ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
نطعم
الجائع ونبني الجامع وننافس
فيما نافس فيه الأولون دعوة
إلى البذل ورمضان
شهر الكرم والجود. وكان رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، أجود
من الريح المرسلة، وكان أجود ما
يكون في رمضان، حين يذاكره
جبريل القرآن.. وحين
يتنافس أهل الدنيا بما جمعوا
يتنافس عباد الله بما بذلوا؛
قال ماذا أبقيت لأهلك يا أبا
بكر؟! قال أبقيت لهم اللهَ
ورسولَه، كان ذلك بين يدي جيش
العسرة. ويقف عثمان رضي الله عنه
ليقول علي: مائة بعير بأحلاسها
وأقتابها، حتى يقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ما على
عثمان ما عمل بعد اليوم. ويرمي
صاحبُ السهم العلجَ الرومي الذي
أدمن سب رسول الله من فوق برج
عال، فيرديه، فيساومه خليفة
المسلمين على أن يبيعه أجره من
السهم فيأبى، فلا يجد إلا أن
يسأله: أين تعلمت الرمي؟ فيخبره
الشاب الرامي، فيبادر الخليفة
إلى شراء تلك الدار وجعلها وقفا
لتعليم الرمي لأبناء المسلمين. وإن
في المال حقا سوى الزكاة، حديث
طالما حفظناه ورددناه وتمعنا
امتداداته ومعانيه وانعكاساته
ومقتضياته دون أن تنتج عنه حتى
الآن ثقافة تستعيد ما نافس فيه
الأولون في مصارف الإنفاق... بل
إن بعض أغنياء المسلمين يكاد
يضيّق فقه الزكاة فلا يرى فيها
حقا إلا ليتيم ذي مقربة أو مسكين
ذي متربة، ولا أحد ينكر حق
هؤلاء، أو يسعى للتضييق عليهم
في سهمهم، ولكنه سهم كثير
داعموه، مع انحسار الفقه
العام لضروريات البذل التي
تحتاجها أمة الإسلام، لصون
ذاتها وحماية عقول أبنائها،
وقلوبهم بالقدر نفسه، إن لم يكن
أكثر، الذي نحمي فيه بقاء
أجسادهم.. ولعل
بعضنا ينسى أن أول أوقاف
الإسلام كانت أوقافا للمصالح
العامة وللنفع العام ندب ودعا
إليها رسول الله صلى الله عليه
وسلم.. اشترى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أرض المربد من الغلامين
اليتيمين بثمانمئة درهم من ماله
ومال صاحبه أبي بكر، للذين
يمارون اليوم في أبي بكر، وحبسه
وقفا على المسلمين إلى يوم
الدين... ثم
ضاق على المسلمين في المدينة
موردهم ( مشربهم ) وكانت بئر (رومة)
من آبار المدينة يستقي منها
الناس، وكان للبئر مالك ربما
يشق على الناس بما يقتضيه منهم،
فانتدب رسول الله صلى الله عليه
وسلم أصحابه ( من يبتاع بئر رومة
غفر الله له ) فاشتراه عثمان رضي
الله عن ذي النورين عثمان
وأوقفه على المسلمين، جعله شركة
بينهم، (على أن دلوه فيه
مثل دلائهم، وأنه فيه كواحد
من المسلمين ) أتمنى عليك أن
تعيد قراءة مابين المعقوفين
وتتملاه.. وكان
مخيريق ، خير يهود، كما وصفه
الحديث الشريف قد قاتل مع رسول
الله يوم أحد حتى قتل، وفاء لعهد
يهود مع النبي صلى الله عليه
وسلم، وأوصى قبل مقتله بحدائقه
أو بساتينه السبعة لرسول الله
يضعها حيث يشاء. فكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأخذ في كل
عام من تلك البساتين نفقة أهله،
ويضع الباقي في مصالح المسلمين
والخيل والسلاح.. وكانت
(بيرحاء) أحب أموال أبي طلحة
إليه، وحين سمع قوله تعالى (لَن
تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى
تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ...)
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم يعرض عليه البئر والحديقة
يضعهما رسول الله حيث شاء. ولكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينصحه أن يحبسها على أهله
وعشيرته لتكون أول وقف ذري في
الإسلام.. وكان
لعمر رضي الله عن عمر أرض محببة
إلى نفسه في خيبر فاستشار رسول
الله فيها، فنصحه بحبس أصلها
وجعل غلتها للفقراء والمساكين
فجعل عمر ذلك في وثيقة مكتوبة
وأشهد عليها وأعلنها على الناس
في زمن خلافته فما بقي أهل بيت
في الصحابة إلا فعل فعل عمر... ولو
شئت أن استرسل بالروايات
لأكثرت، والروايات في جملتها
تؤكد أن التفات المسلمين للشأن
العام لم يكن محجورا فيما
يتخيله البعض اليوم في البداية
والنهاية ( إطعام الجائع وبناء
الجامع ). المسلمون يوم كانت
مظلة الفهم الإسلامي تكتنفهم
أطعموا الجائع وبنوا الجامع
والمدرسة والمكتبة والمستشفى
وساندوا المدافعين عن دين الله
وخلفوهم في أهليهم بخير.. وشهر
رمضان شهر الجود والخير والبذل
والعطاء يظلل اليوم شجيرات بر
تروي ظمأ المسلمين: هنا كلمة
طيبة تحمل بلاغا، وهناك أخرى
تحمل بيانا، وثالثة ترد على
صاحب فتنة، وهنا بلبل صغير يغرد
على غصن من سنا بكلمات كلها سنا :
إلهنا ما أعدلك
مليك كل من ملك شجيرات
بر ودعوة للإسلام تضيء العقول
والقلوب وتنشر المعرفة والحب
والود، ولكنها تحتاج فيما تحتاج
مع الموهبة والقدرة والجهد ،
إلى قليل من ري من بئر (رومة) أو (بيرحاء..) تذكرة
إضافية تتسع لها القلوب والعقول
والجيوب إن شاء الله ولا يكون ما
يبذل هنا على حساب ما يبذل للأصل
الذي عليه كان أول أمرنا وعليه
تكون خاتمته بإذن الله.. والكلمة
الطيبة صدقة فكيف نضعها في عقول
الناس وقلوبهم؟! وكيف نطبعها في
قلب طفل وردي طري؟! وربما
سبق درهم ألف درهم.. وهي
أولا وآخراً وديعة في كف الله
يربيها لنا كما يربي أحدنا فلوه
( فرسه الصغير ). وخير العطاء جهد
المقل. ( مَّن ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا
حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ
أَضْعَافًا كَثِيرَةً
وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ) عصر
جديد، وعالم جديد، وفقه للبذل
والعطاء جديد. *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الأحد
15/8/2010م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |