ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
في
ذكرى الهجرة الهجرة
بداية وليست نهاية ما
كان يوم الهجرة، في سياق
الأحداث الدامية، التي تمر على
غزة لينسى، غزة اليوم التي تصنع
بدماء أبنائها تاريخاً جديداً
غير هذا الذي مرد عليه
المستسلمون، كما صنع الأوائل
بجهادهم وآلامهم ودمائهم تاريخ
أمة مازال يزهر ويثمر آلاماً
وتضحيات وانتصاراً وإنجازات.
غزة اليوم تدفع الثمن الذي دفعه
الذين حوصروا في شعب أبي طالب
سنوات طوالا ؛ تدفع الثمن الذي
دفعه أحرار الجزائر من قبل في
ثورة المليون شهيد ، أين تقع هذه
الحقائق من كلام المشككين
والشامتين ؟! كانت
الهجرة في تجليها الأول تجسيداً
للمرارة والألم، تطوف عليهما
عيناك اليوم لتمر على الآلاف من
أمثالك من أبناء الشام، أبناء
دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب
وجسر الشغور واللاذقية
والقامشلي والحسكة وعين العرب
وعفرين.. ألاف بل عشرات الآلاف
من هؤلاء كل واحد منهم يذكر
داراً أو كوخاً أو شجرة تين أو
زيتون أو دالية عنب يلتفت إليها
ليقول بعين دامعة، وقلب كسير:
وإنك لأحب أرض الله إليّ، ولولا
أن المتغلبين عليك أخرجوني ما
خرجت. تذكر
الهجرة.. فتذكر فلسطين، فلسطين
حيفا ويافا وعكا والقدس ورام
الله والخليل والجليل وغزة ...فلسطين
المكللة اليوم بدماء أهل غزة،
تذكر الهجرة فتذكر فلسطين و(المحرقة)
النازية الحية تنفذ في كل يوم
منذ ستين عاماً تحت سمع العالم
وبصره. محرقة نازية ، تصغر إلى
جانبها محرقة النازي الأول، على
كل قبحها وفظاعتها وقسوتها،
محرقة النازيين الجدد التي تعمل
في أديم المهجرين عن أوطانهم
بغيا وظلما قتلاً وتشريداً في
مأساة مكرورة لا تكاد تنقضي. نعم
إنها ذكرى الهجرة، الواقعة،
التي لا يجوز أن تشغلنا صورتها
عن مغزاها. فلقد هاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن
مكة ليجعلوا من هجرتهم الشريفة
المباركة نقطة بداية وارتكاز لا
مستنقع نهاية وانحلال. لم
تكن هجرتهم لدنيا تصاب، ولا
لامرأة تنكح، ولا لرغد عيش
فقدوه في أوطانهم فخرجوا يضربون
من أجله آفاق الأرض، كانت
هجرتهم ابتداء لبناء مجتمع
النور العقلي والعزة النفسية
والسواء الإنساني، والحرية
التي تأبى العبودية لغير الله. لم
تكن الهجرة ـ أيها المهاجرون ـ
في مخيماتكم أو في أكواخكم أو في
أطراف الأرض التي امتصتكم!! إلا
تمرداً على واقع أصر رجالها على
إعادة تشكيله في العقول والقلوب
والنفوس والواقع على النحو الذي
يخرجون ويُخرجون به كل من وما
حولهم من الظلمات إلى النور. كانت
الهجرة انسلاخاً ليس عن الأرض
والقوم والعشيرة فقط وإنما عن
ركام العقائد، وبالي العوائد،
ورتابة الدعة والسكون والرضى
بالدون. كانت
الهجرة النبوية المباركة،
مشروعاً ربانياً في آفاقه،
بشرياً في أدواته لريادة مجتمع
الإيمان مجتمع الحق والعدل
والسواء الإنساني. في
ذكرى الهجرة تقف أمتنا اليوم في
أسمالها العقائدية والفكرية
والنفسية لتتبين معالم الطريق
ولتدرك مغزى اللفتة الألقة
للفاروق عمر.. يوم جعل الهجرة
نقطة بداية لتاريخ، تاريخ أفكار
وتاريخ أجيال. بداية تاريخ
يصنعها اليوم أبطال غزة ؛ تاريخ
يكنس أسمال الرجال وأسمال
العقائد والعوائد والأفكار . --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
29/12/2008
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |