ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التوافقية
الوطنية أساسيات للبناء وليست
لباناً عربياً فاخراً خلال
ما يزيد على العقد من الحراك
الوطني السوري المنجز، الذي
تصاعد منذ أواسط التسعينات،
استطاعت المعارضة السورية،
بشخصياتها وفصائلها وأحزابها،
أن تنجز توافقية وطنية واضحة
المعالم، كافية لتكون أساساً
لمشروع وطني مستقبلي توافق
جمهور السوريين على ملامحه. والذي
نريد من مفهوم (التوافقية)
الوطنية مجموعة المطالب
المشتركة التي تقدمت بها فصائل
العمل الوطني ابتداء من غير
مراجعات أو اتفاقات أو محاورات
أو تحالفات. فالذي
يرجع إلى جوهر ما صدر عن القوى
الوطنية السورية في الداخل
والخارج، العلماني منها
والإسلامي، يجد أن جوهر هذه
المطالبات واحد أو متقارب، وأن
السورييين متوافقون من غير
اتفاق، أي أن الرؤية الأولية
لمكونات المجتمع السوري
متقاربة إلى حد كبير. في تشخيص
متقارب لأسباب البلاء
ولمتطلبات المخرج. فحين
يعود المرء مثلاً إلى وثيقة
التسعة والتسعين ثم إلى وثيقة
الألف، ثم إلى ميثاق الشرف
الوطني الذي صدر أولاً عن جماعة
الإخوان المسلمين، ثم عن مؤتمر
الميثاق المنعقد في لندن، وكل
هذا صدر في عام واحد تقريباً، ثم
يقارن ذلك بأوراق التأسيس
لإعلان دمشق، ولكتابات
المثقفين وقوى إحياء المجتمع
المدني، أثناء ربيع دمشق وبعده
وبأوراق تأسيس جبهة الخلاص
الوطني، أو بأوراق أي حزب وطني ،
أو تيار ذكر في هذا السياق أو لم
يذكر؛ حين يفعل المرء كل ذلك يجد
أمامه جوهراً واحداً بمفارقات
بسيطة ، أحياناً في طريقة
الصياغة، وأحياناً في بعض
التفاصيل الصغيرة. فقد
توافق جمهور القوى الوطنية في
سورية على ضرورة إلغاء حالة
الطوارئ والأحكام العرفية
والقوانين الاستثنائية وفي
مقدمتها القانون 49/1980. وعلى
ضرورة إلغاء جميع المحاكم
الاستثنائية والأمنية، وكف يد
الأجهزة الأمنية عن حياة
الإنسان السوري، وعلى ضرورة
صياغة دستور حديث يعبر عن
تطلعات الشعب السوري، ويتجاوز
الكثير من المواد سيئة السمعة
مثل المادة الثامنة من الدستور
التي تعطي حزب البعث العربي
الاشتراكي حق ولاية الفقيه على
الدولة والمجتمع. كما توافقوا
على ضرورة إسقاط جميع أشكال
التمييز بين المواطنين على أسس
دينية أو مذهبية أوعرقية أو
جنسية. وإنهاء الخلل الناشئ عن
أشكال التمييز الطائفي، أو
حرمان مئات الألوف من المواطنين
الكرد من حقوق الجنسية
والانتماء الوطني. وفي
إطار البناء الإيجابي لدولة
المستقبل توافقت القوى الوطنية
في سورية على ضرورة بناء سورية
دولة مدنية حديثة، واحترسوا
بمصطلح مدنية عن شبح الدولة
الشمولية، استبدادية كانت أو
ثيوقراطية، بكل مرتسماتها
وتجلياتها. فحتى الإسلاميون في
سورية يصرون على أنهم يدعون إلى
دولة مدنية مرجعيتها صندوق
الاقتراع الحر النزيه،
ومرجعيتهم في رؤيتهم الذاتية
إسلامية منفتحة متجددة. ورسم
مصطلح الدولة الحديثة ملامح
دولة تقوم على دستور مكتوب،
صادر عن إرادة وطنية حرة، يتجسد
فيه ومن خلاله مبدأ فصل
السلطات، واحترام سيادة
القانون والمساواة بين
المواطنين على أساسه. ومن
متضمنات الدولة الحديثة أنها
دولة (مواطنة) يتساوى فيها
المواطنون، بانتمائهم الوطني
المجرد، في الحقوق والواجبات،
مما يضع حداً لكل ما يثار عن
حرمان فرد أو أقلية مهما كان
شأنها من حقوقها المدنية أو
السياسية ، كما يمنع أي طغيان
لأكثرية على أقلية، ويحول دون
تهديدها في وجودوها أو في
مصالحها. دولة
مدنية حديثة تعددية تداولية
تعاقدية مؤسساتية كما وردت في
ميثاق الشرف لجماعة الإخوان
المسلمين منذ ما يزيد على خمس
سنوات. دولة
تسودها المساواة ، وإلى جانب
المساواة حرية الضمير
والاعتقاد والتعبير كل ذلك في
إطار دستوري قانوني تكون الكلمة
الأولى في وضع أسسه وتحديد
آفاقه لصندوق الاقتراع. أما
الطريق إلى صندوق الاقتراع فهو
الجهد الوطني السلمي
الديموقراطي. والمهرب من صندوق
الاقتراع يكون دائماً إليه
بالمزيد من الانخراط في قاع
الجماهير وتحمل مسؤولياتها
والدفاع عن قضاياها. وقبل
أن يطل على المنطقة أي مشروع
خارجي، وقبل أن يكون هناك أجنبي
في العراق وأفغانستان كان في
تفاصيل التوافقية الوطنية
السورية التأكيد على أن مشروع
التغيير الذي تبشر به المعارضة هو
مشروع وطني ذاتي، قائم بذاته
ومستقل بها، وأن هذا المشروع هو
الأكثر انحيازاً إلى الوطن
وسيادته واستقراره وللإنسان
السوري وحريته وكرامته. وبالنسبة
للأحداث التي لم تغلق صفحاتها
بعد، مثل أحداث الثمانينات
وتداعياتها، والفظائع التي
ارتكبت بحق الشعب السوري
خلالها؛ فقد ارتضى الإخوان
المسلمون منذ أعلنوا مشروعهم
السياسي قبولهم بالاحتكام إلى
قضاء وطني سيد ومستقل، ليضع
الأحداث الأليمة في إطارها
وليحدد المسؤوليات على المستوى
المدني والتاريخي بشكل عام. فلا
يعقل أن تصبح هذه الأحداث عقدة
كربلائية بعد ربع قرن من وقوعها
، ويظل السواد العام من المجتمع
السوري يدفع ثمنها حتى اللحظة
التي نحن فيها. وتوافق
السوريون أخيراً
بعد طول انتظار على اليأس من
أي إصلاح تنجزه السياسات
والمناهج المتعبة فانتقلوا
بجمهورهم من المطالبة بالإصلاح
إلى المطالبة بالتغيير، تغيير
السياسات والمناهج أو تغيير
الأشخاص الذين يضعون المناهج
ويرسمون السياسات. رسمنا
ملامح هذه التوافقية الوطنية
لنطالب بالتوقف عن الانشغال
بمضغ لبانها وإن كان فاخراً.
سياسيون وإعلاميون ومستطلعون،
مايزالون منذ عقد من الزمان
يبدئون ويعيدون، يطرحون
الأسئلة نفسها، ويثيرون
القضايا نفسها، ويشغلون الساحة
الوطنية بالطروحات نفسها. نظن
أن كل ما سبق يصلح لنجعل منه
أساساً صالحاً لبناء وطني،
ومحوراً لمشروع وطني نلتقي عليه
وننطلق منه صعداً في ميادين
الإنجاز.وهذا يعني أن نتوقف عن
التلهي بمفردات التوافقية
الوطنية وأن نستفرغ ما نملك من
جهد في إنجاز وطني جديد يجعل من
تلك التوافقية أساسا للانطلاق
صعدا . --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
31/12/2007
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |