ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

جماعة الإخوان المسلمين هل هي قابلة للحل..؟

الحل في العزيمة على الرشد.. وليس في الحل

(2 من 3)

زهير سالم*

 

كان المقدر لهذا المقال أن يمضي لغايته بمناقشة دعوات القوى الخارجية لحل جماعة الإخوان المسلمين. وإمكانية ذلك بما تعبر عنه الجماعة من وجود حيوي ضارب في الفكر والثقافة والمجتمع، وانعكاسات الحل على الخارطة الدينية والسياسية في المنطقة والعالم.

 

ولكن ما وصلني من تعليقات وتفاعلات مع المقال يجعلني محتاجا إلى محطة إضافية لمزيد من التوضيح. ولعل من القضايا التي علقت في أذهان بعض المتابعين الفضلاء هو ما ختمت به المقال من الإشارة إلى الفرق  بين نقطتي البداية في كل من الشام وتركية. هذه الإشارة لم تقصد إلى المقارنة بين التجربة السورية والتجربة التركية.  وكذلك لم تهدف إلى النيل من التجربة التركية، كيف وأنا قد كتبت كثيرا مزينا الاستفادة منها، ليس في شروطها التفصيلية التي تخص أهلها، وإنما في روحيتها العامة، في تمثل الواقع والاستفادة من معطياته قدر الإمكان. ما جاءني من تعليقات حول الحمية المبالغ بها للتجربة التركية ربما يحتاج هو الآخر إلى وقفة للحوار ربما تجد فرصتها في مقال قادم..

 

من أهم الأفكار القيمة التي أنضمُ إلى أصحابها مؤكدا عليها، فكرة المراجعة الدائمة للأفكار والوسائل والأساليب. أؤكد أن هذا مطلب يعمل عليه جيل من الإخوان. وأضيف أن حظ جماعتنا من المراجعات الإيجابية عبر المرحلة السابقة كان متقدما، فتحررت من الخطاب الطائفي، ومن الخطاب العدمي، وأصدرت ميثاق الشرف الوطني، كما أصدرت مشروعها السياسي، وأوراقها المعتمدة في العديد من القضايا العامة المطروحة على الساحة. وكان كل ذلك مراجعة حقيقية بمفهوم إيجابي بنّاء. وأعتقد أن قدرة جماعتنا على التوافق على هذا الحجم من الأفكار بسوادها العام على مستوى الصف ومستوى المؤسسات شكل إنجازا لا يقل في حقيقته عن أهمية الإنجاز الأصلي . ومع تأكيدي على أهمية ما تم من مراجعات إيجابية، فإن باب المراجعات السلبية عندنا ظل مغلقا. نحن صححنا الخطأ ولكننا لم نشر إليه، لم نقل أين أخطأنا؟ وكيف أخطأنا؟ ولماذا أخطأنا؟ هذا بالطبع عند من يقر بوجود خطأ منا. وربما لأننا مختلفون حول تقويم الخطأ سهل علينا تجاوزه وصعب علينا التوقف عنده. وأنا ممن يلتمس لهذا الموقف بعض العذر ، فنحن في التقويم العام ما زلنا في محنة، وجرحنا ما زال مفتوحا، وإن لم يكن نازفا، وآخر تعليق قرأته اليوم على مقالي السابق، أخ يكتب قتلوا أبي أختي أخي..وهو أنموذج للعديد من الإخوان. العبث بالجراح ليس سهلا. ثمة سبب ثالث يجعل مراجعاتنا السلبية محل نظر هي أنك عندما ستعترف بنصيب محدود عن مسئولية فعل ما ستجد المسئول الأول قد قلب المعادلة عليك، وهو بإمكاناته أقدر على التوظيف، وسيقول انظروا فقد اعترف، ويجعل من الاعتراف بالمسئولية المحدودة صك غفران عن مسئوليته الأصلية والكاملة والصادرة من موقع القدرة مع سبق الإصرار والتعمد كما يقول الحقوقيون.

 

تأكيدا أقول أنا مع استمرار المراجعات الإيجابية. وكلما نظرنا في المرآة فأصلحنا من هيئتنا كان خيرا لنا. بعض الإخوان ينتظر ثمنا لأننا سرحنا الشعر- لمن كان له شعر منا – أو شذبنا اللحية. وربما يظن البعض أننا نغيظ العدا أكثر إذا كنا شعثا غبرا كالحين..

 

ولست ضد المراجعات السلبية ولكنني أراها تحتاج إلى مزيد من الحكمة والأناة وحسن الإخراج.

إذن أخلص إلى أن تساؤلنا هل جماعة الإخوان المسلمين قابلة للحل لا يتعارض مع مطلب المراجعة الدائمة للمواقف والأهداف المرحلية والأساليب والآليات، بل إن هذه المراجعة شرط من شروط الاستمرار والبقاء..

 

فكرة الطريق المسدود أخذت حظها في المقال السابق. ومع كل الاحترام لعدد غير قليل تناوبوا الفكرة وأنا قرأتهم باهتمام: أقترح على الواحد منهم أن يقف في ساعة قلق أو ساعة صفاء أمام المرآة فيسأل نفسه: ماذا تريد ؟ يطرح على نفسه السؤال مرارا ويعطي عقله الفرصة كي يجيب..أحيانا لو جمعت تعليقات أحد الإخوان خلال شهر على محور من القضايا واحد لشعرت بغياب ناظم الاتساق.

 

الطريق ليس مسدودا وآفاق العمل مشرعة، عند إخواننا من أهل دير الزور مثل يقول والعهدة عليهم: (فلان يريد أمه ويريد حلب ) طبعا هذا الذي يمكن أن يشعر بانسداد الطريق. حلب حلوة خضرة وحضن الأم دافئ وحنون فماذا تريدون

 

أعتقد على نحو ما أن الاختلاف حول فكرة المقال، الذي كان في سياق تقويم لمكانة جماعة الإخوان المسلمين الدعوية في تاريخ الإسلام، والتي ربما يجد بعض الإخوة ملامحها في كتاب مولانا أبو الحسن الندوي (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) بجزأيه؛ أقول أعتقد أن الاختلاف إنما نشأ ربما عن اختلاف في تصور الجماعة نفسها.

 

يقول الأصوليون الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وأنا عندما قدمت للمقال الأول بالحديث عن الشركة التجارية أو الجماعة الضاغطة أو الحزب السياسي.. إنما أردت أن أنوه بمثل هذا، فما أيسر أن تحل مثل هذه المؤسسات. والأخوة الذين استشهدوا بأن الجماعة قد حلت سنة 1958 شاهدهم عليهم لو استقصوا التاريخ. صدر قرار الحل ولكن الجماعة لم تُحل بقيت الجماعة وجودا حيا، ودخلت انتخابات وكانت جزء من الحراك السياسي يحسب حسابه على نحو ما. كان عمري أحد عشر عاما عندما جرت انتخابات الاتحاد القومي وأحفظ العديد من مرشحي الجماعة الذين نجحوا وأذكر كيف انقلب عبد الناصر على الاتحاد القومي لأن الرجعية تسللت إليه..

 

أما جماعة الإخوان المسلمين القائمة في قلبي وعقلي والتي ما أزال أؤمن أنها غير قابلة للحل فقد تعرفت عليها أولا في شخص عالم رباني نسأل الله له الرحمة والغفران. تعرفت عليها في بهاء الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وأنا ابن بضعة عشر، جلست في مجلسه متعلما، حضرت خطبه مقارعا للظلم والاستبداد والفساد، ما سمعت منه يوما ينطق لغوا أو يقول هذرا، وما صاول أحدٌ مدة بقائه في حلب مثلَ مصاولته، اعتقلوه ليلة جمعة، ومروا به على مكاتبهم تهديدا ووعيدا فخرج على منبر اليوم التالي يردد قول خبيب بن عدي :

 

ولست أبالي حين أُقتل مسلما   على أي جنب كان في الله مصرعي

 

كان في كل يوم جمعة له خطبة من جميل البيان، وعذب الكلام، وبديع الحكمة، تسر الصديق وتغيظ العدا، علمنا من منطقه القوة من غير عنف والشدة من غير فحش، والحكمة في موضع الحكمة, صعد المنبر يوما وقد سرت في مدينة حلب ريح دخيلة صفراء، ظن أصحابها أن الدهر واتاهم ، فشرح ووضح وأنذر وحذر ثم قال وعليهم أن يعلموا أن هذا الذي يُطمِعُهم فيه أنه صاحب كاس وطاس اسمه محمد واسمه أمين واسمه حافظ..

 

تعرفت على جماعة الإخوان المسلمين، التي أقول إنها لا تقبل الحل، من روائع الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله وأكرم نزله ومثواه، الرجل الذي كان يكتب بدم قلبه وحرقة أعصابه وبنور بصيرته ، وهذه افتتاحيات الحضارة اقرؤوا منها ما شئتم ثم عودوا إلي فأنا ما أزال أعود إليها كما كنت أنتظرها على باب المكتبة الموكلة بتوزيعها، مصطفى السباعي الذي غادرنا في مثل عمر الإمام النووي؛ كان قائما على تأسيس كلية الشريعة، ومتحملا مسئوليته النيابية والسياسية مدافعا عن الإسلام مع إخوانه نائبا لرئيس البرلمان، وقائما بالحق والإبداع على مجلة حضارة الإسلام، وراعيا أمينا وفيا لجماعة الأخوان المسلمين، ومؤلفا للمرأة بين الفقه والقانون، ومن روائع حضارتنا والفرائد وهكذا علمتني الحياة وشاعر:

 

احملوني إلى الحبيب وروحوا   واطرحوني ببابه واستريحوا

 

كان السباعي لأبناء جيلنا منهلا عذبا صافيا تنغمس كلماته مع تكوين خلايا أدمغتهم أو تصطبغ بجيناتهم فإذا هي تنادي كما أنادي:

 

وأي العيش يصلح بعد بكر

 

تعرفت على جماعة الإخوان المسلمين من الصوت الرزين للأستاذ عصام العطار حفظه الله وأمتع به وأجرى على يديه الخير للمسلمين..

 

وكنا الأسبوع بعد الأسبوع ننتظر شريط تسجيل يحمله قادم من دمشق، بصوت يجلجل بالحق، يخلخل ثقافة البهتان ، ويتصدى لتخرصات المتخرصين الكائدين، نستمع إليه  فما نسمع منه إلا فصوص الحكمة وفصل الخطاب، تتعلم من الأستاذ عصام أن شرط الكلمة أن تليق بقائلها وليس فقط أن يستحقها من تقال فيه. ينبع من سمو ألفاظه جلال معانيه، فيقول لكل مدعيّ الثقافة والعلم والتشريق والتغريب هذه سماء دعوة الإسلام..

 

نلتقي يوم لم يكن يملك جهاز تسجيل من الإخوان إلا أحاد، يتكرم أحدهم فيستقبلنا : فنجلس كأن على رؤوسنا الطير نلتقط أطايب العلم وأطايب الحكمة وأطايب الثمر، ونخرج بهمة قعساء كل واحد فينا عَرابة الأوسي يريد أن يبتدر راية المجد بيمين..

 

إذا ما راية رفعت لمجد        تلقفها عَرابة باليمين

 

ما أزال أحفظ بنبرة صوته الهادر دائما بالخير يعلمنا شرط صحة الطريق: إيمان بالمبادئ  وثقة بالقيادة.

 

تمكنت من حب الإخوان المسلمين على يدي أخي الكبير وأستاذي ومعلمي الخير الأخ الحبيب علي صدر الدين البيانوني..

 

صحيح أنني أتعبته، وصحيح أنني كنت تلميذا مشاغبا وأحيانا مشاكسا، ولكن جرعات الحكمة والخير التي تعلمتها منه خلال بضعة عشر عاما كانت لا حدود لها. كنتُ أحيانا أستمتع كصوفي بمراقبته في أفق الصبر على الأذى، وأحيانا أتملاه في موقع الشفقة على القاصية يخاف عليها الذيب، ولو قدر ما ترك في الإخوان قاصية، تعلمت منه التوكل على الله والرجوع إليه في الأمر كله، وأن علينا أن نعمل وأن نصبر وأن نحتسب..

 

لا أستطيع أن أصف حرصه على الاستفادة من كل ورقة أو اقتراح أو رأي يتقدم به قريب أو بعيد من إخوانه..

 

تعرفت على جماعة الإخوان المسلمين...

في شخص أستاذي الأستاذ أبو عمار فاروق بطل..

حبا لإخوانه، وحرصا على جماعته، ودأبا وتضحية ومتابعة، وبحثا عن الطاقات والإمكانات والحدب عليها، ورعايتها وتوظيفها في خدمة هذه الدعوة. طرق علي الباب سنة 1975 وقال تقف قلمك على طريق الله؟. قلت وأنا ابن ثمان وعشرين هو لله..ومازلت على العهد أخي الكبير نسأل الله أن يثبتنا بقوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة..

 

تعرفت على جماعة الإخوان المسلمين التي أؤكد لكم أنها غير قابلة للحل..

في شخص أستاذي الأول ومرشدي الذي بسط علينا جناحه ونحن فتية زغب الحواصل في حينا في حلب الشهباء، الأستاذ الداعية الخفي النقي معلم الخير مربي الرجال الأستاذ نديم فاضل..

الذي أخذ بأيدينا وحنا علينا وعرّفنا على هذه الجماعة نبلا وسموا وترفعا وثقافة واستعلاء وحبا وإيثارا وكرما وفكرا وعقيدة وسلوكا وتضحية  ومواظبة.. خمس سنوات في ظل شجرة الياسمين بجانب البحرة الصغيرة، في منزله أو منزل والده البديع،  قرأنا معا سيد قطب وفهمناه بفضله حبا وألفة ودعوة للجمع والجذب وليست للتفريق والنبذ، وقرأنا القرآن وفسرناه وقرأنا كتب الأدب والشعر والبلاغة، فكان صاحب الفضل وهو يعطيك يده لكي تستقيم على ساقيك ليكون كل ما كان بعد بعض فضله وجني غرسه..

 

تعرفت على دعوة الإخوان المسلمين التي لا تقبل الحل في التوكل قرأته على وجه فلاح على خارطة الإسلام، والإتقان خطّته أنامل عامل صناع، والصدق في منهج تاجر، والجدية في سلوك طالب، والشفقة في صوت معلم، والدفاع عن الحق في نبرة عالم...

 

كل هؤلاء علموني أن دعوة الإسلام باقية ومن هنا أعيد التأكيد أن  جماعة الإخوان المسلمين غير قابلة للحل. هذه هي الحقيقة فأين عنها تذهبون؟!

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 2/9/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

تعليقات القراء

   

الأستاذ الفاضل أبو الطيب إن الذكريات تشكلنا للأبد ونحن ننسى انفسنا عندما ننسى أحزاننا لأننا بغير هذا الحزن النبيل لانكون نحن لقد استعذبت وأنا أقرأ شخصك عبر ذكريات عشتها لله لتاريخ من العطاء عمره عقود من الزمن وتاريخ من الحب في الله لاعمر له

مهند محمد ناجي

=============================

عزيزي الأخ العزيز

اظن أن فكرة الحل اخذت إلى مكان بعيد عما يراد منها من خير أخي العزيز انا أظن أن فكرة الحل ستفتح أفاق من العمل واسعة لأننا اليوم نحن مكبلين باعتبرات كثيرة منها مثلا وليس حصرا موقف اخواننا ممن يحملون راية الاخوان و هم أراهم اصبحوا عبأ أثقل علينا المواقف المحرجة من معارضة النظام الفاسد في وطني و إنكانت خطوتنا بتعليق الأنشطة المعارضة للنظام هي دعم لموقف داعم لغزة العزيزة فهي من حيث لا ندري أقصتنا عن العمل المباشر لدعم مواطننا في سورية الحبيبة لذلك أرى أن حل الجماعة قد يفتح أفاقا جديدة تخلي مسؤليتهم اتجاهنا

عمر

=============================

كلام يكتب بماء الذهب يا أبو الطيب، شكراً لك.

أبو محمد

============================

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ