ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 18/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محمد عابد الجابري

وأغلوطة الخلط بين منبع النهر ومصبه

زهير سالم*

 

توفي هذا الأسبوع المفكر العربي محمد عابد الجابري الذي حاول بكتاباته الناقدة عن العقل العربي أن يحرك البحيرة الفكرية الساكنة منذ دهر طويل. تأمل محمد عابد الجابري طويلا، وكتب كثيرا، أثار مشكلات، وتتبع حقائق، وأصاب في مواطن، ولعله، وهذا لا يضيره، أخطأ في أخرى. وكأن الذي حجب شمس الأفكار التي طرحها المرحوم الجابري عن عامة المثقفين، أنه كان يعيش عصر المأمون والأمة من حوله تعيش عصر الفتنة الكبرى. فالتأمل العقلي هو وليد الاستقرار والبلهنية، أكثر منه عصر القلق و الخوف والجوع.

 

دارسون وكتاب كثيرون تعلقوا بما كتب المرحوم الجابري، وجلسوا على مائدته، واغترفوا من إنائه، بعضهم قرأه مؤيدا وبعضهم مشككا، وبعضهم  متعقبا، كتب الجابري في تكوين العقل العربي وفي نقد العقل العربي وكتب آخرون في نقد النقد وفي نفي العقل العربي، وإقالته، وفي نسبة الاستقالة ليس فقط إلى العقل وذويه، بل إلى الدين الذي يصر البعض على وسمه بأنه دين عربي.

 

ولعل من المحاور المهمة التي عمل الدكتور الجابري رحمه الله على توضيحها، بذله الجهد الدائب لتصحيح الأغلوطة السائدة المتمثلة في الخلط بين منبع الفكر الإنساني ومصبه، أو بعبارة أخرى السياسات الاستعلائية التي تحاول استلاب البدايات لمصلحة الذين يمسكون بالنهايات.

وعندما أقول الأغلوطة السائدة أقصد التركيز على ما هو شائع عند عامة المثقفين والباحثين في الغرب، والذي يروج له الكثير من السياسيين من أن الفكر بدأ إغريقيا يونانيا وعبر رومانيا لينتهي أوربيا. شكل آخر من أشكال الادعاء للعرق الآري المتفوق. ووصف هذه الأغلوطة بأنها سائدة لا ينفي وجود بعض المنصفين والمدققين من العلماء الذين يرفضونها أو ينقضونها، ليردوا الحق إلى نصابه، وليقرءوا تاريخ الحضارة والإنسان قراءة متأنية موضوعية.

 

بالنسبة إلينا نؤمن أولا بوحدة عالم الخلق كما نؤمن بوحدة الخالق. ونؤمن بكرامة الإنسان وبقدراته على اختلاف اللون والجنس والوطن التي تجعله مؤهلا للتكليف ومؤهلا للتفكير وقادرا على الإبداع. نؤمن بوحدة الحضارة الإنسانية، والمعرفة الإنسانية، وأن المعرفة في تراتبيتها الإنسانية لا هوية لها. ونؤكد على مكانة العقل البشري وقوانينه وميادينه.

 

حين يتحدث الدكتور الجابري رحمه الله عن العقل العرفاني والعقل البياني والعقل البرهاني، يصر في مقارباته جميعا على وصل الجسور المعرفية التي يحاول البعض القفز من فوقها، كما يحاول تتبع منابع الأفكار والمذاهب والآراء في محاولة لرد الفضل لأهله.

 

الانتقائية في التقويم الفكري الحضاري ليست فقط في مجالها الدعائي كما نلمسها اليوم في تبني كل الخارجين على الإسلام عقيدته وشريعته ومجتمعه، بل هي تاريخية ثقافية تجعل أبناء الإسلام يسمعون عن ابن الرواندي أو عن الحلاج أكثر مما يسمعون عن الغزالي أو عن إمام الحرمين.

 

في كتاب قصة الفلسفة لول ديورانت صاحب قصة الحضارة بمجلداتها الضخام يسهل على المؤلف أن يقفز مباشرة من أرسطو إلى عصر النهضة متمثلا في فرنسيس بيكون، مهملا ألف سنة تقريبا من التاريخي الحضاري الفكري والفلسفي، ألف عام كانت فيها المسيحية وكان فيها الإسلام. الغريب أنهم يحاولون نزاعنا حتى على المسيحية، التي هي، إن تحدثنا بمنطقهم، ابنة الشرق العربي في كينونته التاريخية: الآرامية والكنعانية.

 

في عالم الفكر وعالم العلوم يقفزون على كل شيء لا ينتمي إليهم، يذكرون ديكارت وينسون الغزالي( اقرأ المنقذ من الضلال )، ويذكرون اسبينوزا وينسون ابن رشد، ويذكرون هارفي ( ينسبون إلبه اكتشاف الدورة الدموية) وينسون ابن النفيس..

 

جاهد محمد عابد الجابري لربط الجسور وعمل على ذلك، حاول أن يؤشر على القبل، حيث كانت البدايات التي توقف الجابري عندها في الاسكندرية وطيبة وأنطاكية والرها وحران وبلاد الرافدين.

 

أعيد في أسبوع وداع الجابري المفكر العربي الراحل على مسامع الذين كايدوه أو ناقضوه، قول المفكر الفرنسي بيير روسي في كتابه التاريخ الحقيقي للعرب: إن أوربا ليست مركز العالم ولا مرآة العاهل الفاضل، ذلك أنها لا تمثل وهي ابنة الشرق الأفريقي والأسيوي، وفي محيط الزمان والمكان هذا سوى منطقة تتمرس وتتدرب فيها قوى كانت تجذبها... لكنما الأحكام المسبقة تبقى، وتعليما مذهبيا يزيف آراءنا وأحكامنا ويزورها. نعتقد أن دروس التاريخ التي نعلمها في مدارسنا ليست مطابقة لتلك الدروس التي تعلمها القاهرة وطهران وكابول وكلكتا وليست هذه هي الحقيقة ذلك أننا لم نقم الدليل ذات يوم على صحة ادعاءتنا في تعليم الأمم غير الأوربية...

 

شهادة تؤكد أن الذين آل إليهم إرث الحضارة الإنسانية اليوم لم يرثوها كابرا عن كابر. وأن  للأفكار والعقائد تاريخا من الوفاء الإنساني أن يحافظ المتحضرون عليه.

 

لقد صار الدكتور الجابري إلى ربه وأفضى إلى ما قدم تاركا وراءه سفرا من الأفكار. الأفكار التي يجب أن تُعلم وتُحرك وتجدد، وقبل كل ذلك أن تأخذ مكانها من الفهم والتقويم.

رحمه الله

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الثلاثاء 18/5/2010


 

تعليقات القراء

 

لا ينكر أحد أن محمد عابد الجابري مفكر وفيلسوف نشيط، بغض النظر عن الإيديولوجيا التي يتبناها وما وراء النصوص التي جسدتنها أفعاله كأستاذ جامعي ومنتم للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، رائد الاتجاه الحداثي، ومعاداة الثقافة الإسلامية في المغرب، والذي قاد وزارات وسن قوانين مازال الناس يعانون منها في دينهم ودنياهم، وتخرجت بسببها أجيال ضائعة تائهة...

كل هذا يمكن التغاضي عنه في فترة من الفترات، ولكن ما لا يمكن التغاضي عنه، وما حز في الفؤاد وشرق به الحلق، هو ما نشره أخيرا من كتب حول القراءة الجديدة للقرآن، والتي صرح فيها بوضوح أن القرآن محرف، وأنه اعتراه النقص والتبديل، زاعما أن قوله هذا لا ينافي حفظ القرآن من حيث أصله، وقد شرع في "تفسير للقرآن" اعتبره قراءة جديدة له، القسم الأول: "مدخل للقرآن"، والقسم الثاني: "التفسير الواضح حسب أسباب النزول" بلغ فيه نحو أربعة مجلدات، سطر فيها ضلاله وترهاته....إلى غير ذلك من الخزعبلات التي لم تبق له حظا في الإسلام، كما هو معلوم من أن إنكار آية في القرآن كفر، ناهيك في القول بتحريف القرآن...وهذا أمر آلمنا جدا أن يختم به الجابري حياته، تلك الحياة التي كان فيها هو ومجموعة كأمثال عزيز الحبابي، وعبد الله العروي، ومحمد زنيبر، وأمثالهم من المتفلسفين، أقول كان شجى في حلق الإسلام والقيم الإسلامية في البلاد، وحربا على خريجي المعاهد الدينية ومن يمس للعروبة والإسلام بصلة...

الشريف حمزة  بن محمد علي بن المنتصر الكتاني

=======================

شكرا على التذكير ولا خير في امة لاتذكر عظمائها ومفكريها وامرنا غريب اذا كح مغني او عطس مغنية في الصباح واذا قذفت كرة عروبتنا الهشة وامتنا نسمع بكل ذلك في المساء اما ان نفقد مفكر كبير كالدكتور عابد الجابر فلا نسمع به الا بعد ايام

zoulikha من وهران

======================

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ