ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
ذكـرى
الوحـدة بكائية
على الأطلال أو محطة
لتجديد العزم تمر
بنا ذكرى الإعلان عن الوحدة
العربية الأولى بين سورية ومصر
منذ اثنين وخمسين عاماً. يقول
البعض: كانت الوحدة.. ويكثر
البكاء على ملك مُضاع، وحلم
مفقود. ويقول آخرون :كانت الوحدة..
ويتناوب كتاب ومثقفون على تداول
المواقف، وتبادل الاتهامات.
يتباكون أو يتساءلون: من دمر
الوحدة؟ ولماذا؟ يؤثر البعض
الوقوف على أطلال الذكرى
وقفة الشاعر العربي على أطلال
خولة وأم أوفى، أو أن يجعلوا من
رحاب الذكرى مجلس عزاء كربلائي
تُلطم فيه الخدود وتُشق الجيوب.. ويلتفت
آخرون إلى وجوه كئيبة في تلك
الذكرى، فيُسرون حسوا في
ارتغاء، ليتخلصوا
من خلال نقد موضوعي أو غير
موضوعي للمرحلة، إلى التشكيك في
الوحدة؛ الهدف والأمل
والإمكانية والجدوى، وليزيّنوا
القناعة بالواقع الذي صنعته
رؤوس رماح الغزاة والطامعين،
والذي يشكل مصالح راهنة لفرقاء
متشاكسين، ليس منهم بالطبع
الأمة التي تمثل جسد الوحدة
وقوامها.. في
ذكرى الوحدة علينا أن نعترف بأن
الوحدة، على الرغم من كل ما
صاحبها وما شابها، كانت إنجازاً
قومياً ضرورياً ومهماً يستحق أن
نضحّيَ من أجله بالكثير.. وعلينا
أن نعترف أن كل المعاذير التي
يُشار إليها كمسوّغات
للانفصال، والتي يمكن أن تختصر
في عناوين مثل الاستبداد
والفساد والاستئثار، لا تزال
جزءاً من واقعنا في مصر وفي
سورية على السواء. خسرنا
الوحدة، ولم نربح ما يقابل ذلك
البلاء. فقد كان للبلاء أسبابه
التي كانت وما تزال. وعلينا
أن نعترف أن الذين انقلبوا على
الوحدة، انقلبوا على التجربة
الأفضل في تاريخ الأمة المعاصر،
وتركوا للتكريس كل ما يُشتكى
منه من أمرها، ولو على أيدي
أشخاص آخرين.. في
ذكرى الوحدة، علينا أن نعترف
بأن الوحدة كانت محاولة عربية
جماهيرية. ودرس الوحدة العربية
الأول، أن دور الجماهير في
صناعتها كان أكبر من دور
القيادات. كان سيل الوحدة
الجماهيري هادراً يسوق
القيادات إلى الخيار الذي لم
يكن لهم منه بدّ.. وفي
ذكرى الوحدة علينا أن ننظر
إليها (كتجربة) ربما لم
تكتمل شروطها، وأن تكون
وقفتنا عند الماضي لاقتناص
العبر، واستخلاص الدروس وليس
فقط لتمجيد التاريخ والغزل
بالأشخاص.. مهما
اختلفنا في تقويم الماضي،
والحديث عن إيجابيات التجرية
وسلبياتها، لا ينبغي أن يصل بنا
الاختلاف إلى حد التشكيك في (الوحدة)
الهدف الجامع الذي كان جامعاً
ويجب أن يتحول واقعا . لم أستطع أن أقول
حسب مقتضى السياق: الهدف الذي
كان جامعاً وما يزال!! وليس
من المقبول تحت أي مدخل وعنوان
التشكيك في الهدف أو النيل منه
أو إضعاف الإيمان به، أو تبريد
الأشواق التي تدعمه. في
ذكرى الوحدة نتمنى أن يكون
المستقبل الواحد للأمة
الواحدة، في أفقيها العربي
والإسلامي هو محور خطابنا.
في رؤية علمية موضوعية
مركّزة. أن تكون (الوحدة)
استراتيجية عربية جامعة على
مستوى التثقيف وعلى مستوى
التبشير وعلى مستوى التخطيط.
تلك هي ابتداء مهمة النخبة
المثقفة الطليعية من أبناء
الأمة. النخبة التي تؤمن أولا
بوجود الأمة. وبرسالتها.
ومكانتها. لا بد من إعادة طرح
المدخلات الثقافية الأولية
لإعادة التأسيس للفكر الوحدوي
الذي اغتاله الواقع السياسي
المدمر، واغتالته أيضاً
توظيفات سياسات العولمة
السلبية على يد بعض المغرضين من
أتباعها.. الوحدة
التي صنعتها الجماهير سنة 1958
أسّس لها جيل من المفكرين
والكتاب والسياسيين والشعراء.
حالة النكوص القومي تدعونا إلى
استئناف التأسيس الثقافي الذي يعيد
للوحدة مكانتها في رأس الأجندة
الجماهيرية. وأول
الطريق إلى ثقافة التأسيس هذه
أن يتوقف الكتاب والمثقفون عن
تكريس الحالة القطرية. وعن
اعتبارها حالة ثابتة ومستقرة،
والتغني بجمال عينيها.. الوجود
القطري.. وجود طارئ. والهوية
القطرية بالمعنى الضيق حديث عن
وهم. وترداد أن الوحدة تصنعها
المصالح فقط يحتاج إلى التمعن
في (التفقيط) هذا.. للتأسيس
للخطاب الوحدوي المعاصر نقترح
على الكتاب والمثقفين
والمفكرين وضع أبجدية عربية
لخطاب عربي جديد، خطاب عربي
يشدنا إلى المستقبل، ويشحذ في
أجيالنا العزيمة، ويعود بنا
وبهم إلى فضاءات: لنـا العراق والشآم
ومصر والبيت الحرام --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الاثنين
22/2/2010
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |