ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
ومن
ينقذنا من أنفسنا في الصومال يبدو
أنه بعض القدر المكتوب على هذه
الأمة، أن يظل بأسها بينها
شديدا، وكأننا في عصرنا البئيس
لا ننتمي إلى أولئك الذين نزل
فيهم: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ
اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ
رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) ليس
هناك مع كثرة المدعين في
الصومال من يتوقف بتدبر وتفقه
عند حقيقة قول الله تعالى(وَلَوْلا
رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء
مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ
فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم
مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ...)
أوليس هؤلاء الذين يقتلون في
أعماق أكواخهم التي نسميها
بيوتا مجازا، أو في شوارع
وأحياء بلداتهم التي نسميها
مدنا؛ هم وهن المقصودون
والمقصودات بالآية الكريمة،
الآية التي تعتبر قتلهم معرة إن
تم بغير علم فكيف وهو يجري علم
يقين.. تعودنا
في كل موطن نقتل فيه على يد
الآخر الصهيوني أو الأمريكي أو
الألماني أو الروسي أو الصيني
أو الصربي أن نصرخ منددين
مدينين مستنكرين...فماذا عسانا
نقول ونحن نستقبل كل صباح من
الصومال قائمة مبهظة مفظعة
لحصاد الإثم مما يفعله الأخ
بأخيه، وبابن حيه وبلدته، وبمن
هو بمثابة ولده أو أبيه، أو
ابنته أو أمه...؟! ماذا
عسانا نقول؛ ونحن نتابع على
شاشات الفضائيات حصاد الإثم
والحماقة والجهالة والغرور،
والمسلم يقتل المسلم، بفقه ليس
فيه من العلم
أثارة من تحقيق؟! يوم
نزلت فتصيبكم بهم معرة بغير
علم، كانت مكة أو أهلها على
شركهم، ولكن حق الحياة لأولئك
المستضعفين العاجزين حتى عن
التزيل من طريق المحاربين، على
حق كان أولئك المحاربون أو على
باطل، تقرر
قرآنيا أنه الأولى بالاعتبار
والرعاية من منازلة المشركين
وهدم ركن باطلهم: ومن هنا جاء
التعقيب القرآني لقوم يفقهون: (لَوْ
تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا...) وكانت
المعركة يومها بين إيمان بيّن
لا لبس فيه وكفر بواح لا تردد في
أمره، ولم تكن على خلاف بين رؤية
ورؤية، واجتهاد واجتهاد.
لا أحد في الصومال اليوم
يسأل علام يقتل الأخ أخاه؟! علام
تزهق هناك هذه الأنفس البريئة
للمؤمنين والمؤمنات من
المستضعفين من الرجال والنساء
والولدان..؟! في
كل شئون الدين والدنيا يتفق
الناس ويختلفون، ولكن السيف أو
الدم ليس هو أول حكم عند
العقلاء، بله المؤمنين
الصادقين الذين يعلمون حرمة
الدم ومكانة الإنسان، وليس طريق
الدم هو الطريق الأقرب أو
الأقصر لحل الخلاف، ولمعالجة
أسباب الفصام. فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا ومع
هشاشة الوضع الصومالي، ورقة حال
المسلمين فيه، والذين هم أحوج
إلى ثمن الرغيف منهم إلى ثمن
الطلقة وتبعاتها، ومع فظاعة
المشهد، وإنكارنا للمأساة بكل
أبعادها، ولدور جميع الأيدي
الآثمة الوالغة فيها؛ نقدر حاجة
أهلنا هناك إلى يد الآسي، يد
الصلح التي تخرج الأنفس من
دائرة الشح والجهالة والحمق بكل
مرتسماتها وأبعادها.. يقف
المسلمون في العالم أجمع
متفرجين على ما يجري في
الصومال، على نكبة المسلمين في
أنفسهم، بعقولهم وفهومهم ،
ونكبتهم بما تكسبه أيديهم بحق
أنفسهم، نكبة الشباب بالشباب،
والرجال وبالرجال، ونكبة
الشيوخ والنساء والأطفال؛
بجهالة أولئك وهؤلاء وحمقهم.. يقف
المسلمون من الصومال متفرجين؛
يتفرج رجال السياسة، ويتفرج
رجال الفقه، وتتفرج النخب
والشعوب على المشهد الراعف بكل
مأساويته وبؤسه وقسوته... وكأن
أحدا في عالم المسلمين لا يبالي
بالدم الإنساني ولا بالدم
المسلم حيث يقتل المسلم أخاه
بكل هذه القسوة والعنف. ويغيب عن
المشهد النداء الرباني يدعو
الأمة أجمع إلى المبادرة لوقف
القتال ومصادرة أسبابه...( وَإِن
طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى
تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ). وحين
يبلغ الرضى عن الذات من أبناء
الدعوة الإسلامية في كل مكان
مداه، وحين يدليهم الشيطان
بالغرور فيظنون أنهم هم الإسلام!!
عليهم أن يعتبروا ببعض ما يجري
في الصومال، مخرجات لها في
واقعنا مدخلات، ونتائج لها
مقدمات... لننظر
كيف يفعل أخوة العقيدة بعضهم
ببعض في الصومال!! في
يوم أحد وبعد انكسار المسلمين،
ومقتل حمزة بن عبد المطلب رضي
الله عنه، وقف أبو سفيان على رأس
حمزة سيد الشهداء يطعن في شدقه
بالرمح ويقول: ذق يا عقق ذق يا
عقق، أي ذق أيها العاق.. فرآه
سيد الأحابيش فصاح مستنكراً يا
معشر قريش، انظروا إلى أبي
سفيان ما يفعل بابن عمه لحما...!!
صحا أبو سفيان من غفلته، وتوقف
فوراً عن فعلته، وقال ويحك
اكتمها عني فإنها زلة... نعم
إنها زلة.. يحس بوطأتها كريم مثل
أبي سفيان رضي الله عنه وحين
يخلو من يزعم أنه مسلم بلحم أخيه
فيأخذه بالغيبة أو بالبهتان أو
ببعض ما يرمي به المسلمُ
المسلمَ في الصومال، فاعلم أنه
وحش كاسر أو سبع ضار. هذه بعض
العبرة مما يجري في الصومال
وبعض الحرقة مما يجري عليه وليس
لنا إلا أن ننادي من ينقذنا من
أنفسنا في الصومال ؟!! --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
14/07/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |