ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

السيدة ميركل تدعو المهاجرين

إلى

 الاندماج في القيم المسيحية

ونعمّا... ولكن

زهير سالم*

 

طالبت السيدة (ميركل) العرب والمسلمين الذين يعيشون في ألمانيا بالاندماج في المجتمع الألماني عن طريق تعلم اللغة الألمانية، والاندماج في القيم المسيحية..

 

إن إطلاق السيدة (ميركل) حكمها النهائي الصارم بأن مشروع الشراكة الثقافية قد فشل في ألمانيا نبع أصلا من موقف استعلائي نابذ، يعتقد في نفسه القدرة على مصادرة الصيرورة التاريخية التي تتدحرج حثيثا نحو المدينة الكونية المعولمة. ولقد أصبح من الضروري أن يعترف الجميع بهذه الصيرورة التاريخية وأن يستعد إيجابيا للتعامل معها.

 

ويتطلب الاندماج الضرورة لنجاحه طرفين؛ وسطا قابلا ووافدا متفهما. فليس أحد من الناس الأسوياء ينفر من صورة الحياة التشاركية المتعاونة، غير أولئك الذين تحكم تصرفاتهم عقد النقص، و تستغرقهم حالة الضعف، أو على الطرف المقابل الذين ورثوا عقدة الاستعلاء عن النظريات المريضة لفلاسفة مرضى آمنوا بالعرْق وأسسوا على نظريات صفاء الدم، وأفرزوا المفاهيم القومية التي انحدرت حتى آلت إلى حضيض الأنا الآري المستعلي أو النازي المدمر.

 

ولا نظن أن تعلم لغة القوم الذين يعايشهم الإنسان هي موضع نزاع بين عقلاء قرروا أن يتعايشوا، لأي سبب من أسباب التعايش، بل إن السماسرة في أسواق العامة والخاصة يسارعون إلى تعلم لغات زبائنهم حرصا منهم على كسب إضافي من دراهم معدودة. سنؤكد على وجه الحق في دعوة السيدة (ميركل) لكل من التحق بقوم، أن يتعلم لغتهم، وأن يكون متعاونا في خدمة الشجرة التي يستظل بظلها.

 

 قد لا تسمع السيدة ميركل أحاديث المهاجرين وأحدهم يتمدح بأن جاره المواطن الأصلي قد ألقى عليه التحية ذات صباح!! لسنا في إطار تدافع المسئولية عن مشكلة ربما سيؤول أمرها إلى الأجيال لتتداولها..

 

والذي يثير العجب في دعوة السيدة ميركل هي مطالبتها المسلمين أن يندمجوا في القيم المسيحية!! نقول للسيدة ميركل ونعمّا الدعوة التي تطلقين ، ولكن ألا نحتاج وتحتاج السيدة ميركل معنا إلى التعرف العملي على حقيقة العنوان الذي يتوج متضمنات القيم المسيحية.

 

 ومن حقنا هنا، ومن بلادنا ومن بين ظهرانينا خرجت المسيحية، أن يكون لنا دور أولي في التعرف والتعريف بالقيم المسيحية. وربما نحتاج نحن أيضا أن ندعو السيدة ميركل والمجتمعات الأوربية أجمع إلى خط للقاء على القيم المسيحية الحقيقية. ولعلنا بحاجة أكثر إلى تحديد أفضل إلى مجالي القيم المسيحية الحقيقية

 

منذ مطلع القرن العشرين، كتب رجل اللاهوت المسيحي ( إبراهيم متري رحباني ) كتابه ( المسيح السوري )، الكتاب الذي اعتبر بحق جسرا راجعا لربط النص المسيحي المقدس بنقطة بدايته. في هذا الكتاب قرأ فيه رجل اللاهوت المهاجر إلى أمريكا الكثير من تعاليم ووصايا السيد المسيح على ضوء تجليات الحياة العملية في المجتمع السوري؛ لأن المسيح عليه السلام لم يكن إلا ابن هذه الأرض الممتدة على ما نعرفه اليوم بسورية الطبيعية أو ببلاد الشام.

 

القيم المسيحية أيتها السيدة الألمانية المحترمة نشأت على هذه الأرض، وعمرتها، وجمعت بين أبنائها، وعنهم تؤخذ، وهم سيظلون الأمناء عليها، والحافظين لها، والمبشرين بها...

 

وكان الإمام أحمد بن تيمية الملقب عندنا بشيخ الإسلام، وهو الأكثر تشددا في شان الملل والنحل بين علماء الإسلام، قد سبق رجل اللاهوت المسيحي إلى تقرير حقيقة دينية علمية، طالما حاول أهل الجهل طمسها، وهي مرجعية القيم والأخلاق التي يجتمع عليها الناس، فتحدث في مرجعية هذه القيم عن ( العقلي) و(الملي) و( الشرعي). وأفاض بالحديث عن القيم المليّة إلى وحدة القيم التي يجتمع عليها أبناء الأديان الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام . وقرر منذ القرن السابع الهجري أو الرابع عشر الميلادي أن هذه الأديان إنما تقوم على منظومة خلقية واحدة في دعوتها إلى الإيمان والإخلاص والأخوة الإنسانية والحب والصدق والطهارة والعفة والتعاون والإيثار.. (راجع المجلد العشرين من الفتاوى الكبرى الصفحة 65 وما بعدها)

 

كثير ما يثير أدعياء الشقاق في مجتمعاتنا التعددية الدينية كمدخل لإقصاء أحكام الشريعة عن حياة الناس. وينسى هؤلاء أن البعد الأخلاقي والقيمي للإسلام والمسيحية واليهودية واحد. وأننا حين نتحدث عن قيم مجتمعية إنما نتحدث عن منظومة واحدة لا تختلف إلا في بعض الفروع والجزئيات.

 

المطلوب حين تدعو السيدة ميركل المهاجرين من العرب والمسلمين أن يندمجوا في القيم المسيحية أن تدرك هي ومن حولها من هو الفريق الأكثر صدقا في تمثيل وتمثل القيم المسيحية..

 

 ومن حقنا، في هذا المقام، أن نتساءل ماذا يعرف الأوربي عن القيم المسيحية؟! بل ماذا تعرف السيدة ميركل عن هذه القيم؟! والمسيحية محبة. والمحبة المسيحية هي محبة الله ومحبة الإنسان، والتواضع له، والأخذ بيده وهي نفسها المحبة التي سبق إلى الحديث عنها موسى، والتي أكدها المسيح عيسى، وصدّق عليها محمد عليهم السلام. لنستمع: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.

 

ولنستمع: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ. ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)

 

 ثم لنتوقف عند السيدة ميركل وهي تتحدث عن القيم المسيحية وتنْفر أو تنفّر مثل صديقها ساركوزي من حجاب العذراء مريم يقتحم على الأوربيين عالمهم!! تعالوا نحتكم في مظهر المرأة وفي مخبرها إلى صورة ( سيدتنا )، صاحبة الوشاح، وسيدة الطهر والعفاف، والتي هي في القيم المسيحية والإسلامية سيدة نساء العالمين، ولنستمع مرة أخرى إلى القول في سيدة نساء العالمين: (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ..). وكما لازم الحجاب كل الإيقونات التي رمزت لسيدة نساء العالمين، كانت العفة وكان الطهر رمز قداستها في عقول وقلوب المؤمنين.. ماذا بقي من هذه المعالم اليوم في حياة الذين يدعوننا إلى القيم المسيحية؟!. ماذا بقي من حجاب مريم؟! وماذا بقي من طهر العذراء؟! ليس في علب الليل، ولا في أسواق الرغبة سيدتي، وإنما اسألي الراعي الألماني في حضرة القديس بطرس!!، لا، لا تفعلي، أخشى أن يسوءك ما ساء كل المؤمنين في العالم ونحن منهم من أخبار العدوان على براءة الأطفال؛ أين سنجد القيم المسيحية التي تدعيننا إليها، إن لم نجدها في حمى الحواري بطرس عليه من الله الرحمة والرضوان؟!

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 21/10/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


تعليقات القراء

     

كلام جميل جدا، أتمنى أن يترجم ويرسل إلى الصحف الألمانية، ومواقع النت المهمة هناك، سواء نشرته أم لم تنشره

سلمت يمينك يا أبا الطيب

سليم زنجير

 

 

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ