ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحوذي والعربة الأمريكية!!!

زهير سالم*

عندما تجد العربة طريقها للتقدم ستكون عينك على الجياد. اعترض عليّ معترضٌ فقال: إن الجياد لا تربط إلى العربات، وإنما أبناء أختها. وأضاف: إذا وجدت العربة الأمريكية طريقها للتقدم فابحث عن العصا أو الجزرة. وهذه العربة الأمريكية تجد طريقها على الأرض السورية بين حوذيين: (بوش وأوباما). هذه قراءة توضيحية، تؤكد أن الجياد لا تربط إلى العربات، ونتمنى ألاّ تَدرُجَ على الأرض السورية غيرُ العربة السورية.

زعمت (مادلين أولبرايت) في تصريح لها يوماً: أنها تمثل أمريكا صاحبة المسئوليات العالمية، والأمة القادرة والمستعدة لفعل كل شيء وقتما تريد. وقالت السيدة (أولبرايت): ليعلم الجميع أن ما أردناه كان، وما لم نرده لن يكون. ولا تقف في طريقنا عقبة واحدة، لأن العالم لنا.. العالم لمأمريكا..

يشكلُ هذا الزعمُ قاعدةً عامةً للسياسات الأمريكية، أو ربما من الأصح أن نقول شكل هذا الزعم القاعدة العامة للسياسات الأمريكية حتى احتلال العراق. وكان احتلال العراق آخر قرار أمريكي يقوم على هذه القاعدة فيما يبدو..

كثيرون لا يفكرون كيف كان يمكن أن يكون حال العالم لو أن إعلان (بوش) لنصره الكبير عن ظهر البارجة الأمريكية، وتأكيده انتهاء العمليات العسكرية في العراق؛ كان حقيقةً واقعة، ولو أن انتهاء الحرب تم فعلاً بسقوط تمثال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

التفكر بهذا المآل ليس مطلوباً فقط من دول جوار العراق، أو من دول محور (الشر) حسب التصنيف الأمريكي فقط، بل هو مطلوب من روسيا، والصين، واليابان، ودول أمريكا اللاتينية، وفرنسة الماهرة فقط بصنع الجبن الفرنسي، ودول أوروبة العجوزأيضاً..

لقد قاتل عراقيو أبي جعفر المنصور والرشيد والمعتصم عن العالم أجمع، وهذه حقيقةٌ لا يجوزُ أن تغيبَ عن ذهن منظّرٍ للسياسة أو عاملٍ فيها..

من ناحية أخرى، كانت معركة الإنسان العراقي، أو ينبغي أن تكون، درساً للباحثين عن الحقائق من خلال التجارب، درساً بالغَ الدلالة في تقرير أن الشعوب في النهاية هي حاملة عبء الحفاظ والدفاع، وأنه عندما تنحلّ الجيوش، وتنصهر الدبابات والمجنزرات، ويبطل عمل الصواريخ والقاذفات؛ تبقى الإرادة الإنسانية المفعمة بالإيمان وبالتفاؤل سيدةَ الساحة، وسيدةَ القرار.

من الرماد انتفض المارد العراقي المسحوق ليقاوم. سؤالٌ آخر لا بد أن يطرحه العقلاء: كيف كان سيكون الحال لو أن النظام المهدّد بما علم الجميع، سبق إلى بناء القاعدة الوطنية الموحّدة المتلاحمة، واستطاع أن يردم أو يجسر جميع الفجوات بين مكونات المجتمع العراقي؟!

الذي نريد أن نؤكد عليه في هذا السياق أن الإنسان العراقي بجهده المقاوم، لا شك، طرح إشارتَيْ تعجب أمام تصريح السيدة (مادلين) الذي كان - وربما لايزال - يشكل قاعدة عامة للسياسة الأمريكية: ما شاءته أمريكا كان وما لم تشأ لم يكن!!!

ولكن يبدو على الضفة الأخرى - والضفة الأخرى تشمل كلَّ من سوى أمريكا وامتدادها الصهيوني في المنطقة - هناك تسليم قدري مشين بهذه الحقيقة. ومنذ أن أطلق (السادات) مقولته الشهيرة في سبعينيات القرن العشرين: تسع وتسعون من أوراق اللعبة بيد أمريكا، فقد تحولت هذه المقولة إلى قانون في السياسة. قال السادات كلمته، والاتحاد السوفياتي حي يرزق..

فكيف لنا أن نتصور الحال بعد أن انهار هذا العملاق أو ذاب تحت شعاع شمس (البريوستريكا) و(الغلاسنوسنت).

مرة أخرى ينبغي للعقلاء أن يفكروا ببناء أنظمة أكثر صلابة، وأكثر قدرة على البقاء. أنظمة قادرة ليس فقط على الصمود، وإنما على المقاومة أيضاً. احذر قطعة (الشوكولا) إنها تذوب في حرارة جيبك في يوم ربيعي، وفي يدك في يوم صيفي..

وبعد أن انفرط عقد الاتحاد السوفياتي، وتفردت الولايات المتحدة كما ظنت السيدة (أولبرايت) في العالم، تمددت مقولة (السادات)، أصبحت قاعدة للسياسة عند دول كبرى. وأصبح رئيس وزراء دولة كبرى مثل بريطانيا يحتل من بوش موقع السيد (ماتي) من سيده (بونتيلا)، و غدا كل ما تستطيعه شخصية كبيرة مثل (شيراك)، أن تقول: لا، مراوغةً تارة ومتوارية أخرى.

وانتقلت مقولة السادات من الدول والحكومات والأنظمة والسياسيين، إلى النخب الثقافية والشعبية، وإلى الكثيرين ممن يُظَنّ فيهم أنهم من القوى المؤثرة والفاعلة. وخدرت أرجل بعض المعارضات وقادتها وهم يحلمون أن يعودوا إلى موقع السلطان على ظهر دبابة أمريكية. بدت العملية ملقةً زلقة. فداعبت المخيلات المريضة لدى الكثيرين..

الحكومات أو الأنظمة شعرت بنفسها - على نحوٍ ما - غارقةً في الشباك الأمريكية. والمطالب تحاصرها من كل اتجاه، لتقدّمَ المزيد من فروض الولاء والطاعة. وكان لكل دولة أو حكومة أو نظام، طريقته في التعاطي مع قائمة المطالب الأمريكية.

روسيا ـ الصين ، اليابان ـ دول الاتحاد الأوربي ودول أمريكا اللاتينية، وعلى رأس القائمة الدول العربية والإسلامية. وكان لكل دولة مشاكلها مع الحوذيّ الأمريكي الذي اعتبر نفسه سيدَ العالم ومالكه، وكل من سواه مجرد جياد، عليهم أن يجرّوا جيداً عربة المشروع الأمريكي في كل مكان. وما يهمنا في النهاية هو دول عالمنا العربي والإسلامي ووطننا سورية.

يقتضينا المقام - مرةً أخرى - أن نوضح أن المشروع الأمريكي العالمي ليس مشروعاً أحاديّ البعد، ولا هو مشروعاً براقاً زاهي اللون، كما يتصوره البعض.

المشروع الأمريكي كما يصفه المفكر الأمريكي (نعوم تشومسكي) مشروع (هيمنة مطلقة على العالم). وهو مشروع رأسمالي شمولي له مقرراته: السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. لا يجوز أن تحاصرك كلمة (رأسمالي) في البعد الاقتصادي، وقانون السوق، وسعر الفائدة. تذكر أن الرأسمالي يريد أن يتملك أكثر ولذلك فهو - مثلاً - يريد شركاء من البشر أقل، وبالتالي فهو يجد الذرائع ليضع العراقيل في وجه بناء الأسرة، وليدعو دائما إلى تحديد النسل.

 الحوذيّ الأمريكي يمسك بيد رئيس أي دولة، قبل توقيع أي تشريع أو اتخاذ أي قرار.  وللمشروع الأمريكي ضريبته المسبقة على رغيف خبز الجائعين، وكأس ماء العطاش، كما أنه يحاول أن يدخل مع الناس إلى غرف النوم حيث أخص خصوصياتهم ليضع لهم التشريعات الصارمة لما يمكن أن يقوموا به هناك.

والمشروع الأمريكي بالنسبة لمنطقتنا العربية والإسلامية ولوطننا سورية، هو مشروعٌ لتمكين الدولة الصهيونية وحمايتها، بل مساعدتها على تهديدينا وإرهابنا، وتنفيذ مخططاتها على مآقي أعيننا. يبدأ المشروع الأمريكي من هناك، وينتهي عند وضع الخطوط الحمراء تحت كلماتنا الطيبة: ((اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)). قالوا إن تفسير هاتين الكلمتين الطيبتين - كما نقل لهم الوشاة - لم يُعجب المدققين والمتابعين، فمُنع القائمون على مدارس تحفيظ القرآن - كخطوة أولى - من الشرح والتفسير..!!

إذن المشروع الأمريكي ليس هو مشروع الحرية والديمقراطية، وتمكين المرأة، والحكم الرشيد.. كما قالوا ويقولون. بل هو مشروع هيمنة، له أهدافه وبرامجه وأدواته.

ومن أدواته (مجلس الأمن الدولي)، و(المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بكلّ أطيافها)، و(صندوق النقد الدولي)، و(البنك الدولي)، ومجموعات العشرة والأحد عشر والثلاثة عشر، والكثير من المنظمات العاملة بتمويل دوليّ، تحت شعارات التحرر والديمقراطية والحرية والطفل والمرأة..

والحوذيّ الأمريكي مازال في هذا العالم يبحث عن أدوات من الحكام والمحكومين على السواء. وطريقتهم في التعامل مع أدواتهم ليست كريمة، وإن كانت سخيةً أحياناً!. تأمّل مصير (شاه إيران) والكثيرين من حبات السبحة من أمثاله، من قبل ومن بعد.

لا بد أن يثير فيك الألم أن تتابع شباباً وطنياً سورياً لا تشكّ في صدقه وإخلاصه، يتكلم اللغة الأمريكية عربياً، يظن أو يخال في نفسه القدرة على توظيف (المشروع الأمريكي) في خدمة مشروعه كما يحدثك بلغة لا تنقصها السذاجة والبساطة.

ولا بد أن يثير فيك الألم أيضاً أن هذا الشباب يمتلك من ملفات المظلومية ومن شواهد الواقع ما يجعلك ضيقاً حرجا وأنت تحاول أن تزيّن له التعالي والترفع ومعاني قول العرب (تجوعُ الحرة ولا تأكلُ بثدييها..)

تراقب المسار الأمريكي ـ السوري. تلاحظ الفرح في أعين البعض لأنهم وجدوا من يستقبلهم في واشنطن. ندرك الكثير مما ينبغي عليهم إدراكه. نتابع دائماً الثمن الذي يُدفع. الثمن من مادة الامتحان الأمريكي المرسّبة الأولى (فلسطين ـ والقدس ـ والأقصى ـ والجولان..) والثمن من طيف معاني ((اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ..))

الأمريكيون يبحثون عن أدوات، وبعض أدواتهم أن يحولوا أبناء البلد الواحد إلى سياط بيد حوذي أمريكي يلسع بعضهم ظهور بعض، لتتقدم العربة الأمريكية كما السكين في الزبد.

نعلم كل هذا ونأبى، ونعلّمُ الإباءَ ونواصلُ ونفاصلُ عليه، ولقد دفعنا ثمن هذا كثيراً ومستعدون لدفع المزيد.

((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ))

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 8/10/2009


 

تعليقات القراء

 

هل لدينا يا أستاذي الفاضل اكثر من تصميمنا واصرارنا على ديمومة بقائنا من العالم التالف التافه.

أسأل الله ان يلهمنا رشدنا فنفكر حتى مجرد التفكير بالارتقاء

محمد دامس كيلاني

رد من زهير سالم : تذكر من استوى يوماه فهو مغبون .. لن يكفينا مجرد التفكير على ما نظن.


 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ