ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
النزاع
على مكانة الضحية في
كثير من المنازعات السياسية،
والخصومات الاجتماعية نلحظ أن
المتخاصمين والمتنازعين يركزون
على تاريخ النزاع أو الخصومة
أكثر من حرصهم على مستقبلهما.
ويحارب الطرفان بطريقة عصبية
مبالغ فيها للتربع على عرش
الضحية المستدر للعطف والشفقة.
وأحيانا يستطير النزاع ويستمر
ويتكرس للخلاف
على هذه المكانة. الزوج
المتغطرس الذي يظل صباح مساء
يتعدى حدود الله في عشرته
لزوجه، فيؤذيها بهجر القول،
وسوء الخلق، يجلس أمامك متمسكنا
مظهرا ضعفه ولين جانبه وكيف أنه
ضحية لا حول لها ولا قوة أمام
رعونة الزوجة وإهمالها
وتقصيرها بحقه أو حق أبنائها أو
حق أمه وأبيه. على
الطرف الآخر تجد الزوجة تجادل
ليس عن حقوقها بل على إثبات أنها
ضحية تصرفات زوجها القاسي أو
اللامبالي، وتُجلب عليه الخاص
والعام من الوقائع والشواهد،
وتنشر وينشر
ما يُطوى ولا يُحكى من خصوصيات
الحياة الأسرية من المطبخ إلى
غرفة النوم في سبيل الاستئثار
بمكانة الضحية والحصول على
إدانة للماضي أو للآخر الذي
يتمثل فيه. ننتقل
من الاجتماع إلى السياسة
بأبعادها فتجد أو تسمع عجبا،
حين تقرأ مذكرات الكثير من
القساة، أو ربما يتاح لك أن
تجالس بعض المغادرين لمواقع
تسلطهم وأنت تستحضر ما أوثر
عنهم من قسوة أو تجاوز وربما من
طغيان فتسمع سيرة ملحمية عن
ضحية مستضعفة حيل بينها وبين ما
كانت تشتهي من إقامة العدل
وإنصاف المظاليم. حتى
حاملي الكرابيج في السلخانات
البشرية وآمريهم ينازعون
ضحاياهم على دموع المستمعين أو
المشاهدين أو المراقبين وهم
يحدثونك عن دواخلهم
وظروفهم القاسية التي جعلت
منهم مخالب وأنيابا ... الحرص
على التلبس بلباس الضحية كموقف
بشري تلقائي هو تعبير عن حالة من
الضعف والعجز تعتري الكائن
البشري. فتقيمه في المقام غير
السوي لإنسان مخلوق في أحسن
تقويم. ومكانة
الضحية ليست وسيلة لاستدرار
الشفقة والعطف فقط، ولكنها في
كثير من الأحيان محاولة مكشوفة
لستر القصور ومداراة العجز،
والاختباء وراء توجيه الاتهام
للآخر، والتخلف عن صنع البديل
العملي لحالة الإحباط التي
تتملك صاحبها فتشله أو تقعده عن
النهوض بعد عثار ، أو الاستئناف
بعد توقف. في
أمثالنا العامية (الشكوى لغير
الله مذلة)، وهذا المثل حين
يتمثل في إنسان يريك
الضحايا الحقيقيين، في شموخ
الجبال. ففي أشد الظروف قسوة
تسمع من أصحاب النفوس الكبيرة
والقضايا الكبيرة ما يجعلك
تخالهم وكأنه الأمراء على
زمانهم، المقتدرين على التصرف
فيما ينوبهم، يستقبلون ما
استدبر من أمورهم تسديدا
وتصويبا، تعلقت أبصارهم فيما
يأتي، موقنين أن لو تفتح عمل
الشيطان. ما
كان كان، وكل لحظة لأصحاب
النفوس الكبيرة هي نقطة لبداية
جديدة لصنع مستقبل جديد، هل يرن
في أذنيك: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ
تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ
الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ) هل من معاني
الوهن الخروج من حالة الفعل
المنجز إلى التلكؤ على أرصفة
الضراعة الإيجابية أو السلبية. كثيرون
يظنون ويحسبون الفقراء من أصحاب
النفوس الكبيرة أغنياء،
والمرضى أصحاء،والمعانين خفية
استعلاء وكرامة في دعة وأمان
وعافية.!! كثيرون
يظنون أن أبا الهول لا يحلم ولا
يألم ولا تفيض من مآقيه الدموع.
وقليلون يدركون عوالم حكيم
المعرة رهين ظلمته ويأسه ينادي: عللاني فإن بيض الأماني
فنيت والظلام ليس بفاني أنت
في جملة الفاعل والفعل وفي
الأخرى أنت المبتدأ والخبر
واترك السوى للسوى، والدعوى
للأدعياء ولكن رحلناها نفوسا كريمة
تحمل ما لا يستطاع فتحمل --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
25/07/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |