ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الهروب
إلى الماضي معارك ابن
سبأ وابن جرموز ونحن بني ضبة
أصحاب الجمل زهير
سالم* كلما
حاولت أن أقارب مثل هذه
الموضوعات أراجع نفسي أخشى أن
يجرفني تيار العصبية والجهل،
وهو بطبعه جارف ، فيقودني إلى
حيث لا أريد. أحيانا يأسف المرء
على الوقت الذي يضيعه في أن يبدئ
ويعيد في ذات الموضوع، وأحيانا
يستشعر الخفة أن يرى نفسه يخوض
مع الخائضين، ولولا أن الكتابة
من ( منعرج اللوى ) واجب على
القادرين لتقرع الأجراس لما كان
لمثل هذا المقال أن يكون.. وأعتقد
أحيانا أن عجز بعض الناس عن
التصدي لهموم يومهم، والمشاركة
في صنع حاضرهم، وصياغة تصور
حقيقي لمستقلبهم؛ هو الذي يردهم
على أعقابهم في أعماق التاريخ
ويحشدهم أو يحشرهم من جديد تحت
رايات ابن سبأ وابن جرموز أو
يلقي بهم صرعى حول هودج رمزي لأم
المؤمنين ومناديهم ينادي نحن ، بني ضبة، أصحابُ الجمل ما
أطيب الموت إذا الموت نزل كثيرا
ما كنت أحمل على المستعصم آخر
خلفاء بني العباس لأنه كما روت
كتب التاريخ كان يتسلى بجارية
ترقص بين يديه والتتار يحاصرون
بغداد. ألف رحمة عليه لو رآنا
اليوم..!! الأمة محاصرة في
التاريخ وفي الجغرافيا وفي
الثقافة والسياسة وفي الاقتصاد
والاجتماع. والفرد محاصر في
يومه وغده، والجماعة محاصرة، ،
والوطن محاصر؛ ونحن متفرغون
ومتوثبون ومتربصون لإعادة
تمثيل واقعة أو جريمة انقضت منذ
قرون وتطاول عليها العهد على
أمل أن نعيد إحياء الموتى ونبش
قبور الكراهية والعداوة
والبغضاء!! أي عجز هذا؟! وأي
صَغار هذا؟! وأي مهانة هذه؟! جميعنا
نعلم، مسلمين ومسيحيين، سنة
وشيعة، عربا وكردا وفرسا وتركا
أن العدو المتربص بنا، يراهن
على تمزيقنا وعلى ضرب بعضنا
ببعض، وعلى استغلال أي خلاف
بيننا، وتعميق كل فجوة.. وكلنا
يعلن أنه يعلم، وكلنا يؤكد أنه
يرفض، وكلنا يزيد أنه إذا وقعت
الواقعة كما حصل في عراقنا
الحبيب لن تميّز قنابل العدو
الذكية بين أجساد أطفالنا، ولن
تتعرف على هوياتنا؛ ومع كل تلك
المعرفة والتأكيدات ما أن يدعو
داعي الفتنة حتى يستنفر الجميع
خفافا وثقالا كأنهم كرام يدعون
إلى فزع، أو صغار يدعون إلى طمع
.. وفي
لحظات ننسى كل تحديات الواقع.
نلقي وراءنا ظهريا كل استحقاقات
اليوم والغد، ربما لعجزنا عن
الاستجابة لها؛ ونهرول لنصطف في
معركة غابرة، كأن رحاها تدور
اليوم من جديد وتستدعي منا
المزيد من الدماء والأشلاء،
والمزيد من العداوة والبغضاء. كثيرا
ما يتساءل المرء ترى لو كان بين
أيدينا نحن الذين تعودنا جلد
أنفسنا فرصة لعمل حقيقي منجز؟!
ولو كان على أجندتنا العامة أو
الخاصة، الفردية أو الجماعية ما
نصنعه لليوم أو للغد؛ هل كنا
سنجد للفرصة للتوقف عند أحاديث
التافهين؟! هل
هذا الاستغراق في الماضي،
واستحضار معاركه هو صورة أخرى
من صور الهروب من الحاضر
واستحقاقاته؟ هل هي صيغة أخرى
للوجه الكالح للعجز الذي يخيم
علينا فلا يجد أحدنا لنفسه
مشغلة إلا أن ينغمس في سيرة
عنترة وحمزة البهلوان وأبي زيد
الهلالي، فإن تقدمنا خطوة صرنا
إلى سيرة الأميرة (ذات الهمة) (
من قرأ سيرة الأميرة ذات الهمة
وأبي محمد البطال) أو سيرة
الظاهر بيبرس والشيخ شيحة جمال
الدين.. الذين
يعجزون عن الفعل، والذين يعجزون
عن الانجاز، والذين يعجزون عن
استحقاقات زمانهم ومكانهم هم
الذين يعيدون عيش أزمنة
الآخرين، وخوض معارك الآخرين.. ومرة
أخرى نعود لنقرع أبواب
الاستبداد المقيت بكل مظاهره
وتجلياته الاستبداد الذي سد
الآفاق، وأغلق الأبواب، وضيق
الزنازين حتى لم يجد نزلاؤها
بدا عن الشجار على صفحة لقلم أو
موضع لقدم. وكل يوم لا يطلع فجره
يظل الناس فيه يجترون أحاديث
الليل البهيم.. نعود
لنقرع أبواب الاستبداد السياسي
وهو الاستبداد الأكبر الذي
يتولد منه الاستبداد الثقافي
والاستبداد الاجتماعي
والاستبداد الديني والاستبداد
الاقتصادي؛ أي أرض في عالمنا
مازال فيها فسحة لفسيلة خير
نغرسها؟! أقول
لنفسي: لا تحدثيني عما صنعوا،
قولي لي ماذا أنت صانعة اليوم أو
غدا.. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
السبت
2/10/2010م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |