ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
السابع
من نيسان والأهداف المزمنة في الوحدة
والحرية والاشتراكية قال
في القاموس المحيط:( وأزمن: أتى
عليه الزمان.) أي تطاول تسعى
الأمم والشعوب والجماعات
والأحزاب إلى التمكين أو التمكن
لتحقيق أهدافها في آفاقها
القريبة أو البعيدة على السواء. بعض
العاملين في ميادين التخطيط
يحاولون التمييز بين الغايات
والأهداف. ويُضفون على (الغاية)
ظلاً سامياً يجعل السعي إليها
دائماً لا ينقطع، بينما يصفون
الأهداف بأنها ذات طبيعة
مرحلية، قابلة للقياس والتحقق
ليُنتقل منها مرحلة بعد مرحلة
إلى هدف تالٍ قائم على ما سبقه
مبنيا عليه. في
شعارات الإخوان المسلمين _مثلاً_
يقول الأخ المسلم: (الله غايتنا).
بمعنى أن العمل الدائب الموصول
بالله والمتوجه لنيل مرضاته، هو
الغاية التي يسعى إليها الأخ
المسلم طوال حياته متمثلاً قول
الله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين). ولكن
حين يتحدث الأخ المسلم عن
أهدافه أو أهداف حركته ودعوته
يتحدث عن ( تربية الفرد
المسلم، أو بناء الأسرة
المسلمة، أو تكوين المجتمع
المسلم، أو إقامة الدولة
المسلمة...) وقد
كان من الطبيعي في عصر احتكرت
فيه سلطة الدولة الفعل في
المجتمعات أن تتوجه الإرادات
والجهود إلى امتلاك ناصية
السلطة كجسر أو معبر لتحقيق
الأهداف. نعتقد اليوم أن هذه
المعادلة في عصر المجتمع المدني
القادر على الفعل والإنجاز
والعطاء أصبحت قابلة لإعادة
النظر. بل أصبح إعادة النظر في (موضوعة)
السلطة كجسر وحيد للفعل المنجز
مطلباً ملحا يفتح الآفاق أمام
العاملين المخلصين. امتلاك
السلطة بحد ذاته أصبح هدفاً
مزمناً غلقت دونه الأبواب؛ في
مجتمعات أو دول تفقد كل قواعد
التداولية وآلياتها.. شب رجال
وشابوا، وولد آخرون وغادروا،
دون أن يمتلكوا حسب تصوراتهم
الأداة التي تسمح لهم أن يكونوا
(فاعلين أو منجزين). كان
الوصول إلى السلطة وسيلة فأصبح
عائقاً أو هدفا هو الآخر
مزمناً. وأصبح المتربصون
بالسلطة من خلال بقائهم خارج
قوس الفعل التاريخي مثل أتباع
بعض المذاهب التي حطت عن نفسها
كل التكاليف (لغياب الإمام) فلا
جمعة ولا جماعة ولا حج ولا صوم
لغياب الإمام. الإمام الذي يعني
أموراً كثيرة غير السلطة
وصولجانها. وهذا الكلام ليس
مقصوراً كما قد يظن البعض على
الإمام المغيّب في سامراء.. بل
هو ينطبق على الكثيرين من
المنتظرين الذين سبق أن أشرنا
إليه في مقال سابق على هذا
المقال. وينتقل
حديثنا عن (الأهداف المزمنة) إلى
ساحة أخرى إلى حيث تمكَّن صاحب
الأهداف أو مُكِّن من السلطة،
فامتلك عصاها واستمتع
بصولجانها، وبالتالي فقد أُعطي
الحق في دخول دائرة البرهان على
أمرين: جدارته وواقعية الأهداف
المعلنة وقابليتها للنفاذ!! وقد
عانى مجتمعنا كثيراً منذ 1963 من
محنة الترداد والتكرار لأهداف
حزب البعث العربي الاشتراكي في
الوحدة والحرية والاشتراكية. كانت
هذه المحنة تواجه طلاب المدارس
والمعاهد مع طابور كل صباح.
وكانت المساءلة قاسية وعسيرة
لكل من لم تتحرك شفتاه أو تلهجا
بتكرار الأهداف أو ترداد الشعار لم
تكن الأهداف تلك في مضامينها،
موضع نزاع. ربما كان يثور بعض
الجدل حول الاشتراكية كمصطلح
أكثر منها كمضمون، ومع ذلك فقد
مضت المعركة إلى غايتها. وتحمل
حزب البعث العربي الاشتراكي
الذي تمر بنا ذكرى تأسيسه في
السابع من نيسان هذه الأيام،
تحمل هذا الحزب مسئولية تحقيق
هذه الأهداف. ولم يستطع الرفاق
البعثيون أن يستبينوا حتى الآن
الفرق بين ترديد الأهداف
وتحقيقها. سنسلم
معهم أن (الوحدة) كهدف أو كشعار
تتطلب وجود شريك قابل، وأنهم
ربما لم يجدوا على الساحة
العربية بعد نصف قرن هذا الشريك.
ولكن دون أن ننسى أن نذكر
بحقيقتين؛ الأولى أن هذا الحزب
نفسه حكم لعدة عقود في سورية
والعراق. وأن قياداته التقليدية
توزعت بين هذا القطر وذاك دون أن
تستيطع صياغة علاقة قومية تقنع
الإنسان العربي بمجرد التفكير
بالوحدة أو الاتحاد أو التضامن
أو مجرد تطبيع العلاقات. كان
يطبع أو يختم على جواز السفر
السوري (جميع دول العالم ماعدا
إسرائيل والعراق)!! والحقيقة
الثانية أن
الرفاق البعثيين تمكنوا لأكثر
من عقد من السلطة في لبنان،
ولكنهم مع الأسف لم يستطيعوا
بسلوكهم الوحدوي أن يقنعوا
الأشقاء في لبنان أن حضن الشقيق
الأكبر أكثر أمناً وأكثر دفئاً
من نقاط الاستناد البعيد..!!
هاتان الحقيقتان نقلتا الموقف
من التشكيك بجدارة القائمين على
الهدف إلى التشكيك بواقعية
الهدف نفسه!! وهذا أخطر ما في
الأمر وأكثره مرارة. ما
قلناه عن (الوحدة) ، يمكن أن نقول
أكثر منه عن (الحرية) الهدف أو
الشعار. لا يَنقص الرفاقَ
البعثيين معرفة نظرية عن مفاهيم
(الحرية) و(أبعادها) ومكانتها في
بناء الأوطان، و في تفجير طاقات
الأفراد والجماعات. بل إن أي
رفيق منهم قادر على أن يحاضر
عليك، دون أن يمس واقعه، ساعات
طويلة بأقوال المفكرين ومؤرخي
الأفكار في (الحرية) كصيرورة
تاريخية، وكعنصر من عناصر
الحداثة في أطرها الفردية
والجماعية. وفي تقويمها كشرط
مسبق لأي إنجاز أو إبداع... ولكن
سقف الحرية _ تحت رايتها _ أصبح
أرضا. ونَهَجَ الواقعُ متنكباً
طريقها، جاعلا الحرية وراءه
ظهريا، ومع ذلك فإنها مازالت
هدفاً معلناً تردده كل صباح
حناجر ملايين الفتيان والفتيات!!
على صعيد نفسي سيكولوجي لا تعرف
كيف ترصد حصاد هذا الفصام ؟!! أما
(الاشتراكية) كمصطلح أو مضمون
يشير إلى شكل من أشكال العدل
الاجتماعي. وإلى حق المواطن في
المشاركة في وطنه في (الثروة) و(الفرصة)
بعيداً عن دوائر الانتماء
الأولية (العرقية) أو (الدينية)
أو (المذهبية) أو (البلدية
المدنية) هذه الاشتراكية التي
أصبحت (كمصطلح) تنبي عن أصحابها
كما دل (ورِق أهل الكهف) عليهم.. الاشتراكية
التي طوعت لتصبح مرادفة لاقتصاد
السوق الرأسمالي ببرقع زائف
اسمه ( اقتصاد السوق الاجتماعي).
والتي كان انعكاسها على واقع
المجتمع السوري اشتراكَ مجاميع
الناس في الفقر والحاجة والذل
والخوف... بحيث أصبح الدأب على
ترداد عنوانها من
مثيرات الاستهجان والاستغراب. هذه
الأهداف (المزمنة) أو ( المنهكَة)،
أصبحت مؤشرات ليس على العجز
وانتفاء القدرة على الفعل فقط؛
وإنما أصبحت دلالات واضحة على
الغيبوبة التاريخية حيث يتغير
في الواقع كل شيء، وتتسمر(
أهدافهم ) أحاديث وأسمارا. بعض
الإشفاق على هذه الأهداف ربما
يبقي للغة العرب بعض الهيبة في
قلوب الأجيال... --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
09/04/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |