ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
أبناء
الإسلام أبناء
الجهل والعجز والإحباط هم أم أبناء
العلم والإرادة والتصميم؟!! تثير
الظاهرة الإسلامية في العالم
عجب المتابعين والدارسين. كل
المدخلات التي أسس لها الذين
أشرفوا على المرحلة
الاستعمارية وما بعدها كانت
تقنع أصحابها أنهم قد امتلكوا
أمر هذه الأمة، وأنها قد أسلست
لهم القياد.. والحديث
عن (العجب) في هذا السياق لا يعني
حديثاً عن (الإعجاب) وإنما هو
عجب استنكاري للنتائج العكسية
التي حصدها الذين زرعوا الشوك
والحنظل في ربوعنا منذ ما يزيد
على قرن من الزمان. تؤكد
االتقارير التي يرفعها
المتعهدون للمشروع التغريبي في
عالمنا الإسلامي لمكلِفيهم أن
استعصاء هذه الشعوب على تجاربهم
المخبرية المضمونة النتائج
إنما سببه ما تواجهه شعوب هذه
المنطقة من العالم من هزيمة
وعجز وإحباط، وما ترزح تحته من
استبداد، وما تعيشه الجماعات
والأفراد من بطالة وفقر وانسداد
أفق. ويباريهم مساعدوهم
المفلسون على مدار القرن الماضي
في تكرار التفسير نفسه،
والتأكيد عليه، إذ لا يهم أصحاب
مشروع (التورق) غير المطالبة
بالمزيد من البحبحة
ليضمنوا للمتعهدين نجاح
البذار. لماذا
لم ينجح المشروع التغريبي في
عالمنا المسلم؟! وهل يمكن له أن
ينجح؟! وأين هي نقطة الخطأ في
الحساب؟! وهل هناك عن الاستئصال
والإقصاء من عوض؟ تلك هي بعض
الأسئلة التي تستحق الجواب. لم
ينجح مشروع التغريب في عالمنا
المسلم لأن المليء لا يُملأ. وكل
الذي يعيشه إنسان هذا العالم من
فقر وتخلف وأمية (أحياناً) لا
يمنعه أن يكون في جانب آخر منه
مطلاً على ساحة خلفية للمعرفة
المطلقة تجعله أكثر ثقة بما
لديه، وأكثر انسجاماً مع ذاته،
ومع الكون والحياة والإنسان بما
يمتلك من منهج مبسط واضح،
وبرهان ساطع
يملأ عقل الكبير والصغير
والمثقف والمتعلم والأمي.. مشكلة
أساسية في شخصية هذا المسلم
تربك محاربيه، أنه على الرغم من
كل الظروف الصعبة التي يعيش؛
يصر على أن يتعامل مع هذا الغازي
المتغطرس بندية بل باستعلاء
مبالغ به.. فبينما انسلخ الصيني
والياباني من هويته الحضارية وانخرط
في مضمار السوق سمسارا ولو
ناجحا فيه، يصر الرجل والمرأة
في جبال أفغانستان أو اليمن أو
في جامعات القاهرة أو دمشق أو
بغداد على التمسك بالمغايرة
وعلى إحيائها وعلى المواجهة من
أجلها بما يصل إلى اليد ولو كان
قذيفة غير فاعلة كحذاء منتظر
الزيدي. الدين
الظاهر قالت
محدثتي، وهي أمريكية، من أب
بريطاني تخلى عنها، وأم يابانية
بوذية، نشأتُ في كنف أمي، ثم
كبرتُ على عشق الديانة البوذية.
ونجحتُ في الدعوة إليها في
أوساط الطلاب في الجامعات
الأمريكية.. وكنتُ نادراً ما
أخفق في محاولة، بعد أن أحسن
الدخول إلى العقول والقلوب.
الحالات الوحيدة التي استعصت
عليّ كانت المواجهة مع
المسلمين، كانت أحاديثي مع (المسلمين)
والعديد منهم لم يكونوا أصلاً
متدينين، تواجه بعدم الاكتراث.
والأكثر مجاملة منهم كان يكتفي
بابتسامة إعراض، أو يرد على
مقدماتي بأجوبة النهايات عن
الخالق والخلق والكون والحياة
والمبدأ والمصير.. مشكلة
تضخمت في مخيلتي، حتى شكل لي
هؤلاء اللامبالون بثقافتي
تحديا خاصا، تحد دفعني إلى شراء
نسخة من القرآن الكريم، ومن ثم
شراء بعض الكتيبات التي تتحدث
عن الإسلام بحثاً عن ثغرة
معرفية أدخل منها إلى عقول
المسلمين. ثم بالغت فطلبت من
المشرفين البوذيين عليّ بعثة
تخصصية لمدة عام لأدرس الإسلام
في مصر الأزهر لأخترق الإسلام
في العمق. في مصر وقبل أن يمضي
العام تحولتُ إلى الإسلام. القصة
مكرورة، والنماذج متعددة،
علماء، ومفكرون، ومثقفون،
ومدنيون، وعسكريون، وسياسيون، كلهم
يقرون بحقيقة واحدة يرفض أن
يُقر بها الدارسون المعاندون،
هذه الحقيقة تلخصها لدينا آية (ليظهره
على الدين كله..) بالبساطة
الفطرية الأولية، وبالتركيب
العلمي العملي يخاطب الإسلام
العقول والقلوب فإذا تمكن منها
أصبح من العسير أن يتحول
الإنسان عنه إلا إذا أراد أن
يتاجر بانتكاسه أو ردته.. نعود
الآن إلى حقيقة من هم أبناء
الصحوة الإسلامية؟! أو لنقل من
هم أبناء
الظاهرة الإسلامية التي تمتد من
المحيط إلى المحيط، إلى المحيط..
هل هم حقاً أبناء العجز
والهزيمة والفقر والإحباط؟! تحت
أي عنوان من هذه العناوين سننظم
هؤلاء الذين يتحدون العجز
والهزيمة، ويتجرؤون عليهما؟! إن
مراجعة إحصائية موضوعية للقوام
البشري لهذه الظاهرة الإنسانية
العالمية ستضع طالبي المعرفة إن
كانوا صادقين في البحث عن
الحقيقة أن أبناء هذه الظاهرة
على مقاعد الطلب هم الأكفأ
والأقدر، وفي الحياة العامة هم
الأنجح، كثير منهم من أولئك
الذين ذهبوا للغرب يحتطبون
علماً وثقافة، فعادوا بالعلم،
ونقّبوا في الثقافة فتخيروا؛
نُقش في عقولهم، ونُفث في
قلوبهم أن الحكمة ضالتهم فبحثوا
عنها وابتضعوها وعادوا إلى
أمتهم روادا وقادة ودعاة. خدمة
للحقيقة، ولمصلحة الإنسانية،
يُطلب من مديري مراكز الدراسات،
وأصحاب الاستشارات التي تتحول
في غضون أشهر أو أيام إلى قرارات
أن يعيدوا تقويم الظاهرة، وأن
يتفحصوا بجد المقومات البشرية
العملية لأبناء هذا الدين
العظيم.. حديثنا
عن أبناء الإسلام العظيم هنا
ليس حديثا عن إسلام نعتوه بأنه (إسلام
سياسي) ينخرط أصحابه في مشروع
مطلبي مباشر فقط؛ وإنما هو حديث
عن سواد عام لأمة خسرت معركتها
العسكرية منذ ما يقرب من قرن
ويحاول أبناؤها وبناتها كلٌ على
طريقته أن يكون متراسا للدفاع
عن الهوية بمكوناتها وممثلا
لقيمها وأفكارها. أمة مهزوم- مع
كل الأسف- معظم قادتها،
يصمم على الحفاظ والبقاء جمهور
أبنائها نبدأ من لاجئة أمية شبه
عمياء في خيمة، وطريد لا يعرف إن
أمسى أين يصبح، إلى بائع متجول
يعرف أن عليه إذا انتصف النهار
وكان الزوال أن يتحلى بالوضاءة
التي تليق ليدخل على رب
العالمين مالك يوم الدين الفعل
نفسه الذي يفعله عالم الفضاء،
كما عالم الكيمياء، كما الطبيب
والأديب... كما العامل في هوليود
بؤرة الفساد والانحلال، ألم يكن
عاملاً في هوليود ذاك المسلم
الذي أخرج للإنسانية فيلم (الرسالة)
ورائعته عن (عمر المختار). بهذه
الطريقة من الرصد يمكن أن يُعاد
التقويم، وبمنهجية علمية
موضوعية راشدة يمكن البحث عن
نقطة الخطأ، عن الانحراف في أول
الزاوية، الانحراف المتمثل في
قياس الإسلام الدين (المنهج) على
المسيحية الغربية الدين (الكهنوت).
ومن ثم الحكم على الدين (المنهج)
المتسق مع الفطرة والقائم على
العقل بنفس الطريقة التي يحكم
بها على الأوهام وأضغاث الأحلام.
منهج تؤكد
قواعده الأولية رفض كل ما يخالف
بدائه العقول... إن
إعادة التقويم تعني تعرفاً
جديداً على الواقع بمعطياته كما
هي. ونحن هنا لا ندعي أن معطيات
الواقع الإسلامي على الصعيد
العملي أو على الصعيد البشري
مسددة مكملة بكل ما فيها، وأن
أبناء الإسلام رَشَدَةٌ
كَمَلَةٌ بكل أبعاد الرشد
والكمال. بل إن الذي نريد
التأكيد عليه أن مدد هذا الدين
البشري هو من ينابيع العلم
والثقافة، وأن أكثر الذين
تعلموا وتثقفوا وجربوا
وانفتحوا من أصحاب الفطر
السليمة من أبنائه عادوا إليه
ينشدون قول الفرزدق: وما أصاحب من قوم فأذكرهم إلا
يزيدهـمُ حبـاً إليّ همُ ونريد
أن نؤكد أن (الدين المنهج) دين
معطاء قابل وقادر على التمثل
والاستيعاب بقدر ما هو قادر على
الضبط والتنظيم والحفاظ، وبين
هذين المحورين يمكن أن نعلي،
على قواعد، البُنى الأكثر حداثة
في حياة الإنسان. (الدين
المنهج) هو دين مستوعب وليس
ديناً صادماً. دين احتواء
واشتمال وليس دين إقصاء
واستئصال، دين تعاون على الخير
والبر والتقوى، دين جاذب وليس
ديناً نابذاً. الدين المنهج هذا
هو الذي يمكن للإنسانية أن
تلتقي عليه وهو يترك للآخرين
حرية اختيارهم تحت عنوان كريم
عظيم (لكم دينكم ولي دين). --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الخميس
31/12/2009
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |