ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
اتجاهات
الشباب العربي ومشكلاته سورية
انموذجاً (6) شباب
الصحوة الإسلامية شباب الصحوة
الإسلامية: يرصد
الدارسون والمتابعون في جميع
المجتمعات العربية والمسلمة
تنامي ظاهرة الالتزام
الإسلامي، سواء على الصعيد
الفكري أو على صعيد السلوك
الشخصي. وقد كُتب الكثير في
تحليل هذه الظاهرة وتحديد
أسبابها، واعتبرها البعض ظاهرة
خارجة على سياق التاريخ الحضاري
كما يتصورونه، ورأوا فيها حركة
رجعية ارتدادية عما يدعونه
تقدما وتحررا وعصرنة.
ففي عصر الدولة القطرية
الراهنة التي قامت على الخلفيات
الثقافية والسياسية الغربية،
والحاملة لمشروع الغرب الثقافي
والاجتماعي عبر المدخلات (
المدرسية ) و( الإعلامية )
المتعددة القنوات؛ كان المنتظر
جيلا أكثر مطاوعة لمعطيات
المشروع الغربي المتمرد على
الكنيسة والدين معا، ولكن
المخرجات كانت كما نشهد ويرصدون!!
وكان فيما كُتب في تحليل هذه
الظاهرة الكثير من الخبط
والخلط، وأول الخطأ الذي يقع
فيه أصحابه دراسة الظاهرة
بمناهج غريبة عنها. نؤكد هنا
باختصار أن
الأسباب الرئيسية للظاهرة
الخارجة على منطق التاريخ
السائد، كما يزعمون، إنما تكمن
في (طبيعة الإسلام الظاهرة)
بمعنى الغالبة؛ أخذا من قوله
وتعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ). يُؤيد ذلك
الانحيازُ غير المنقطع إلى هذا
الدين العظيم من غير أبنائه ومن
كبار رجال العلم والفكر في
العالم( راجع سلسلة عادوا
إلى الفطرة على موقع الشرق
العربي). وسبب آخر رئيسي لظاهرة
المد الإسلامي يكمن في انتشار
العلم والثقافة بين المسلمين،
فالقرآن الكريم في أصل تنزيله
كان خطابا لقوم يعقلون ولقوم
يتفكرون، وآياته العظيمة
الجليلة إنما كانت لهؤلاء أصلا (وَتِلْكَ
الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا
لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا
إِلاَّ الْعَالِمُونَ) و(إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِّلْعَالِمِينَ). ومن أسباب
استعلان هذه الظاهرة، من ثم،
المؤامرة الدولية الكبرى التي
تنفذ على هذه الأمة وتستهدف
عقائدها وثوابتها وهويتها
وأرضها فينبه ذلك في أبنائها
روح الحفاظ والدفاع، ومن تلك
الأسباب على سبيل الإجمال
الإخفاق المتكرر الذي صاحب
أصحاب المذاهب المخالفة، ومنها
تلازم المشروع التغريبي في بلاد
المسلمين مع أقنومي الاستبداد
والفساد. يحاول
الكثير من الدارسين من المنتمين
إلى الإسلام أو المنتمين إلى
غيره من المناهج أو الأديان أن
يربطوا الظاهرة الإسلامية
بالفقر والتخلف والبطالة
والعجز والضعف ليتخلصوا بذلك
إلى ربط الإسلام العقيدة
والشريعة بفرسان الشر أولئك!!
ولكن الرصد العملي الحقيقي يؤكد
أن القوم إنما يخادعون أنفسهم
وما يشعرون. وشهادة الواقع وهي
أبلغ من كل زعم يردده
المتواطئون على تشويه أمر
الإسلام ، وتعبئة الرأي العام
ضده؛ ترد
شهادة الواقع هذه ما يدعون،
وتؤكد أن أبناء الظاهرة
الإسلامية على العموم ينتمون
إلى العلم والمعرفة والعزيمة
والمبادرة والإنجاز، حقيقة لا
تعدم شذوذها الذي يؤيدها
ويدعمها. وقد سبق أن وضحنا ذلك
في مقالنا ( أبناء
الإسلام...) المقام
هنا يقتضينا
أن نشير إلى عراقة أسلوب الكيد
هذا منذ كانت رسل ودعوات؛ إذ ما
أكثر ما ردد الملأ من
المستكبرين في مواجهة الرسل
الكرام: وما نراك اتبعك إلا
أراذلنا بادي الرأي.) سنة ماضية
في المكذبين والكائدين.
والحديث
عن هذا الظاهرة بهذا التعميم
الكلي لا يوفيها حقها من النظر
والنقد والتقويم. ذلك أن هذه
الظاهرة وإن كانت في مصدرها
ربانية معصومة فهي في اشتقاقها
لمناهجها، و في تمثلاتها
الإنسانية الجماعية والفردية
بشرية يعتورها النقص ويجوز
عليها القصور والخطأ، ومن هنا
فقد انتهت مسيرة المد الإسلامي
في بعض تطوراتها إلى مسارات
متقاطعة أو متوازية وأحيانا
متضاربة ، فيها أشكال من الغلو
في الفهم أو في الموقف أو في
المنهج. وأصبحت هي الأخرى بحاجة
إلى النقد والتقويم والمتابعة
ليُنفى عن هذا الدين غلو
الغالين وانتحال المبطلين.(
يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله
ينفون عنه غلو الغالين وانتحال
المبطلين) غلو
وانتحال وتطرف يمنة تارة ويسرى
أخرى، يتناسب كل أولئك مع ما في
النفوس البشرية بشكل عام من
نزعات واندفاعات وإفراط
وتفريط، نجد لها شواهدها في
تاريخ الملل والنحل كما في
تاريخ الإسلام. ومما يصعِّب
عملية التقويم والتسديد على هذا
المحور ما يتعرض له علماء هذا
الدين الراشدون من اضطهاد
وإقصاء وتضييق، وما يتعرض له
أتباعه من متابعة واتهام
واعتقال وتشريد، ثم ثالثا ما
يبذل من جهود مدروسة منظمة لحرف
أبنائه عن مساره الجليل، تارة
في مسالك الدروشة والسلبية
والعزلة وأخرى في ميادين الغلو
والتطرف ليكونوا حصادا لسيف
الإثم بالحجة الساطعة والبينة
القاطعة.
شباب
الصحوة الإسلامية الذين نتحدث
عنهم هنا هم شريحة من الشباب
العربي والوطني وجدت في الإسلام
الحصن والدرع والرسالة والدور،
وهي تتابع ما يتعرض له الإسلام
ودعاته وأبناؤه وبناته منذ قرن
على أيدي المستعمرين القدامى
والجدد والحاطبين في حبالهم.. ربما
كان من الأسهل منذ عقدين أن
نختصر الحديث عن طبيعة هذا
التيار العام في بنية المجتمع
المسلم. وربما كانت طبيعة هذا
التيار في ذلك الوقت على اختلاف
بين أتباعه أكثر وحدة وانسجاما.. أما
اليوم فقد أصبح من العسير أن
تتحدث عن هذا التيار بالرؤية
الواحدة الموحدة. لم تعد وحدة
العنوان تعني دائما وحدة
المضمون، وربما يجد المتفحص من
التباينات بين أبناء هذا التيار
بعنوانه العام من المفارقات ما
لا يوجد، على صعيد الوسائل
والآليات، بين الإسلاميين
ومخالفيهم على سبيل المثال.
وسنكتفي في دراستنا هذه الوقوف
على ثلاثة نماذج في بنية التيار
الإسلامي الكبير: الأنموذج
الأول شباب
في مدرسة السلوك الإسلامي
الرشيد
نجد في هذا الإطار شبابا
ينتمي إلى مدرسة السلوك
الإسلامي الرشيد على الصعيدين
الفردي والجماعي، مدرسة التصوف
السني القويم. والتصوف كما هو
معروف في تاريخ الإسلام
سعي دائب إلى تهذيب النفس
وتقويم الخُلُق، والارتقاء
بالالتزام من أعمال الجوارح إلى
التدقيق في عوالم الشعور، القلب
والنفس، ومحاسبة الذات على
مكنونات الضمائر، واهتزاز
المشاعر والهواجس والوساوس،
والانفتاح على حقائق الوجود
الكبرى، و الإطلالة عليها من
علُ كما يقول السادة العارفون
وهم يقررون أن قلب الإنسان
الصغير قد انطوى على حقائق
الكون الكبير.. وتزعم أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر في مدرسة التصوف هذه
بما تمتلك من مغذيات الطلاقة
المولدة لإرادة الخير للخلق
أجمعين (كان يُصغي الإناء للهرة
العطشى)، ويحدب على المرأة
والمسكين، والحرص على سلامة
القلب والعقل فلا يتحرك متحرك
فيهما ولا يسكن ساكن إلا بجواز
سفر، وتدقيق حساب؛
يفجؤنا في بنية هذا التوجه
الخيّر في القرن الحادي
والعشرين انبعاث تيار صوفي سلبي
منكمش، كانت له جذوره
التاريخية، وظننا لفترة أنه قد
مُحيت آثاره وطُويت أعلامه..
فإذا جيل جديد من شباب وطننا
ينخرط في مدرسة للسلبية القاتلة
عنوانها:
لا تدبر لك أمرا
فأصحاب التدبير هلكى
سلم الأمر إلينا
نحن أولى بك منكَا أما ولاية الله فنعم
الولاية، أما السكون أمام دواعي
التدبير فهو الذي لم يأت به شرع
ولا دين. أو قوله...
فاترك الحيلة فيها
واتئـد
إنما الحيلة في ترك الحيل أو إن شئت
حبك الأوطان عجز ظاهـر
فاغترب تلق عن الأهل بدل أو إذا أحببت أو أحب
صاحب السلطان:
جانب السلطان واحذر بطشه
لا تعانـد من إذا
قال فعـل وعقيدة
( ما أفلح مريد قال لشيخه: لم؟) أو
حتى يكون بين يدي الشيخ ( كالميت
بين يدي الغاسل أو كالخشبة
الطافية على وجه الماء). لم
يعد التصوف عند فريق من هؤلاء،
كما قيل عنه عند الأعلام: سلوك
وحضور. بل أصبح غياب وفناء،
بتفسيرات سلبية تنتزع المسلم من
مجتمعه وأسرته وحياته أيضا!! مدرسة
بل محرقة تلتهم فريقا من أبناء
الأمة تُعجب أصحاب الزمان ورجال
السلطان!! وتجد خطوط إمدادها
وتشجيعها، مع شديد الاستغراب،
تنطلق من واشنطن وبروكسل لتخترق
صعيد مصر إلى سهول الجزيرة
السورية طبعا إلى أعماق الأعماق
في جميع بلاد( إسلام ستان) ويجد
دعاتها ومريدوها من التشجيع
والرعاية ومن التغذية بالخطط
والبرامج لانتشارها وتوسيع
مملكة أتباعها في حلقات للوجد
تقضي الليل على أنغام: هل رأى الحب سكارى مثلنا
وقود هذه النار ( الحطمة)
بعضٌ من شباب هذه الأمة وهذا
الوطن، هم أيضا يشكلون خطرا
داهما على الحاضر والمستقبل،
وعلى أنفسهم وديارهم، وهم أيضا
لهم الحق على كل من ولي لهم أمرا
بأي شكل من أشكال الولاية
المادية أو المعنوية أن يضع لهم
الخطط والبرامج العملية
لتنبيههم من غفلة، وإعادتهم إلى
رشد، ووضعهم على صراط.. إن
الإمداد المباشر وغير المباشر
الذي يلقاه قادة هذا التيار
ومريدوه من المحيط إلى المحيط
يؤشر في أبسط دلالاته على حالة
من اللامبالاة بمصير هذه الأمة
وبمستقبل أبنائها. وإذا كنا
نصطف بقوة إلى جانب حرية الفرد
في جوانبها الشخصية المتعددة؛ فإننا
نؤكد دائما أن الإنسان الفرد
وفي جميع الثقافات والمجتمعات
بحاجة إلى الرعاية والتبصير لكي
لا ينتهي إلى حالة من الارتكاس
تتجاوز كرامته الإنسانية، حين
يقرر أن يعطي الاستقالة لعقله
أو قلبه أو ضميره.
مقابل
التصوف الإيجابي الطليق الذي
يكشف للإنسان أسرار وجوده هناك
هذا التصوف السلبي الذي يزيّن
بعض الشيوخ عن طريقه السلبية
والقنوط والقناعة، ليس بمعنى
الرضا بل بمعنى الخنوع، يزينون
للفرد القعود عن العمل وترك
الدنيا المزرعة لأهلها يحرثون
فيها ويزرعون. وهذا تيار يجد
تغذيته مع الأسف من الجهات التي
ينبغي أن تكون أكثر مناهضة له. خطر
آخر يتهدد شباب أمتنا، ويلف
فريقا من أبناء وطننا بشكل خاص،
وهم بحاجة إلى برنامج ومنهج
ومرآة مرشد راشد توقظ العقل
وتعيده إلى قوس (لعلكم تتفكرون..،
لعلكم تتذكرون.. لعلكم تعقلون..)
و(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى
لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ
شَهِيدٌ). يتبع --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الأحد
7/2/2010م بقلم:
زهير سالم * أخبار
الشرق – 6 شباط/ فبراير 2010 منذ
ما يقرب من ثلاثين عاماً التقطت
أذناي لأول مرة صوت الفنان
المبدع والمنشد الراقي "أبو
راتب". كان أبو راتب ما زال
شابا أو لأقل فتى يافعاً
ورائعاً. التقطت أذناي صوت أبي
راتب في مجلس من مجالس أهل
التصوف، الذين يهيمون بأناشيد
الحب والصفاء والدعوة إلى
الانفتاح على الإنسان في جوهره
الإنساني مرددين أقوال معلميهم
بالحديث عن دين للحب يضفي روحه
على علاقة الإنسان بالإنسان على
مذهب من قال منهم: أدين
بدين الحب حيث سارت ركائبه .. سألت
عن أبي راتب فعرفت أنه واحد من
الهائمين في حب الله، وحب
الناس، وأنه ليس له أي التزام
حزبي أو سياسي، وأن لا سبيل إلى
الطمع على هذا الطريق فيه، فهو
يُؤثر أن يطرب بصوته المخملي
الرقيق كل المحبين والهائمين
بحب الله وحب الفضيلة وحب الخير
والجمال .. ثم
قليلا ما جمعتنا المجالس أو
المحافل بأبي راتب وإنما كنا
على اتصال دائم به من خلال ذلك
الصوت العذب ينساب من السمع إلى
الفؤاد والعقل يحمل الرسائل
التي تدعو إلى التسامي وإلى
الحب بل إلى الصلابة في الحب
دفاعا عن إنسانية الإنسان .. أنشد
أبو راتب في حب الله الرحمن
الرحيم، وتغنى بالشوق إلى رسول
الله صاحب الخلق العظيم، وردد
أحاديث الفضائل، ورسم صورة
الإنسان كما يجب أن يكون، دافع
عن الحب والعائلة، انتصر للمرأة
أما وزوجا وجهر الصوت بالدفاع
عنهما وعلمنا أن همس الحب يمكن
أن يكون جهرا فهو ليس إثما ولا
عيبا، وأنشد أبو راتب
للمستضعفين، ودافع عن رسالة
السلام في أبعاده النفسية
والاجتماعية والسياسية. وقال
للمتكبرين الذين يجتاحون كل شيء:
كفى .. وخلال
سنوات الهجرة الطويلة انتقل أبو
راشد من منشد مجلس في حفل صوفي
خاص ليكون منشدا عالميا يطرب
لصوته الناعم والمؤثر ملايين
المسلمين يدعوهم إلى الحب
والفضيلة والسلام. وتقدم أبو
راتب ليكون له موقعه في رابطة
الفن الإسلامي، وليكون المحكم
في أكثر من مسابقة إسلامية بين
السائرين على الطريق. حين
تناهى إلى أسماع ملايين
المعجبين أن أبا راتب رهن
التوقيف في الولايات المتحدة
قالت لهم الصدمة: ماذا جرى
للعالم؟! أيعقل أن يوضع طائر
الحب الغرّيد في قفص؟! أي
مخالفة، ولو كانت مخالفة سير
يمكن أن يرتكبها فنان يمتلك
رهافة أبي راتب وإحساسه الحيوي
بالحياة والناس والحب؟! هل يدرك
هؤلاء الذين يعتقلون منشد الحب
هذا أي رسالة سلبية يرسلونها
لملايين المسلمين وليس العرب
وحدهم حول العالم ..؟! نعتقد
جازمين أن خبر توقيف أبي راتب لا
يحمل الرسالة الإيجابية
المناسبة للعقول والقلوب،
ونفتقد مع الملايين من الذين
تعودوا أن يلقوا أسماعهم في
الحضن الدافئ لصوت أبي راتب
يُطرب ويُمتع ويُعلم الصوتَ
والطائرَ والشجرةَ والأغصانَ،
ونتمنى على الذين اتخذوا قرارهم
الخطأ في الزمان الخطأ أن
يبادروا إلى تصحيحه، فيعيدوا
الطائر إلى غصنه وينفوا عن
ملايين القلوب حول العالم القلق
والتوجس، ويعيدوها إلى
الاستقرار في حضن صوت أبي راتب
ينشدنا عن الحرية من جديد. __________ * مدير
مركز الشرق العربي للدراسات
الحضارية والإستراتيجية
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |