ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
حماة..
المجزرة والتاريخ ماض
فات ومستقبل آتٍ كتبنا
قبل في هذا الموطن، وفي
زاوية هذه الرؤية: من يطفئ
منارات الدم؟! نادينا بأعلى
الصوت: (يا سامعين الصوت). لم
يرجع إلينا سوى الصدى محملاً
بأنين المكلومين والمتوجعين،
مصبوغاً بنجيع جراح لم تجف، ولا
يريد لها البعض أن تجف؛ مع أنها
الشاهد عليهم، وعلى من حولهم من
الناطقين والصامتين!! حماة
المجزرة.. أمر قد كان، وقد
انتظمت في سمط وقائع التاريخ
السود، مع أخواتها المظلمات من
مثل وقعة الحَرَّة حين داهمت
جيوش ( يزيد بن معاوية) المدينة
المنورة فاستباحتها ليس كما
استبيحت حماة في القرن العشرين،
أو وقعة الحجاج بن يوسف الثقفي،
بمكة يوم رمى الكعبة بالمنجنيق
فأحرقها، وعلق ابن الحواري في
رحاب البيت الحرام؛ كما لا يزال
الأبرار من أبناء حماة معلقين،
ولا أسماء تنادي: أما آن لهذا
الفارس أن يترجل.. حماة
المجزرة... في سياقها التاريخي
ستبقى توأم (كربلاء)
بكل قسوتها ورهبتها وجلافة
الذين نفذوها، وعظمة ضحاياها.
ستبقى المدينة الصابرة
المصابرة الشهيدة المتعالية
صورة من صور بطولة الحسين،
وإباء الحسين، وآلام الخذلان
يكابدها الحسين، والعطش يكوي مع
الموت جوف الحسين وحلقه وشفتيه.
حماة المجزرة تبقى وتُبقي للذين
نفذوها ما أبقى التاريخ لشمرابن
ذي الجوشن أو لسيده عبيد الله بن
زياد.. تبقى
المجزرة في التاريخ الحديث
واسطة عقد سابقاتها على يمينها
كربلاء وعلى يسارها (هولاكو)
وقبيح فعله يوم اقتحم بغداد،
فقتل وأحرق واستباح، ويقترن
بالمجزرة الأليمة ما كان يوم
دخل الصليبيون بيت المقدس: وكتب
فارسهم إلى سيده: لقد خاضت
خيولنا في دماء المسلمين إلى
الركب... تنتظم مأساة حماة
ومجزرتها في سياق مدن الأندلس
تتساقط في أيدي الصليبيين
الإسبان، فتتسلط على عقول
أبنائها وأجسادهم وأموالهم
محاكم التفتيش يوم نادى شاعرنا.. لمثل هذا يذوب الأمر من كمد
إن كان في القلـب إسلام
وإيمان ونذكّر
الذين يحاولون (فذلكة) المجزرة
أن جميع الذين نفذوا تلك
المجازر كان لديهم ما يقولونه.
ويلقون به العبء أو المسئولية
على الضحايا، على المدن
المدمرة، وجماجم الأطفال
المسحوقة تحت البساطير
الغليظة،أو الرضع المذبوحين في
حجور أمهاتهم، أو بطون النساء
تبقر، أو في رؤوس الرجال ترضخ،
كل الطغاة والسفاحين كانت لهم
حججهم على المظلومين وذرائعهم
ليفعلوا ما فعلوا، ولكن التاريخ
لم يعبأ يوما بما قاله أو تذرع
به الطغاة الجبارون. أمر
المجزرة غدا قدرا مقدورا،
وقلادة إدانة تقلد عنق
مرتكبيها، ذلك أمر يقال في مثله
رفعت الأقلام وجفت الصحف، ويخطئ
من يظن أن بإمكانه أن يغيّر
التاريخ أو أن يصادره: فما
فات فات. كلمة قالها القس بن
ساعدة الإيادي منذ أيام
الجاهلية. ما فات حقيقة لا يد
لكم في تغييرها أو تجميلها. ما
فات فات ذلك شطر التاريخ و(كل ما
هو آت آت..) هذا هو شطر المعادلة
الثاني. الشطر الذي يمكن
للعقلاء أن يُبدئوا ويُعيدوا في
رسم ملامحه وفتح آفاقه.. يُخطئ
من يظن أن سيطرته على لحظات من
التاريخ الماضي ستمكنه من
السيطرة على التاريخ (الآتي). و (إلى
الأبد) مجرد شعار. ولم تكن
الشعارات يوما تغني من الحق
شيئاً. لا
يمكن لأحد أن يغير سطراً في سفر
المجزرة التي يتنامى شهودها
أضعاف أضعاف ضحاياها. شهود عدول
كلهم، يحفظون ويتوارثون ويروون
بإسناد العدول الضابطين: كيف
قتل محمد وأحمد وعمر وعثمان،
كيف استبيح الرجال والنساء،
والشيوخ والأطفال، وكيف هدمت
الأحياء والأوابد والمساجد
والكنائس. وكيف استبيح في حماة
أبي الفداء في صباح من صباحات
شباط كل شيء.. تعتقدون
أنكم ربحتم أو انتصرتم!! نعم
أنتم ربحتم.. هكذا ظننتم. وابن
حماة قبل المجزرة بربع قرن وضع
نياشين رئاسة الجمهورية عن صدره.
قال: لن أتسبب في إراقة الدم
الوطني، غادر بهدوء، هو الآخر
يظن أنه ربح بل انتصر، لنترك هذه
للتاريخ.. وأنتم
ربحتم في شراء الصمت،
أقولها مرة أخرى، لأمر ما
يصعب على العاقل أن يفهمه. الصمت
الإنساني والصمت الدولي والصمت
الإقليمي والصمت العربي والصمت
الرسمي والصمت الشعبي. يختلفون
في العالم وفي الإقليم وبين
الشعوب والحكام على كل شيء،
ويتفقون عليكم.. سر يصعب على
الكثيرين، وليس علينا، فهمه.. دعوني
أقولها مرة أخرى: أنتم ربحتم...
ولكن إلى حين!! ونحن
ومن موقع إيماننا بقول ربنا: مَا
أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي
الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ
إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ
أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ
عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. وقوله:
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا
كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ
مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ.. لا
تحيط بنا مصيبة وإن جلت، ولا
تحبطنا واقعة وإن عظمت. نمتلك
دائماً القدرة على الاحتساب
أولاً، وعلى التسامي ثانياً
لصناعة غدنا الوطني، ولإخراجه
من ظلمات الشك والحيف والخوف
والتردد إلى نور العدل، إلى
سياق الفعل الإنساني المتحضر: ملكنا فكان العدل منا سجية
فلما ملكتم سال بالدم
أبطح --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الخميس 4/2/2010م
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |