ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
العمل
السياسي بين
فرز
القوى وفرز المواقف تعتبر
عملية فرز القوى حلقة أساسية من
حلقات الفهم والحركة السياسية
القاصدة. في عملية فرز القوى
يقدر السياسي مجموعة القوى التي
يمكن أن يعتمد عليها وتلك التي
يتوجب عليه أن يناهضها،
والثالثة التي يمكن أن يكسبها
أو ينافس عليها. يظن
الكثيرون أن عملية فرز القوى
يمكن أن تكون عملية سهلة
ومباشرة وأولية ، فيعلن الإنسان
بكل تلقائية وعفوية أنه مع أو ضد
دون أن يقدر في حقيقة الأمر
تشابك العلاقات السياسية،
وتقاطع المصالح أو تعارضها بين
مجاميع القوى المؤثرة في واقع
ما ، الرئيسية منها أو
والثانوية . وينسحب الخطأ في
عملية فرز القوى العفوي
والمباشر إلى الخطأ في فرز
المواقف التي تتبناها هذه القوى
على أكثر من صعيد. فالقارئ
السياسي الذي صنف قوة ما في إطار
العدو يندفع تلقائياً إلى رفض
كل ما يصدر عنها !! وذاك الذي صنف
قوة أخرى في إطار الصديق يندفع
إلى تأييد وقبول والدفاع عن كل
ما يصدر عنها. تبدو
هذه التلقائية / الجماهيرية/ أو
شبه الجماهيرية في تشابكات
الواقع السياسي في كثير من
الأحيان مضللة تحشر أصحابها على
غير وعي منهم في ظلال الرايات (العميّة)
كما عبر عنها الحديث الشريف (من
قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبة
أو ينصر عصبة..) والراية العميّة
هي التي تجعل مثلُ الإنسان مثل
دريد بن الصمة يوم قال: إن غوت غويت وإن
ترشد غزية أرشد وعلى
أساس هذا الفرز (العمي) للمواقف
تتبلور ممارسات ادعاء العصمة
عمليا للزعماء والقادة
والأحزاب والرؤساء. لأنه
يرى في (فلان) مثلاً للخير الذي
يؤمن به فهو يرى أن كل ما يصدر عن
هذا الفلان (خير محض). وحتى عندما
يعثر صاحبه في موقف أو في قرار
يرى نفسه مضطراً أو ملجئاً
للتسويغ والدفاع والبحث ليس عن
الأعذار وإنما لي أعناق الحقائق
لتحويل الهزيمة إلى انتصار
والتخاذل إلى مادة للفخار. وعلى
العكس فإذا ما صدر عمن يعتبره
عدواً أو خصماً معطى من معطيات
الخير أو الصواب أو المصداقية
يجد نفسه ملجأ مرة أخرى للتشكيك
والتنديد والبحث في النوايا،
والنبش في زوايا التاريخ
لمصادرة ما يمكن أن يكون خيراً
أو صواباً صدر عن خصم أو نقيض. نعتقد
أن الرؤية السياسة الصادقة
والعملية تتطلب منا فقهاً غير
هذا الفقه. تتطلب منا أن نقر في
داخلنا وليس على ألسنتنا أن
الصديق قد يخطئ وقد يجانب، وأن
العدو قد يصيب وقد يقارب ، وأن
نعتمد هذه المنهجية في التعامل
مع المعطى السياسي بطلاقة تعتمد
على التدقيق والتمحيص أكثر مما
تعتمد على التلقائية والعفوية.
ربما نستفيد في هذا السياق من
قوله تعالى (ليسوا سواء من أهل
الكتاب أمة قائمة يتلون آيات
الله آناء الله وهم يسجدون). (ومن
قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه
يعدلون). منهجية
قرآنية ترجمها الإمام علي رضي
الله عنه بقوله : اعرف الرجال
بالحق ولا تعرف الحق بالرجال . --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
18/11/2008
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |