ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
المحكمة
الدستورية العليا في تركية قطع
خط اللقاء.... لمصلحة من؟! ليس تدخلا في الشأن التركي أن
نؤكد أن قرار المحكمة الدستورية
العليا بحل حزب المجتمع
الديمقراطي ( الكردي ) يشكل
خطيئة سياسية كبرى، ليس على
مستوى تركية وحدها وإنما على
مستوى المربع: التركي _ الإيراني
_ العراقي
_ السوري. خطيئة تأتي استمرارا أو
استئنافا لسياسة التتريك التي
اتبعها حزب الاتحاد والترقي ضد
مكونات الدولة العثمانية
فساهمت إلى حد كبير في انفراط
عقد دولة الأمة الجامعة، وأعطت
الفرصة لأعداء الأمة يستندون
عليها في تسويغ برامجهم
التقسيمية. وبعيدا عن عبد الله أوجلان،
وحزب العمال الكردستاني، وحزب
المجتمع الديمقراطي الذي ناله
قرار الحل؛ فإن هناك مظلومية
كردية عامة وقعت على المكون
الكردي في نسيج الأمة منذ انفرط
عقدها. مظلومية تتطلب من أولي
الأحلام والنهى من كافة الأطراف
وعلى جميع الجبهات أن يقاربوها
بحكمة ووعي وحذر وعدل وإيثار... ليس من العدل أن يُقدم للأشقاء
الكرد مقابل واقع مأساوي كلام
معسول ووعد مأمول، بينما
مناطقهم تعاني من كل أنواع
التهميش، وثقافتهم يَنظر إليها
من عل شيفونيون لا يرون في مرآة
التاريخ الحضاري والإنساني غير
ذواتهم القومية المتضخمة. كانت مقاربة جوهرية وضرورية
تلك التي تقوم بها الحكومة
التركية. مقاربة لإعادة الثقة
التي سحقتها الممارسات
العنصرية الفوقية ليس في تركية
وحدها وإنما في المنطقة أجمع.
إعادة الثقة من خلال رد
الاعتبار على جميع المستويات،
والتقدم بخطوات عملية أيضا لرد
الحقوق، وإحقاق قدر أكبر من
العدل والمساواة الوطنية
بأبعادها. وكانت تلك المقاربة تستحق
الفرصة، بغض النظر عن الحيثيات
التي بنت عليها المحكمة
الدستورية التركية أحكامها.
فربما قدم نجاح الحكومة التركية
القائمة في مقاربتها تلك
أنموذجا عمليا للتعامل مع
الحقيقة الكردية في المنطقة
بأسرها. وأقول الحقيقة الكردية
لأننا يجب أن ننظر إلى الوجود
الكردي بين ظهرانينا جميعا
كحقيقة إنسانية وحضارية وليس
كمشكلة. ليس أحد من شعوب هذه
المنطقة أولى من أحد في الحديث
عن تاريخها، أو في الدفاع عن
ثقافتها وأرضها، أو البذل لصنع
حاضرها ومستقبلها. الكرد شركاء
حقيقيون، شركاء التاريخ وهم
شركاء الحاضر وسيبقون ونبقى
شركاء المستقبل. شاركوا مثل
بقية الشعوب على السواء في صنع
الحضارة والثقافة وأنجبوا
القادة والأبطال ، وقدموا
الشهداء والتضحيات، فعلوا كل
ذلك كخلايا حية في الجسم الحي،
وكلبنات صالحة في البنيان
المرصوص. تلك الحالة التي سممها
فيروس العنعنات العرقية التي
استوردها أسلاف القضاة
المتربعين اليوم على منصة
المحكمة الدستورية العليا، ليس
في تركية وحدها وإنما في العديد
من دول المنطقة على السواء... إجهاض المقاربة التي كانت
تحاولها الحكومة التركية تفوت
الفرصة، وتغلق آفاق المستقبل،
وتعبر عن استهتار بحقوق الإنسان
وحقوق الأخوة وحقوق الشراكة
الوطنية، استهتار يستند إلى
غطرسة القوة المادية التي تظن
أن بمقدورها دائما أن تكبت
إرادة الشعوب وأن تجعل أهلها
شيعا تستضعف فريقا منهم، وتضرب
بعضهم ببعض على طريقة فرعون من
قبل. التأزيم الذي اختارته المحكمة
التركية العليا هو نوع من
الالتفاف على الديمقراطية
التركية من الباب الكردي. لقد
ساعدت سياسات الاتحاد والترقي
قبل مائة عام على إنفاذ مخططات
التقسيم والتجزئة في المنطقة،
فهل يفتت أحفاد الاتحاديين
اليوم الجمهورية التركية
بالسياسات نفسها؟! --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الاثنين
14/12/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |