ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 22/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في التنمية السياسية

(2)

في التربية على الغرور

زهير سالم*

 

لا أدري إذا كانت حقيقة الغرور هي الوصف المناسب لحالة رفض المعطى الواقعي، والبناء على الحلم. وحلول الوهم العاطفي محل القدرة، واختلاط الإرادة، كركيزة عملية من ركائز الإنجاز، بالرغبة والأمنية. لعلي وجدت الغرور الكلمة الأنسب التي تصف حال أقوام قيل فيهم:

رضوا بالأماني  وابتُلوا بحظوظهـم

وخاضوا بحار الجِد دعوى فما ابتلوا

الآباء لا يحبون أن يظهروا أمام أطفالهم قصيري اليد، محدودي القدرة، عاجزين عن تلبية طموحات هؤلاء الأطفال، الذين يتصورون آباءهم أو أمهاتهم محور هذا الوجود. الذي أعلمه يقينا أن هؤلاء الوالدِين يضطرون إلى فتح أعين أبنائهم على الواقع : (لا نستطيع..) بعضهم يفعل ذلك بطريقة حكيمة، وبعضهم بأختها. ولكن لا بد مما ليس منه بد كما تقول العرب. تصرخ الأم في ابنتها أو في ابنها الذي يضرب برجله الأرض إصرار يطالب بشراء خصوصية ليست في مقدور أو ميسور أسرته: ( ما معنا ) أو ( لا نستطيع ) أو ( سأترك دورا لأختك أو أخيك ..)

 

في عالم السياسة العربية على الصعد العامة والخاصة لا يحصل هذا...!! في الدول كما في الأحزاب والقوى، يُفترض في ولي الأمر كما يقدمه إعلام زخرفي أن يكون قادرا مقتدرا، ولكي لا تخدش هذه الصورة البراقة المغرية يعاد صياغة كل الحقائق أو تمويهها بالطريقة التي تخدم الصورة التي لا ينبغي أن تخدش. ، دائما على هذا الطرف من العالم لا يجوز أن ينسب إلى القائد الرمز القصور..

 

بطريقة أخرى يجب أن تُلف عقول المخاطبين بقطع الشاش المبلل (بالكلوروفوم) لكي تظل قادرة على أن تعيش ( الحلم الماريجوني ) والويل كل الويل لمن يحاول أن ينخز ما تحت هذا الشاش بطرف دبوس. وبينما يحتفظ محنطو العقول بمكانة البطولة والسيادة والريادة سينبذ الذين يطالبون بالتفكير المستقيم القائم على قواعده ومعطياته بما شئت من ضعف ووهن وتفريط..

 

وزيادة في الإثم وإيغالا فيه يحاول الكثيرون أن يصوروا الدعوة إلى العقلانية والواقعية والبناء على المعطى العملي على أنها ضرب من الانهزامية والخضوع والذل. وأن يطوروا كل يوم جديدا في أحلام الفلاّحة البسيطة حاملة جرة اللبن التي كان لها قطعان من الأغنام والماعز والأبقار قبل أن تضرب الجرة بعصاها فينسكب ما فيها من حليب على رأسها وثيابها. شكرا للذين وضعوا لنا الحكاية في منهاج الصف الثاني الابتدائي سنة 1955..

 

في كل يوم هدف خادع جديد، وكلام الصيف يمكن أن يقال في الشتاء لا بأس!!. وكلام الليل يمكن أن يحكى بالنهار ما الذي يمنع؟! ويمكن أن يدخل الناس ما شاءوا في مسائل الدور وأولوية البيضة والدجاجة فلماذا العجلة!! كل شيء إلا أن يُسمح للفرد أن يفرك عينيه جيدا، ويُعمِل عقله ليتبين ما يدور حوله ( قال الغزالي في المنقذ من الضلال: إنك إذا حركت يدك بنقطة الضوء بسرعة ستراها دائرة متكاملة. احذر من الثقة بالحواس وحدها..)

 

تشكل متابعة الحوارات أو المنابر الحرة للرأي العام العربي مادة خصبة للدارسين لإدراك حجم الخلل في قوانين العقل العام والتي يصدر عنها خطاب جمهور العامة و بعض الخاصة في كثير من الأحيان . وأعتقد فيما أعتقد أن رصد هذه الظاهرة من قبل مختصين أكفاء سيعين بلا شك المخططين التربويين على تلافي موطن الخلل في مسالك التفكير فيما لو توفرت الإرادة لذلك..

 

والذي يمنع من توفر الإرادة، فيما أزعم، أمران؛ الأول أن ولي الأمر العربي بدء من مكانته في الأسرة، والعائلة والعشيرة والحزب والجماعة والدولة يعز عليه أن يقول لرعيته أو لمن تحت ولايته ( هذه أرضنا وهذا سقفنا )، وعلينا أن نتدبر الأمر بينهما. لأن هذا القول يخل بحق الرياسة والزعامة في تصور الكثير من بني قومنا. قول عمرو بن كلثوم ما يزال يرن بجرسه في آذاننا جميعا

ألا لا يجهلن أحد علينـا    فنجهل فوق جهل الجاهلينا

إذا بلغ الفطام  لنا رضيع    تخر له الجبابـر ساجدينا

والإحالة على الحلم الأمل سيظل أهنأ وأرغب وأهيب.. ومنذ اتفاقية فصل القوات أي منذ خمسة وثلاثين عاما والحديث عن تحرير الجولان ما يزال قائما. و تحول الحديث عن التحرير إلى حديث عن سلام عادل ودائم. هذا الحديث المزخرف هو أهون مؤنة من خطة عملية واقعية للتحرير. ولكل أسرة أو حزب أو عشيرة أو مجموعة (جولانها المحتل) و(أمانيها الخِصاب) . هذا العنفوان المزيف هو الغرور عينه الذي يبني عليه الأدعياء مجدهم، ولا يستيقظ المأخوذون بخُماره مهما تتالت عليهم السنون..

 

والمانع الآخر الذي يمنع من توفر الإرادة لإعادة العقل السياسي العربي إلى جادة الصواب أن بعض الزعامات إنما ترتفع على طافي السيل هذا؛ فكيف تريدها أن تواجهه أو أن تتخلى عنه فتبقى على الدقعاء..السير وراء الجماهير وليس قيادتها، والخضوع لحماستها وليس ترشيدها؛ هي طريقة قديمة جديدة في نشدان المكانة والمنزلة..

 

في فرعون يقول الله تعالى (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ). وفي قصة هرقل حين عُرض عليه أمر الإسلام وسأل عنه أبا سفيان، وقال ليبلغن موضع قدمي، وأغلق الأبواب على بطارقته ليستشيرهم في أمر الإسلام: ( نخروا ) فاستدرك قائلا إنما أردت أن أتفحص حميتكم لدينكم..!!

 

في مكتبة الإمام أبي حامد الغزالي كتاب عنوانه ( معيار العلم ) يعلم الناس طرائق التفكير للوصول إلى الحقائق عبر منهاج. يقرر في موطن آخر أن أركان الإنجاز أربعة: المعرفة والإرادة والقدرة والحاجة. لا يذكر الحلم ولا الأمنية ولا الشوق المقيم.

 

وفي سلسلة عالم المعرفة في الكويت تُرجم منذ عقد ونصف كتاب عنوانه ( التفكير المستقيم والتفكير الأعوج )، كم تمنيت أن أراه مقروء في أمة اقرأ.. كنت أتحدث عن الغرور والعقل السياسي ولكني أعود الآن خطوة إلى الوراء لأتحدث عن قوانين العقل الأولي.

 

أمتنا بحاجة إلى معيار للعلم جديد، وإلى منقذ من الضلال جديد، وإلى إحياء لعلوم الدين جديد. بحاجة إلى تربية تخرجها من التيه ومن الغرور الذي هي فيه إلى ساحة الحد والجد..*

_________

*أرفق مع هذا المقال نسخة الكترونية من كتاب (التفكير المستقيم والتفكير الأعوج) أهديها لأصحاب التفكير المستقيم فقط . للحصول على الكتاب اضغط هنا

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الأربعاء 22/9/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

أضف تعليقك على الرؤية

: الإسم

: التعليق

 



 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ