ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الخامس
عشر من شعبان!!! في
انتظار غودو ما يزال غودو يرسل في كل يوم
رسوله يعتذر عن المجيء اليوم،
ويؤكد أنه سيأتي غدا، وبعد كل
يوم هناك غد آخر ...!! صامويل بيكيت الكاتب الإيرلندي
المولد الإنكليزي النشأة
الفرنسي الإقامة، لم يمر
على عالمنا في الشرق، حيث ما
يزال الكثير من أبناء منطقتنا
الغارقة في البلاء ينتظرون، بل
حيث أصبح الانتظار حالة شاغلة
عن الشغل كما هو الحال في مسرحية
بيكيت تلك. في مسرحية صامويل بيكيت التي
قدمت لأول مرة على مسرح فرنسي
سنة 1953 لتدين حالة الانتظار
السلبي، التي انتشرت في أوربة
بعد الحرب الكونية الثانية،
ونشأت عن الخوف والتردد وانعدام
الثقة بالعالم وبالحياة. أدان بيكيت الترقب السلبي
العبثي الذي مثله في شخصيات
مهزوزة ( استراجون، وصديقه
فلادمير، وبوزو وتابعه لاكي )،
فأقلع قوم بيكيت عن الانتظار
وهجروه إلى الفعل والانجاز، وما
زال قومنا ينتظرون. بسهولة ويسر مباشرين نستطيع أن
نُسقط شخصيات بيكيت بقضاياها
الوجودية أو العبثية وهمومها
الصغيرة ومخاوفها وقلقها على
الكثير مما لا يزال يدور في
عالمنا الشرقي أو لأقل بطريقة
أدق في ديارنا نحن المسلمين..!! في فصلين من عمل مسرحي يفتقدان
الترابط الفني التقليدي عالج
بيكيت عبثية الانتظار وتفاهة
المنتظرين. على مدى فصلين يمران
في الانتظار على الأرض اليباب
أو المكان القفر إلا من شجرة، أي
في العالم الذي مُلئ جوراً، حسب
تعبيرات بعضنا، يتلقى
المنتظرون كل يوم رسالة جديدة
من (غودو) الموعود المنتظر
يعتذر فيها عن المجيء اليوم
ويؤكد أنه سيأتي غدا!! وهم
ينتظرونه ليخرجهم من همومهم
الصغيرة، وليعالج ربما ضيق
الحذاء الذي يعاني منه السيد
استراجون من شخصيات المسرحية
على ما أذكر.. والانتظار في حياة شعوبنا
ثقافة لها إرثها التاريخي
والديني، كان اليهود وما يزالون
ينتظرون مسيحاً لم يأت بعد!!
لتمر العقيدة أو الثقافة نفسها،
عزاء العاجزين، إلى المسيحية
وإلى بولس الرسول الذي يؤكد أن
حياة الإنسان ما هي إلا انتظار
للخلاص الذي لأجله كانت الآلام
وكان الصليب..!! ثم لتجد الفكرة جسر عبورها على
ظهر عبد الله بن سبأ يهودي
الفتنة، حيث بإمكانك أن ترصد
عدداً غير قليل من الفرق
المنتمية إلى الإسلام، تقول
بعودة غائب أو بانتظار مصلح،
يملأ جرارنا سمناً وعسلاً. عقيدة الغيبة والانتظار سبق
إليها كذاب ثقيف المختار
الكيساني. والكيسانية سبقت
الإمامية إلى القول بالغيبة
والعودة والانتظار!! فقالوا
بعودة محمد بن الحنفية، وهو أحد
أبناء سيدنا علي من غير الزهراء
فاطمة. والذي اعتقد أتباعه أنه
غاب غياب عودة، وانتظروه
فأطالوا انتظاره. يقول شاعرهم،
أرويه لأولي الألباب لعلهم
يتذكرون:
ورضوى هو الجبل الذي قام
تاريخيا مقام سرداب سامراء
اليوم. ويستبطئ شاعر آخر من الفرقة
نفسها غياب الموعود ستين عاما ،
انتبه ستون عاما ، وليس أكثر من
ألف عام!! فيقول والمخاطَب محمد
بن الحنفية أيضا..
بيكيت حاول من خلال الشخوص
والقفر وغودو الموعود المأمول
أن يعالج ضعف الإنسان المتعلق
بالانتظار. وتفاهة شخصيات غودو
لم تكن إلا إحدى طرق الإدانة
التي سبق إليها الكاتب
الإيرلندي الإنكليزي الفرنسي...
ليس من
غرض هذه الرؤية أن تناقش النصوص
الشرعية التي تُؤسَّس عليها
نظرية المهدي. الرجل الذي يخرج
في آخر الزمان فيملأ الأرض
عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.
وفي هذا السياق ينبغي أن نميز
بين غائب يعود وبين رجل يخرج من
وسط الناس. الحديث مرة أخرى يتركز على
ثقافة الانتظار التي استهلكت
أمتنا، وأعاقت مشروعنا النهضوي
بأبعاده السياسية والاجتماعية
والاقتصادية. تغطية الحديث عن الإمام
الغائب، الذي تحتفي طائفة كبيرة
من المسلمين في ذكرى مولده، من
الناحية التاريخية قد أشبعه
المحققون تحقيقاً وتمحيصاً...
السؤال الأول المطروح ليس؛ يعود
أو لا يعود، بل هو هل وُلد ووُجد
أم كان مجرد أمنية وأمل حالمين
وعاجزين.. عقيدة الانتظار ليست عقيدة
مذهبية، سنية أو شيعية، وإنما
هي سر تخلفنا وانحطاطنا وضعفنا.
نكرر هذا لنبدئ ونعيد في أمرين...
الأول: دور علماء الأمة أجمع في
إرشاد وتوعية الجماهير. الواجب
عليهم في البيان للناس. الواجب
عليهم في التوقف عن الاستثمار
في الجهل وفي الغرور. فحصاد هذا
هو الإثم واللعنة، ذاك هو عهد
الله والميثاق (لَتُبَيِّنُنَّهُ
لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)
نعلم يقينا أن عقولا كبيرة لدى
قادة الرأي والفكر لا تؤمن بمثل
هذا و أصحابها لا يدينون الله
به، ولكنهم يسكتون عليه، وبعضهم
يستثمر فيه!! يروي مؤرخ مصري قابل في
ثلاثينات القرن العشرين في
باريس رجلا يعتقد أتباعه أن
الله يحل فيه وفي ذريته بين صامت
وقائم. يقول المؤرخ المصري جلست
إليه فإذا أنا أمام رجل عالي
الثقافة راقي الذوق محيط بشؤون
العصر وقضايا الشعوب وسياسات
العالم.. ويضيف فتجرأت
واستأذنته بسؤال:
يا سيدي أنت كما أرى علما
وفهما وثقافة... فكيف تقبل أن
تعبدك هذه الملايين من دون الله
!! يتبسم الرجل المثقف الأنيق
ويقول بهدوء: إن الناس في الهند
يعبدون البقر!! أفلا ترى أنني
أفضل من البقر؟!!!وهذا الذي
أردنا التحذير منه بالحديث عن
الاستثمار في جهل الناس وقصورهم
وغرورهم. محمد بن عبد الله، رسول الله
وخاتم النبيين، رفض هذا، رفض أن
يقال إن الشمس قد كُسفت لموت
ولده إبراهيم، مع كل ما تعنيه
تلك الكلمة في ذلك الموقف من
عظمة اللحظة والغرور الكاذب،
وفي هذا وحده معجزة ودليل
مصداقية للعالمين... والأمر الثاني الذي نريد.. هو أن نظرية الانتظار تلك شلت
الإرادة عند الكثير من أبناء
أمتنا الواحدة، وكما شخصيات
بيكيت في انتظار غودو، تنتظر
أمتنا في القفر، تنتظر من يزرع
لها، من يصنع لها، من يمضغ لها، حتى
ضيق حذائك عليك أن تتكيف معه في
انتظار غودو حتى يوسعه لك.. غودو هو وحده المؤهل لحل جميع
المشكلات. وغودو حسب بيكت موعده
دائما قريب. إنه لن يأتي اليوم
ولكنه سيأتي غداً ولكل غد غد
يليه.. الذي على أصحاب نظرية الانتظار
بكل طوائفهم أن يعلموه أن صاحب
الزمان هذا حتى إن جاء فلن يكون
أكرم على الله من محمد بن عبد
الله الذي أنجز بالجهد والجهاد
والصبر والمصابرة والاحتمال.
ولم ينجز بالمعجزة وهذا هو سر
العظمة التي غابت مع الغائب عن
أتباع هذا الدين. قالوا يا رسول الله: أفلا نتكل
على الكتاب؟ قال: اعملوا فكل
ميسر لما خلق له. نعم
اعملوا (فَسَيَرَى اللَّهُ
عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ
وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ). --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
السبت
8/8/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |