ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كربلاء
فلسطينية درس
من الحسين كان
الحسين رضي الله عنه في كربلاء
معلماً، وظل على مدار التاريخ
معلماً.. ومازال دم الحسين، سيد
شباب أهل الجنة، وريحانة رسول
الله صلى الله عليه وسلم،
يتطاير رشاشاً طاهراً فيضمخ
مسيرة تاريخ الأمة بعبق الشهادة:
اللون لون الدم والريح ريح
المسك. ولم
تختلف أمة الإسلام يوماً في أمر
الحسين رضي الله عنه، ولم تتخلف
عن الانتصار لعدالة قضيته، ولم
تتردد في الشهادة على مظلوميته،
أو أحقية دعوته، أو في الإنكار
على من حول أمر المسلمين من
خلافة راشدة على هدي النبوة
الأولى إلى ملك هرقلي عضوض (كلما
هلك هرقل قام هرقل..) كما وصف حبر
الأمة وترجمان قرآنها وابن عم
الحسين، عبد الله بن عباس رضي
الله عنهم جميعاً. لم
تختلف أمة الإسلام يوماً على
النقمة على من استدرج الحسين من
مأمنه عهداً ومواثيق ثم نكس،
ولا على من تلطخ بعار أذى
الحسين؛ من اقترف، ومن أمر، ومن
رضي. وما
كان لدم الحسين رضي الله عنه،
ولا لدماء الشهداء الأبرار، من
قبلُ ومن بعدُ، أن يكون منار
نزاع، أو مهيجاً لدواعي الشقاق
بين أبناء الأمة الواحدة، الأمة
التي كانت خير أمة، بأمر بمعروف
ونهي عن منكر، وإيمان بالله. ففي
حضرة الشهادة العظمى والدم
المراق دفاعاً عن الحق، وثباتاً
على المبدأ تعنو الوجوه، وتخفت
الأصوات، وتُقنع الرؤوس، فهذا
مقام قدس يُخمد سنا نوره نار كل
لجاج. كانت
كربلاء وستبقى درساً ومحطة من
محطات الطريق الطويل. كانت
وستبقى درساً أستاذه الأول أبا
عبد الله الحسين، ودرس الحسين
في كربلاء المكان، وفي عاشوراء
الزمان؛ ليس مأتماً للطم الصدور
أو شق الجيوب، أو نواح من لا
يسمع إلا دعاء ونداء!! درس
الحسين في كربلاء يرسم للعابرين
على سطور الزمان معالم طريق
الحق، ويعرفهم معارج النفوس
العظيمة، تُمسّك بالكتاب
وتنتصر من ظلم، وتضحي بالنفس
الأنفس، ريحانة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ومهجة قلب
فاطمة الزهراء رضي الله عنها. مأتم
كربلاء، كما خطه الحسين، صبر
وثبات ومضاء ونقاء وسمو
وارتقاء، مأتم للعبرة والعظة
ولاقتناص الأسوة والقدوة،
والالتزام بالنهج، نهج شريعة
محمد جد الحسين، التزمها وسار
عليها الراشدون، صحب محمد والآل. ستبقى
كربلاء في تاريخ الأمة محطة ليس
للنحيب أو العويل، ولا للحزن
والأسى، وإنما محطة للافتخار
بإقدام الحسين، وصبر الحسين
وثبات الحسين، محطة لعلو الهمة،
وشحذ العزيمة، والثبات على
المبدأ، والقطع مع الظالمين.
وستبقى كربلاء معلماً في
الزمان، تنتقل عبر تاريخ الأمة
الطويل، من أرض إلى أرض ومن دار
إلى دار، فحيث كان الصبر وكان
الثبات وكانت الشهادة وكان
الفداء، كانت كربلاء، وكان أبو
عبد الله الحسين المعلمَ
والقدوة والنبراس. وفي غزة هاشم
اليوم، في ذكرى عاشوراء، يحمى
وطيس الجهاد، وتقوم سوق
الشهادة، ويسطر أطفال فلسطين
وأمهات فلسطين بدمائهم الطاهرة
الزكية ملحمة كربلائية جديدة
فيها من روح الحسين كل معاني
الارتقاء والنقاء. أطفال
غزة ونساء غزة ورجال غزة،
ومساكن غزة وشوارع غزة، وعبق
الحضارة والتاريخ في غزة؛ يسطو
عليهم اليوم بوم الظلام، وغربان
البؤس، ليسطر التاريخ من جديد،
كما سطر يوم قتل الحسين، نقمته
على من أمر ونفذ ورضي. في ذكرى
عاشوراء اليوم، في غزة كرباء
جديدة، كربلاء مطرزة حواشيها
بالدماء الأقدس، كما كانت
أولاً، دماء الطفولة والأمومة
وأريج الإنسانية في الإنسان. وصمت
العالم عما يجري في غزة، وعلى
الدم المراق فيها، أليس له إلا
تفسير واحد!! تفسير عنصري مقيت
بغيض، يكرس بين بني البشر:
إنساناً دون إنسان، ودماً دون
دم. واقع مقيت يغرب فيه نداء
التقوى، ويشيع فحيح السلالة
الذي ما ثار الحسين رضي الله عنه
إلا احتجاجاً عليه. في ذكرى
عاشوراء تعنو الوجوه إجلالاً
لشمس الشهادة في عليائها
المتعاقبة من حمزة إلى الحسين
إلى أطفال فلسطين والعراق
وأفغانستان. هذا
هو الدرس الذي علمنا إياه
الحسين رضي الله عنه، سيد شباب
أهل الجنة، وهو درس يستحق أن
يضحي من أجله الحسين وكل من سار
على دربه. كربلاء،
عاشوراء، ليست مأتماً، ولا
موسماً للطم والندب والنواح،
إنها عرس للشهادة، ودرس في
معالم طريق الجنة، أما اللطم
والندب فليس من شرعة جد الحسين،
وإنما هو شأنٌ لقوم آخرين. --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
20/01/2008
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |