ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
عود
على (المستشرفون..) ومقالات أخرى وتقرير
المصير أو وحدة المصير زهير
سالم* كتب
إلي مواطن سوري معلقا على مقالي
( زيارة الأسد لفرنسة )، وقال
بلغة اتهامية متسربلة بالنصح:
إن المقال لا يخدم المشروع
الوطني. أحببت في هذا التنويه أن
أسأله بدوري هل يمكن لمواطن
يشيد بروح المصاولة عند غيره أن
يتخلى عنها في نفسه. ألن يكون في
هذا نقض مباشر لأساس الموقف
الذي نمتدح. إن الموقف الذي
نصاول عنه أن نعوّد المسئول في
عالمنا أن يقبل منا أحسنتَ
وأخواتها. نحب أن نوصل إليه أن
من يشير إلى موطن الخطأ أو
القصور ليس، كما يصنفه بعض
المستفيدين، عدوا أو نقيضا. في
عالمنا ينقضّ عليك فريق من
الناس لمجرد أن تقول عن مخالف
إنه أحسن، وينقضّ عليك آخرون
لمجرد أن تقول إنه أساء. حتى
عندما يخطئ المرء في تقديره
فيكون المخطِّئ مخطئاً، أي ضير
في ذلك؟! ولماذا لا نعوّد أنفسنا
ومن حولنا ومن فوقنا عليه؟! كان
هذا ثقافة لنا منذ عصورنا
الأولى. دخل رجل على المأمون
فأغلظ على أمير المؤمنين. قال له
المأمون: تريد أن تخرج فتقول
أمرته ونهيته فضربني وسجنني،
والله لا أظفرتك ببغيتك أبدا،
اذهب فقد وكلتك إلى نفسك. حول كل
حاكم في عالمنا العربي تحلق نفر
من عبيد الخصب يكررون على
مسامعه ما قاله أتباع ابن سبأ
للإمام علي ( أنتَ.. أنت ). رسول
الله صلى الله عليه وسلم أوصانا:
احثوا في وجوه المداحين التراب. * *
* استسقاء
وغيث وظلم وظلمة وخاض
آخرون مع الخائضين في محاكمة
النصوص الشرعية التي تربط بين
العقوبة الربانية والظلم الخاص
والعام. تدخل في حديث الاستسقاء
والغيث والعقوبة مسلمون وغير
مسلمين، ماديون وعلمانيون
ومتنورون ومحسوبون، حاولوا أن
يُخرجوا كلمات الله عن إطارها
وأن يحاكموها إلى غير قواعدها،
ثم تتابع على الأمر آخرون في
عملية سجال خرجت عن كونها سجالا
بين طرفين لتكون سجالا بين
منهجين، وانضم داعما الماديين
مع الأسف بعض المحسوبين على
كلمات الله. أعتقد
أن في السجال، الذي تعمده
البعض، تطاولا على المنهج
الديني بشكل عام والمنهج
الإسلامي بشكل خاص، وخروجا على
قواعد البحث العلمي المادي ،
الذي يحترم أصحابه أنفسهم
ومنهجهم وحدوده. يبين ( كارل
بوير ) في كتابه الشهير المطبوع
قرابة خمسين طبعة مطورة، وليس
فقط مكررة، منذ أواسط القرن
العشرين وحتى أواخره: أن ما وراء
الفيزياء لا يُدحض بالفيزياء
لأنه لا يدخل في نطاقها.) للمطر
شروط فيزيائية يتحدث عنها رجال
الفيزياء. وللغيث عند المؤمنين
بما وراء الفيزياء شروطه
الماورائية، نعتقد أنه من الظلم
والبغي أو قصور الفهم أن يضرب
البعض هذه الشروط بتلك. تساءل
أحدهم بلمز كيف يعم القحط
والبلاء العامة بظلم الخاصة،
والله سبحانه وتعالى يقول (
وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
أُخْرَى )؟! . ونسي أن يذكر في
السياق قوله تعالى (
وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ
تُصِيبَنَّ الَّذِينَ
ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً ).
يؤكد المنهج الإسلامي أن من
الظلم السكوت على الظلم (
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ
الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ )،
وأن من الظلم السكوت عن الظلم
أيضا ( لُعِنَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ مِن بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا
وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ
عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُواْ
يَفْعَلُونَ ). ويحمّل المنهج
الإسلامي المجتمع أجمع مسئولية
دفع الظلم، ورفعه. وفي حديث آخر
لوقوع العذاب وقد أمر الله
الملك أن يخسف بأهل قرية، يقول
الملَك: يا رب إن فيهم فلانا لم
يعصك قط ، فيقول الله تبارك
وتعالى : به فابدأ إنه لم يتمعر
وجهه فيّ!! يبغي
الكثيرون على الفقه الإسلامي
بأنه أسس للاستبداد، وأمر
بالصبر على جور الحاكم،
والتسليم له في الأمر كله. وهذه
دعوى لا يطلقها إلا الذين جهلوا
حقيقة المنهج الإسلامي، أو كان
دأبهم التثريب على هذا المنهج
وأهله إن قاموا وإن وقعدوا. إن
المجتمع الذي أسس له المنهج
الإسلامي هو المجتمع الحي
المتضامن المتعاون على البر
والتقوى، المجتمع المنيع،
المنتصر من ظلم، الذي لا يُبغى
فيه على ضعيف، ولا تنتهك فيه
حرمة من حرمات الله تعالى. ألا
يثير الاستغراب بل الاستهجان أن
تجد بنات الخطيئة جنودا مجندة
قد جعلوا من ديدنهم الدفاع
عنهن، ثم نراهم أو نراهنّ
يتربصن الدوائر ببنات الفضيلة
في أبسط حقوقهن!! أي
ظلم أبلغ من سكوت المجتمع على
تجرّيم ذوات الفضيلة من بناته؛
ثم لا يهتز فيه جفن، ولا يرتفع
فيه صوت، ولا يتمعرُّ في الله
وجه!! المجتمع الاستهلاكي،
المجتمع الطاعم الكاسي ليس هو
المجتمع الذي يبنيه أو ينشده
الإسلام. واعترض
آخرون، وهذه مفارقة مكرورة،
يستحضرونها في كل مقام. ما بال
غير المسلمين يغاثون ويعصرون؟!
يجيبهم الإمام ابن تيمية الذي
منه ينفرون، يقول: إن الله
ينصر الدولة العادلة وإن كانت
كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة
وإن كانت مسلمة. الكفر علاقة
تنتسج بين المخلوق والخالق.
والعدل والظلم يختص بين الإنسان
والإنسان. طلال الملوحي في
قرارة الزنزانة تنادي: يا رب.
هيثم المالح ابن الثمانين ينادي:
يا رب. المعلمات المحجبات
اللواتي أبعدن عن ميدان عملهن
بظلم ينادين يا رب. والمعتقلون
في أعماق الزنازين ينادون: يا رب.
أرواح المفقودين تحت ظل العرش
تنادي: يا رب. المحرمون من
الجنسية من ومن الوطن ومن وثيقة
مدنية من عرب ومن كرد ينادون يا
رب، والمتفكهون بآلام الناس
يتساءلون: ولماذا تحبس السماء
الغيث ؟! للسماء قوانينها التي
لا تجري على أهواء البشر.. * *
* أرسل
ثالث يقول إن الرسالة في مقالي (المستشرفون..
وصناعة المستقبل ) لم تصل.وهو
يلتمس المزيد من الإسقاطات. لنعد
إذن إلى أحد محاور الاستشراف في
مناهج أربابه. يحذّر
الكثيرون من رجال المنهج
الاستشرافي في الغرب أسلمة
أوربة خلال قرن. يتابع هؤلاء
معطيات واقع تفرض نفسها عليهم،
يتوقفون عند روح الإسلام
الظاهرة، وطبيعة الهوية
الإسلامية الصلبة، العصية على
التذويب والابتلاع. هذا واحد من
إسقاطات المقال. كانت
الرسالة لأولئك الذين يحاولون
مغالبة أو مكاثرة أو مكاسرة
الإسلام في عقر داره، من
موطن الثقة المستشرفة نقول لهم:
لا بأس، أعيدوا دراسة التجربة
السوفيتية بكل قسوتها، وعنفها
على مدى سبعة عقود، وأعيدوا
تقويم التجربة الكمالية التي لم
تكن أقل قسوة ولا أقصر عهدا، بل
أزعم أنها ما تزال مستمرة،
توقفوا عند قرن من العلمانية
العربية في صيغها الأكثر
استبدادية وقمعية. في سنة 1911
أقصي السلطان عبد الحميد آخر
خليفة عثماني ذي طول. ومنذ دلك
اليوم يحكمنا في مصر والشام
والعراق تركية المتنورون
العلمانيون (الاتحاد والترقي)
ومشتقاته ومستنسخاته. وهذا
الحصاد البئيس هو حصادهم. كانت
الدعوة لهؤلاء لاستشراف مستقبل
عالمنا كما يستشرف الأوربيون
مستقبل قارتهم. الإسلام الدين
الظاهر والهوية الصلبة. كان
المقال دعوة للتعامل الإيجابي
مع سنن التاريخ، ومعطيات الواقع
للعبور إلى الغد الأرحب
والعلاقة الأفضل. تؤكد كل مناهج
الاستشراف ومعطياته: الإسلام
ظاهر والمسلمون قادمون
والمسألة مسألة وقت. يقول
الاستشراف للخائفين أو
المتوجسين أو الرافضين، إن كنت
تعتقد أن هذا مأساة فمن واجبك أن
تخفف من وطأة المأساة لا أن
تعمقها وتجعلها أكثر قتامة.
ويقول لليائسين والمحبطين ثق
بالله وتقدم برفق بلا يأس ولا
بطر ولا غرور. بشروا ولا تنفروا
يسروا ولا تعسروا.. على
محور آخر يحمل استشراف المستقبل
أيضا رسالة إلى بلابل العصر
الأمريكي!! رسالة تدعوهم هم أيضا
إلى استشراف المستقبل بحق، تؤكد
معطيات الاستشراف العلمية
والتاريخية أن العصر الأمريكي
إلى أفول. المارينز الأمريكي
الذي حط بيننا بظلم سيرحل غدا أو
بعد غد. بل إن الإسرائيليين مع
حجم الدعم الذي يتلقونه عالميا
حين يستشرفون مستقبلهم نراهم
غير واثقين من قدرتهم على
البقاء.. إذن
قريبا سنبقى معا، سنبقى وحدنا،
أقصد نحن وأنتم، ما تفعلونه
اليوم بحق الأوطان التي أرضعتكم
وحمتكم خطيئة، النكران والجحود
أمران قبيحان، حين تشتكون
وتفترون وتتبجحون في ظل هراوة
الأمريكي فإنكم تثيرون الحفائظ
وهذا ليس في مصلحتكم. بالتأكيد
مرت علينا ظروف كانت لقمتنا
جافة، ووسادتنا قاسية، ولكننا
تقاسمنا معا كل ذلك، والبرهان
بقاؤكم بيننا، ليس عقودا وقرونا
بل آلاف السنين.. هذا الكلام ليس
تهديدا بل هو فتح للعيون على
الحقائق وتذكير بها. وستبقى
أسنان المشط قاعدتنا، ودولة
السواء مظلتنا، استشرفوا
المستقبل فقط لتوفروا للغد
مناخا يدفئنا جميعا.. * *
* وحدة
المصير أو تقرير المصير؟! ووقف
أحدهم منذ أيام يحدثنا عن حق
تقرير المصير..!!! دعوة يجب أن
تقرأ بحذر في كل المواطن وعلى كل
المستويات. فهذا كلام له
تتابعاته وسياقاته. كلام خطير
ينبغي أن يقرع جرسا، وأن يكون له
ما بعده. باختصار نقول إن أمتنا
واحدة. وإن أرضنا واحدة. وإن
مصيرنا واحد. والطريق الذي
سيقودنا بعد ألف ميل إلى النيل
من هذه الحقائق لا ينبغي أن نضع
عليه رجلا، ولا أن يكون لنا عليه
رفيق. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
السبت
18/12/2010م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |