ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
حديث
الكبسولة التشيلية زهير
سالم* تسمرت أعين الملايين من البشر،
أمام شاشات الفضاء، تتابع أخبار
الثلة من ( عمال المناجم )
المستضعفين في الأرض، الذين
حوصروا حيث يعملون. تعاطفتْ
معهم ومع أسرهم القلوب، تمتمت
حناجر المؤمنين بالدعاء إلى
الله بلغات شتى، تسأل لهم
السلامة من الكرب الذي هم فيه. كانت الكبسولة التي تم إعدادها
لاستنقاذ هذه المجموعة من البشر
نافذة أمل، توقف أمامها
الكثيرون، يشرفون على المشهد،
ويلتقطون الجزئيات، يتابعون
وجيب القلوب، ونظرات الأمل،
ويقرؤون في الوقت نفسه تناذرات
ضعف الإنسان، ويقفون عند مفاصل
قوته. لقد تحدث المشهد بحشده
وثغرته وكبسولته بالكثير.. كان مقعد رئيس الدولة التشيلية
على فوهة النفق ينتظر ثلاثة
وثلاثين عاملا من مواطنيه حديثا
متعدد الأبعاد....؛ من التقط
صورةَ وجهِ ذلك الرئيس يختلط
فيها العزم بالشفقة، والتصميم
بالحزن؟! كان مقعده على فم
الثغرة ينتظر أولئك البسطاء من
مواطنيه درسا يذكرك بعمر وحكاية
الدابة تعثر على شط الفرات !! هل
تذكرت؟! تخلط صورة الرئيس التشيلي تلك
في عقلك الباطن حكايةَ العمال
المحاصرين في منجمهم بحكايات
المحاصرين في عالمنا في مطامير
حكام لا يقلقون على مواطنيهم
ولا يحزنون. وتختلط صور عمال
المناجم المحاصرين في نفقهم
بصور عشرات الألوف من أبناء
وطنك تغلق المطامير أفواهها
عليهم، يتوزعون على شرائح بشرية
تمتد بين طل الملوحي الصبية في
الثامنة عشرة وهيثم المالح
الشيخ في الثمانين، ويجلس عليها
قعيدٌ همه الأول أن يستديم
حبسهم، وأن يزيد من عذابهم
وعذاب أهليهم الذين يتقلبون على
الجمر قلقا عليهم. تتساءل أي خيط سري يربط بين
الحالة والحالة، بين وجه رئيس
دولة تشيلي على فوّهة المنجم
وبين مثيله القعيد على أفواه
المطامير في عالمنا حيث يسجن
بإرادة مريد ، عشرات الألوف من
المواطنين. وستلمح إلى جانب
القعيد ذاك رقيبا آخر على أفواه
المواطنين، ووثالثا على نوافذ
الوطن نحو العالم؛ يعيد اغتيال
الداخلين والخارجين.. ثلاثة
وثلاثون مواطنا تستنفر دولة
برئيسها وحكومتها ومهندسيها
وشعبها؛ وفي المقابل تهون عشرات
الآلاف من البشر على من تجب عليه
رعايتهم، ورحم الله زمانا قالت
فيه أعرابية لعمر : يتولى أمرنا
ثم يغفل عنا..!! تحكي عليك الكبسولة، التي
صُنعت بإرادة إنسانية، لإنقاذ
أرواح إنسانية، حكايةَ
العزيمةَ المنجزة التي تقرر
فتصمم فتنفذ؛ وتؤكد لك أن
الإرادة لا تنقص شعبا تُفتح
أمامه الآفاق. درس تحتاجه أمتنا
التي لم تهنأ منذ عقود طويلة
بإنجاز ، أي إنجاز..!! تحدثك الكبسولة التي ظلت صاعدة
هابطة تنقل الغارقين في الضيق
والظلمة والخفض عن حاجة أمتنا
إلى مثلها، لتخرجها مما هي فيه
من ضيق وظلمة وخفض. فتقول: ليت..،
وهل تنفع شيئا ليتُ ، ليت أصحاب
هذه الكبسولة صنعوا لنا مثلها!!
ليتهم أعاروا مهندسي حياتنا
بعضا من عزيمتهم وتصميهم
وإنجازهم علنا ننهض ونرتقي، فإن
أبينا انتُشلنا إلى يفاع النور
والعلم والحب، وإلى ساحة الفعل
المنجز والعطاء غير الممنون.. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الأحد
17/10/2010م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |