ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الكرة السورية.. إلى
أين تقود هذه السياقات؟! نُصحت
من قبل البعض بمتابعة بعض الشأن
الرياضي في سورية. قال محدثي إن
الخطر أشعل الضوء البرتقالي،
وأن هناك الكثير من الهم الوطني
في الساحة الرياضية المخلاّة،. شعرت
بعد قليل من المتابعة، أن علي
ابتداء أن أقدم التهنئة، ولو
متأخرة، إلى فريق نادي الكرامة،
الذي، كما علمت، احتفظ بعرش
الكرة السورية للسنة الثالثة
على التوالي. الأمر الذي يُقرأ
قراءات متعددة الوجوه عند عشاق
الكرة، من حديث عن المدرب، إلى
حديث عن التمويل الوافر، إلى
تمسك بجدارة أهل حمص، وهم
جديرون بكل خير منذ أن ثوى سيدنا
خالد رضي الله عنه بين
ظهرانيهم، وحط سيدنا النعمان بن
بشير رحله في دارهم .. ثم
تعود لتتابع المجريات على أرض
الملاعب أو المواقع
الالكترونية أو بلاغات مراسلي
المحطات الفضائية لتجد نفسك
مضطرا للتحذير من أن ما يجري في
عالم الكرة السورية بات يعتبر
مشكلة أمن وطني أو أمن قومي.
ولقد وجدت هذه الحالة أولى
تعبيراتها الخطيرة فيما أطلق
عليه بعض المواطنين الكرد (
الانتفاضة ) استعارة من الحالة
الفلسطينية، توصيفا للصدام
الدامي الذي وقع بعد لعبة كرة في
منطقة القامشلي منذ أعوام قريبة
. وعندما
نصف الحالة بأنها مشكلة (أمن)
نرجو ألا يُسرع إلى الذهن أننا
نستدعي رجال الأمن العام أو
الخاص إلى حلها. الحلول
الأمنية على جميع المستويات لا
تحل المشكلات وإنما تعقدها أو
تطورها أو تراكمها أو تخفي
جمرها تحت الرماد. وإذا كانت
الدعوات إلى تجاوز الحلول
الأمنية في إدارة الدولة لم تلق
حتى الآن الاستجابة المناسبة
لأسباب متكاثرة؛ فإن المطلوب في
عالم الكرة السورية اليوم
تدخل مباشر من مختصين من
الخبراء في علوم الاجتماع وعلم
النفس الجماعي، لإعادة التأسيس
للمشروع الكروي السوري بطريقة
تحمي المجتمع من حصاد مر
وتفجرات مدمرة. الحديث
عن حجم الفساد في عالم الكرة قد
تجاوز الحدود، وحين تصغي
لأحاديث شباب فائرين تستمع
إليهم يطلقون اتهامات لا قاع
ولا سقف لها، ويؤكدون أنه
في سوق الكرة السورية يُباع كل
شيء ، وهم يتحدثون عن أثمان
أمنية وسياسية وبلدية وطائفية
ومالية أيضا. والمشكلة
الكبرى ليست في مصداقية ما
يقولون، ولكنها في أنهم يصدقون
ما يقولون وينفعلون به أيضا
وتحمر له أحداقهم!! ومع
أن الرياضة السورية على ما وصف
العالمون بأمرها تابع من توابع
القيادة القطرية للحزب، أي أنها
ذات مرجعية سياسية قومية ودعونا
نعطي مصطلح القومية هنا معنى
الاحتواء الجمعي.. إلا أن الشعور
بالنبذ على أكثر من أساس هو
السائد في عالم الكرة. النبذ على
الأساس الإثني أو البلدي أو
الطائفي. أحيانا تشعر أن غياب
الحكمة عند مسئول لم يُؤت منها
إلا قليلا هو بعض المشكلة. يسألك
مواطن أرمني ما وجه المقاربة
بين النوادي ذات القاعدة
الشعبية الأرمنية وبين عناوين
مثل العروبة واليرموك؟! بعض
القائمين على أمر الكرة يصح
عليهم كل ما كتبه الجاحظ عن
معلمي الصبيان، أو ما خطه ابن
الجوزي في نوادر الحمقى
والمغفلين؛ ذلك أن هؤلاء
المسئولين ينسون، في غمرة
الانفعال، أنهم يديرون لعبة
وليس معركة!! معركة
اختيار أسماء الأندية
أو فرض أسماء عليها، أو
تغيير أسمائها؛ هي بعض معارك
الكرة السورية. تعبيرات كثير من
جماهير النوادي تردد بلا ملل
تعلق هذه الجماهير بما يظنون
أنه بعض التراث الوطني
حرموا منه!!
أسماء تمثل عند البعض ما
يعتبرونه إرثهم الكروي أو
أمجادهم التاريخية!! وينسج حول
معركة الأسماء هذه أقاصيص تشبه
أقاصيص العمات والخالات في
ليالي الشتاء الطويلة، تلك
الحكايات التي كان يجب أن تغص
بالجن والعفاريت والضباع
لتستكمل حلقة استجلاب الكوابيس
لأشهر أو لأعوام.. حين
تتعمق أكثر في خلفيات الكلام
الذي يطفو على السطح بحثا عمَّ
يريد الغاضبون؟ تستشعر أن جمهور
الكرة السورية قد حمل معه كل
معطيات كبته وقهره من عوالمه
الثقافية والاقتصادية
والسياسية، وحط بها في ساحة
الكرة التي
رآها حديقة خلفية ومتنفسا وحيدا
مسموحا به. قانون
الطوارئ حظر الاجتماع على أكثر
من خمسة أشخاص؛ ولكن ساحات
الملاعب تغص بالآلاف من
المواطنين الذين تعسر متابعتهم
لأنهم في الأصل فاقدو القيد
الأمني . آلاف المواطنين هؤلاء
يدخلون ساحة الصراع أقصد ساحة
الملعب بنفوس متوترة وعواطف
مشبوبة وتصورات مختلطة وخلفيات
مكبوتة ولا أحد يدري كيف يتطور
الحراك أو العراك ومتى تكون
صفارة الحكم نذير اشتعال. يقولون
في علم التربية أن المقصود من
الألعاب الجماعية أن تنمي روح
الفريق، وأن تعوّد على العمل
الجماعي، وأن تحد من الشخصانية
الفردية والفئوية!!
أمام كل هذه الأهداف نرجو أن
يراجع مراجع عدل مخرجات ما يجري
في عالم الكرة السورية، نترك
الأمر حقيقة لتقدير التربويين
وعلماء الاجتماع ربما أحد يصدق
الحديث فيعلن أو يسر: أين نحن من
كل هذا؟! . وإذ
ننتقل من أفقنا الوطني إلى أفق
كروي عالمي ألا يحق لنا أن
نتساءل هل التعلق بالرمز أو
النجم على حساب الفريق يخدم
الهدف التربوي المزعوم ( تنمية
روح الفريق ). هذا الإعلام
الكروي الذي يركز على النجم
الذي سجل الهدف، ويحصي لهذا أو
ذاك عدد الأهداف التي سجلها ألا
يذهب بعيدا في تعزيز السياق
الفردي على حساب الجماعي فينقض
أو يقوض الهدف الذي تحشد كل هذه
الحشود لبنائه؟!. حالة تنقلنا من
جديد من الحديث عن سياسة تعمير
إلى الحديث عن سياسة تفريغ!! هذا
حديث غير مختص ولا متابع نرجو أن
يعييننا على فهم أبعاده وأخطاره
المختصون والمتابعون. --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الاثنين
3/8/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |