ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
نترك
صفحة الرؤية لصاحبها الأصيل
الدكتور مصطفى السباعي المؤسس
والمعلم والمرجع .. لتقطع جهيزة
أقوال الخطباء وربما يخطر ببالك
أنها كتبت اليوم.. زهير
سالم محنة
الإسلام المرحوم
الدكتور مصطفى السباعي كان العالم الإسلامي إلى نهاية الحرب
العالمية الأولى مثخنا
بالجراح، غارقا في السبات، فاقد
الروح، إلا ومضات تنبعث هنا
وهناك، لا تلفت نظرا، ولا تحيي
أملا، ولا تبعث حياة ولا نشورا. واليوم يعج العالم الإسلامي بالحياة
والحركة، وتفيض جنباته بمعارك
التحرر والتطور والإصلاح، حتى
غدا في الميدان الدولي محور
النشاط السياسي، ومثار خصومات
الجشعين الحريصين على استغلال
ثرواته، وهو واقف لهذه الخصومات
موقف اليقظ الذي يأبى أن ينحاز
إلى جانب من أولئك الفرقاء، أو
يسلم رقبته للجزارين مرة أخرى،
أو يستنيم للوعود والعهود التي
خدع بها أمدا طويلا، ذاق منها
مرارة الهوان والحرمان، وإن
فيما يجري اليوم في آسيا
وأفريقيا من أحداث تهز العالم
هزا عنيفا لمن أكبر دلائل الوعي
ودق أبواب المستقبل لحياة أفضل
وأكمل.. وبذلك يكون الإسلام اليوم في محنة تؤدي
إلى نعمة، وحاضر ثائر يبشر
بمستقبل زاهر وإذا نظرنا إلى الأمر من وجهة أخرى، نرى
الإسلام يعيش في محنة من داخله
أكثر من أن تكون من خارجه، ومن
بعض أبنائه أكثر من جموع
أعدائه، ومن فريق من دعاته أكثر
من المتربصين به.. ذلك أن بعض الذين وصلوا في غفلة من أمتهم
ويقظة من الاستعمار إلى تقلد
الأمور في بعض الشعوب العربية
الإسلامية يقفون من حركات
التحرر والانبعاث في شعوبهم
موقف العداء والكيد، ويتآمرون
مع أعداء أمتهم على كل ما يزيد
من قيود الاستعمار والاستغلال
في رقاب شعوبهم، ويبيعون بلادهم
بيع الوكلاء اللصوص، دون أن
تكون في قلوبهم خشية من الله
تمنعهم من عصيانه، أو تكون لهم
ضمائر تخجل من شعوبهم في
حياتهم، وتحذر من لعنة التاريخ
وعذاب الله بعد هلاكهم.. وبعض الذين يزعمون الدعوة إلى الإسلام،
قد ابتلي منهم الإسلام بأطفال
أغرار قصار النظر، صرعى
الشهوات، يخدعهم عن صدق الجوهر
كاذب المظهر، وينحرف بهم عن
تفهم حقيقة المعركة التي يخوضها
العالم الإسلامي اليوم ، حقد
دفين، أو هوى قاتل، أو مغنم
حرموا منه، أو جاه أبعدوا عنه
بسوء تصرفهم، وقلة تبصرهم،
ظانين أن الله لا يعلم المفسد من
المصلح، ولا المسيء من المحسن،
والله يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور... ولولا ما اتصفوا به مما ذكرنا من بعض
خلائقهم لما استجازوا أن
يحاربوا الذين يعملون على تحرير
العرب والمسلمين من أسار
الاستعمار وأخطار الصهيونية،
وهوان الضعف والاحتقار، حتى
يملكوا القوة ، ويطردوا
المستعمر، ويقطعوا على اللص
طريقه، ويكشفوا للعالم جرائمه. لقد استجازوا باسم الإسلام أن يحاربوا
هؤلاء القادة ، وينضووا تحت
لواء الخونة والفسقة والفجرة
الذين يبدلون أحكام شريعة الله
بجرأة لم يبلغها أعداء الله
المستعمرون، ويستعدون الجيوش
الأجنبية على بلادهم وأمتهم
لاحتلالها وإذلالها من جديد،
ويسالمون الصهيونية الباغية
لتساند عروشهم، وتثبت أركان
جرائمهم ووجودهم، ويقفون مع
المعسكر الاستعماري الذي أذاق
الإسلام والمسلمين شر أنواع
المحن والبلايا، ويفاخرون
بارتباطهم معه، ويعلنون عن
تبعيتهم وولائهم له، ويمدون
أيديهم القذرة في هوان يترفع
عنه (الشحاذون) و( الأفاقون)
يستجدون ( الهبات) و(الإعانات)
لينفقوها على لياليهم الحمراء،
وأتباعهم النذلاء، وأنصارهم من
أولئك الحمقى الخبثاء.. هذا النفر من الناس الذين ينسون أو
يتناسون أن قضية الإسلام
اليوم هي ( الحرية) و(القوة) و(الوحدة)
وأن كل من عمل يؤدي إلى حرية
المسلمين وقوتهم ووحدتهم هو عمل
للإسلام نفسه، لأن الإسلام
لا يقوم بغير المسلمين،
فإذا تحرر المسلمون استطاع
الإسلام بهم أن ينشر هدايته،
ويحمي عقيدته، ويصلح مجتمعه،
ويعود إلى مثل سيرته الأولى:
يضيء السبيل للضالين، ويبث
الطمأنينة في قلوب الحائرين،
ويرد الكرامة والسعادة إلى
الأشقياء والمستضعفين. هؤلاء الذين ينسون أو يتناسون هذه
الحقيقة التي لا يجهلها مسلم
يفقه دينه، يقفون موقف العداء
من قادة العرب والمسلمين إلى
الحرية والقوة، كما يقفون من
وراء الخونة والفجرة من رؤساء
المسلمين ومسئوليهم، يدعون لهم
بالنصر، ويكيلون لهم المديح،
لأنهم يتحدثون عن الإسلام في (خطبهم)
و(إذاعاتهم) من حيث يهدمون حقيقة
الإسلام التي لا يكون إسلاما
إلا بها في( أعمالهم) و( مواقفهم)
فهل ترى هذا موقف أناس مسلمين
يريدون عزة الإسلام وكرامة
المسلمين؟ والذين يحملهم الاختلاف مع قائد يريد أن
يحرر أمته من الاستعمار
والصهيونية، على أن يسيروا في
ركاب خائن لا يخجل من إعلان
ولائه لأعداء الله ورسوله،
وتآمره معهم ضد حرية العرب
والمسلمين، إن الذين يقفون هذين
الموقفين الشائنين كاذبون في
دعواهم حب الإسلام والعمل
لمصلحته، ذلك لأن الله نهى عن
موالاة الأعداء والركون إليهم،
واعتبر المسلمين الذين
يوالونهم محشورين في زمرتهم
الآية ( ومن يتولهم منكم فإنه
منهم) فكيف إذا كانت موالاتهم
تمكن لهم في رقاب المسلمين
واستعمار بلادهم؟ والذين
يخالفون قول الله تعالى: (ولا
يجرمنكم شنآن قوم على ألا
تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)
فتحملهم العداوة على الحيف في
الأحكام، والانحراف في الحب
والبغض، هم بعيدون عن التقوى
ولو تظاهروا بالصلاح وتشدقوا
بحب الإسلام، أفليست محنة
الإسلام بهؤلاء أشد من محنته
بأعدائه الظاهرين والصهاينة
والمستعمرين؟ بلى! ولكن الله إذا أراد أمرا هيأ أسبابه،
وقد شاء للعرب والمسلمين أن
يستيقظوا ويسيروا ويثوروا، فلن
يصدهم (تهريج) المخادعين ولا (أبواق)
المنخدعين، والله غالب على أمره
ولكن أكثر الناس لا يعلمون!! ---------- حضارة الإسلام - السنة
الأولى... شعبان
1380هـ الموافق شباط 1961
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |