ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المجتمع المسلم

مجتمع بُني على التعدد

زهير سالم*

 

تنشئ عبارة (المجتمع المسلم) تصورات متعددة في عقول مجاميع كبيرة من البشر. هناك تصورات قائمة في رؤوس الإسلاميين، وأخرى تتولد في رؤوس مسلمين عاديين، وثالثة ترتسم في مخيلات المخالفين في الثقافة أو في الدين.

 

وليس جديدا أن نقول إن مرتسمات عبارة مثل ( مجتمع مسلم ) هي موضع اختلاف في عقول الكثير من الإسلاميين أنفسهم. ويمكن أن يعزى هذا الاختلاف إلى مبلغ الفرد من العلم، وحظه من الثقافة، والبيئة التي نشأ فيها، والشيوخ الذين أخذ عنهم. وسيبخل البعض على المجتمع بوصف (مسلم أو إسلامي) إن لم يكن كل أفراده في اعتقادهم وسلوكهم والتزامهم على نهج تصور قائم في ذهنه هو دون سواه.

 

ومن باب أولى أن تجد في تصورات المناوئين والمخالفين الكثير من التصورات المضطربة التي تلصق (بمجتمع مسلم ). تأتي  منسلة من معطى تاريخي، أو مبنية على معلومة غير يقينية في ثبوتها أو في دلالتها، أو مستخلصة من فهم خاطئ لواقعة أو لنص.

 

تقول ( مجتمع مسلم ) ويقفز إلى ذهنك تصوران، الأول ما يقوم في أذهان رجال الحركة الإسلامية وهم يؤكدون أن بناء المجتمع المسلم هو هدف من أهدافهم المرحلية على طريق تحقيق مشروعهم الإسلامي الذي يعملون عليه منذ قرن، وهنا ستجد أيضا نماذج لتصورات غير محددة حتى عند أبناء المجموعة الإسلامية الواحدة...

 

وتقول ( مجتمع مسلم ) وترتسم  على الجغرافيا البشرية نماذج لمجتمعات رعوية وزراعية وحضرية تمتد من المحيط إلى المحيط. حيث تعيش جماعات بشرية بأنماط فيها من التباين بقدر ما فيها من الوحدة، يعتقد كل واحد من أبنائها أنه يعيش في مجتمع مسلم، وينتمي إلى منظومة إسلامية، ويؤدي ما يتطلبه منه ومن أبناء جماعته الإسلام ليستحق وصف (مسلم ).

 

وأعتقد أن مصطلح (مجتمع مسلم ) في آفاقه النظرية المتصورة، ولاسيما لدى رجال الحركات الإسلامية، وفي تجلياته الواقعية في حيوات مجاميع بشرية، تتنوع كما أسلفنا بين مجتمع الصعيد المصري ومجتمع القاهرة، ومجتمع نجد ومجتمع استنبول، ومن باب أولى مجتمع طنجة ومجتمع جاكرتا؛ أعتقد أن هذا المصطلح يحتاج إلى تحرير لفتحه وليس لإغلاقه..

 

بمعنى أن التجليات الواقعية لجوهر المقصد الإسلامي العام في بناء حياة الفرد والجماعة على قواعد العدل والحرية والمساواة وحفظ  الحق في الحياة والحق في الاعتقاد والحق في التفكير بحفظ العقل في مدخلاته ومسالكه ، وحفظ العرض وحفظ المال كل هذه التجليات بأشكالها وأنماطها تستحق الاعتراف والتكريم بوصف إسلامي كريم..

 

هذا التقرير أو التقديم يصير بنا إلى ضرورة الاعتراف بإسلامية التعددية النمطية لمفهوم ( مجتمع مسلم ). وإلى التوقف عن سياسة قصر  مفهوم  (مجتمع مسلم ) على نمط خاص ذهني أو واقعي تاريخي أو معاصر.

 

وفي اعترافنا بإسلامية المجتمع علينا أن نعترف أيضا أن التفاوت في التزام تلك المجاميع البشرية على الصعيدين الجماعي والفردي بشرائع الإسلام وشعائره كان حتى في عصر الرسول الكريم قائما. لم يكن كل الناس في عهد الرسول الكريم أبا بكر وعمر ولا عثمان وعليا، وكان المبشرون بالجنة من الصحابة الكرام عشرة. 

 

لم تكن الصرامة والحدة في رسم صورة الجماعة المسلمة والشخصية المسلمة، وكأن المسلم يضطرب فوق شعرة ممدودة كيفما مال مال إلى كفر أو فسوق،  لم تكن تلك الصرامة من سمات الجماعة المسلمة الأولى ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) ألا يفتح هذا الحديث باب البحبوحة الاجتماعية في دائرة الالتزام الإسلامي الرهيف..

 

حتى على الصعيد الجماعي كانت المجتمعات الإسلامية المحلية تعرف بأمور وتتوسع فيها، وتتشدد في أمور أخرى. يكفي أن نذكر أن أهل الحجاز قد عرفوا بالتوسع في السماع، وأن أهل العراق قد عرفوا بالتوسع في غيره، وغالبا ما يكون ذلك على حافات المباح.

 

التي كره الرعي حولها الحديث الشريف: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

 

والفكرة الأساسية التي نريد أن نركز عليها في هذا المقال هي أن المجتمع المسلم الأول بني على الوحدة القائمة على التعدد والتشاركية، وليس على الإقصاء والانفراد. وهي الحقيقة الشرعية الجوهرية التي يتهرب من استحقاقاتها مع ضرورتها الكثير من مسلمي هذا الزمان.

 

التعددية المجتمعية في منظور حضاري عالمي هي صيرورة العالم الحتمية. حتى الأمم التي كانت في تاريخها الحضاري استئصالية أو إقصائية اضطرت إلى الاعتراف بحتمية الصيرورة التعددية في العالم. المسلمون الذين تم استئصالهم من الأندلس يعودون اليوم وفق منظومة حضارية تفرض نفسها على الجميع. فلماذا يتهرب المسلمون من هذه الصيرورة علما أن مجتمعهم الأول كان تعدديا في وقت كانت التعددية إبداعا إسلاميا خالصا. واستطاع بناة حضارتهم فيما بعد أن يرسخوا هذه القاعدة بل بالغوا في التسامح فيها..

 

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع المسلم الأول على أول وثيقة سياسية مدونة في تاريخ الفكر السياسي الحضاري، تضمنت رسم ملامح السواء بين مجاميع بشرية شكلت مجتمعا واحدا كان فيه المسلم والمشرك و اليهودي والمنافق أيضا..

 

حين يضيق المسلم اليوم بمخالفه على حكم فقهي، أو على موقف تاريخي، أو حين يضيق من يسمي نفسه علمانيا متحررا ومحررا على مكانة لامرأة محجبة في المجتمع؛ تتساءل هل المصيبة في عقول الناس، أو في نفوسهم،  أو فيهما معا...؟!

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 8/7/2010م


 

تعليقات القراء

   

يا أخي

كفوا عن الأدب واكتبوا للناس حلولا، أو إرشادات يمكنهم أن يلتزموا بها تدريجيا ولكن كفوا عن الأدب وإظهار المقدرات اللغوية والنواحية، توقفوا عن الدكتاتورية وانشروا الأراء التي تؤيدكم وتعارضكم لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولوكان ما بأنفسكم خيرا لكنتم في خير،

سلام عليكم وأدعو لكم بالهداية وبالمغفرة

أخوك

رد من زهير سالم : شكرا لك على هذه الدعوات

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ