ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حماة.. المجزرة والتاريخ

ماض فات ومستقبل آتٍ

زهير سالم*

كتبنا قبل في هذا الموطن، وفي زاوية هذه الرؤية: من يطفئ منارات الدم؟! نادينا بأعلى الصوت: (يا سامعين الصوت). لم يرجع إلينا سوى الصدى محملاً بأنين المكلومين والمتوجعين، مصبوغاً بنجيع جراح لم تجف، ولا يريد لها البعض أن تجف؛ مع أنها الشاهد عليهم، وعلى من حولهم من الناطقين والصامتين!!

 

حماة المجزرة.. أمر قد كان، وقد انتظمت في سمط وقائع التاريخ السود، مع أخواتها المظلمات  من مثل وقعة الحَرَّة حين داهمت جيوش ( يزيد بن معاوية) المدينة المنورة فاستباحتها ليس كما استبيحت حماة في القرن العشرين، أو وقعة الحجاج بن يوسف الثقفي، بمكة يوم رمى الكعبة بالمنجنيق فأحرقها، وعلق ابن الحواري في رحاب البيت الحرام؛ كما لا يزال الأبرار من أبناء حماة معلقين، ولا أسماء تنادي: أما آن لهذا الفارس أن يترجل..

 

حماة المجزرة... في سياقها التاريخي ستبقى توأم  (كربلاء) بكل قسوتها ورهبتها وجلافة الذين نفذوها، وعظمة ضحاياها. ستبقى المدينة الصابرة المصابرة الشهيدة المتعالية صورة من صور بطولة الحسين، وإباء الحسين، وآلام الخذلان يكابدها الحسين، والعطش يكوي مع الموت جوف الحسين وحلقه وشفتيه. حماة المجزرة تبقى وتُبقي للذين نفذوها ما أبقى التاريخ لشمرابن ذي الجوشن أو لسيده عبيد الله بن زياد..

 

تبقى المجزرة في التاريخ الحديث واسطة عقد سابقاتها على يمينها كربلاء وعلى يسارها (هولاكو) وقبيح فعله يوم اقتحم بغداد، فقتل وأحرق واستباح، ويقترن بالمجزرة الأليمة ما كان يوم دخل الصليبيون بيت المقدس: وكتب فارسهم إلى سيده: لقد خاضت خيولنا في دماء المسلمين إلى الركب... تنتظم مأساة حماة ومجزرتها في سياق مدن الأندلس تتساقط في أيدي الصليبيين الإسبان، فتتسلط على عقول أبنائها وأجسادهم وأموالهم محاكم التفتيش يوم نادى شاعرنا..

 

لمثل هذا يذوب الأمر من كمد     إن كان في القلـب إسلام وإيمان

 

ونذكّر الذين يحاولون (فذلكة) المجزرة أن جميع الذين نفذوا تلك المجازر كان لديهم ما يقولونه. ويلقون به العبء أو المسئولية على الضحايا، على المدن المدمرة، وجماجم الأطفال المسحوقة تحت البساطير الغليظة،أو الرضع المذبوحين في حجور أمهاتهم، أو بطون النساء تبقر، أو في رؤوس الرجال ترضخ، كل الطغاة والسفاحين كانت لهم حججهم على المظلومين وذرائعهم ليفعلوا ما فعلوا، ولكن التاريخ لم يعبأ يوما بما قاله أو تذرع به الطغاة الجبارون.

 

أمر المجزرة غدا قدرا مقدورا، وقلادة إدانة تقلد عنق مرتكبيها، ذلك أمر يقال في مثله رفعت الأقلام وجفت الصحف، ويخطئ من يظن أن بإمكانه أن يغيّر التاريخ أو أن يصادره: فما فات فات. كلمة قالها القس بن ساعدة الإيادي منذ أيام الجاهلية. ما فات حقيقة لا يد لكم في تغييرها أو تجميلها.

 

ما فات فات ذلك شطر التاريخ و(كل ما هو آت آت..) هذا هو شطر المعادلة الثاني. الشطر الذي يمكن للعقلاء أن يُبدئوا ويُعيدوا في رسم ملامحه وفتح آفاقه..

 

يُخطئ من يظن أن سيطرته على لحظات من التاريخ الماضي ستمكنه من السيطرة على التاريخ (الآتي). و (إلى الأبد) مجرد شعار. ولم تكن الشعارات يوما تغني من الحق شيئاً.

 

لا يمكن لأحد أن يغير سطراً في سفر المجزرة التي يتنامى شهودها أضعاف أضعاف ضحاياها. شهود عدول كلهم، يحفظون ويتوارثون ويروون بإسناد العدول الضابطين: كيف قتل محمد وأحمد وعمر وعثمان، كيف استبيح الرجال والنساء، والشيوخ والأطفال، وكيف هدمت الأحياء والأوابد والمساجد والكنائس. وكيف استبيح في حماة أبي الفداء في صباح من صباحات شباط كل شيء..

 

تعتقدون أنكم ربحتم أو انتصرتم!! نعم أنتم ربحتم.. هكذا ظننتم. وابن حماة قبل المجزرة بربع قرن وضع نياشين رئاسة الجمهورية عن صدره. قال: لن أتسبب في إراقة الدم الوطني، غادر بهدوء، هو الآخر يظن أنه ربح بل انتصر، لنترك هذه للتاريخ..

 

وأنتم ربحتم في شراء الصمت،  أقولها مرة أخرى، لأمر ما يصعب على العاقل أن يفهمه. الصمت الإنساني والصمت الدولي والصمت الإقليمي والصمت العربي والصمت الرسمي والصمت الشعبي. يختلفون في العالم وفي الإقليم وبين الشعوب والحكام على كل شيء، ويتفقون عليكم.. سر يصعب على الكثيرين، وليس علينا، فهمه..

 

دعوني أقولها مرة أخرى: أنتم ربحتم... ولكن إلى حين!!

ونحن ومن موقع إيماننا بقول ربنا: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.

 

وقوله: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ..

 

لا تحيط بنا مصيبة وإن جلت، ولا تحبطنا واقعة وإن عظمت. نمتلك دائماً القدرة على الاحتساب أولاً، وعلى التسامي ثانياً لصناعة غدنا الوطني، ولإخراجه من ظلمات الشك والحيف والخوف والتردد إلى نور العدل، إلى سياق الفعل الإنساني المتحضر:

 

ملكنا فكان العدل منا سجية       فلما ملكتم سال بالدم أبطح

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 4/2/2010م


 

تعليقات القراء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

نقول لكل ظالم لقد ذم الله تعالى الظلم ونهى عنه فقال : ( وما للظالمين من أنصار ) . وقال: ( ما لهم من ولي ولا نصير ) وقال: ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) . وقال: ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) وقال: ( فقطع دابر القوم الذي ظلموا والحمد لله رب العالمين ). وفي الخبر: بئس الزاد إلى المعاد ظلم العباد. وقيل: الظلم مرتعه وخيم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الظلم ظلمات يوم القيامة. ويقال: ليس شيء أقرب من تغيير نعمة وتعجيل نقمة من الإقامة على الظلم. وقيل في قول الله تعالى " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون " وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. وقيل: على الظالم أن يكون وجلاً، وعلى المظلوم أن يكون جذلاً. وقد كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى عامل له: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك. ودخل رجل على سليمان بن عبد الملك فقال: أذكر يا أمير المؤمنين يوم الأذان. فقال: وما يوم الأذان؟ قال: اليوم الذي قال الله تعالى فيه: " فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " . فبكى سليمان وأزال ظلامته. وكان حفص بن عتاب لقيه الرشيد فأقبل عليه يسائله فقال في أثناء ذلك: نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك، وعين الله لم تنم!

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم فقال : اتقوا دعوة المظلوم فإنها مجابة. وقال بعضهم: دعوتان أرجو إحداهما وأخاف الأخرى، دعوة مظلوم أعنته، وضعيف ظلمته. وقيل: احذروا دعوة المظلوم فإنها لينة الحجاب.

فكم ارتفعت دعوات من المظلومين على الظالمين يوم حماه وغيرها فأين المفر!! القيامة أمامكم ، وعذاب الله ينتظركم ، ومحكمة العدل الإلهية تطاردكم وتطلبكم .

متعب اليمني

======================

ومن الكبائر التي لاتنسى

ظُلْمُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا قَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } .

وَقَالَ تَعَالَى : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } ، وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَرْكَنُوا إلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }وَقَالَ تَعَالَى : { اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } وقَالََ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .فإذا نجوا في الدنيا فلن ينجوا في الآخرة من يد أحكم الحاكمين يوم يقول الظالم : ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه

محمد النعيمي

==============

رحم الله شهداء حماة الأبرار وعلى رأسهم علماؤها الأطهار الذين مضوا الى جوار ربهم سائلين مولانا العلي القدير ان يجمعنا بهم في عليين على حوض نبينا صلى الله عليه وسلم0

رحم الله تعالى عمي الشيخ محمد أديب كيلاني وكل أساتذتنا و مشايخنا وأسأله تعالى ان تعود علينا هذه الذكرى وقد شحذنا الهمم وأخلصنا النوايا بصدق مع خالقنا ومع انفسنا وبين أخواننا أجمعين0

بارك ربي فيك أبا الطيب فانك تاتينا على الدوام بالطيب0

محمد دامس كيلاني

======================

الأستاذ الفاضل زهير

مقالك اليوم ليس مقالك وحدك ، إنه يحكي أشجان مئات الآلاف ، من أبناء بلدنا

الجريح ، ويعبر عن آمال الملايين من أبناء بلدنا العريق في غد أفضل .

فجزاك الله عنا وعن الأمة كل خير

الدكتور نبيل محمد علي

======================

لله أنت أيها الأخ الحبيب أبا الطيب ..

لله قلبك ، يفيض أسى وحزنا على الأبرياء ، شيوخا وأطفالا ، رجالا ونساء ، ورضعا وئدوا قبل أن ترى عيونهم النور .

ولله مشاعرك وأحاسيسك ، تعيش المأساة بعد ثلاثين عاما ، بكل ذرة فيك ، وكأنها جرت اليوم أو أمس .

ولله قلمك الذي يكتب اليوم بمداد من الدم الطاهر البريء، فإذا بالقلوب والمشاعر تعيش معك ذكرى المأساة الرهيبة بكل ألم ومرارة .

ولله عقلك الراجح ، الذي يأبى إلا أن ينظر إلى المأساة - على الرغم من كل آلامها ومراراتها - بعين الحكمة والبصيرة ، التي ترنو إلى غد مشرق ، ومستقبل أفضل ، لسورية الحبيبة .

عبداللطيف محمد علي الهاشمي

======================

ينصر دينك أبا الطيب ...

ليعلم الحاقدون المنغلقون أن ذاكرة الشعوب لاتنسى،وأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة ، وأن الأيام دول .

وليعلم العقلاء أنهم إن لم يطفئوا منارات الدم اليوم ، فوتوا على أنفسهم و على أبنائهم ، وعلى مستقبل بلدنا الحبيب فرصة قد لا تعوض !

فهل من مجيب ؟

ابن حماة الأبية  

======================

نعم، منذ عام كتبت، ولكن من الذي يقرأ . ومن من الذين يقرأون يستوعبون ؟

ولكن كما ذكرت سنيقى نترفع ونتسامى، ويعزينا أن الله لا يغفل عما يعمل الظالمون. ولن نعذر المرعوبين الذين ألجمت ألسنتهم عن الظلم الصارخ والنفاق الواضح

أبو رامز

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ