ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
جماعة
الإخوان المسلمين هل
هي قابلة للحل؟! (1
من 3) زهير سالم* أصبح الحديث عن حل جماعة
الإخوان المسلمين في سورية، وفي
العالم أيضا، حديثَ بعض الجادين
ومخاضة الكثير من الخائضين.
وكأن هذه الجماعة شركة تجارية،
أو مبرة خيرية، أو مؤسسة من
مؤسسات المجتمع المدني العارضة
للسكون، أو حزب سياسي نواته شخص
أو مصلحة ضيقة، أو طبقة من الناس
في فنون تصنيف الطبقات المختلفة. وتختلف بواعث الداعين إلى حل
الجماعة البعض يرى في الحل
تنفيذا لحكم بالإعدام صدر على
الجماعة، منذ أن سيرت كتائبها
للدفاع عن فلسطين سنة 1948،
فاغتيل مرشدها الأول، وبدأت
الملاحقات والمصادرات بحقها.
وبعضهم يرى فيه قطعا للطريق على
موكب النور الذي يبدد دياجير
الظلمة، ويهدد مواخير الفساد
السياسي والاجتماعي بأشكاله،
فهذه الجماعة ما زالت رغم مرور
قرن تقريبا على تأسيسها ورغم
المحن والجراح، كالنبع الدفاق
يجتاح الشوك وينفي الغثاء.
والبعض يرى في حل الجماعة مخرجا
من أزمة مفروضة مستحكمة، وآخرون
يظنون من خلال تقويم عابر أن
مشروع الجماعة وصل إلى طريق
مسدود وأن الحل يشكل المخرج
المأمول. يقول فريق آخر يقتله
التشاؤم إن إكرام الميت دفنه. و
يقترح البعض الحل كجسر يعبر
عليه جسم الجماعة البشري إلى ما
يسميه الشرعية والحرية والأمن
والعمل المجدي، حسب تصور أصحاب
الطرح العتيد للجدوى التي تقاس
بمقاييس ضيقة، تحاصر المشروع
المفتوح على الزمان والمكان
والناس في هدف محسوب مضيق ،
ينادي عليك: أجب، بلا أو بنعم،
أنجزت أو لا ؟! وليس من هدف هذا المقال أن
يحاسب الناس على نياتهم.
موافقين أو مخالفين، سواء طرحوا
مشروع ( حل الجماعة ) على سبيل
الرؤية والنصح والإشفاق والبحث
عن مخرج، أو طرحوه على سبيل
التشفي والنقمة والمبالغة في
الأذى والكيد أصلا للإسلام
عقيدة وشريعة ومنهج حياة.
سنتفرغ هنا لمناقشة ( مشروع الحل
) من حيث القابلية والإمكان
والجدوى، وسنتوقف بعد كل ذلك
عند الخطر الذي يمثله غياب هذه
الجماعة الراشدة، إن أمكن
تغييبها أصلا، عن الميدان. بل إنني أزعم سلفا أن الساحة
العامة في العالم العربي
والإسلامي أحوج ما تكون في هذا
العصر إلى ( جماعة الإخوان
المسلمين ) منهجا وفكرا وسلوكا
وطريقة أداء، وأستبق لأقول أيضا
إن البديل عن جماعة الإخوان
المسلمين بديل مخيف مما يحذره
ويحذّر منه الجميع على السواء.. جماعة الإخوان المسلمين: ماهية
ووجود إذا نحينا قليلا الفكر الوجودي
الذي قرر أن الوجود سابق على
الماهية، فأننا نستطيع أن نؤكد
أن جماعة الإخوان المسلمين كفكر
ومنهج ظلت عبر تاريخ الإسلام
مصاحبة لدعوته. وأن الجماعة
الراشدة التي أسسها الإمام
الشهيد حسن البنا في مصر،
وتابعه عليها الدكتور مصطفى
السباعي وإخوانه في بقية
الأقطار، ما هي إلا إحدى
التجليات المعاصرة للفهم
الإسلامي الجامع والوسطي
المعتدل، الذي رافق رجال الفكر
والدعوة والإرشاد على مدار
تاريخ الإسلام. فأنت تجدها في كل
عصر في لبوس، وتتابعها في كل قرن
مشروعا لداعية مسلم مجدد يأخذ
بأيدي المسلمين، كما فعل الإمام
البنا في عصره بالضبط ليضعهم
على المحجة البيضاء الواسعة
التي لم تضق يوما بالسالكين.. الحقيقة الأولى أن هذه الجماعة
وُجدت مع الإسلام ، وستبقى ما
بقي الإسلام موجودة؛ لأنها
الفهم الأوفى الذي يُشتق من
جملة تعاليمه النيرة، فتقوم
عليها أمة من المسلمين تأخذ
نفسها بقوله تعالى (وَلْتَكُن
مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ. ) الحقيقة التي تشتق من هذه
المقدمة أن هذه الجماعة كما قال
عنها مؤسسها رحمه الله تعالى:
نور يسري في هذه الأمة، وهي في
هذا المستوى من مستويات الوجود
تبقى أكبر من التجسد الزماني
والمكاني والبشري. تبقى الجماعة
في حالتها هذه أكبر وأجمع وأوفى
من أي إطار يمكن أن تحاصر فيه،
وتبقى بالتالي كما نزعم غير
قابلة للحل ولا للنفي ولا
للإبعاد لأنها كعشب الأرض
الطيبة لا يحتاج في نموه
وانتشاره وامتداده وخضرته لا
إلى إذن ولا إلى تقنين وترخيص. وكما كانت الجماعة موجودة
بماهيتها وحقيقتها وفكرها
ومنهجها قبل التأسيس ستبقى هذه
الجماعة باقية كذلك رغم قوانين
الإعدام والمصادرة والملاحقة
والسجن والاعتقال والتشريد. لقد
اختصر الإمام الشهيد رحمه الله
تعالى التعبير فجعل اسم (
الإخوان المسلمين ) تعبيرا عن
حالة محددة في عالم العقائد
والأفكار والمناهج، وفي ميادين
السياسة والثقافة والاجتماع
والاقتصاد. فما أن ينطق المرء بأفكار هذه
الجماعة حتى يشار إليه بها،
ويحسب عليها فإذا هو شاء أو أبى
من الإخوان المسلمين. في أقطار عربية وإسلامية عديدة
نشأت حركات وجماعات وأحزاب تحمل
أسماءها المستقلة، ومنطلقات
تأسيسها الخاصة؛ ولكنها ما أن
تأسست حتى أُلحقت حسب مناهجها
وأفكارها بجماعة الإخوان
المسلمين، فذُكرت بها وحُسبت
عليها... أنا أصارع فأنا موجود: كثيرون يتعبهم طول الطريق،
وتضنيهم وعثاءُ السفر، فيتساءل
أحدهم أما لهذا السفر من غاية؟
ويتأفف الآخر: متى نصل فنستريح؟
يتمثل ثالث بقول شاعر: وألقت عصاها واستقرت بها النوى
كما قر عينا بالإياب
المسافر ليتذكر هؤلاء أن هذه هي طبيعة
الطريق. وأن السالك على طريق
الله لن يلقي عصاه حتى يحظى
بمقولة المصطفى صلى الله عليه
وسلم، في راحة صاحب الرسالة
الجاد عندما تسقط من يده العصا (
فكالغائب يقدم على أهله ). منذ أوائل الستينات دخلنا في
صراع حقيقي ومباشر مع الحزب
الحاكم في سورية. ذهب حزب البعث
بالسلطة وبملحقاتها وظفرنا
بالسجن والاعتقال والتشريد
والقانون 49/ 1980 وتطبيقاته
العملية كما وثقها وزير الدفاع
مصطفى طلاس.. واليوم نحن قادرون
بعون الله وفضله إلى دعوة حزب
البعث إلى البراز عبر صندوق
الاقتراع، وهو يزعم أن عدد
منتسبيه بالملايين، ولكنه ما
زال يرفض بل يخاف الاحتكام إلى
صندوق اقتراع حقيقي!! فاعتبروا
يا أولي الأبصار. هل كنا نحرث
البحر؟! أو حقا نحن نتحرك في أفق
مسدود؟! تأكل الأرضة صحيفة قريش
القاطعة الظالمة وتُبقي منها
فقط ( باسمك اللهم ). ليمثل
المشروع الإسلامي تحديا حقيقيا
لمشروع الإفساد والاستلاب
العالميين، كما لمشروع
الاستبداد والفساد المحليين،
الشمس تشرق، والأرض تدور،
والمعطيات تتغير، ألا تعجب ممن
يحدثك أو يخوفك من الطريق
المسدود!! لتبقى طريق الدعوة
آفاق ممتدة أمام السالكين . نعم
شاقة وصعبة وطويلة ومنهكة رحلة (
السيمرغ ) ولكنها تصل بك في
النهاية إلى حظيرة القدس. لا
يُغلق في وجه سالك يريد أن يسير
طريق. والجنائز وحدها هي التي
يُسار بها إلى حيث لا تريد. ومع أنه دائما لا مشاحة في
المصطلحات ولا في العناوين
والأسماء. و مع أن سالك طريق
الحق مما لا يضيع على نفسه أو
دعوته فرصة حقيقية ، إن أمكن
اقتناصها. إلا أنه لا يتخلى عن
مربع من مربعات وجوده مهما بدا
هينا دون صراع وقراع لأن الصراع
في حقيقته تعبير عن الوجود وعن
الحياة.. يمنينا الكثيرون بالحالة
التركية، وبحصادها وجناها..
ولكنهم لا يقدرون أن أمام
العاملين الأتراك مائة عام من
الصراع ليصلوا بالحجر الذي
يرفعونه من قرارة الوادي إلى
مستوى نقطة البداية التي ينطلق
منها العامل المسلم على أرض
الشام!! ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
السبت
28/8/2010م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |