ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بالنسبة
للمسلم العمل
السياسي ليس خياراً إنه
فريضة شرعية وإلزام إسلامي من
المقتضيات الأولية لانتماء
المرء للإسلام، ألا يكون
الإنسان إنسان نفسه. أي مشروعاً
فردياً في الوجود والبقاء
والنماء. الإنسان ، في التصور
الإسلامي، ليس إنساناً (بيولوجياً)
ولا هو مشروع فردي بأبعاد
الذاتية الفردية مادية كانت أو
معنوية . (راهب الدير) أو (الصوفي
المستغرق) في تأمله ليس
أنموذجاً معترفاً به إسلاميا. الإنسان
أو الإنسان المسلم في التصور
الإسلامي هو (رجل عام) يحمل
دائماً همّ (قضية) على كاهله ،
ويتحرك بها في سعي رسالي واضح
المعالم دون أن يتناقض ذلك مع أي
دائرة من دوائر وجوده الذاتي
الآخرى. الوجود البيولوجي أو
الوجود الذاتي بآفاقه المتعددة. وعندما
يحدث التناقض أو التعارض بسبب
وضع شاذ فُرض على وجود الأمة أو
على نظم حياتها، فإن الأولوية
في فقه المسلم تبقى دائماً لذاك
البعد الرسالي الذي حمله على
كاهله، والذي يحقق من خلاله ليس
فقط كرامته الإنسانية بوصفه
إنسان مكرم (بخيار ومسؤولية)،
وإنما انتماءه الحقيقي للإسلام. الاشتباك
مع الوضع العام في (العالم أو
الدولة أو المدينة أو الحي) الذي
يعيش فيه المسلم، وعلى الصعد
الدينية والاجتماعية
والاقتصادية والسياسية ليس
خياراً ولا هو هواية أيضاً، إنه
فريضة شرعية، وواجب كفائي،
يتحمل المسلمون مسؤوليته كل
بحسبه. قد
تكون الظروف المحيطة صعبة، وقد
تكون المخاضة التي يجب أن تسلك
ليست بالنظافة الذي نريد، وقد
يتخلى الأقربون، ويثبط من ينتظر
منهم التثبيت، قد يتواطأ
العالم، وقد يكثر من حولك شهود
الزور، قد يشرب الناس جميعاً من
نهر الجنون ، وقد يغرق الكثيرون
في حياض العبثية والعدمية
واللاجدوى، ولكن الإيمان،
والإيمان وحده في تلك الساعات
الصعبة هو الذي يوقد مشاعل
الأمل، ويبعث العزائم، ويلقي في
الصدور برد اليقين. الإسلام
هو الذي علّم المسلم أن يقول
عندما تتكاثف عليه الخطوب وينسد
في وجهه الأفق، ويشعر بأن العجز
هو اليقين الوحيد المتبقي لديه
؛ أن يقول (اللهم إني أعوذ بك من
الهم والحزن وأعوذ بك من العجز
والكسل..) أن نعمل ونبذل ونضحي هو
الواجب الذي إن لم ينجز أمد
القضية بمِدد البقاء. والمعاناة
التي يعانيها الفرد، أو تعانيها
الجماعة لتستقيم الأمة
والمجتمع على الطريقة، هي
الجهاد الأكبر الذي يقود صاحبه
إلى مقام سيد الشهداء (ورجل قام
إلى إمام جائر أمره ونهاه فقتله..) منذ
وقت مبكر، مبكر جداً بدأت
السلبية المنغلقة أو البائسة
اليائسة تدب
إلى حياة المسلمين. فقد وقف
الصديق رضي الله عنه يوماً على
المنبر ليقول: أيها الناس إنكم
تقرؤون هذه الآية فتضعونها في
غير موضعها (يا أيها الذين آمنوا
عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا
اهتديتم..) وإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: (إن
الناس إذا رأوا الظالم ولم
يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم
الله بعذاب من عنده..). والظالم
ليس فقط هو الحاكم أو الوزير أو
المدير، إنه أنا وأنت وهو وهي في
كل ما نأتي وندع خارج حدود
الاستقامة التي أرادها الإسلام
لأمة الرسالة، أمة الإيمان
والمسؤولية والاستقامة على
الطريقة.. (كنتم خير أمة أخرجت
للناس تأمرون بالمعروف وتنهون
عن المنكر وتؤمنون بالله..) ليست
خيرية عرقية ولا هي خيرية
جغرافية، ولا خيرية انتمائية،
إنما هي خيرية الموقف الملتزم
بقضايا الإنسان. --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
29/04/2008
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |