ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الدرس
من جوزيف بايدن لا
عجب أن يُلقب نائب الرئيس
الأمريكي في البيت الأبيض برجل (الزلات).
ولا عجب أيضاً، وهو من هو، أن
تصاحبه نذر الشؤم في رحلته
الأخيرة إلى المنطقة، بدءاً من
مرض الرئيس المصري حسني مبارك،
واضطراره، من أجل عملية جراحية
بسيطة (استئصال مرارة على ما قيل)،
أن يسافر للعلاج في ألمانيا،
ولا ندري إن كان في هذا إهانة
لأطباء مصر العظام، أو
لمستشفياتها العتيدة، أو
للإنسان المصري الذي لا يرضى
رئيسه لنفسه ما يرضاه لمواطنيه.. نقول
بدأ نذير الشؤم مع بايدن منذ
غياب الرئيس المصري الذي كان
على جدول الزيارة، ولم ينته عند
انكسار هدية نتنياهو لجو
العزيز، وكأن نتنياهو يقول
لصاحبه: لا تستحقون أكثر من هذا،
ثم بانقطاع التيار الكهربائي في
إحدى زيارات جوزيف للمتاحف
المقدسة لتكون الصلاة في ظلام،
وأخيراً في الإعلان عن بناء 1600
وحدة استيطانية جديدة على أرض
القدس الذي جاء صفعة على وجوه
حاملي جنازة السلام. ولقد
حاول السيد جوزيف، أن يمتص
الصدمة، وأن يُظهر أريحية غير
عادية في قبول اعتذار نتنياهو،
واعتبار أن مشكلة الاستيطان في
مسلسلها الجديد (أصبحت وراءنا)،
لأنه غير مستعد أن يمثل وجه
الإدارة الأمريكية الخشن (وجه
المقابحة كما نقول) في مواجهة
الصهيونية، مما اضطر وزيرة
الخارجية كلينتون والمتحدثون
باسم البيت الأبيض أن يستدركوا
على البائس جوزيف موقفه، وأن
يعيدوا الكرة إلى ملعب نتنياهو،
بإعلانهم أن ما جرى لم يكن
مقبولاً. وأن المشكلة ما تزال
أمامنا. ولا ندري إن كان ذلك
نوعاً من الدفع حتى تبرد
الخواطر العربية التي توقع لها
البعض أن تسخن باجتماع مجموعة
المتابعة في الجامعة العربية،
أو أنه محاولة ربع جادة من
الإدارة الأمريكية لإعطاء دور
الوسيط النزيه بعض مصداقيته. كل
هذا بالنسبة إلينا ليس أكثر من
أمواج تتكسر على صخور الشواطئ
الصلاب، وزبد يذهب بعضه ببعض
جفاء. ومع أن الرأي العام العربي
كان يطالب برد واضح على مواقف
وسياسات نتنياهو؛ إلا أن حديث
الوسيط الأكثر تطرفاً من العدو
نفسه والذي صدر عن السيد جوزيف
بايدن في الجامعة العبرية أصبح
هو الآن الأولى بالرد والأولى
بالموقف. حين
كنت أتابع
الكلمات تنثال من بين شفتي
الرجل وهو يبث الضراعة تحت
أقدام الصهاينة، ويستجدي الرضا
ويعرّف بتاريخه وتاريخ أبيه في
خدمة المشروع الصهيوني، ويلعن
حظه العاثر الذي لم يمنحه بركة
أن يولد من أبوين يهوديين ليكون
صهيونياً، ويذكّر باستدراك
والده عليه بأنه يمكن أن يكون
صهيونياً دون أن يكون يهودياً.. حين
كنت أستمع إليه وهو (يتمطق)
بالحديث عن الفاجعة اليهودية
وعن إحساسه الإنساني (المزيف
الذي يرتضي على الوجه المقابل
أن يُذبح شعب ويشرد من أرضه
ودياره في مشروع خبيث كالمشروع
الصهيوني له كل الأبعاد إلا
البعد الإنساني المزعوم..)
حين كنت أتابع كل ذلك كنت
أشفق على الإنسان في شخص جوزيف
بايدن. أرثي لهذا المسكين الذي
يضطره حبه (للزعامة) أوحرصه على (البقاء
والدور السياسي) أن يهين نفسه
بمثل هذه الضراعة تصدر عن نائب
رئيس لما يسمى أعظم دولة في
العالم استرضاءً لمجموعة من
صغار الطلاب في قاعة محاضرات..!! حين
استمعت إلى ضراعات بايدن وهو
يرتل آيات الولاء، ويذرف دموع
الندامة كما تفعل الزعامات
الهشة حين تنهار على عتبات
رغباتها أو مصالحها الصغيرة؛
تماما كما فعل بايدن في الجامعة
العبرية، أو كما يفعل الكثير من
أدعياء الزعامات الكرتونية في
هذا العالم؛ تذكرت شموخ
الفلسطينية أم محمد ، على شاشة
الفضاء وقد فقدت ولديها!!! (أم
محمد) تلك الأمية التي يعتدون
أميتها رقما من أرقام التخلف في
أمتنا، تذكرتها تقول وقد رمت
بندقيتها بجانب الحائط، رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) أوذي،
ورسول الله حورب، ورسول الله
جاهد، ورسول
الله جاع... امرأة أمية مستضعفة
ثكلى مسحوقة محاصرة في قوم
محاصرين بنفس عظيمة كنفسها تصطف
تلقائيا إلى جانب العظماء.. حين
تابعت حديث البائس بايدن يتلو
آيات ولائه تذكرت المستضعفين،
نعم المستضعفين والمشردين
والمهجرين من أبناء هذه الأمة،
تذكرتهم بلأوائهم تحت كل نجم،
يحمل كل واحد منهم همه على
كاهله، وهمه مما تنوء به
الجبال، ثم يُراود عن بعض كرامة..
فيجيب: لا بملء فيه؛ لا.. يرفع
بها الصوت في غزة وفي لبنان وفي
سورية وفي العراق وفي أفغانستان
وفي كل مكان، يقال للمستضعفين
هؤلاء: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُواْ لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ) فيزيدهم ذلك
إيماناً وإصراراً وتعالياً
وشموخاً وتوكلاً واحتساباً
ويقولون: (حَسْبُنَا اللَّهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). أشفقت
على جوزيف بايدن الإنسان يمرغ
كرامته تحت أقدام طلبة صغار
ليضم زلة إلى زلاته الكبيرة
والكثيرة، حيث نسي في ساعة ذوبه
الغرامي (المصطنع) أنه نائب رئيس
أكبر دولة في العالم، نسي أن
الرئيس أو الزعيم يستمد
قيمته من الهيئة البشرية أو
السياسية التي يمثلها، ونسي
أنه جاء المنطقة وسيطا، وأن ما
يظن أنه كلام في لحظة (تخل)،
المصطلح الجديد الذي ينضم اليوم
إلى المصطلحات السياسية، تسمعه
الدنيا كلها، ويسمعه على الطرف
الآخر من يؤمن بجوزيف بايدن
ويتوكل عليه، ومن يعرفه قبل أن
يجيء ويفهمه قبل أن يقول..!!! زعم
بايدن أن والده قال له مؤكدا
انتصار المشروع الصهيوني: إنه
بالإرادة والصبر والتصميم يمكن
للآمال أن تتحقق مهما بدت بعيدة.. صدقت
سيد جوزيف وثق تماماً أن هذه
الحقيقة تعمر قلوب مليار ونصف
المليار من البشر. بالإرادة
والعزيمة والصبر تتحقق الأهداف.
نحن أيضا نؤمن بهذا، وربما يكون
هذا هو الدرس المفيد الوحيد
الذي نطقت به. إيمان
في مواجهة إيمان، وإرادة مقابل
إرادة، وصبر ومصابرة حتى يحكم
الله بيننا بالحق، وإن غدنا
لناظره قريب.. --------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الثلاثاء
16/3/2010
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |