ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

        

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وتزدحم الذكريات

موسى ـ وعيسى ـ ومحمد عليهم السلام

وسبط غيبته كربلاء

زهير سالم*

ما أصدق ـ كان ـ حكيم المعرة يوم قال:

رب قبر قد صار قبراً مراراً     ضاحك من تزاحم الأضداد

وهكذا تزدحم على اليوم الواحد في التاريخ ذكريات وأحداث جسام، صوت بشير وصوت نعي. ذكرى صالحة وأخرى ما تزال جرحاً غائراً في العقول والقلوب.

 

في مثل يوم عاشوراء خرج سيدنا موسى عليه السلام بقومه من مصر، نجاة بهم من ظلم فرعون (يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ..)، ثم ها هم  يتراءون جند فرعون وقد تبعهم بخيله ورجله، وقد كتب إلى المدائن: (إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ). ويدب الخوف في قلوب المستضعفين:( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)!! وبثقة نبي كليم من أولي العزم يجيب موسى عليه السلام: (كَلاَّ ، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ..). ثم لتكون المعجزة الربانية الخالدة، فيمتد أمامه وقومه طريق وسط اللجة يبسا فيعبرون، ويغر الطريق اليبس نفسه فرعون وجنده فيغرقون، وينادي فرعون وهو يصارع الأمواج: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) ويرتد إليه الجواب: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ..) وقد كان..

 

يستحضر يوم عاشوراء كل هذه المعاني، يضعك مباشرة في مواجهة المستضعفين الذين يشار إليهم (شِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ..) ويحضرك الشك يعتمل في قلوبهم البشرية: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)، ويحضرك الإيمان المطلق في نفسية الداعية الأول: (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، وتحضرك الخاتمة المبشرة لهذه الملحمة الإنسانية. حقا إنه يوم صالح في تاريخ الإنسانية ينتصر فيه الحق الأعزل على الباطل المدجج...

 

رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد "أننا أحق بموسى منهم" ، فيصوم عاشوراء ويأمر بصيامه، ويقول لئن عشت إلى قابل لأصومنّ التاسع والعاشر، لتبقى هذه الأمة الأحق بجميع الرسل والأنبياء في أيامهم الصالحات وهي التي تأسس إيمانها على قاعدة (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ).

 

ثم ليستنبط أهل العلم من هذه الواقعة ومنهم ابن حجر الهيثمي مشروعية الاحتفال بالأيام الصالحة في تاريخ الإنسانية وفي تاريخ الإسلام بأيامه العظام...

 

تصوم عاشوراء وأنت تفتقد قوم موسى فلا تجد إلا بقايا من أضلهم السامري يوم أخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى  فتقول: سلام على موسى وهارون..

 

وفي خضم هذه الأيام الصالحة تجتذبك صورة العذراء مريم يستقر في وعيها النداء الرباني الخالد (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)، ثم تفجؤك هذه البتول في محرابها تستعيذ بالرحمن من روح الله وقد تمثل لها بشرا سويا (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا...) ثم تتابعها وقد (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا..)

 

هذه البتول الطاهرة المطهرة تواجه الموقف الصعب أمام قومها وقد أتت بشاهد إدانتها ـ حسب ظاهر الحال- تحمله (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ..) وهنا يكثر الواعظون والمقرّعون والمنددون (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا..) ليتحول شاهد الإدانة إلى شاهد براءة (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا..)

 

ثم ليكبر (الوليد) كلمة الله، وروحه ، وليحمل إلى الإنسانية رسالة الحب والسلام والإيثار، وليؤكد، البشارة (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ..)

 

فعلى رسول الحب والسلام في ذكرى مولده السلام، ولكل المؤمنين به وبطهر أمه العذراء البتول، وبسماحة ما جاء به، التهاني والأماني العِذاب في يوم الميلاد المجيد. يوم آخر صالح في تاريخ الإنسانية لا يكون الاحتفال بانتهاك الناموس الذي جاء به صاحبه...

 

وتطل عليك ثالثاً في هذه الأيام الصالحات ذكرى الهجرة النبوية في رأس السنة الهجرية: الهجرة التي عنت بالنسبة للإسلام والمسلمين نقطة التأسيس الفرقانية. التي فرقت بين الحق والباطل كما قال عمر بن الخطاب. اليوم الذي تحول فيه القليل المستضعفون الذين يخافون أن يتخطفهم الناس، فإذا لهم دولة ولهم كيان، ولهم وجود، وإذا هم يحققون نصراً بعد نصر وتقدماً بعد تقدم، وإذا هم يسيحون في الأرض [يكثرون ولا يقلون..].

 

وإذا كانت الشرذمة القليلون ممن كانوا مع موسى قد تخلصوا من فرعون بالمعجزة الربانية المباشرة، فإن المستضعفين من أصحاب المهاجر الأول تعلموا أن عليهم أن يؤسسوا للخير في هذا العالم بجهدهم البشري المرتبط بسر التوكل على الله والثقة به.

 

لم تكن عصا موسى عليه السلام يضرب بها البحر فيكون كل فرق كالطود العظيم، أو يضرب بها الحجر فتنبجس منه اثنتا عشرة عينا، فالمهاجر الأول كان يخاطب إنسانا آخر، يخاطب الإنسان الأكبر والأقدر في عمره الحضاري منذ دخل المهاجر وصاحبه الغار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

 

كانت نقطة البداية الأولى في حراء. و كانت نقطة الارتكاز في يوم الهجرة التي ما تزال تردداتها تتعالى إلى اليوم، يضعف القوم، ويخلدون إلى الأرض، تتعلق بهم أمراض الأمم من قبل، ولكن موجة هذا الحدث لا تزال هي الأعلى، ولا يزال الإسلام هو الدين الظاهر على جميع الأديان (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ..) على الرغم من ضعف بنيه وتخاذل بعض المنتمين إليه، وتفككهم.

 

حقائق ماضية تطرح على عقول أبناء الإسلام وقلوبهم أكثر من سؤال.. أكثر من سؤال يدفعك لأن تقول لهم كل عام وأنتم على خير من هذا الحال وأقوم وأصلح..

وتخطفك في تدافع الذكريات والأيام ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته. وفلذة كبد الزهراء فاطمة. (الحسين) الثائر على الظلم والفسق والملك العضوض، الحسين الذي خرج غضباً لله ولرسوله ولدينه. والذي نكل عن نصرته مبايعوه ومستخرجوه من مأمنه، والذي لم يرع حرمته ولا مكانته محاربوه..

 

الحسين بن علي سيد الشهداء..

دعانا في درسه إلى الثبات وإلى الصبر، صاح وقد راودوه لينزل على حكم الأجلاف: "هيهات منا الدنية"، ولكنه لم يدعنا أبداً إلى أخلاق الجاهلية، ولم يزين لنا ضعف النساء، دعانا إلى نصرة الحق، والتضحية من أجله، والثبات عليه، ولم يدعنا أبدا إلى النحيب والبكاء واللطم وشق الجيوب فذاك بعض ما تركت الجاهلية لبعض النساء..

 

الحسين بن علي رضي الله عنه ترك لنا ذكرى عاشوراء لتكون أيامنا كلها صبر ومصابرة وتضحية وإباء وإنجاز، وأعلن البراءة من الذين جلسوا في بيوتهم للنحيب والبكاء خوفاً من جنود عبيد الله بن زياد..

 

عاشوراء أخرى بمعنى آخر إذا فهمت كما أرادها الحسين رضي الله عنه تكون يوما آخر من أيام الله يثبت فيه الحق الأعزل في شخص ريحانة رسول الله انتصارا لشريعة رسول الله...

 

عاشوراء الحسين من عاشوراء موسى ثقة وثبات وتضحية وإباء، وما سوى ذلك فهيهات هيهات

 

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

السبت 26/12/2009


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ