
وتاريخهم والمضايقات أو
الملاحقات التي تعرضوا لها..آثر
أبو سعد ويا له من إيثار أن يبقى
فوق رؤوسنا، نحن الفتيان الذين
شعرنا باليتم بعد أن غاب من غاب،
فلم يكن الشيخ عبد الله فقط
معلما ومرشدا ودالا على طريق
الله، بل كان أبا وسندا وعضدا
لإخوانه الفتيان ولن أستعمل هنا
كلمة الشباب وهو الذي سبق إلى
تأليف ( حتى يعلم الشباب ) وحين
عم الهرج في حلب وأصبحت النسبة
إلى الإخوان المسلمين تعني قطع
الأعناق دخل أبو سعد على مدير
المخابرات وقال في وقفة رجل: نعم
أنا الأب الروحي لكل هؤلاء
الشباب... ومرة
أخرى وبعد فاجعة عملية المدفعية
التي برئ منها في حينها الإخوان
المسلمون، واستدعي وفد من علماء
حلب إلى القصر الجمهوري كان
فيهم الشيخ أبو سعد، والشيخ
طاهر خير الله، والشيخ محمد
الشامي رحم الله الجميع. وأكثر
حافظ الأسد يومها من الوعيد
والتهديد للإخوان المسلمين حتى
هم أبو سعد بالكلام، فشد على يده
الشيخ طاهر رحمه الله على
رجولته وعنفوانه، وقال له: اتق
الله في دمائنا يا شيخ عبد الله،
وقال الشيخ محمد الشامي رحمه
الله أنا أكفيك.. وكان
موقفا للشيخ محمد الشامي ظل
الشيخ عبد الله يردده وفاء
لزميل دراسته ورفيقه: ومما قاله
الشيخ محمد كما سمعته مرارا من
الشيخ عبد الله: للرئيس حافظ أسد
يا سيادة الرئيس أنت لست رئيسا
لحزب ولا رئيسا لطائفة أنت رئيس
للجمهورية ومسئولية الجميع
بالنسبة إليك سواء.. ثم تحدث عن
ضرورة رفع الظلم عن سائر الناس
وسائر الإخوان.. في
كل المواقف كان أبو سعد رحمه
الله يعطي الرجولة حقها، ولكنني
في هذه التحية تعودت على لململة
نتف صغيرة من حياة هؤلاء الكبار.. كان
الشيخ عبد الله علوان المدرس
الأول لمادة التربية الإسلامية
في التجهيز الأولى في حلب. ومع
أنني كنت طالبا في تلك المدرسة
إلا أن الشيخ عبد الله لم
يدرسني في الصف مباشرة. وإنما
كان يتم اللقاء بيننا في حصة
النشاط العام لمدرسي التربية
الإسلامية، والتي تسلمت
الإشراف عليها من الأخ الذي
سبقني: نستلم المسجد ومكتبته
ونحضر أنشطته، وصحيفته
الحائطية، ونتواصل مع الطلبة
المصلين ونجمعهم لدروس الشيخ
ونحضر للاحتفالات والندوات
الإسلامية كل ذلك في ظل نظام
البعث وبرعاية مباشرة من الشيخ
عبد الله وما
أكثر ما مرت بنا في تلك السنوات
الخصاب العجاف من مشكلات، مع
طلاب الشبيبة وإدارة الثانوية
وكان الشيخ عبد الله يحلها
بجرأته ورجولته وتصميمه. كان
الشيخ في دروسه تلك حريصا على أن
يبعث العنفوان في الفتيان الذين
بدأت تتراقص أمام أعينهم أشباح
الاستبداد، ( فموجه الصف )
كابوس، ومدرب الفتوة آخر، وطالب
الشبيبة الذي يتجسس على زملائه
ثالث، وطابور الصباح وترديد
الشعار رابع، ومدرس التوجيه
القومي خامس وسيارة اللاندروفر
على باب المدرسة تحملق في
وجوهنا كابوس سادس.. والطالب
بين حرصه على دراسته وخوفه من كل
هذه الأشباح مطلوب منه أن يشترك
في نشاط إسلامي عام.. كان عددنا
نحن طلاب الإخوان في شعبتنا
أربعة عشر طالبا من أصل أربعين!!
وكنا أكثر من طلبة الشبيبة،
وكان الفضل في ذلك لله أولا ثم
لجيل من أصحاب الفضل على رأسهم
الشيخ عبد الله علوان.. في
مدرسة الإخوان المسلمين بقيت
فيما بعد سنوات عديدة أعمل في ظل
الشيخ وتحت إشرافه، نشعل قناديل
الظلمة وننير الطريق لإخواننا
في المحافظة. ولاسيما بعد أن
أعلنا تمردنا على أن ( يعلم
الشابُ الشابَ) ووضعنا خطة
للخروج إلى المساجد وهجر
العتمة، كنا نتخوف من بعض ما حصل
ونقرأه سطورا في كتاب، ولكن قدر
الله كان هو الغالب فسُبقنا
فكان ما كان... كان
من مهام الشيخ عبد الله رحمه
الله أن يأوي إلى كنفه شباب
العلماء المندفعين والمتحمسين،
نقول له يا سيدي فلان يخرب علينا
الجهد في مسجد كذا فيقول دعوه لي
فيلتقيه ويضع له خطة تشغله
بالإيجابي عن السلبي وأغلب
هؤلاء لم يكونوا من شباب
الإخوان وإنما يجدون جمعا
مجموعا فيحبون أن يتكلموا على
السجية فيه.. من
أبي سعد تتعلم الجرأة في الحق،
والإيثار على النفس، ومنازلة
الهيعات، رجل آخذ بعنان فرسه في
سبيل الله كلما سمع هيعة طار
إليها. كان أبو سعد على الحقيقة
أكبر من التنظيم ولكنه ظل حتى
آخر يوم في حياته وفيا للجماعة
التي حمل رايتها ودافع عنها على
الرغم مما لقي في جنب الله
ورحم الله شيخنا وأستاذنا
وأخانا أبا سعد وأكرم نزله وجعل
جهده وجهاده وكلمته صدقة جارية
يرقى بها الدرجات العلى من
الجنة إلى يوم الدين...
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |